وزير الداخلية الألماني يرى بلاده أكثر أمناً

بعد عام على عملية الدهس الإرهابية في برلين، قال وزير الداخلية الاتحادي توماس دي ميزيير إن ألمانيا حققت تقدماً على صعيد استتاب الوضع الأمني في الداخل.
وعدّ الوزير أمس (الاثنين) أن كل الخطوات الإيجابية التي تحققت على الصعيد الأمني «دروس» من عملية الدهس التي أودت بحياة 12 شخصاً. وأشار إلى أن الوزارة زادت من عدد رجال الشرطة، وحققت تنظيماً أفضل، وسنت قوانين أشد ضد الإرهاب.
وأضاف الوزير في تصريح لمجموعة «فونكه» الإعلامية: «اتخذنا كثيرا من الإجراءات على صعيد قانون التسفير القسري والإبعاد، وإقامة نظام أوروبي مشترك لتبادل البيانات».
وردا على الأسئلة المتعلقة بإخفاق الشرطة في اعتقال أنيس العامري، منفذ عملية الدهس الإرهابية، أشار دي ميزيير إلى أن السلطات نجحت هذه السنة في إحباط كثير من العمليات الإرهابية. وقال: «لدينا عدد غير مسبوق من التحقيقات الجنائية، والمحاكم، وأحكام السجن». وأردف الوزير: «ولكنني أقول بمرارة إنني لا أستطيع استبعاد حصول عملية إرهابية جديدة في ألمانيا».
يذكر أن التونسي أنيس العامري (26 سنة) قاد شاحنة في أعياد الميلاد بساحة برايتشايدت في برلين يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) 2016، وقتل دهسا 12 شخصاً وأصاب أكثر من 70 آخرين. ونجح العامري في الهروب من ألمانيا والوصول إلى إيطاليا حيث تعرف عليه شرطيان في ميلانو وأردياه قتيلاً.
وكشف محقق خاص، بتكليف من البرلمان الألماني، عن سلسلة من القصور لدى سلطات الأمن، التي أخرجت اسم العامري من قائمة «الخطرين» وأوقفت الرقابة المفروضة عليه رغم ميوله المتطرفة المعروفة. واتضح من التحقيق أيضاً أنه مطلوب بسبب جرائم سابقة، وكانت مبررات سجنه وتسفيره قسراً إلى بلاده متوفرة.
على صعيد متصل، ذكرت الحكومة الألمانية أنه لم يتم تحقيق نصر دائم ضد تنظيم داعش حتى الآن، على الرغم من أوجه النجاح التي تم تحقيقها في مكافحة التنظيم في العراق. وقال نائب المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية راينر برويل، أمس بالعاصمة الألمانية برلين، إنه تم هزيمة التنظيم الإرهابي في المنطقة، إلا أنه لا يزال يمثل «خطراً كبيراً غير متماثل في البلاد». والمقصود بذلك أنه على الرغم من أن تنظيم داعش لم يعد يسيطر على أي مناطق في العراق، فإنه لا يزال من الممكن أن ينشر إرهابه عن طريق شن هجمات.
وأكد برويل قائلاً: «لم يتم تحقيق النصر الدائم ضد (داعش) حتى الآن». لذا تعتزم الحكومة الألمانية التمسك بمشاركة الجيش الألماني في مكافحة «داعش».
وتأتي تصريحات الوزير دي ميزيير، من الحزب الديمقراطي المسيحي، بعد ساعات فقط من الكشف عن إحباط جديد للسلطات الأمنية في قضية العامري؛ إذ كشف برنامج خاص بعملية الدهس، بثته القناة الأولى في التلفزيون الألماني مساء الأحد الماضي، أن العامري لم يكن «ذئباً منفرداً»، وإنما نفذ العملية بإيعاز من خلية إرهابية سرية تعمل في ألمانيا.
واعتمد البرنامج على تقرير لشرطة الجنايات في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، يتهم العامري بتنفيذ العملية الإرهابية بإيعاز من عراقي الأصل أحمد عبد العزيز عبد الرزاق (أبو ولاء)، الذي تجري محاكمته في مدينة سيلله بتهمة الإرهاب.
ويشير التقرير أيضاً إلى «علاقة خاصة» للعامري بالمدعو «أبو ولاء»، وصلات وثيقة لمنفذ العملية الإرهابية بتنظيم «حلقة المسلمين الناطقين بالألمانية» المحظور، الذي ينشط في ولايتي الراين الشمالي فيستفاليا وسكسونيا السفلى، بقيادة «أبو ولاء».
ويتحدث التقرير عن مكالمة طالت إلى 30 دقيقة بين العامري و«أبو ولاء» سبقت تنفيذ العملية، ويرجح أنها جرت حول «شرعية» تنفيذ مثل هذه العمليات دينياً. ويمثل «أبو ولاء» و4 من أعوانه أمام محكمة سيلله بتهمة دعم تنظيم إرهابي، وتجنيد مقاتلين لصالح تنظيم «داعش» للقتال في العراق وسوريا، والتخطيط لعمليات إرهابية في ألمانيا. وعدّت النيابة العامة «أبو ولاء»؛ «رجلَ (داعش) الأول» و«اليدَ الطولى» للإرهابيين في ألمانيا.
على صعيد متصل، حذر هانز جورج ماسن، رئيس دائرة حماية الدستور الاتحادية (مديرية الأمن العامة)، من «دواعش» القوقاز في ألمانيا وأوروبا. وقال ماسن إنه يرى خطراً متزايداً من إرهابيين متمرسين في القتال من شمال القوقاز شاركوا في القتال في الشيشان وفي العراق وسوريا. وقدر ماسن عدد المتشددين من الشيشان وداغستان وإنغوشيا بنحو 500، ويتميزون بميلهم للعنف، وإجادتهم الرياضات القتالية، ومهارتهم في استخدام السلاح. وحذر رئيس الأمن من أن الخطر الناجم عن هؤلاء الدواعش يستدعي أقصى الحذر من قبل السلطات الأمنية. وينتشر القوقازيون المتشددون في شرق ألمانيا، بحسب ماسن، خصوصاً في ولايتي برلين وبراندنبورغ. ولكن هناك تنظيمات لهم في الراين الشمالي فيستفاليا وهامبورغ وبريمن.
إلى ذلك، تبحث الشرطة الألمانية عن صاحب مجموعة كبيرة من الذخائر تم العثور عليها داخل مرأب في برلين. وكان مستأجر المرأب عثر على الذخائر أول من أمس وأبلغ الشرطة. والذخائر التي تم العثور عليها هي 200 طلقة من عيار 65.‏7، ويوجد المرأب بالقرب من سوق لأعياد الميلاد (الكريسماس) عند قصر «شارلوتنبورغ». وقال متحدث باسم الشرطة إن وجود الذخائر هناك محض صدفة على الأرجح.