الصومال: اعتقالات في صفوف الجيش على خلفية اقتحام منزل برلماني بارز

اعتقلت السلطات الصومالية أمس، ضابطين، بالإضافة إلى 40 جندياً اتهمتهم بالتورط في هجوم مفاجئ تعرض له منزل أحد أعضاء البرلمان الصومالي، فيما أعلن الرئيس محمد عبد الله فرماجو تشكيل لجنة للتحقيق في ملابسات الحادث. وهاجم ملثمون يرتدون زي قوات الأمن الصومالية مساء أول من أمس، منزل عبدي حسن عوالي قبيديد العضو البارز في مجلس الشيوخ، لكن الحكومة نفت في بادئ الأمر علمها بهوية المهاجمين، ما أثار توترات سياسية. ويؤكد الهجوم عدم وجود خطوط واضحة للقيادة والتحكم داخل قوات الأمن، لأن كبار القادة أمروا بإجراء تحقيق عاجل للكشف عمن أصدر هذا الأمر، حيث ندد الرئيس فرماجو بالهجوم وتعهد بأن يمثل المتورطون فيه أمام العدالة.
وقالت مصادر أمنية صومالية لـ«الشرق الأوسط»، إن اللواء عبد الولي جامع غورد، قائد الجيش الذي كلفه فرماجو بهذه القضية اعتقل الضابطين والجنود الـ40 مساء أول من أمس، على خلفية اقتحام مقر قبيديد في العاصمة مقديشو.
وكان قبيديد أيضاً أحد أمراء الحرب، كما كان قائداً للشرطة ووزيراً وزعيماً لإحدى المناطق، ويتولى حالياً رئاسة اللجنة الدستورية في البرلمان ومجلس الشيوخ.
وقال وزير الإعلام عبد الرحمن عمر يريسو، إنه وفي تحرك سريع من الحكومة تم اعتقال المتورطين في الهجوم، مشيراً إلى أن السلطات المختصة فتحت تحقيقاً، كما لفت إلى أن فرماجو بالإضافة إلى رئيس الحكومة حسن علي خيري ووزير الدفاع اتخذوا موقفاً موحداً حيال هذه القضية.
وأبلغ عضو مجلس الشيوخ الصومالي قبيديد، الصحافيين، أنه لا يعرف بالضبط دوافع الاقتحام الذي جرى تنفيذه دون إنذار مسبق رغم تمتعه بحصانة برلمانية، مشيراً إلى أن القوات الحكومية فتشت جميع أرجاء المنزل وحطمت بعض المقتنيات وأدواته المنزلية.
وقال: «قوات الحكومة اقتحمت منزلي. ضربوا الحارس بأعقاب بنادقهم واستولوا على سلاحه». وأضاف: «حطموا كل الأبواب والخزائن... زوجتي كانت في دورة المياه حينئذ، واقتحموه وهي بداخله».
وأضاف: «بمجرد اقتحام منزلي اتصل بي قائد قوات الأمن الوطنية في مقديشو، وقال لي إن القوات التي هاجمت منزلي هي القوات العسكرية التي تدربها الإمارات، لكن التحقيق سيؤكد هوياتهم».
وتدرب كل من الإمارات وتركيا وبريطانيا والولايات المتحدة ودول أخرى القوات الصومالية، وأثار خلاف بين دول الخليج، لا سيما قطر والإمارات، انقسامات سياسية في الصومال. وفي وقت سابق من الشهر الماضي، قتلت قوات الأمن 5 أشخاص في مداهمة لمنزل عبد الرحمن عبد الشكور المرشح الرئاسي والوزير السابق، علماً أنه زعيم قوي للمعارضة ويتهمه المسؤولون بمحاولة الإطاحة بالحكومة.
وجرى إطلاق سراح زعيم المعارضة لكن قضية ضده بإحدى المحاكم لا تزال قائمة، فيما زادت هذه المداهمة التوترات بين عدد من القبائل الصومالية القوية. لكن الحكومة قالت إنها لم تصدر أمراً بالمداهمة التي وقعت يوم السبت ضد قبيديد الذي ينتمي لقبيلة زعيم المعارضة ذاتها، إذ قال قائد الجيش اللواء جرود إنه أمر بتحقيق عاجل في الأمر. وتأتي العملية بعد أقل من أسبوعين من اقتحام منزل السياسي المعارض عبد الرحمن عبد الشكور، الذي اتهمته النيابة العامة بـ«تورطه في أعمال تمس الأمن القومي»، وهو ما أثار حفيظة بعض السياسيين حول طريقة التعامل مع المعارضين. ورداً على التصعيد بين الحكومة الصومالية وسياسيين معارضين اتهمتهم مقديشو بـ«تقاضي أموال لتخريب البلاد»، دعت أمس هيئة علماء الصومال السياسيين إلى حماية البلاد مما وصفته بـ«التدخلات الأجنبية»، وطالبت باحترام سيادة الصومال.
وأعربت الهيئة في بيان لها عن شعور بـ«القلق تجاه الحالة السياسية المضطربة التي تشهدها البلاد في الشهور الماضية»، وحثت في المقابل على «الاحتكام إلى العقل وتبني سياسة البناء بدلاً من سياسة الهدم التي يغلب عليها الطابع القبلي والتي قد تجر البلاد إلى الفوضى العارمة».
كما طالبت الهيئة الحكومة الصومالية، بـ«نشر العدالة والمساواة بين المجتمع واحترام حقوق الفرد»، وحذرت من أن استخدام القوة خارج إطار القانون سيؤدي إلى فتن وعواقب وخيمة لا تحمد عقباها.
وبعدما شدّدت على ضرورة احترام سيادة البلاد، دعت الهيئة جميع الفصائل السياسية إلى «العمل على النأي عن التدخلات الأجنبية»، كما دعت المواطنين الصوماليين لـ«حماية دولتهم والعمل على وحدتهم والحذر من التفرقة».
إلى ذلك، شن العشرات من عناصر حركة الشباب الصومالية هجوماً على معسكرين للشرطة في مركز بلدة إيجارا الواقعة بمقاطعة جاريسا شمال شرقي كينيا، قبل أن يلوذوا بالفرار. وقالت مصادر كينية إن مقاتلي الحركة هاجموا مقراً لجهاز الشرطة ومعسكرات إدارية تابعة لها، واشتبكوا في معركة عنيفة بالأسلحة النارية مع نحو 40 من قوات الأمن، مشيرة إلى أن المسلحين دمروا معسكرين للشرطة، واقتحموا متجراً وأصابوا برج اتصالات خاصاً بشركة سفاريكوم باستخدام عبوة ناسفة، ثم فروا باستخدام مركبة للشرطة.
وقبل الهجوم الذي يأتي وسط تعزيز استعدادات قوات الأمن الكينية خلال الموسم المضطرب، وردت معلومات حول رصد مسلحي الشباب وهم يحومون حول المنطقة قرب الحدود الكينية - الصومالية. وقال ضابط بالشرطة الكينية إن قوات الشرطة تصدت للمهاجمين ومنعت استيلاءهم على مستودع للأسلحة.
وقتل شخصان على الأقل، من بينهم جندي صومالي بعد انفجار قنبلة زرعت على جانب طريق في قافلة عسكرية في العاصمة الصومالية مقديشو. ونقلت إذاعة «شبيلي» المحلية عن شاهد عيان، أن الانفجار الذي وقع بالقرب من وزارة الدفاع، استهدف قافلة عسكرية، كانت تقل قوات بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم).
وبدأت قوات الحكومة الصومالية التي هرعت إلى الموقع في أعقاب الانفجار، في عملية مطاردة، لم تسفر عن اعتقال أحد، لكن حركة الشباب أعلنت مسؤوليتها عن الانفجار، قائلة إن 5 من جنود البعثة الأفريقية قتلوا. ووردت تقارير غير رسمية عن مقتل 5 جنود من قوات «أميصوم» الأفريقية وتدمير مدرعة كانوا يستقلونها، إثر تفجير العبوة الناسفة التي زرعها مقاتلو حركة الشباب بالقرب من مقر وزارة الدفاع في مقديشو. من جهته، كشف مسؤول بإقليم جنوب الغرب، النقاب عن عمليات عسكرية من أجل تصفية عناصر تابعة لحركة الشباب توجد في المناطق الريفية بمحافظتي باي وبكول.
وقال حسن حسين محمد وزير أمن حكومة بالإقليم، إن قوات الجيش بالتعاون مع قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي (أميصوم)، تسعى إلى القضاء على المتمردين في كل محافظات شبيلي السفلى وباي وبكول بجنوب غربي البلاد، مؤكداً تعرض الإرهابيين لما وصفه بالهزائم المتلاحقة أمام قوات الجيش الوطني.
وأشار محمد إلى أن الدولة أعلنت تقديم عفو عام لمن ينشق عن حركة الشباب باعتبارها تنظيماً إرهابياً، ويستسلم لقوات الجيش، وتعهدت بتوفير الرعاية.