صواريخ بيونغ يانغ و«ثاد» في قمة بكين

تتفق بكين مع سيول على أنه على كوريا الشمالية التخلي عن برنامجها النووي والتوقف عن اختبار صواريخ باليستية طويلة المدى إلا أن رؤيتهما مختلفة بشأن كيفية تحقيق ذلك. بكين تفضل العقوبات المخففة والمفاوضات والابتعاد عن أن أي استفزازات عسكرية، أما سيول، ورغم تأكيدها على المفاوضات وحل النزاع سلميا، فإنها تصر على أن مناوراتها العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة واليابان من خصوصياتها، وتطالب بعقوبات صارمة ضد جارتها الشمالية.
ولهذا فإن ضبط سلوك بيونغ يانغ سيكون على قمة جدول أعمال رئيس كوريا الجنوبية مون جيه - إن عندما يزور بكين غدا الخميس. لكن مون يطمح أيضا في إذابة الجليد في العلاقات بين البلدين حول نشر سيول نظام «ثاد» الأميركي المضاد للصواريخ. وتشعر الصين على وجه الخصوص بالغضب بسبب نشر نظام الدفاع الصاروخي الأميركي في كوريا الجنوبية، وقالت إن نظام الرادار القوي به يمكن أن يكشف العمق الصيني ولن يفعل شيئا لتخفيف التوتر مع كوريا الشمالية. وفي ثالث اجتماع له منذ بداية العام الحالي مع الرئيس الصيني شي جينبينغ يوم الخميس في بكين من المتوقع أن يؤكد مون مجددا، على اتفاق وقعته كوريا الجنوبية مع الصين في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) بشأن تطبيع التبادلات وتجاوز الخلاف بشأن نظام ثاد الذي عرقل التبادلات التجارية بين البلدين. وعرقل الخلاف بشأن نظام ثاد النمو الاقتصادي لكوريا الجنوبية خاصة في قطاع السياحة، حيث توقفت الوفود السياحية الجماعية من الصين بينما أُلغيت رحلات الطيران الخاصة من كوريا الجنوبية. وبينما ما تزال الصين تعارض نظام ثاد، قالت إنها تتفهم قرار كوريا الجنوبية بنشره. وفي مقابلة مع التلفزيون الرسمي الصيني يوم الاثنين الماضي قال مون، كما جاء في تقرير «رويترز»، إن وجود نظام ثاد ضروري بسبب التهديد المستمر من جانب كوريا الشمالية لكنه أكد أنه لن يستخدم ضد الصين.
وتعارض اليابان هي الأخرى من جهتها إجراء محادثات مع كوريا الشمالية حتى تظهر نية واضحة للتخلي عن برامج التسلح. رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عبر للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن معارضته لإجراء محادثات مع كوريا الشمالية وسيحث بدلا من ذلك على تكثيف الضغوط عليها لحملها على التخلي عن برامجها للتسلح. ويحضر غوتيريش في طوكيو لإلقاء كلمة اليوم الأربعاء في مؤتمر عن التغطية الصحية العالمية. وقال مسؤول حكومي ياباني طلب عدم نشر اسمه لوكالة «رويترز»، إذ إنه غير مصرح له بالتصرف كمتحدث باسم الحكومة: «رئيس الوزراء يريد أن يؤكد مع غوتيريش على أن الوقت قد حان لتكثيف الضغوط على كوريا الشمالية».
وأثيرت مسألة إجراء حوار لتخفيف التوتر بشأن برامج التسلح في كوريا الشمالية الأسبوع الماضي عندما قام جيفري فيلتمان مسؤول الشؤون السياسية بالأمم المتحدة بزيارة نادرة من نوعها ليصبح أكبر مسؤول من الأمم المتحدة يزور كوريا الشمالية منذ 2012.
وبعد زيارته حث فيلتمان، كما نقلت عنه وكالة «رويترز»، على فتح قنوات لتخفيف مخاطر الصراع. وقال غوتيريش في أحاديث مع وسائل إعلام يابانية الأسبوع الماضي، إنه مستعد للمساعدة في حوار جاد بين كوريا الشمالية واليابان والولايات المتحدة ودول أخرى.
وأجرت كوريا الشمالية أحدث اختباراتها لصاروخ باليستي يوم 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الذي قالت إنه صاروخها الأكثر تطورا حتى الآن والقادر على الوصول إلى البر الأميركي. وتقول كوريا الشمالية إن برامجها للتسلح ضرورية للتصدي لأي عدوان أميركي.
ومن المناورات التي تعتبرها بيونغ يانغ استفزازية هو ما قامت به مقاتلات يابانية من طراز إف - 15 أجرت أمس الثلاثاء تدريبات مع قاذفات ومقاتلات أميركية فوق بحر الصين الشرقي جنوب شبه الجزيرة الكورية. وكان التدريب هو الأكبر في سلسلة تهدف إلى الضغط على كوريا الشمالية. وقالت قوات الدفاع الجوي في بيان: «كان الهدف من التدريب تعزيز العمليات المشتركة ورفع القدرات القتالية».
ومن جانب آخر، أعلن مسؤول في الهجرة اليابانية لوكالة الصحافة الفرنسية أمس الثلاثاء، أنه سيتم ترحيل ستة من أصل عشرة «صيادين» كوريين شماليين إلى بلادهم كان تم إنقاذهم لدى جنوح قاربهم الخشبي قبالة سواحل اليابان. وتم توقيف ثلاثة من أفراد الطاقم بعدما اعترفوا وفق تقارير إعلامية بأنهم أخذوا أجهزة إلكترونية من جزيرة يابانية نائية. ويعتقد أنهم سرقوا عدة أدوات بينها برادات وأجهزة تلفزيونية وحتى مقبض باب. وتصل عشرات قوارب الصيد الكورية الشمالية إلى سواحل اليابان كل عام، لكن خفر السواحل الياباني سجلوا الشهر الماضي 28 حالة، وهو أعلى عدد شهري منذ بدأ الإحصاء عام 2014. وحذر بعض الخبراء من أنه فور ترحيلهم، قد يواجه الصيادون الإعدام حيث تخشى السلطات الكورية الشمالية من أن يكونوا تحولوا إلى جواسيس لليابان.
وقال مسؤول آخر في الهجرة شين هاردا لوكالة الصحافة الفرنسية: «لن نعلق على مسألة إن كانوا يرغبون بالعودة إلى بلادهم أو لا»، مضيفا: «لم أسمع قط بحدوث إعدامات».