روسيا تبدي استعدادها لتمديد خفض الإنتاج

ارتفعت أسعار النفط أمس الجمعة وسجل الخام الأميركي أعلى مستوى في أكثر من عامين مع تراجع الإمدادات في أسواق أميركا الشمالية بفعل إغلاق جزئي لخط أنابيب يربط بين كندا والولايات المتحدة.
وبلغ الخام الأميركي الخفيف 58.91 دولار للبرميل، وهو مستوى مرتفع لم يسجله منذ يونيو (حزيران) 2015 قبل أن يتراجع ليجري تداوله مرتفعا بمقدار 83 سنتا خلال اليوم عند 58.85 دولار للبرميل بحلول الساعة 12:30 بتوقيت غرينتش، وسجل خام القياس العالمي مزيج برنت 63.78 دولار للبرميل بارتفاع قدره 23 سنتا.
وقال تاماس فارجا الخبير لدى بي.في.إم أويل أسوسيتس إن إغلاق خط أنابيب كيستون بعد حدوث تسرب يدعم الخام الأميركي، وتسبب التسرب الذي وقع في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري في تقلص تدفقات الخام منه، والتي كان من المعتاد أن تصل إلى 590 ألف برميل يوميا، إلى المصافي الأميركية مما تسبب في تقلص المخزونات في مركز التخزين في كاشينج بولاية أوكلاهوما حسبما قال تجار.
من جهته، أعلن وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك، اليوم الجمعة، أن بلاده مستعدة لإجراء محادثات مع خبراء الدول الأعضاء في منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» والدول غير الأعضاء بها حول تمديد اتفاق بخفض الإنتاج في مارس (آذار) المقبل.
كما ذكرت وكالة «سبوتنيك» نقلا عن تصريحات الوزير، خلال مؤتمر صحافي عقد في بوليفيا: «مستعدون لمناقشة هذا الموضوع، وأعتقد أنه بحلول 30 نوفمبر الجاري، يمكننا مناقشة ذلك بالفعل في إطار الاجتماع في فيينا»، بحسب وكالة سبوتنيك الروسية.
ويذكر أن دول «أوبك» ودول من خارجها، توصلت في اجتماعها يوم 30 نوفمبر العام الماضي، إلى اتفاق يقضي بخفض حجم إنتاجها من النفط بنحو 8.1 مليون برميل يوميا، اعتبارا من مطلع عام 2017، إلى 5.32 مليون برميل يوميا، بينما اتفقت الدول من خارج المنظمة على أن يبلغ حجم التخفيض الإجمالي لإنتاجها من النفط 558 ألف برميل يوميا، منها 300 ألف برميل من جانب روسيا.
وأبرم الاتفاق حتى النصف الأول للعام الجاري مع إمكانية التمديد، وفي 25 مايو (أيار) الماضي، تم تمديد الاتفاق لتسعة أشهر إضافية حتى نهاية مارس عام 2018.
ويرى مراقبون أن روسيا تبعث بإشارات متباينة بشأن دعمها لتمديد اتفاق بين منتجي النفط حول خفض الإنتاج قبل أقل من أسبوع على اجتماع أوبك في فيينا لمناقشة سياسة المنظمة.
وتخفض منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وروسيا وعدد من المنتجين الكبار الآخرين إمداداتهم بنحو 1.8 مليون برميل يوميا منذ يناير (كانون الثاني) لتقليص تخمة المخزونات ودعم أسعار النفط.
ومن المقرر أن يلتقي المنتجون في اجتماع لأوبك بفيينا لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كانوا سيمددون الاتفاق بعد أن ينتهي أجله في مارس. وتدفع السعودية صوب تمديد الاتفاق تسعة أشهر حتى نهاية 2018 وهو الموقف الذي أشار الرئيس فلاديمير بوتين في أكتوبر (تشرين الأول) إلى تأييد موسكو له.
لكن روسيا، التي تعتمد اعتمادا كثيفا على إيرادات النفط، قلقة من أن أي زيادة حادة في أسعار النفط قد يتلوها انهيار كبير وقد بعثت بإشارات متباينة بشأن دعمها لتحرك كهذا منذ ذلك الحين.
وذكرت وكالة تاس الروسية للأنباء هذا الأسبوع أن شركات إنتاج النفط بحثت مع وزارة الطاقة الروسية تمديدا لمدة ستة أشهر.
لكن أول من أمس الخميس، قال وزير الاقتصاد الروسي ماكسيم أوريشكين إن النمو الاقتصادي الروسي تأثر سلبا بالاتفاق لأنه خفض الاستثمار في القطاع، في أول تقييم سلبي صريح للاتفاق من قبل مسؤول روسي كبير.
وقال نوفاك «نحن مستعدون لمناقشة هذه القضية وأعتقد أننا سنكون قادرين على مناقشتها خلال الاجتماع في فيينا» دون أن يذكر المزيد من التفاصيل. وامتنعت متحدثة باسم نوفاك عن التعليق.
كان نوفاك يتحدث في بوليفيا حيث يحضر منتدى الدول المصدرة للغاز. وقال إنه التقى بوزيري النفط القطري والفنزويلي في بوليفيا وكذلك مسؤولين من الإمارات حسبما ذكرت وسائل إعلام روسية.
ويمثل ارتفاع إنتاج النفط الأميركي، الذي قفز 15 في المائة منذ منتصف 2016 إلى مستوى قياسي عند 9.66 مليون برميل يوميا، حجر عثرة في طريق تمديد الاتفاق الذي تقوده أوبك.
ويزيد المنتجون الأميركيون إمداداتهم مع ارتفاع أسعار النفط بعد أن كانوا خفضوا الإنتاج في أعقاب تراجع الأسعار في منتصف عام 2014. ويقوض ارتفاع الإنتاج الأميركي أثر تخفيضات الإنتاج ويتسبب في تآكل الحصة السوقية لآخرين مثل روسيا.
وحول السيناريوهات الفورية لما بعد انتهاء أجل اتفاق خفض الإنتاج، قال مصدر في شركة نفط روسية كبيرة «بكل تأكيد أتوقع معركة شرسة على (الحصة في) الأسواق العالمية فور أن ينتهي أجل الاتفاق».
وحقق الاتفاق هدفا رئيسيا هو رفع الأسعار. وارتفع خام القياس العالمي مزيج برنت مجددا فوق 60 دولارا للبرميل. وكان الخام انخفض من فوق 100 دولار للبرميل في 2014 إلى نحو 27 دولارا في 2016.
وتستند موازنة روسيا إلى سعر للنفط عند 40 دولارا للبرميل بما يشير إلى قدرة جيدة على تخفيف أثر انخفاض مفاجئ في الأسعار.
وقال نوفاك أمس إنه يتوقع أن تظل أسعار النفط بين 50 و60 دولارا للبرميل في العامين الحالي والقادم.