جوزيه مورينيو يواجه غداً السؤال الأصعب هذا الموسم... كيف توقف زحف سيتي؟

لو خسر مانشستر يونايتد مباراته المقبلة في الدوري الإنجليزي الممتاز أمام مانشستر سيتي غداً على ملعب أولد ترافورد، سوف يتسع الفارق بين الفريقين إلى 11 نقطة كاملة، وتنتهي المنافسة على لقب الدوري الإنجليزي الممتاز، وينتهي معه سجل المدير الفني البرتغالي جوزيه مورينيو المتمثل في الفوز بلقب الدوري مع كل الأندية التي تولى تدريبها في الموسم الثاني له مع تلك الفرق.
ولو حقق مانشستر سيتي الفوز في مباراته الرابعة عشرة على التوالي في الدوري الإنجليزي الممتاز - وهو رقم قياسي بالنسبة لعدد مرات الفوز المتتالية خلال موسم واحد - فقد يكون لذلك تداعيات كبيرة تتجاوز نهاية هذا الموسم. لقد نجح المدير الفني الإسباني جوسيب غوارديولا في تطبيق فلسفته في ملعب الاتحاد، واستغلال المهارات والإمكانات الكبيرة للاعبي فريقه وتطويعها لفكره التكتيكي والخططي. وفي ضوء ما نعرفه عن عادة مورينيو في إثارة المشاكل في الموسم الثالث له مع أي فريق، واحتمال حدوث مزيد من الاضطرابات في تشيلسي في الصيف المقبل، وتنامي الشعور بعدم الرضا بين اللاعبين الشباب لتوتنهام هوتسبير بسبب رؤيتهم للاعبي الفرق المنافسة، وهم يحصلون على مبالغ مالية أعلى منهم بكثير، في ضوء كل ذلك ربما يجد مانشستر سيتي نفسه من دون أي منافس حقيقي على المدى القصير والمتوسط.
ولذا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: كيف يتمكن مورينيو من إيقاف مانشستر سيتي وزحفه السريع نحو تحقيق اللقب؟ لقد حقق مانشستر سيتي الفوز في مبارياته الثلاث الأخيرة في الدوري الإنجليزي الممتاز بنتيجة هدفين مقابل هدف وحيد بعد إحراز هدف في وقت متأخر من تلك المباريات. وقد نجحت الفرق المنافسة بتلك المباريات الثلاثة في غلق مساحات الملعب والحد من سرعة رحيم ستيرلينغ وليروي ساني، بل والتعامل بنجاح مع لاعبين لديهم مهارات كبيرة في التمرير مثل ديفيد سيلفا وكيفين دي بروين. ورغم كل ذلك، لم يتمكن أي فريق آخر، باستثناء إيفرتون، من إيقاف مانشستر سيتي والخروج بنتيجة إيجابية أفضل من الهزيمة بهدف في الوقت القاتل من عمر المباراة. لكن تحقيق الفوز بهذه الطريقة المتعثرة في المباريات الأخيرة يشير إلى أنه ليس من المستحيل تحقيق نتيجة إيجابية أمام مانشستر سيتي.
ولحسن حظ مورينيو، فإن اللعب بتحفظ دفاعي شديد وغلق المساحات في منتصف الملعب بالعديد من اللاعبين والسماح للخصم بالاستحواذ على الكرة بعيداً عن منطقة الخطورة يتماشى تماماً مع الطريقة التي يتبعها المدير الفني البرتغالي أمام الفرق الكبرى خارج ملعبه، وهو ما يتضح أيضاً من وصف دييغو توريس للمدير الفني السابق لنادي ريـال مدريد في سيرته الذاتية، وما ظهر جلياً أيضاً خلال مباراة الفريق أمام ليفربول هذا الموسم. لكن لسوء حظ مورينيو، فإن مباراة الدربي أمام مانشستر سيتي ستقام على ملعب أولد ترافورد بين أنصار مانشستر يونايتد الذين لن يقبلوا اللعب بهذه الطريقة الدفاعية البحتة على ملعبهم، وحتى لو قبلوا اللعب بهذه الطريقة في حال كان فريقهم متقدماً في النتيجة، فإنهم لن يتقبلوها في حال تحقيق نتيجة سلبية. ولسوء حظ مورينيو أيضاً أنه يفكر بطريقة أن «من يستحوذ على الكرة يسيطر عليه الخوف»، لكنه هذه المرة سيلعب أمام فريق وصل معدل تمريرات لاعبيه الصحيحة هذا الموسم إلى 88 في المائة، وهو ما يعني أنه فريق لا يهاب ولا يخاف من استحواذه على الكرة، بل العكس هو الصحيح.
ولم يعتمد مورينيو على اللعب بثلاثة مدافعين في الخط الخلفي إلا في المباريات التي تلعب فيها الفرق المنافسة بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي أيضاً - سيسكا موسكو الروسي وآرسنال وواتفورد وتشيلسي وتوتنهام هوتسبير - لكن يبدو من المرجح أنه سيلعب بثلاثة لاعبين في الخط الخلفي أمام مانشستر سيتي، بسبب العناصر المتاحة في فريقه. فلو كان مروان فيلايني لائقاً فهناك فرصة للدفع به بجانب نيمانيا ماتيتش في مركز خط الوسط المدافع، على أن يتقدم أندير هيريرا للأمام في طريقة لعب 4 - 3 - 3 تتحول في بعض الأوقات إلى 4 - 2 - 3 - 1. لكن من الصعب أن تتخيل أنه سيتحلى بالجرأة اللازمة للعب بطريقة 4 - 2 - 3 - 1، والدفع بأربعة لاعبين من أصحاب المهارات الكبيرة. إن وجود لاعب احتياطي إضافي في الخط الخلفي من شأنه، على أي حال، أن يساعد على تقوية المنطقة الدفاعية التي لن يسمح فيها للاعبي مانشستر سيتي بإيجاد مساحات للتحرك فيها.
ولو تمكن مانشستر يونايتد من «خنق» مانشستر سيتي وتضييق المساحات أمام لاعبيه، فهناك الكثير من الدلائل التي تشير إلى إمكانية تسجيل مانشستر يونايتد أهدافاً في تلك المباراة. إن الفلسفة التي يطبقها غوارديولا تعني أن فريقه يكون دائماً عرضة للخطر لو تمكن الفريق المنافس من الضغط المبكر عليه. ولا تستطيع معظم الفرق القيام بذلك، أو تتعرض لضغط كبير وتكون عاجزة عن التعامل مع طريقة مانشستر سيتي وتحركات لاعبيه التي تجعل الفريق المنافس غير قادر على اتخاذ المبادرة، ويتحول مع الوقت إلى رد فعل، وهذا هو السبب الذي يجعل مانشستر سيتي يملك ثاني أقوى خط دفاع في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكنه رغم ذلك استقبل أهدافاً في مبارياته الثلاث الأخيرة.
وكان الهدف الذي سجله لاعب وستهام يونايتد أنجيلو أوبينا في مرمى مانشستر سيتي على ملعب الاتحاد يوم الأحد الماضي، هو أول هدف يدخل مرمى مانشستر سيتي من ضربة رأس خلال الموسم الحالي، لكن لاعبي مانشستر سيتي لا يتمتعون بالطول الفارع، ولذا ستكون الضربات الثابتة لمانشستر يونايتد مصدر خطورة كبيرة على دفاعات مانشستر سيتي في ظل وجود روميلو لوكاكو، وربما فيلايني. وخلال مباراة مانشستر يونايتد أمام كل من واتفورد وآرسنال، ظهر الثنائي بول بوغبا وخيسي لينغارد بصورة رائعة وأظهرا قدراً كبيراً للغاية من التفاهم فيما بينهما، ولذا فإن مانشستر يونايتد سوف يفتقد كثيراً لخدمات بوغبا، على الأقل من هذه الزاوية، الذي سيغيب عن تلك المباراة بسبب الإيقاف بعد حصوله على البطاقة الحمراء في المباراة الماضية.
وفي الحقيقة، كان بوغبا يسيطر على خط الوسط بسبب مهاراته وإمكاناته الكبيرة، وقدرته على الربط بين خط الدفاع وخط الهجوم. وفي ظل غياب بوغبا، سوف يعتمد مانشستر يونايتد على اللعب المباشر واستغلال قدرات لوكاكو في ألعاب الهواء.
وقد حقق مانشستر يونايتد الفوز على توتنهام هوتسبير بهذه الطريقة، ولعب بتحفظ دفاعي كبير وقدم أداءً محبطاً، رغم أنه من المستبعد أن يستسلم مانشستر سيتي في حال اهتزاز شباكه بهدف كما حدث مع توتنهام هوتسبير. وسوف ينطلق مارسيال ولينغارد من الخلف للأمام، وهو ما سيكون بمثابة اختبار حقيقي لقدرات فيرناندينيو الدفاعية بصفة خاصة، والتنظيم الدفاعي لمانشستر سيتي بصفة عامة. لكن الأمر لا يتعلق بما إذا كان مانشستر سيتي سيكون قادراً على منع مانشستر يونايتد من التسجيل أم لا، لكنه في الواقع يتعلق بقدرة مانشستر يونايتد على التعامل مع الموجات الهجومية التي لا تنتهي من جانب لاعبي مانشستر سيتي. وقد تلقي نتيجة هذه المباراة بظلالها على كرة القدم الإنجليزية خلال الثلاث أو الأربع سنوات المقبلة.
ومع تنامي المنافسة بين غوارديولا مدرب برشلونة السابق ومورينيو مدرب ريـال مدريد السابق خلال فترتهما معاً في إسبانيا، فإن مواجهة الغد يتوقع أن تكون ممتعة. وكان آخر فريق نجح في الفوز على يونايتد في «أولد ترافورد» هو سيتي في سبتمبر (أيلول) 2016، وتكرار هذا الأداء سيجعل النادي، الذي وصفه أليكس فيرغسون مدرب يونايتد السابق يوماً بأنه «الجار المزعج»، متقدماً بفارق 11 نقطة على القمة.
ويقدم سيتي كرة قدم ممتعة هذا الموسم بأسلوب غوارديولا المميز في اللعب، الذي نجح من خلاله في أنديته السابقة، وجنى ثمار نجاح متوقع بعد تذبذب مستوى الفريق في الموسم الماضي المخيب. لكن بينما مني يونايتد بهزيمتين خارج ملعبه أمام هدرسفيلد تاون وتشيلسي فإنه يبدو مثل البطل على ملعبه. وتضمنت مسيرته الخالية من الهزائم في 40 مباراة الفوز في 29 والتعادل 11 مرة، وسجل خلالها 85 هدفاً واستقبل 17 هدفاً فقط.
وهذا الموسم خاض يونايتد بملعبه سبع مباريات في الدوري فاز بها كلها، وسجل 20 هدفاً مقابل هدف واحد في مرماه.
ونظراً للفجوة بين الناديين في الترتيب، سيكون من المثير رؤية ما إذا كان مورينيو سيحافظ على عادته في اللعب بأسلوب دفاعي ضد منافسيه على اللقب، وهي طريقة واجهت العديد من الانتقادات بعد التعادل من دون أهداف في ليفربول في أكتوبر (تشرين الأول). لكن بوغبا يقول إن يونايتد سيدخل المباراة بأسلوب إيجابي. وقال اللاعب الفرنسي: «نريد الفوز. نحن بحاجة للانتصار أيضاً. سيتي بحاجة للفوز لأنه يعرف أننا خلفه ونقترب».