روحاني إلى «حوار» إقليمي وخامنئي يريد تنامي القدرات العسكرية

رهن الرئيس الإيراني حسن روحاني تسوية أزمات الشرق الأوسط بـ«حوار» مختلف الأطراف الإقليمية بعيدا عن «التدخل الخارجي»، معربا عن اعتقاده بأن «السبيل الوحيدة لتعزيز الأمن الإقليمي هي تنمية التعاون الاقتصادي والعلمي والثقافي بين دول المنطقة».
وحاول روحاني في خطابه أمس خلال تدشين المرحلة الأولى من مرفأ «تشابهار» في محافظة بلوشستان جنوب شرقي البلاد، التحدث بلغة «الاعتدال»، وهو الشعار الذي يردده منذ فوزه بالانتخابات الرئاسية للمرة الأولى في صيف 2013، وقال: «نرى أنه إذا كانت هناك مشكلة في المنطقة، فيمكن أن تحل بالحوار».
وحرص روحاني على توجيه رسائل باتجاه الضفة الأخرى من بحر عمان إضافة إلى رسائل داخلية، وجهت بالمقام الأول إلى الأقليات الدينية والقومية التي تطالب بتحسين أوضاعها الداخلية... فمن جهة؛ حاول تبديد الشكوك في التزامه بشعاراته في الانتخابات الأخيرة، خصوصا على صعيد تحسين علاقات إيران بدول الجوار، الذي برز مطلبا شعبيا وورقة راهن عليها المتنافسون في انتخابات الرئاسة الأخيرة التي انتهت بفوز روحاني بفترة رئاسية ثانية. وعاد الرئيس الإيراني مرة أخرى إلى إصرار حكومته على إقامة علاقات تجارية وتحسين الوضع الاقتصادي عبر تشجيع الاستثمار.
في السياق نفسه، اختار روحاني التقليل من أهمية الأزمات الحالية في المنطقة، متجاهلا التعليق على الدعوات الإقليمية والدولية لإيران بشأن إعادة النظر في سلوكها بمنطقة الشرق الأوسط، وقال إن «البعض كانوا يعتقدون أن منطقتنا منطقة حرب ونزاع ومواجهة بين الشيعة والسنة وحضور القوات الأجنبية، لكن اليوم لا أثر لأي من هذه القضايا».
وضمن التصريحات التي نقلتها وكالة «إيرنا» الرسمية، أشار روحاني إلى نوايا إيرانية للربط بين ميناء «تشابهار» ودول البحر الأسود وأوروبا الشرقية.
ورأى روحاني أن تدشين مرفأ «تشابهار»... «للتعامل والوحدة بين دول المنطقة»، مضيفا أن «دول المنطقة يمكنها التقارب عبر هذه الطرق. نحن لدينا تجربة الصداقة لقرون مع دول المنطقة، وكانت علاقاتنا على أساس التعايش السلمي». وتابع: «يجب أن نفكر جميعا بالوحدة والتضامن في المنطقة. لا توجد طريق غير الاعتدال، والتطرف والعنف باسم أي بلد ستكون نهايته الخسائر والدمار».
وقال روحاني: «لا يمكن لأي بلد أن يدعي أنه القوة المهيمنة على المنطقة (...) حتى القوى الكبرى لم تتمكن من تحقيق مثل هذا الهدف». كما نفى روحاني ضمنيا وجود أي توتر أمني في المناطق البلوشية حيث تنشط جماعات مناوئة للنظام الإيراني ودارت بينها وبين قوات «الحرس الثوري» معارك دامية على مدى السنوات الثلاث الماضية. وقال: «في بعض الأحيان تشهد مناطق الجنوب وغرب وشمال البلاد مشكلات في الفترات الماضية، لكن أقل المشكلات كانت في شرق إيران».
على خلاف ما ذكره روحاني، تشير إحصاءات غير رسمية إلى أن القوات الإيرانية فقدت أكثر من 150 من قواتها خلال العامين الماضين في مواجهات عسكرية في المناطق الحدودية؛ أكثرهم في المناطق الحدودية الشرقية التي تشهد نشاط الجماعات البلوشية المعارضة للنظام. ومن شأن ميناء «تشابهار» أن يقدم دفعة لمشروعات تخطط لها الحكومة الإيرانية لتنمية العلاقات التجارية مع أفغانستان وجيرانها في الشمال، خصوصا ممر الشمال – الجنوب، حيث تخطط طهران لتدشينه ولفتح خط تجاري يهدف إلى تعميق العلاقات الاستراتيجية مع أذربيجان وروسيا.
وتتهم أوساط بلوشية «الحرس الثوري» بتدشين مشروعات تستهدف التركيبة السكانية لتلك المناطق. وتقول الحكومة الإيرانية إن مشروعاتها تهدف إلى مكافحة البطالة ورفع الحرمان عن تلك المناطق، وهو ما يشكك فيه أهل تلك المناطق.
وزيارة روحاني إلى محافظة بلوشستان هي الأولى له بعد مضي مائة يوم على بداية فترته الرئاسية الثانية. وطالب روحاني بالاعتراف رسميا بالقوميات والشعوب ودول الجوار «تحت مظلة الثقافة الوطنية»، مؤكدا أنه «لا يمكن بالعنف أن نهدي أحدا من مسار إلى آخر. إذا كان شخص يعتقد أن دينه وطائفته الأفضل، فيجب أن يثبت جماليات دينه بالعمل».
وذهب روحاني إلى أبعد من ذلك عندما خاطب أطرافا داخلية من دون أن يذكرها بالاسم، قائلا: «قوتنا مرهونة بقوة المنطقة وليس دولا بعينها. إذا كانت المنطقة قوية؛ فبإمكاننا أن نتمتع بالأمن والقوة».
وبالتزامن مع خطاب روحاني، التقى الرجل الأول في النظام الإيراني المرشد علي خامنئي، قادة القوات المسلحة في طهران. وشدد خامنئي في تصريحات تناقلتها وكالات الأنباء الإيرانية، على أنه «لا نهاية لخصومة الأعداء مع الشعب والنظام»، مضيفا أن الوقوف بوجه المعارضة التي تواجه النظام الإيراني «مرهون بالقوة وتنمية قدرات القوات العسكرية»، مشددا على «حاجة القوات المسلحة الإيرانية إلى أفضل طاقة بشرية من حيث الفكر والعمل والعزم لصيانة النظام».