ملف خروج بريطانيا الأبرز في قمة بروكسل

صوّت البرلمان الأوروبي، أمس، لصالح مقترح يعترف بأن محادثات «بريكست» بين لندن وبروكسل قطعت شوطا كافيا، وذلك بتأييد 556 صوتا ومعارضة 62 صوتا. إلا أن التصويت غير مُلزم، لكن يتعين على البرلمان الأوروبي التصديق على أي اتفاق يتم التوصل إليه بشأن خروج بريطانيا، وحث البرلمان الأوروبي قادة الاتحاد الأوروبي على إتاحة بدء المرحلة التالية من مفاوضات خروج بريطانيا من التكتل. ويرى البرلمانيون أن الاتفاق بين بروكسل ولندن، الذي ما زال يعتبر أوليا ومبدئيا، يؤهل الطرفين للمرور إلى مرحلة ثانية تتم فيها مناقشة المرحلة الانتقالية والشراكة المستقبلية بين الطرفين.
ومن وجهة نظر العديد من المراقبين في بروكسل، تعتبر موافقة البرلمان الأوروبي على نص اتفاق الجمعة الماضي مهمة، إذ إن الجهاز التشريعي الأوروبي يدعم بذلك موقف الوفد التفاوضي الأوروبي أمام زعماء الدول، الذي سيجتمعون اليوم الخميس ولمدة يومين في بروكسل ويملكون وحدهم حق إعطاء الضوء الأخضر للتقدم في المفاوضات مع لندن.
وقال رئيس البرلمان الأوروبي، أنتونيو تاجاني، إن قرار البرلمان بشأن ملف خروج بريطانيا، أشار إلى «إحراز تقدم كاف في المفاوضات، وهذه خطوة مهمة إلى الأمام، وستتيح لنا الانتقال إلى المرحلة الثانية»، مضيفا أن الدول الأعضاء الـ27 أظهرت الوحدة والشفافية في هذه المرحلة الأولى الحساسة. وقدم الشكر إلى كل من رئيس الفريق التفاوضي الأوروبي ميشال بارنييه وأيضا رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي.
ومن شبه المؤكد سوف يقرر قادة الاتحاد الأوروبي غدا الجمعة اعتبار أن «تقدما كافيا» تحقق فيما يتعلق بحقوق مواطنيه وفاتورة انسحاب بريطانيا والحدود الآيرلندية، مما يسمح بانتقال المفاوضات إلى المرحلة التالية.
وكانت بريطانيا قد أبرمت الأسبوع الماضي اتفاقا أوليا لنقل محادثات الخروج من الاتحاد الأوروبي إلى مرحلة ثانية بموافقتها على شروط بشأن الأموال التي يتعين عليها سدادها للخروج من الاتحاد وبشأن حقوق المواطنين والمسألة الشائكة المتعلقة بالحدود بين آيرلندا الشمالية وآيرلندا.
وخلال جلسة نقاش صباح أمس الأربعاء في ستراسبورغ، سبقت عملية إصدار القرار وشارك فيها ميشال بارنيية كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي، وأيضا نائب رئيس المفوضية الأوروبية فرنس تيمرمانس، شدد البرلمانيون على ضرورة تعزيز الثقة بين الطرفين للوصول إلى اتفاق حول انسحاب منظم لبريطانيا وترتيب العلاقات المستقبلية معها. لكن وفي نظر البعض في بروكسل فإن اتفاق الأسبوع الماضي بخصوص القضايا الشائكة قوّضه تصريح لديفيد ديفيز وزير شؤون الانسحاب من الاتحاد الأوروبي في بريطانيا قال فيه إن الاتفاق يعد «إعلان نيات» وليس خطوة مُلزمة قانونيا. لكن ديفيز قال بعدها إنه يرغب في تحويل الاتفاق سريعا إلى نص قانوني.
وأعرب رئيس البرلمان الأوروبي عن تفاؤله بشأن المرحلة التالية من المفاوضات وقال: «يجب أن نضمن أن التقرير المشترك الذي جرى تقديمه الأسبوع الماضي يترجم تماما، ولن تجري مناقشات حول العلاقة المستقبلية إذا لم تنفذ المبادئ الواردة في هذا الاتفاق الأولي».
ونوه بأن تحقيق تقدم كاف لا يعني أن جميع المشكلات قد حلت أيضا، ملمحا بأن القرار الذي صدر عن البرلمان الأوروبي يتضمن تفاصيل بشأن شواغل البرلمان. وقال: «سوف نتابع عن كثب خصوصا القضايا المتعلقة بحقوق المواطنين بما في ذلك الإجراءات الإدارية المعمول بها في المملكة المتحدة لحماية وضعهم الخاص وأيضا الحل المقترح لقضية آيرلندا الشمالية، ونتطلع إلى إظهار موقفنا إلى قادة دول الاتحاد التي تنعقد الخميس والجمعة في بروكسل».
ومن جانبه، قال جياني بيتيلا، رئيس كتلة الأحزاب الاشتراكية والديمقراطية في البرلمان، وهي ثاني أكبر الكتل السياسية: «لن نقبل أي اتفاق أوروبي بريطاني يقلل من المعايير الأساسية أو يقوض النموذج الاجتماعي الأوروبي».
وكان ميشيل بارنييه قد أكد، في مداخلته، أن التقدم الكافي في المفاوضات لا يعني تقدما كاملا، وأن على بريطانيا البحث عن ترجمة عملية لتعهداتها خصوصا فيما يتعلق بشكل العلاقة ما بين آيرلندا وآيرلندا الشمالية. ونوه المفاوض الأوروبي بأن الاتحاد ينتظر من رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي، حلولا استثنائية بشأن التزامها عدم إقامة حدود عملية فعلية بين طرفي آيرلندا. وشدد بارنييه على أن اتفاق «بريكست» سيكون مرفقا بإعلان سياسي حول شكل العلاقة بين الطرفين «ولكن هذا لا يعني أننا سنوقع اتفاقا تجاريا على الفور، فالأمر سيستغرق وقتا ومن هنا أهمية المرحلة الانتقالية»، على حد تعبيره.