ليش لأ؟

كل التجارب الناجحة في العالم وجدت من يشكك فيها في بدايتها، وكل الأشياء الجديدة التي كانت مختلفة عن واقعها وجدت مقاومة وجهوداً لمنعها أو إيقافها.
والتجربة (الثورية) في الكرة السعودية التي بدأت بستة محترفين من بينهم حارس المرمى، ثم بسبعة، والآن بإعارة تسعة لاعبين لأندية إسبانية ما بين الممتازة والأولى، هي تجربة لا يمكن الحكم عليها قبل أن نرى نتائجها، مهما كانت هذه النتائج، هذا إن خرجنا من نطاق بعض الأمور، كترتيب الأندية في الدوري وحاجة هذه الأندية للاعبيها، وهل سيلعبون أساسيين أو احتياطيين، أو هل سيبقون مجرد متدربين مع هذه الأندية... كل هذه الأمور يجب الحكم عليها مع نهاية التجربة لا قبل أن تبدأ.
ومن حكم تجربتي الشخصية كمغترب في بريطانيا لسنوات طويلة أستطيع الجزم أن (الغربة) هي تجربة مفيدة وكبيرة، وأحياناً تجربة تقلب شخصيتك وأفكارك وعاداتك العتيقة الروتينية التي تعودت عليها ولم تحاول تغييرها يوماً، لأن الإنسان بطبعه يحب «الكومفورت زون» أو منطقة الراحة، التي يعيش فيها، لهذا يكره الكثيرون التغيير، وعندنا مثل يقول: «اللي بتعرفه أحسن من اللي بتتعرف عليه».
فمثلاً في أوروبا الرياضة أسلوب حياة، ومن كان منا متكاسلاً في منطقتنا يجد نفسه على الأقل يمارس هواية المشي، والحياة هناك النظام فيها هو المسيطر، فحتى في الصيدلية تقف بالدور، وبالتالي تضطر لمجاراة نمط حياتهم اليومي. وهناك موضوع التدريبات الصباحية والمسائية وآليات التفكير الاحترافي الذي يختلف حتماً عن نمط تفكير لاعبينا، إضافة إلى التغذية والتركيز ومحاولة إثبات الوجود بين وسط غريب وجديد... كلها أمور تدفع اللاعب كي يعطي كل طاقته بدل أن يكون ضامناً أنه سيلعب في ناديه الأساسي حيث الجمهور الداعم والسمعة الكبيرة كما لسالم الدوسري وفهد المولد ويحيى الشهري، ولكن عليه هناك أن يقنع الآخرين بأنه جدير أن يلعب، وعليه أن يتنافس مع نفسه قبل الآخرين، وعليه التأقلم مع الظروف، وحتى تعلم اللغة أو فكفكة حروفها، وكلها أمور تصب في مصلحة اللاعب ومصلحة النادي الذي خرج منه وسيعود إليه، ومصلحة الوطن الذي يحمل اسمه، ولهذا أحكم على التجربة من الآن بالنجاح لأنهم ما كانوا ليسمحوا بحدوثها لو لم يكونوا متأكدين من نجاعتها وفائدتها.