زيادة «المحترفين الأجانب» في الأخضر بين الإيجابيات والسلبيات

قال خبراء كرويون «سعوديون وعرب» إن قرار الاتحاد السعودي لكرة القدم بشأن رفع عدد اللاعبين الأجانب المسموح بالتعاقد معهم من قبل أندية الدوري السعودي للمحترفين إلى 7 لاعبين «عدا المواليد»، قد يكون له الكثير من السلبيات.
وأكد الخبراء أن الأمر يتعلق بإمكانية تراجع عدد اللاعبين المميزين القادرين على تمثيل المنتخب السعودي في المحافل الدولية المقبلة على المدى القريب والبعيد، حيث ستتقلص المراكز التي يمكن للاعب السعودي أن يحصدها أمام الأجنبي، وإن كانت التجارب أثبتت أن عدد الأجانب المميزين في الفرق السعودية كافة قد لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.
وأشار الخبراء من لاعبين سابقين ومدربين أن الكرة السعودية تعاني حاليا من عجز واضح في عدد من الخطوط نتيجة تفضيل الأندية اللاعبين الأجانب وخصوصا في خط الهجوم، كما أن قرار فتح المجال للأندية للتعاقد مع حراس مرمى حرم الكثير من الحراس من مراكزهم، مما قد يتسبب في أزمة حراسة قادمة في الكرة السعودية كحال الأزمة الحالية في خط الهجوم.
واستدرك عدد من الخبراء تجارب واقعية من دول أخرى مجاورة وبعيدة طبقت قرارات جلب العدد الكبير من الأجانب فكانت الآثار السلبية على منتخباتها تحديدا تفوق الإيجابية.
في المقابل بين الخبراء جوانب إيجابية أخرى في مثل هذا القرار من بينها رفع مستوى الدوري السعودي وجعله يحمل إثارة وندية أكبر، خصوصا إذا وفقت الأندية بجلب لاعبين أجانب على مستوى فني عالٍ وقادرة على الإضافة الفنية الكبيرة في صفوف فريقها كما هو الحال حاليا في فريق الفيصلي وسابقا الفتح، رغم أن المؤثرين في هذه الفرق لا يتجاوز 3 لاعبين أجانب ومع ذلك يقدم الفيصلي مستويات كبيرة ويقارع أكبر الفرق، فيما سبقه الفتح بتحقيق الإنجاز الأكبر في تاريخه بحصد بطولة الدوري والسوبر السعودي قبل 4 أعوام.
وأشار الخبراء إلى أن وفرة الأجانب قد يجعل اللاعب السعودي يبذل جهودا أكبر لحصد مركز أساسي ويثبت أنه الأفضل، إلا أن منح الأجنبي المبالغ الكبيرة وإن كان عاجزا عن نيل مركز أساسي سيكون له أثر معنوي سلبي على اللاعب السعودي، وسيكون تحقيق هدف الاتحاد السعودي بخفض العقود العالية للاعب السعودي بهذه الطريقة «فيه إجحاف» وله آثار سلبية أكثر من أن يتحقق هذا الهدف بطريقة مفيدة لمصلحة الكرة السعودية.
وكان رئيس الاتحاد السعودي لكرة القدم عادل عزت قد برر إصدار هذا القرار إلى السعي لتحقيق عدة أهداف، وأهمها خفض العقود العالية للاعبين السعوديين والتي وصفها بـ«المتضخمة جدا»، وكذلك منح فرص أكبر ومحفزات للاعب السعودي للاحتراف خارجيا سواء في أوروبا أو حتى في دول مجاورة مما سيكون له الأثر الأكبر في تطور اللاعب السعودي.
وقال المدرب الوطني خالد القروني صاحب الخبرة الكبيرة في قيادة المنتخبات والفرق السعودية والتي حقق معها إنجازات كبيرة «هذا القرار بكل تأكيد ستكون سلبياته أكبر من الإيجابيات، بكون هناك تقليص إجباري على حظوظ اللاعب السعودي الموهوب في خوض عدد أكبر من المباريات التي لها الأثر الإيجابي عادة في تطوير أدائه الفني ومنحه الخبرة التي سينعكس أثرها على المنتخب الوطني».
وأضاف القروني الذي حقق إنجاز الوصول للدور الثاني في بطولة كأس العالم للشباب بكولومبيا 2011 حيث يمثل ذلك الجيل مجموعة كبيرة من اللاعبين الحاليين في الفرق السعودية: «اللاعب السعودي في الوضع الراهن المتعلق بوجود 6 لاعبين أجانب لم ينل الفرصة المطلوبة في كثير من الفرق، وعلى سبيل المثال لا الحصر المهاجم مهند عسيري الذي لا يمنح الفرصة للمشاركة إلا في حالة غياب اللاعب السوري عمر السومة، ومع ذلك يبدع عسيري ويقدم الأفضل دائما وهذا يعني أنه حرم من أن يشارك في عدد أكبر من المباريات المفترض أن يشارك فيها ليتطور أداؤه الفني، وخصوصا أنه مهاجم من طراز رفيع في وقت يندر فيه المهاجمون السعوديون المميزون مما سيكون له الأثر السلبي على المنتخب الوطني السعودي في الاستحقاقات المقبلة».
وأشار القروني إلى أن هناك لاعبين سعوديين لديهم الموهبة الكبيرة ويحتاجون لمزيد من الخبرة والاحتكاك حتى يكون لهم الأثر في مسيرة المنتخب السعودي سواء في مونديال روسيا 2018 أو بطولة آسيا 2019 في الإمارات العربية المتحدة أو ما بعدها من استحقاقات.
وأوضح أن هناك لاعبين في خط الهجوم لم ينالوا الفرص الكافية في فرقهم نتيجة وفرة الأجانب في خط الهجوم تحديدا وتنقلوا بين عدة أندية مثل اللاعب الموهوب نايف هزازي والذي لا يزال ضمن أهم الأسماء في خط الهجوم إلا أن فرصه في المشاركة تتراجع من حين لآخر وهذا ما سيكون له الأثر السلبي عليه وعلى غيره من المواهب السعودية التي تحتاج مزيدا من الخبرة والاحتكاك.
واعتبر أن سعي الاتحاد السعودي لكرة القدم لتحقيق هدف خفض العقود العالية للاعبين السعوديين يمكن أن يتم عبر قرار مباشر بتحديد سقف أعلى للرواتب وليس بطريقة رفع عدد الأجانب، خصوصا أن التجارب أثبتت أن هناك أجانب مكلفين ماديا على الأندية السعودية ولا يملكون الكفاءة الفنية للحصول على مراكز في التشكيلة الأساسية بعد أن ظلوا لعدد من المباريات ينالون الفرص تلو الفرص من أجل إثبات جدارتهم الفنية ولم يفلحوا.
فيما شدد المدرب التونسي جميل قاسم الذي خاض عدة تجارب تدريبية من عدد من الأندية السعودية في دوري المحترفين أن العدد الذي تم إقراره لعدد اللاعبين الأجانب له أثر سلبي كبير لأنه سيقلص وجود اللاعب السعودي واحتكاكه مما سيؤثر على عطاءاته لأن وفرة المشاركات هي من تطور اللاعب.
وأضاف: «حتى عدد 6 لاعبين أجانب كان عاليا، الأنسب كان 3 أو4 كحد أقصى وهذا العدد معمول به حتى في بطولة آسيا ولو كان رفع العدد مفيدا لعمل به الاتحاد القاري».
وأوضح أن القرار صدر من الاتحاد السعودي وقد يكون مبنياً على أسس لا نعلم بها وعن تفاصيلها، وخصوصا أن هناك لجاناً توصلت إلى أن هذا القرار مناسب ولكن من نظرة متابع وخبير نسبيا في الكرة السعودية بات العدد كبيرا للاعبين الأجانب في السعودية والقليل منهم يمكن الاستفادة الفنية منه».
واعتبر أن المنتخب السعودي قد يتضرر من هذا القرار على المدى القريب والبعيد ولذا من المهم أن تكون مراجعات دورية لمثل هذه القرارات حتى يتم تعزيز الإيجابيات والتخلص من السلبيات خصوصا أن الكرة السعودية مقبله على مشاركة مرتقبة في بطولة كأس العالم بروسيا وغيرها من البطولات التي تهم الشارع الرياضي السعودي الذي لا يرضى بغير الإنجازات بكل تأكيد».
أما النجم الاتفاقي والدولي السابق مروان الشيحة فقد اعتبر أن قرار الاتحاد السعودي برفع عدد اللاعبين الأجانب سيكون له الأثر السلبي الكبير على المنتخب السعودي بحيث سيتقلص عدد اللاعبين السعوديين الذين يمكن أن يتم الاستعانة بهم في المنتخب الوطني.
وأضاف: «هناك دول مجاورة طبقت العدد الكبير من اللاعبين الأجانب مثل قطر التي بات منتخبها عاجزا عن تحقيق إنجاز كبير بعد الاعتماد على العدد الأكبر من الأجانب، كما أن هناك دولا مثل إنجلترا عانت طويلا من الغيابات عن الإنجازات لوفرة اللاعبين الأجانب في دوريها رغم أنه يصنف منذ سنوات طويلة على أنه في مقدمة الدوريات القوية في العالم».
وأشار إلى أن رفع عدد اللاعبين الأجانب سيكون له أثر في ارتفاع قوة الدوري السعودي والمنافسة بحيث سيمثل الأجانب قوة في الأندية التي تنجح في جلب الأفضل منهم مهما يكن اسم وتاريخ هذه الأندية، لكن كل ذلك سيكون على حساب الفرص التي يمكن أن تمنح للاعبين السعوديين لرفع مستوياتهم، خصوصا أن عدم تمكنهم من المشاركة محليا يقلل كثيرا من احترافهم الخارجي.
وشدد على أن تحقيق هدف خفض العقود للاعبين السعوديين يمكن أن يتم عبر قرارات مباشرة بتحديد سقف أعلى وليس بطريقة رفع عدد اللاعبين الأجانب لأن الأجانب أيضا سيحضرون للسعودية بعقود عالية مرتفعة، وبتالي لن تكون الأندية قادرة على التوفير المادي الذي كانت تطمح إليه من خلال خفض عقود اللاعبين المحليين».
وتمنى الشيحة أن يتم الأخذ بالاعتبار أن الكرة السعودية بها وفرة من المواهب وهناك عدة طرق لتطويرها من أجل مصلحة المنتخب وليس من الإيجابي تضييق الفرص على اللاعب السعودي للمشاركة بذريعة خفض العقد أو إقناعه بالاحتراف الخارجي من أجل تحقيق مكاسب مالية وفنية قد لا يستطيع تحقيقها في السعودية.
من جانبه، بين مهاجم المنتخب السعودي السابق والذي قاد فريقه الشباب لتحقيق كثير من الإنجازات قبل عقدين من الزمن أن قدرة الأندية السعودية حاليا ليست متساوية، حيث إن هناك عجزا ماليا كبيرا يمنع هذه الأندية أن تفي بقرار رفع عدد اللاعبين الأجانب كما تم إقرارهم مؤخرا.
وأضاف: «من الجانب المالي للأندية هناك، وهناك من يعتمد بشكل شبه كلي على دعم أعضاء الشرف والرعاة الرسميين وهذه الموارد المالية لا تكفي الكثير من الأندية ولذا سيكون اللاعب السعودي على الأرجح هو الخيار الرئيسي».
وحول الآثار الفنية المترتبة على مثل هذا القرار قال المهلل: «هناك وفرة مواهب في الكرة السعودية ولكن الأمر يتوقف على التجارب والتحديات التي يخوضونها، ولذا هناك من يرى أن هناك أفضلية لدى اللاعبين الأجانب في خط الهجوم مثلا، في وقت يتم تجاهل أن هناك ضعفا في خطوط الدفاع للأندية».
وأبدى المهلل تفاؤله بأن يبقى اللاعب السعودي صاحب الأولوية لدى الأندية، خصوصا أن الأجانب في كثير من الأندية ليسوا على قدر التطلعات رغم ارتفاع أسعارهم.
أما اللاعب السابق حمدان الحمدان الذي قاد الفتح لتحقيق إنجاز أشبه بالمعجزة بحصد الدوري السعودي للمحترفين في نسخته الحالية، فقد بين أن الفترة التي حقق فيها فريقه بطولة دوري المحترفين وأعقبها ببطولة السوبر السعودي، لعب فيها اللاعب السعودي دورا فاعلا في تحقيق هذا الإنجاز والذي أثبت أن اللاعب ليس بقيمته المادية بل بقيمته الفنية وعطائه داخل الملعب.
وأضاف الحمدان الذي لا يزال محتفظا بلقب صاحب أسرع هدف في دوري المحترفين، أن فريقه ضم لاعبين محترفين مؤثرين مثل البرازيلي إيلتون جوزيه والكنغولي دوريس سالمون، لكن قيمة عقودهم لا تضاهي بل قد لا تصل إلى ربع قيمة عقود في أندية أخرى كبيرة تفوق عليها الفتح، والحال أيضا للاعبين السعوديين الذين كان لهم الأثر الأكبر في حصد الإنجازات التاريخية على اعتبار أنهم كانوا الأكثر عددا وإن كان من يعتقد أن إيلتون ودوريس هما الأكثر تأثيرا، لكن الأرقام كانت منصفه للاعبين السعوديين في تلك الفترة.
وبين الحمدان أن قيمة اللاعب السعودي في المستوى الفني الذي يمكن أن يقدمه وليس في العائد المالي الذي يتقاضاه، ولذا كان من المهم أن يتخذ الاتحاد السعودي قرارا أكثر إنصافا للاعب السعودي من أن يرفع عدد اللاعبين الأجانب، حيث كان متاحا أن يقر سقفا أعلى في العقود الاحترافية لأن هناك مواهب كثيرة قد تنتهي مع وفرة اللاعبين الأجانب في الفرق، وسيكون الأثر سلبي على المنتخب الوطني بناء على تجارب متوافرة في هذا الجانب.
وتمنى الحمدان ألا يكون هذا القرار محبطا للاعبين السعوديين بقدر ما يكون محفزا لهم لبذل الجهود الأكبر من أجل إثبات أنهم الأجدر لنيل مراكز أساسية أكثر في تشكيلة فرقهم.