جدل حول وقف السلطة الفلسطينية اتصالاتها مع الإدارة الأميركية

بينما قالت الرئاسة الفلسطينية إن العلاقة مع الولايات المتحدة تمر بمرحلة حاسمة بسبب إغلاق السلطات الأميركية مكتب منظمة التحرير في واشنطن، أكدت مصادر دبلوماسية فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة ضغوطاً عربية كبيرة تمارَس على أميركا لإعادة فتح مكتب المنظمة، وأن السلطة تلقت تطمينات بحل الأزمة خلال أيام.
كانت وسائل إعلام مختلفة عربية وعالمية ومحلية قد نقلت نصاً عن نبيل أبو ردينة، الناطق الرسمي باسم الرئاسة الفسلطينية، أنه تقرر وقف الاتصالات مع واشنطن، بينما نقلت الوكالة الرسمية الفلسطينية نصاً آخر يخلو من هذه الجملة بالذات، ما أثار الكثير من الجدل والشكوك والأسئلة حول الموقف الفلسطيني.
وقال أبو ردينة، حسب الوكالة الرسمية: «إن المرحلة القادمة حاسمة وفرصة لتصويب العلاقات الفلسطينية - الأميركية»، مؤكداً أن التوجهات الفلسطينية جاءت رداً على الإجراءات الأميركية غير المقبولة، من غير أن يوضح ما هي هذه الإجراءات.
وحسب أبو ردينة، فإن القرار الفلسطيني يواجه التحديات بمواقف صلبة ووطنية، داعياً حركة «حماس» لالتقاط هذه المواقف الشجاعة للعودة إلى الشرعية، وعدم السماح لأي جهة باللعب في الساحة الفلسطينية.
وبعد جدل كبير، قالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ«الشرق الأوسط»، إن ثمة قراراً فلسطينياً بوقف أي لقاءات مع الأميركيين لها علاقة بعملية السلام ما دام مكتب المنظمة مقفلاً، لكن الاتصالات الأخرى مستمرة وطبيعية لإعطاء فرصة لتصويب الخلل القائم.
وحسب المصادر فإن «الاتصالات لم تنقطع. لكن هذه محاولة للضغط على واشنطن».
وجاء الجدل حول تصريحات أبو ردينة بعد أيام من تسلم الخارجية الفلسطينية قراراً من نظيرتها الأميركية بإغلاق الممثلية الفلسطينية في واشنطن، إذ قالت الخارجية الأميركية إن الوزير ريكس تيلرسون لم يجد ما يكفي من أسباب للإبقاء على المكتب الفلسطيني مفتوحاً.
وهذه أول مرة منذ نحو 4 عقود لا تجدد فيها الإدارة الأميركية عمل مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن في الوقت المحدد. وعادةً ما يوقِّع وزير الخارجية الأميركية على قرار إبقاء مكتب منظمة التحرير مفتوحاً، في إجراء معمول به كل 6 أشهر، وأقرّته الإدارات الأميركية السابقة تفادياً لموقف الكونغرس الأميركي، الداعي لإغلاق المكتب.
ونقلت وسائل إعلام أميركية عن تيلرسون قوله إن الفلسطينيين خالفوا قانوناً أميركياً ينص على ضرورة إقفال بعثة منظمة التحرير الفلسطينية، إذا ما قامت بالتوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية لمحاكمة إسرائيل على جرائم بحق الفلسطينيين.
واتهم مصدر في الخارجية الأميركية، الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتجاوز هذا الخط، عندما دعا المحكمة الجنائية الدولية للتحقيق في جرائم إسرائيل ومحاكمتها.
ويجيز القانون الأميركي للمكتب العمل بفريق أصغر لمدة 90 يوماً، إذا لم يتم التجديد للمكتب.
وأبلغت منظمة التحرير الفلسطينية، الإدارة الأميركية، لاحقاً، أن قرارها سيعني إلى جانب وقف الاتصالات انسحابها من عملية السلام.
وبسبب هذه التطورات يسود غضب كبير في رام الله من الموقف الأميركي، الذي شكّل كذلك انتكاسة لدى المتفائلين بدور أميركي حاسم في عملية السلام.
ودعت الحكومة الفلسطينية، أمس، وزارة الخارجية الأميركية إلى التراجع عن هذا القرار، الذي يتنافى تماماً مع التعهد الذي قطعه الرئيس الأميركي خلال حملته الانتخابية بإزالة العقبات وبذل الجهود، لإنجاز صفقة تاريخية تُنهي الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، كما يتناقض مع إعلانه عن جديته في حل هذا الصراع الذي طال أمده، وشراكته مع الجانب الفلسطيني في هذا المجال خلال اللقاء الذي جمعه بالرئيس محمود عباس في البيت الأبيض خلال شهر مايو (أيار) من هذا العام.
وعدّت الحكومة هذا القرار «استجابة لادعاءات رئيس الوزراء الإسرائيلي برغبته في تحقيق السلام، وبأن السلطة الوطنية تمارس التحريض وتشجع على العنف والإرهاب، وغيرها من الادعاءات الباطلة وقلب الحقائق، في الوقت الذي أعطى فيه الضوء الأخضر لأوسع هجمة استيطانية استعمارية بعد يومين فقط من تنصيب الرئيس الأميركي بهدف إفشال الجهود الأميركية، وفي تحدٍّ واضح وصريح لقرارات الشرعية الدولية، خصوصاً قرار مجلس الأمن الدولي 2334، الذي ألزم الحكومة الإسرائيلية بوقف استيطانها في الأراضي الفلسطينية المحتلة».
وأكدت الحكومة استعداد القيادة الفلسطينية «لإنجاح الجهود الأميركية لإعادة عملية السلام إلى مسارها»، موضحة أن «الطريق إلى السلام واضح ومحدد، وهو الذي عبر عنه الرئيس خلال لقائه مع الرئيس الأميركي، وهو تطبيق حل الدولتين، بما يعني إقامة دولة فلسطينية على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وإيجاد حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين، استناداً إلى قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 194، كما نصت على ذلك مبادرة السلام العربية التي طرحتها المملكة العربية السعودية عام 2002، وتبنتها القمة العربية التي عُقدت في بيروت، وأكد القادة العرب التمسك بها في القمة العربية الأخيرة التي عُقدت في الأردن».