رجل أعمال تركي يتهم إردوغان بالتورط في انتهاك العقوبات على إيران

واصلت أنقرة هجومها على النظام القضائي الأميركي بسبب قضية انتهاك العقوبات الأميركية على إيران، التي تحوّل فيها تاجر الذهب التركي من أصل إيراني رضا ضراب إلى شاهد، وأدلى باعترافات تؤكد تورط بنك خلق الحكومي التركي في عمليات غسل أموال لصالح إيران ادّعى أنها تمت بأوامر من الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي كان رئيسا للوزراء في الفترة التي تدور حولها الاتهامات (2010 إلى 2015).
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم إنه يأمل في تراجع ضراب عن الخطأ الذي ارتكبه بتعاونه مع الادعاء الأميركي كشاهد، وأكد مجددا أن دوافع سياسية تكمن وراء محاكمة الولايات المتحدة لنائب رئيس بنك خلق التركي السابق محمد هاكان أتيلا والذي قبل ضراب أن يكون شاهدا عليه في القضية.
وقال يلدريم في لقاء شعبي بإسطنبول أمس (الجمعة) إن المحاكمة الجنائية التي تجري في نيويورك تهدف إلى السيطرة على تركيا واقتصادها.
وقال ضراب لهيئة محلفين أميركية في نيويورك أول من أمس (الخميس) إن الرئيس رجب طيب إردوغان أشرف على تحويل أموال في برنامج لتفادي عقوبات تفرضها الولايات المتحدة على إيران، وهو ما نفاه إردوغان مؤكدا أن بلاده لم تخرق العقوبات الأميركية التي كانت مفروضة على إيران، لافتا إلى وجود علاقات مع إيران في مجالات الاقتصاد والطاقة، وأن تركيا لم تقم بالإخلال بالعقوبات المفروضة على إيران. وأضاف: « لتكن نتيجة المحاكمة ما تكون... نحن فعلنا ما نراه مناسباً وصحيحاً».
وأفاد ضراب (34 عاما) الذي اعتقل في مارس (آذار) 2016 في مطار ميامي ويتعاون مع القضاء الأميركي حاليا، بأن إردوغان كان يعلم بعلاقاته مع بنك «خلق» الحكومي لمساعدة إيران على الالتفاف على العقوبات الأميركية، عبر خطط معقدة لتبييض العائدات الناجمة عن مبيعات النفط والغاز الإيرانية.
وأضاف أن إردوغان الذي كان رئيسا للوزراء أصدر في أكتوبر (تشرين الأول) 2012 «تعليمات» إلى بنكين حكوميين آخرين، هما بنكي « الزراعة» و«الأوقاف»، بالمشاركة في هذه الخطة التي كان بنك خلق معبرا رئيسيا لتنفيذها. وأشار إلى أنه قام أولا بتبييض عائدات محروقات إيرانية بيعت إلى تركيا، ثم وسع بنك خلق برنامجه إلى المحروقات الإيرانية التي تباع إلى دول أخرى، من بينها الهند وإيطاليا. وحاول تطبيق هذا النظام في الصين. لكن البنوك الصينية التي استضافت الشركات الظاهرية اللازمة لإخفاء المصدر الإيراني للأموال «أوقفت كل شيء عندما تنبهت إلى مشاركة إيران».
وتبيّن أن ضراب، الذي اختفى منذ شهرين رغم محاولات الحكومة التركية معرفة مكانه، سواء عبر القنوات الدبلوماسية أو مساع استخباراتية، خضع لبرنامج حماية الشهود الذي تمنحه السلطات الفيدرالية الأميركية عادة للمتهمين الذين قرروا التعاون معها.
وبحسب وسائل إعلام أميركية وتركية وأخرى أجنبية، أدلى ضراب باعترافات خطيرة وشرح للمحكمة، التي بدأت نظر القضية الثلاثاء الماضي حيث يمثل 8 أشخاص منهم نائب رئيس بنك خلق السابق محمد هاكان أتيلا الذي أوقف في أميركا في مارس الماضي، كيف قدم رشوة تراوحت بين 45 و50 مليون يورو إلى وزير الاقتصاد التركي السابق ظافر تشاغلايان، الذي كان وزيراً في حكومة رئيس الوزراء رجب إردوغان. وواجهت هذه الحكومة فضائح فساد كبرى، بين 17 و25 ديسمبر (كانون الأول) 2013. واستقال على إثرها تشاغلايان و3 وزراء آخرون بطلب من إردوغان الذي اتهم حليفه السابق الداعية التركي المقيم بأميركا فتح الله غولن وحركة الخدمة التابعة له بتدبيرها للإطاحة بحكومته، وكان ضراب هو المتهم الأبرز فيها وأغلقت فيها التحقيقات بأوامر من إردوغان وتم عزل أو نقل رجال الشرطة والادعاء العام المشاركين فيها.
وأوضح ضراب أنه دفع تلك المبالغ لتشاغلايان في صورة مبالغ نقدية وهدايا ثمينة وحوالات بنكية، وأنه حصل أيضاً على مساعدة من وزير شؤون الاتحاد الأوروبي التركي السابق إيجمان باغيش (استقال أيضا على خلفية تحقيقات الفساد والرشوة)، لفتح حساب بنكي في المصرف المركزي التركي، بعدما رفض الأخير طلبه في وقت سابق.
وتقول مصادر أميركية إن قضية ضراب في طريقها إلى التحول لفضيحة سياسية واقتصادية كبرى، وقد تترك أثراً كبيراً على العلاقات التركية - الأميركية، خصوصا أن السلطات الفيدرالية تطالب بنك خلق التركي بدفع غرامات مالية تصل إلى 10 مليارات دولار، جراء خرقه للقوانين الأميركية والعقوبات الدولية المفروضة على إيران. واعتبرت أن محاولات تركيا التأثير على المحاكمة، عبر إعلانها اعتقال شخصين ومحاكمتهما بتهمة تقديم وثائق مزورة لضرّاب، هي سعي لسحب الشرعية عما يمكن أن يدلي به أمام المحكمة الفيدرالية، الأمر الذي تأخذه السلطات الأميركية بعين الاعتبار.
في سياق مواز، أصدر الادعاء العام التركي مذكرة توقيف بحق مسؤول في وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إيه)، غراهام فولر، الذي تصفه السلطات التركية بأنه كان كفيلا للداعية فتح الله غولن الذي تتهمه بالوقوف وراء محاولة انقلاب فاشلة وقعت في تركيا في منتصف يوليو (تموز) العام الماضي، عندما تقدم بطلب للحصول على تصريح إقامة في الولايات المتحدة في 1999.
وأصدر مكتب المدعي العام في إسطنبول مذكرة توقيف تتضمن «محاولة تدمير الجمهورية التركية وعرقلة مهامها والحصول على أسرار سرية للدولة والتجسس السياسي والعسكري ومحاولة تدمير النظام الدستوري في البلاد». وقالت وسائل إعلام تركية إن فولر تردد على تركيا قبل محاولة الانقلاب التي جرت في 15 يوليو من العام الماضي، وغادر البلاد بعد فشل المحاولة. وأفادت بأن مكتب النائب العام تثبت من أن فولر كان على اتصال مباشر بموظفي وكالة المخابرات المركزية السابقين هنري باركي والمشتبه فيهم الآخرين المشاركين في محاولة الانقلاب. واتهم كل من باركي وفولر بتنظيم اجتماع في فندق «سبلنديد» في جزيرة «بويوك أدا»، قبالة إسطنبول في يوليو 2016.
على صعيد آخر، أعلنت النيابة العامة في أنقرة فتح تحقيق حول مزاعم رئيس حزب الشعب الجمهوري المعارض كمال كليتشدار أوغلو، المتعلقة بوجود حسابات مصرفية للرئيس التركي رجب طيب إردوغان خارج البلاد عقب إعلان مسؤولي شركة «بيلواي» أن الوثائق التي أظهرها في البرلمان الثلاثاء الماضي كأدلة على صحة اتهاماته، مزورة.
وادعى كليتشدار أوغلو، خلال كلمة له أمام الكتلة البرلمانية لحزبه، أن أحمد بوراق نجل إردوغان وكذلك شقيقه ومساعده السابق أرسلوا أموالاً إلى شركة في الخارج تبلغ قيمتها 15 مليون دولار منذ عام 2011. وأن إردوغان يملك حسابات مصرفية خارج البلاد.
وعقب فتح النيابة العامة التركية تحقيقا، طلبت من مسؤولي حزب الشعب الجمهوري تسليم الأدلة والوثائق إليها.
وفي تعليقه على الادعاءات، نفى إردوغان أن يكون له أي حسابات خارج البلاد، وأكد أنه سيتخلى عن منصبه وسيترك السياسة في حال إثبات كليتشدار أوغلو صحة ادعاءاته.
واتهم رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أمس، كليتشدار أوغلو بأنه أداة لتنفيذ مخطط يهدف إلى هز استقرار تركيا والإضرار باقتصادها. ورفض البرلمان التركي، مساء أول من أمس الخميس، طلب المعارضة فتح تحقيق حول الاتهامات التي وجهت لبعض أفراد عائلة الرئيس رجب طيب إردوغان بالتهرب الضريبي، عن طريق تهريب ملايين الدولارات إلى حسابات خارج البلاد. ورفض محامي شركة «بيلواي» التركية ادعاءات كليتشدار أوغلو، لافتا إلى رفع دعوى قضائية ضده.