الرئيس البرازيلي اليساري السابق يرفض الإجراءات القانونية ضده

يرفض الرئيس البرازيلي السابق لويس إيناسيو لولا دا سيلفا، الإجراءات القانونية المتخذة ضده، ويصفها بأنها مدفوعة بأسباب سياسية، وما زال مصمما على خوض الانتخابات القادمة، والعودة إلى الساحة السياسية.
وبدأت محكمة الاستئناف في بورتو أليغري بجنوب البرازيل، أمس الأربعاء، النظر في حكم إدانته بالفساد. وستقرر المحكمة ما إذا كانت ستؤيد حكم الإدانة بالفساد وتبييض الأموال، وخلال هذه العملية ستتخذ القرار بشأن إمكانية ترشحه للانتخابات المرتقبة في أكتوبر (تشرين الأول) التي يبدو فيها الأوفر حظا.
وتظاهر عشرات الآلاف من البرازيليين في بورتو أليغري، مطالبين بالسماح لدا سيلفا بخوض انتخابات الرئاسة. ونزل المتظاهرون إلى الشوارع عشية قرار مرتقب من جانب محكمة في بورتو أليغري بشأن تأييد حكم صدر بحق دا سيلفا. وحكم على دا سيلفا الذي كان يحظى بشعبية كبرى خلال فترتين رئاسيتين امتدتا من 2001 إلى 2010، في يوليو (تموز) الماضي، بالسجن تسع سنوات ونصف، بعد إدانته بالفساد في أكبر فضيحة في البرازيل عرفت باسم «مغسل السيارات». ومن شأن الحكم الذي يؤكد الإدانة استبعاد دا سيلفا من السباق الرئاسي.
وقال أحد المتظاهرين، ويدعى لويس أنطونيو دا سيلفا (59 عاما) للوكالة الألمانية: «نحن ندافع عن ضرورة مشاركة لولا (دا سيلفا) في الانتخابات؛ لأن انتخابات من دون مشاركته ستكون تلاعبا».
وعشية صدور القرار، قال دا سيلفا أمام مؤيديه، إنه سيواصل معركته السياسية بغض النظر عن النتيجة. وقال أمام جمهور من المتحمسين، الكثير منهم يرتدون فانيلات قطنية حمراء ترمز إلى حزب العمال الذي ينتمي له: «شيء وحيد يبعدني عن شوارع هذه البلاد، وسيكون يوم وفاتي». وأضاف، في تصريحات نقلتها «الصحافة الفرنسية»: «حتى ذلك الوقت، سأحارب من أجل مجتمع أكثر عدلا. مهما كانت نتيجة الحكم، سأواصل المعركة من أجل كرامة شعب هذا البلد». وانضمت إليه على المنصة خليفته في الرئاسة التي اختارها بنفسه ديلما روسيف، التي عُزلت في 2016 بعد إدانتها بانتهاك قوانين الموازنة.
وقال لولا: «لن أتحدث اليوم عن محاكمتي أو عن القضاء؛ لأن لدي محامين أكفاء أثبتوا براءتي». وأضاف: «جئت لأتحدث عن البرازيل». وقال: «أشعر بسلام داخلي. سلام الذين لم يرتكبوا أي جرم. هل يخافون عودتي؟ أيخافون الأشياء الجيدة التي قمنا بها؟» في إشارة إلى معارضيه اليمينيين.
ويقول دا سيلفا وروسيف وقادة يساريون آخرون، إنهم ضحية مخطط من دوائر القضاء والسياسة والأعمال لتهميش حزب العمال.
وفرضت سلطات بورتو أليغري إجراءات أمنية خاصة، لمنع اقتراب مؤيدي ومعارضي لولا، بعضهم من بعض، خشية وقوع مواجهات. وقامت مروحيات بالتحليق فوق مبنى المحكمة، بل والاستعانة بالسفن لحماية المبنى الملاصق للنهر. وسيتابع لولا إجراءات صدور الحكم من منزله في ساو باولو.
وكانت روسيف قد نددت في وقت سابق بما وصفته «المرحلة الثالثة للانقلاب» ضد دا سيلفا. وقالت، كما نقلت عنها «الصحافة الفرنسية»، إن المرحلة الأولى كانت إجراءات عزلها، والثانية تتمثل بالموازنة التقشفية التي أعلنها خلفها ميشال تامر، فيما الثالثة «تهدف للقضاء على حزب العمال، وخصوصا قائدنا».
يقول المحللون إن الأسواق تراهن على تأكيد المحكمة للحكم بحق دا سيلفا. وقال سيلفيو كاسيوني في مذكرة لمركز «أوراسيا» للاستشارات: «إن الأسواق لا يمكن أن تخفي حماستها: إن حكما ضد دا سيلفا الذي وعد بإلغاء جزء من إصلاحات الرئيس ميشال تامر المراعية للشركات، يعتبر على نطاق واسع ضربة قاضية لمسعاه الرئاسي». غير أن بورصة ساو باولو أغلقت الثلاثاء على تراجع بنسبة 1.22 في المائة، سببه، بحسب المحللين، أجواء الترقب السائدة قبل صدور القرار.
ومهما كان الحكم، سيكون قرار المحكمة بمثابة اختبار جديد للديمقراطية البرازيلية. وقال خبير السياسة في جامعة «ريو دي جانيرو» لوكالة الصحافة الفرنسية: «إذا كان لولا لا يستطيع الترشح، فستكون الانتخابات غير محسومة، وسيكون لدينا خمسة أو ستة مرشحين، مع إمكانية بلوغ جولة ثانية، مما يجعل من انتخابات 2018 أكثر الانتخابات التي لا يمكن التنبؤ بنتيجتها منذ عودة الديمقراطية (في 1985)».
في أحدث استطلاعات مؤسسة «داتافوليا» مطلع ديسمبر (كانون الأول) الماضي، حصل دا سيلفا على 34 في المائة من نوايا التصويت، متقدما على النائب اليميني جايير بولسونارو، الذي حصل على 17 في المائة.