محكمة مغربية تبدأ في استنطاق معتقلي احتجاجات الحسيمة

بدأ القضاء المغربي أمس في الاستماع إلى المتهمين في أحداث احتجاجات الحسيمة (شمال المغرب) وذلك للمرة الأولى منذ انطلاق محاكمتهم. وأكد أحد المتهمين المتابعين في حالة إفراج أنه تطوع من تلقاء نفسه لحراسة ناصر الزفزافي، أحد متزعمي الاحتجاجات، بعد تلقي الأخير لتهديدات. وأضاف المتهم زكرياء القدوري، خلال أجوبته عن أسئلة القاضي، أنه يعرف الزفزافي منذ الصغر بحكم الجوار، وأن هذا الأخير يثق فيه.
وعرض القاضي على المتهم صوراً تظهره وهو يحرس الزفزافي خلال المظاهرات رفقة مجموعة أخرى يرتدي أفرادها قمصاناً سوداء. ونفى المتهم علمه بمصدر القمصان السود التي كان يرتديها «حراس الزفزافي». وسأل القاضي المتهم عن سبب حمل الأعلام الأمازيغية و«علم الريف» بدل العلم الوطني المغربي خلال المظاهرات، فأجاب القدوري: «أنا جنسيتي مغربية وهويتي أمازيغية». أما عن علم «الجمهورية الريفية»، فقال إنه يرمز إلى مقاومة الاستعمار الإسباني في شمال المغرب بقيادة عبد الكريم الخطابي، ويرمز إلى الانتصار. وأضاف القدوري أنه لا أحد منع المتظاهرين من حمل العلم المغربي خلال الاحتجاجات، مشيراً إلى أن هدفها رفع مطالب اجتماعية من قبيل بناء المستشفيات والجامعات.
وأكد متهم آخر مشاركته في ثلاث مظاهرات، مشيراً إلى أنها طالبت ببناء مستشفى ومصانع. وقال إن المظاهرة الأخيرة التي شارك فيها كانت تهدف إلى الرد على من اتهموا المحتجين بـ«الانفصاليين».
وعند سؤال القاضي له إن كانت تلك المظاهرة مرخصة، أجاب المتهم بأنه لا يعرف. وأضاف: «شاركت فيها أمهاتنا وأخواتنا، وأساتذة ودكاترة، وأشخاص من مختلف الشرائح الاجتماعية في الحسيمة».
وعرض القاضي على المتهمين صوراً وفيديوهات ظهر فيها بعضهم وهم يأخذون صوراً مع الزفزافي، وأخرى تبدو فيها شعارات من قبيل «لا للعسكرة» و«هل أنتم حكومة أم عصابة». كما عرض القاضي على أحد المتهمين صورة لجدار مقهى يديره في إمزون وقد علقت عليه صورة لناصر الزفزافي.
وشرعت المحكمة أمس في الاستماع إلى المتهمين للمرة الأولى منذ انطلاق المحاكمة والتي استغرقت حتى الآن ما يزيد على 20 جلسة خصصت كلها للملتمسات والدفوع والطلبات الأولية. وبدأ القاضي خلال جلسة أمس بالاستماع للمتهمين الأربعة المتابعين في حالة إفراج، وضمنهم أحد الحراس الخاصين للزفزافي.
وكانت المحكمة قد بثت أول من أمس في الطلبات الأولية، وقررت استدعاء 31 شاهداً، بينهم 12 بطلب من المتهمين، وثلاثة بطلب من دفاع وزارة الداخلية والإدارة العامة للأمن الوطني، و16 بطلب من النيابة العامة. ورفض المحكمة بقية الطلبات الأولية، وقررت إرجاء البت في الدفوع التي تقدم بها الدفاع إلى حين البت في الجوهر. وستواصل المحكمة الاستماع إلى بقية المتهمين وعددهم 54 خلال جلسة الثلاثاء المقبل.
في غضون ذلك، أعلنت الحكومة المغربية رفضها لما وصفته بـ«الادعاءات الخاطئة والاتهامات الباطلة» التي تضمنها التقرير السنوي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» الذي تطرق إلى وضع حقوق الإنسان في المغرب، لا سيما فيما يتعلق بأحداث الحسيمة ومحاكمة أكديم ازيك.
ورداً على ما جاء في التقرير، ذكرت المندوبية الوزارية المكلفة حقوق الإنسان، في بيان، أن «الادعاءات المتعلقة بانتهاك حقوق الموقوفين على خلفية أحداث الحسيمة باعتبار محاكمتهم محاكمة غير عادلة، تكذبها الضمانات الدستورية والقانونية والواقعية التي أصبحت السلطة القضائية توفرها بحكم استقلالها التام وممارستها لصلاحياتها في إطار كافة ضمانات المحاكمة العادلة»، مضيفة أن ما يؤكد عدم صواب ادعاءات المنظمة هو كون ملف القضية لا يزال حتى اليوم أمام القضاء ولم يتم البت فيه. وتابعت المندوبية أنه «بخصوص ملف أحداث أكديم إزيك، والذي يتعلق بالقتلة المحتملين لأحد عشر من عناصر القوات العمومية، فإن السلطات المغربية تؤكد أن هذه القضية سبق أن بتت فيها المحكمة العسكرية وقضت محكمة النقض بإلغاء حكمها، وبإحالة القضية من جديد على غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بالرباط». وبخصوص ادعاء «المنع الممنهج» للتجمعات في الأقاليم الجنوبية للمملكة (الصحراء)، أكد البيان «أن تدبير التجمعات غير السلمية أو غير المرخص لها يتم طبقا للقانون والتزامات المغرب الدولية في مجال حقوق الإنسان}.