برامج غير اعتيادية وليدة وسائل التواصل الاجتماعي

لم تقرّب وسائل التواصل الاجتماعي المسافات بين الأصدقاء والمعارف في مختلف أنحاء العالم وحسب، بل استطاعت إزالة جميع الحواجز الفاصلة بين الدول والشعوب، ونقلت الإعلام المستفيد الأكبر منها، إلى آفاق بعيدة استطاع من خلالها ابتكار برامج تقرّب بين الثقافات والحضارات، وتساهم في إظهار وجهات النظر المختلفة بينها ببرامج مشتركة يستطيع المحاورون فيها إبداء آرائهم، والتعرف على الوجه الآخر المختلف عنهم.
فكرة جديدة لبرنامج قد يكون مختلفاً نوعاً ما عن بقية البرامج التلفزيونية العربية. «#30» اسم لافت وملاصق بموقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، لماذا الرقم 30؟ لأنه يستهدف فئة عمرية محدّدة، تتراوح بين الـ25 والـ35 سنة فقط.
يقول مقدم وصاحب فكرة البرنامج الشاب الثلاثيني هيثم الصاوي من مصر، إنه وبعد عيد ميلاده الثلاثين شعر بكثير من التغيّرات التي طرأت على حياته، وبعد أحاديث ومناقشات مع شبان وشابات من الفئة العمرية نفسها، زادت قناعته بأهمية هذه المرحلة من العمر، في تطوير تفكير الإنسان وانتقاله من حال إلى أخرى، يستطيع خلالها التركيز على مستقبله والتعرف أكثر على هويته الشخصية، وماذا يريد من هذه الحياة.
«أسود و أبيض»، عنوان لافت لبرنامج مناظرات جديد، خصوصاً في مصر، حيث يعتبر الأول من نوعه، والسبب أنه يقرّب بين الثقافات ويعرض وجهات النظر بين عالمين وثقافتين من قارتين مختلفتين. يُعرض على قناتين في دولتين متنقلاً بين مصر وألمانيا، مع محاوريه شرايبر والصاوي.

برنامج «#30»
«#30» يعرض على قناة «Ten TV» المصرية، ويدعو الشباب بين الـ25 والـ35، فقط لمشاهدته؛ لأنه كما أفاد الصاوي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «سيعلّم الشباب إلى أين هم ذاهبون، وقد يتعلّمون منه أيضاً، كيفية التصرف في الكثير من الأمور بعد مشاهدتهم نماذج مختلفة شارك فيها». مضيفاً: «الهدف الأساس منه استعراض نماذج ثلاثينية ممن اتخذوا قرارات مهمة في حياتهم، سواء بالانفصال عن الشريك أو بدء حياة في بلد مختلف، أو أي شيء آخر»، موضحاً، أنه بعد تعرض الشباب للكثير من التجارب ومشكلات الحياة، تحدث تغييرات جذرية في دواخلهم تدفعهم إلى اختيار مسارات جديدة، وكثيرون منهم يسعون إلى التغيير».
يرتكز «#30» بأكمله على قصص مأخوذة من مواقع التواصل الاجتماعي، يقول الصاوي، موضحاً: «نعرض فكرة موضوعنا الذي سنتناوله للنقاش في كل حلقة، على مواقع التواصل الاجتماعي، ونتحدّث إلى رجل وامرأة، نأخذ آراءهما وتجربتيهما، ونبدأ بعدها مع فريق الأعمال، باختيار الشخص الأنسب لاستضافته في الاستوديو، حسب المواصفات التي تتطابق مع ما نريد تصويب الضوء عليه في الحلقة، بالإضافة إلى ثلاثة نماذج أخرى نختارها من صفحة البرنامج في (فيسبوك)، والصفحة التي يُعرض عليها البرنامج، قناة (Ten TV)، وليس ضروريا أن يتفقوا جميعهم على وجهة نظر واحدة»، ويتابع: «لم نستضف في برنامجنا حتى الآن، أي شخص بالطرق التقليدية لإعداد البرامج، فمواقع التواصل الاجتماعي مهمة جداً بالنسبة لـ(#30)؛ لأنها مصدرنا الوحيد للوصول إلى الأشخاص».
الجدير ذكره، أن فريق الإعداد يقلّ عن 20 شخصاً، وجميعهم من طلبة الجامعات، وقد تبنّوا فكرة «الناس بعد الثلاثين»، والتفاعل كان جيداً، خصوصاً في حلقات أربع، تناولت حالة الزواج للفتاة واستقلاليتها وفكرة العنوسة، وحلقة أخرى تحدّثت عن قرار الشخص بالابتعاد عن القاهرة، والذهاب إلى أي مدينة أخرى، مثل دهب أو سيناء، لتنفيذ فكرة عمل معينة يختارها بنفسه لبدء حياة جديدة بغض النظر عن المهنة التي يختارها، كما كان التفاعل كبيراً مع حلقة الهوية. يخبر الصاوي في حديثه، بعد بث 13 حلقة من البرنامج.

«أسود و أبيض»
يجمع بين محاورين من بلدين، الأول هيثم الصاوي من مصر، والثاني المحاور التلفزيوني الألماني قسطنطين شرايبر، ويعتبر من الإعلاميين المهمين في ألمانيا حالياً.
يعرض «بلاك أند وايت» أو «أسود وأبيض»، على قناة «ARD» التلفزيون الألماني الرسمي، وعلى قناة «TEN tv» المصرية، كما أنه يُبثّ على صفحته الأساسية في الموقع الإلكتروني الخاص به «بلاك أند وايت».
«(بلاك أند وايت)، برنامج مناظرات، فهناك جمهور وتحضير وضيوف حقيقيون، هدفه الأساس الهجرة واللجوء بجميع أنواعها وأشكالها»، يفيد الصاوي ويستطرد: «يجري تصوير الحلقات بين القاهرة وبرلين. اخترنا القاهرة؛ لأنها تشكّل منطقة محورية في العالم العربي، وبرلين لأنها عاصمة الدولة التي رحّبت باللاجئين واستقبلتهم». ويلفت إلى أن البرنامج ينتقد الحكومة الألمانية في حال صدر أي أمر منها ضدّ اللاجئين الذين يخبرون البرنامج بكل ما يمرّ بهم».
لا يتناول «بلاك أند وايت»، اللجوء في فترة الحروب وحسب، بل يتطرّق إلى الهجرة المنطقية أيضاً، عندما يقرّر المرء الانتقال للعيش في بلد آخر. الميزة الأساسية فيه أن هناك وجهتي نظر للتعبير عن المسألة، فهناك محاور يمثّل وجهة نظر ألمانية - أوروبية، وآخر يمثل وجهة نظر مصرية - عربية، وبالتالي هناك اختلاف في وجهات النظر؛ ما يشكّل أمراً مهماً في التواصل بين الميديا المصرية العربية، وبين نظيرتها الألمانية الأوروبية؛ وذلك لاستهداف الجمهور من الطرفين.

شرايبر والصاوي
عمل هيثم الصاوي الحاصل على ماجستير في الإنتاج التلفزيوني المشترك، مراسلاً وصحافياً تلفزيونياً، صنع عدداً من الأفلام المصرية، وشارك في تأسيس «أون تي في لايف» في عام 2011، وأسس قطاع «الملتي ميديا» في موقع الوطن عام 2012، وأسس «أونا أكاديمي» كأول مركز تدريب تابع لـ«أون تي» كشبكة كبيرة في مصر عام 2013، كما أسس بعدها: «كايرو ميديا سكول» مركز تدريب أكبر تابع لقنوات «سي بي سي» في 2016، متعته الأكبر هي التأسيس وإدارة وتدريب المؤسسات الإعلامية. المحاور التلفزيوني هي تجربة جديدة بالنسبة له.
قسطنطين شرايبر، صحافي ألماني متخصص في الشؤون العربية، ويعمل لمحطات التلفزة باللغة العربية والألمانية، وهو رئيس تحرير في قناة RTL الألمانية، تعلم العربية في سوريا. حاصل على شهادة في القانون وعمل صحافياً لجريدة «ذا ديلي ستار» اللبنانية، انتقل بعدها للعمل بصفة مراسل إخباري لـ«دويتشه فيله» في دبي، ورافق المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في أولى زياراتها إلى الشرق الأوسط. ومنذ 2009 حتى 2011، عمل شرايبر مستشاراً إعلامياً للشرق الأوسط لدى وزارة الخارجية الألمانية.
يعتمد البرنامج على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» BLCKWHT وسيلةً جديدةً لاختيار الجمهور التفاعلي وضيوف الحلقات، وهناك حضور من الألمان وترجمة لمداخلاتهم؛ لأن حلقاته تسجّل مسبقاً، فبالتالي لديهم فرصة للترجمة، وطبعاً التصوير يكون في البلدين، وقد لاقى ردود أفعال محترمة جداً.
يختلف البرنامجان عن بعضهما وحتى شخصية المحاور تختلف في البرنامجين إلى حد ما، وفي ذلك يقول الصاوي: «أتشارك تقديم (أسود وأبيض) مع محاور ألماني محترف، ولا بدّ أن أكون على المستوى نفسه، سواء في التفكير أو الأداء». ويتابع: «البرنامجان قريبان إليّ بيد أنني أعشق تجربة (أسود وأبيض)؛ لأنه نمط جديد جداً في القنوات المصرية، وهنا لا أقول العربية؛ لأن هناك قنوات لبنانية كثيرة عملت مناظرات بشكل قوي جداً».