القوميات غير الفارسية تبحث في بروكسل سبل مواجهة نظام طهران

على بعد أمتار من مقر الاتحاد الأوروبي في بروكسل اجتمع، أمس، ناشطون من القوميات الإيرانية غير الفارسية، إضافة إلى سياسيين من دول عربية وأجنبية في مؤتمر «معاً في مواجهة الإرهاب الإيراني»، لمناقشة أبعاد تدخلات طهران وحرسها الثوري في المنطقة، وأوضاع الداخل الإيراني، وآفاق التعاون للحركات المناوئة للنظام الإيراني، انطلاقاً من الاحتجاجات الأخيرة التي شهدها مختلف المدن، وأوضاع القوميات في ظل السياسات التي تنتهجها طهران على الصعيد الإقليمي.
يقام الملتقى بمبادرة من «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» على مدى يومين، ويتضمن ورشات متعددة حول القوميات وشؤونها في ظل النظام، وبحث استراتيجيات تتطلع إلى مزيد من التعاون في مواجهة سلوك النظام، فضلاً عن اتخاذ خطوات عملية لمخاطبة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.
كانت عبارات «إسقاط النظام»، و«مواجهة الإرهاب الإيراني»، و«المطالبة بحق الأحواز في التحرر»، و«العزة والكرامة لشعوب المنطقة»، و«وقف التدخلات في اليمن وسوريا ولبنان وفلسطين»، و«الاضطهاد العرقي»، و«معاناة السجناء»، و«التمييز»، القاسم المشترك بين خطابات اليوم الأول من فعاليات المؤتمر.
وشهد المؤتمر مشاركة نواب من البحرين والأردن وتونس، إضافة إلى ناشطين من أميركا وكندا والكويت والسعودية والجزائر والعراق، وممثلين من القوميات الكردية والتركية في إيران.
وحاول المشاركون في المؤتمر توجيه رسالة تضامنية إلى المناطق العربية المتأثرة بدور إيران، مؤكدين «وحدة المصير بين شعوب المنطقة لوقف النهج الإيراني المزعزع للاستقرار».
وفي كلمة الافتتاح قال رئيس «حركة النضال العربي لتحرير الأحواز» حبيب جبر، إن الاحتجاجات في عموم مناطق إيران «كشفت حقيقة النظام»، مضيفاً أنه «كان سخياً في كل من سوريا والعراق ولبنان واليمن وشمال ووسط أفريقيا ليضرب بإرهابه وطننا العربي».
وتابع أن «هذا السخاء يأتي من نهبه مقدرات وخيرات أرض عربية هي الأحواز التي يحتلها ويهدد ومواردها على خططه التوسعية في كامل المنطقة العربية»، لافتاً إلى أن النظام الإيراني «يبني استراتيجيته على إشاعة الرعب والإرهاب والفوضى في كامل المنطقة».
وقال جبر إن النظام الإيراني «يرتكب جرائم ضد الإنسانية عبر منظمات إرهابية ترتبط بفيلق القدس»، الذراع الخارجية للحرس الثوري، مشدداً على أن ذلك يأتي ضمن مساعي قادة النظام الإيراني «لتغيير وجه المنطقة العربية».
وحول الاحتجاجات الأخيرة، قال جبر إن «الجماهير المليونية انفجرت في كبريات المدن للتنديد بالفشل الاقتصادي جراء تدخلاته الخارجية». وشدد على أنها «لم تكن مجرد ثورة جياع هدفها تحسين الأوضاع الاقتصادية، بل هي ثورة لتغيير الواقع برمّته» مضيفاً أنها «ضد الظلم والفساد ونظام ثيوقراطي يتحكم في مصائر الناس باسم الدين».
في هذا الصدد، قالت المحامية الأردنية شذى جريسات لـ«الشرق الأوسط»، إن «الوقوف مع القضية الأحوازية إنما هو وقوف مع الأمن الوطني والقومي لكل دولة عربية بلا استثناء. فالمحتل الفارسي، لا سيما نظام الملالي القابع في طهران وقم، هو نظام قمعي عدواني وحاقد على كل ما هو عربي وعروبي، فهو مستمر في محاولاته الآثمة منذ القدم وبشكل مستميت لكي يخلع ويدمر أركان الدول العربية كافة، قيماً وحضارةً وعمراناً وتقدماً وتنميةً، وينشر في المقابل الإرهاب والقتل والتعذيب والفتن والفرقة والتنازع».
وكان حضور الجالية السورية لافتاً في فعاليات المؤتمر. وقاطعت هتافات السوريين فعاليات المؤتمر عدة مرات، مطالبين بإسقاط النظامين السوري والإيراني.
في هذا الصدد، قال رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا، في إشارة إلى ترديد المتظاهرين في إيران أن «دحر أفعي الإرهاب الإيراني يبدأ بقطع رأسها في دمشق». أما عضو البرلمان الألماني من أصل سوري جمال قارصلي، فقد انتقد دور إيران الإقليمي خصوصاً في سوريا، وطالب الدول العربية بتبني القضية الأحوازية.
بدوره، قال الناشط الأحوازي حميد منصور الكعبي لـ«الشرق الأوسط»، حول فعاليات المؤتمر: «نسعى بكل جهد لتوحيد صفوف الشعوب غير الفارسية وأنصار القضية الأحوازية لمناهضة المشروع الفارسي في المنطقة وإبلاغ رسالتنا فيما يخص قضيتنا العادلة بأنها تستحق التضحية وفضح دور إيران المخرب في دول المنطقة».
أما رئيس الحركة الوطنية في أذربيجان الجنوبية صالح كامراني، فقد حاول في كلمته تقديم نبذة تاريخية للتعريف بالقومية التركية، وتشكل 40% من التعداد السكاني الإيراني وتتوزع على 12 محافظة من 31 محافظة إيرانية.
وقال كامراني إن الحراك السياسي للآذريين الأتراك يتسم بالسلمية ويهدف إلى مواجهة العنصرية، مشدداً على أن الأتراك في إيران «يعولون على أغلبيتهم السكانية والمشاعر القومية السياسية».
وأوضح كامراني أنها «حقيقة تعترف بها جميع الأطراف، أنه لا يمكن القيام بتغييرات جذرية في إيران من دون أذربيجان»، مضيفاً أن «أذربيجان لم ولن تصمت إطلاقاً»، مشيراً إلى أنها «بمثابة قِدْر حجري يسخن ببطء لكن بعد سخونته لا يبرد بسهولة». ولفت كامراني إلى أن «الحركة الوطنية في أذربيجان تمثل الشعب الآذري التركي»، وقال إن «الاعتراف الدولي بهذه الحقيقة سيعبّد الطريق أمام الشعوب في إيران للمطالبة بحق تقرير المصير».