حملة في السودان على السوق السوداء للعملة

شنت قوات الأمن في السودان حملة على السوق السوداء للعملة لكبح السوق الموازية، بعد أن وصل سعر الدولار في هذا السوق لنحو 27 جنيها سودانيا، مع لجوء الشركات التي ترفض البنوك تمويلها إلى المعاملات غير الرسمية.
وتأتي الضغوط الحالية على الجنيه السوداني مدفوعة بعودة النشاط الاقتصادي بعد قرار واشنطن الشهر الماضي برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على منذ 20 عاما، حيث ساهم ذلك في زيادة الطلب على العملات الأجنبية الشحيحة.
وفرضت الولايات المتحدة العقوبات للمرة الأولى على السودان عام 1997، وأعلن الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما في يناير (كانون الثاني) الماضي عن موافقة مبدئية على تخفيف العقوبات عن السودان. وبدأت الولايات المتحدة في إجراءات رفع العقوبات الشهر الماضي.
وتقول وكالة رويترز إن وسط الخرطوم شهد أول من أمس وجودا أمنيا مكثفا حول المناطق التجارية التي غالبا ما تشهد تعاملات في السوق السوداء. وقال شاهد لـ«رويترز» ومتعاملون إن التجار اختفوا إلى حد كبير من الأماكن التي يوجدون فيها عادة خارج البنوك والشركات حيث تجرى صفقات العملات. وقال متعامل بالسوق السوداء: «توقفنا عن العمل خشية القبض علينا. تشن قوات الأمن حملات مكثفة.. لكننا سنعاود نشاطنا الأسبوع المقبل على الأرجح.. لا توجد دولارات في البنوك والسعر هناك ليس حقيقيا لذا سيعود الناس إلينا».
وتضرر الاقتصاد السوداني بشدة بعض انفصال جنوب السودان عن الشمال في 2011، ليستحوذ الجنوب على ثلاثة أرباع الإنتاج النفطي للبلاد الذي يعد المصدر الرئيسي للعملة الصعبة في هذا الاقتصاد.
ومع اتساع الفجوة بين السعرين الرسمي والموازي للدولار عقدت الحكومة قبل أيام اجتماعا طارئا لبحث سبل كبح السوق السوداء، وذكر بيان صادر عن مكتب النائب العام أنه سيبدأ في مكافحة السوق الموازي وسيوجه للتجار اتهامات بتمويل الإرهاب وغسل الأموال وتخريب الاقتصاد.
ويبقي البنك المركزي سعر الصرف الرسمي للعملة عند 6.7 جنيه مقابل الدولار ولكن إلى حد كبير لا يحصل على الدولار بهذا السعر سوى مستوردي السلع الأساسية مثل القمح والوقود، وهو ما يوجد طلبا كبيرا على الدولارات في السوق السوداء.
وسعيا لوقف الاتجاه النزولي للعملة أعلنت الحكومة إجراءات طارئة هذا الأسبوع وفرضت قيودا على استيراد السلع الفاخرة ووضعت سقفا لتحويلات العملة وأعلنت عقوبات قانونية علي تجارة الدولار في السوق السوداء.
وأوقفت بعض الشركات أنشطتها منذ الأسبوع الماضي بسبب حالة عدم اليقين التي تكتنف سعر الصرف. وقال مدير شركة تستورد معدات زراعية: «توقفنا عن البيع منذ يوم الخميس.. سنعاود البيع حين يستقر سعر الصرف نسبيا».
وذكر بعض رجال الأعمال أنه لا يوجد خيار أمام السودان سوى تعويم الجنيه، وهي خطوة يقولون إنها ستسد الفجوة بين سعري الصرف الرسمي وغير الرسمي وتعيد الدولار للنظام المصرفي الرسمي.
وقال أمين عباس المتحدث باسم اتحاد أصحاب العمل في السودان: «الحل الجذري هو تعويم العملة وترك سعر الصرف لقوى السوق. قد يسبب ذلك مشاكل على المدى القصير ولكن في الأجل الطويل سيحقق استقرارا للسعر ويعيد الموارد للبنوك».
وسجل العجز التجاري للسودان انخفاضا ملموسا خلال النصف الأول من العام الجاري، مما يخفف من ضغوط توفير العملة الصعبة في البلاد، ليهوي بنحو 25 في المائة مقابل نفس الفترة من العام السابق عند 677 مليون دولار. وارتفعت قيمة الصادرات السودانية في الشهور الستة الأولى من العام بنسبة 100 في المائة، لتصل إلى 2.5 مليار دولار، بينما انخفضت قيمة الواردات السودانية إلى ثلاثة مليارات دولار. ويسمح المركزي السوداني باستخدام كافة طرق الدفع عند استيراد السلع الضرورية، ويعطي أولوية قصوى في توفير العملة الصعبة لاستيراد السلع الاستراتيجية، إضافة إلى تسهيل وتيسير استيراد مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي.
كما يعطي المركزي أولوية لتوفير منتجات القطاع الصحي، وذلك بالسماح باستيراد الأدوية والمستهلكات الطبية والمواد الخام لصناعة الأدوية بكافة طرق الدفع.
وتشمل قائمة السلع المسموح باستيرادها باستخدام كافة طرق الدفع، الأسمدة والمبيدات والتقاوي والبذور والخيش، الآليات والمعدات والماكينات للقطاعين الصناعي والزراعي بشقيه النباتي والحيواني.