بدء محاكمة ألمانيَين عائدَين من القتال في سوريا بتهمة الإرهاب

يمثل أمام محكمة دسدلورف العليا، في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا، ألمانيان من العائدين من القتال في سوريا بتهمة العضوية في تنظيم إرهابي. ووجهت النيابة العامة إلى المتهمين أمس (الاثنين) تهمة الانتماء إلى تنظيم إرهابي، والمشاركة في القتال إلى جانب تنظيم داعش في سوريا. وينتمي الشابان «محمد ه» (21 سنة) و«براق ه» (22 سنة)، من مدينتي إينيبيتال وهاغن على التوالي، إلى جماعة «ملة إبراهيم» المحظورة، وسافرا إلى سوريا عبر تركيا بدعم مادي وتنظيمي من المجموعة المذكورة التي تنشط في مدينة زولنغن القريبة في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا.
نال الاثنان، من وسيط من جماعة «ملة إبراهيم»، رقم هاتف جوال لرجل اتصال من «داعش» يقيم في سوريا، وعمل الأخير على تهريب الاثنين سنة 2014 إلى سوريا. وعثر رجال التحقيق في جوال «براق ه» على رقم جوال رجل ذي صلة بـ«داعش» محفوظ تحت اسم «كيك بوكس». وخطط الاثنان للادعاء، عند توقيفهما من قبل شرطة الحدود، بأنهما ينويان المشاركة في مسابقة لـ«الملاكمة القتالية» (كيك بوكس) في تركيا. وبعد أسبوع واحد من التدريبات العسكرية في معسكرات «داعش» عاد المتهم الرئيسي «محمد ه» في القضية إلى ألمانيا صيف 2014.
ويبدو أن الوضع في معسكرات «داعش» لم يرق للاثنين، لأنهما تعذرا بالرغبة في الزواج في تركيا لمغادرة المعسكرات والعودة إلى ألمانيا. وخضعا منذ تلك الفترة إلى رقابة مركزة من قبل الشرطة الألمانية. ورصد رجال الشرطة مكالمات بين زوجتيهما تتحدث عن الذهاب في «مهمة قد لا يعودان منها» و«قطع رؤوس». وشك المحققون في البداية أن الاثنين يخططان لعمليات إرهابية في ألمانيا، إلا أنه لم تتوفر أي أدلة على ذلك.
تصف الشرطة السرية «محمد ه» كمتشدد خطر جداً، ولديه سجل في ممارسة العنف ضد الآخرين، وضد أفراد عائلته أيضاً. وهو شاب مفتول العضلات يتخصص برياضة الملاكمة القتالية، وابن ناشط ديني معروف بخطبه التي تحض على الكراهية. كما رصدت الشرطة علاقة له بالداعية العراقي «أبو ولاء» الذي تجري محاكمته حالياً بتهمة الإرهاب وتجنيد المقاتلين لمصلحة «داعش». وحاول المتهم في أغسطس (آب) 2015 السفر من مطار دسلدورف، برفقة زوجته، والطيران إلى تركيا بهدف الالتحاق سوياً بتنظيم داعش. وفشل الاثنان في السفر بعد تدقيق جوازيهما من قبل أمن المطار. وكان الاثنان يخضعان لرقابة الأمن السرية منذ عودة المتهم من سوريا إلى ألمانيا عبر تركيا. يذكر أن منظمة «ملة إبراهيم» تأسست في خريف 2011، واتخذت من مسجد مدينة زولنغن مقراً لها. وأصدرت وزارة الداخلية الاتحادية قراراً بحظر نشاطها في 29 مايو (أيار) 2012 بتهمة الحض على الكراهية والتناقض مع مبادئ الدستور الديمقراطية. وجرى الحظر بعد حملة مداهمات وتفتيش واسعة قالت عنها الشرطة آنذاك إنها أكبر حملة ضد التطرف في تاريخها.
وأصدرت وزارة الداخلية في 13 مارس (آذار) 2014 قراراً بحظر منظمة «النصرة» في مدينة كلادبيك الألمانية، في نفس الولاية، بعد أن ثبت لها أنها واجهة من واجهات منظمة «ملة إبراهيم». وتقول دائرة حماية الدستور إن معظم ناشطي تنظيم «ملة إبراهيم» انتقلوا من ألمانيا إلى مصر، في فترة حكم «الإخوان المسلمين»، بهدف التمتع بحرية أكبر في النشاط.
وتتهم دائرة حماية الدستور الاتحادية (مديرية الأمن العامة) جماعة «ملة إبراهيم» بتجنيد 6 شبان في الأقل للقتال إلى جانب «داعش» في سوريا والعراق. وأحد هؤلاء الملتحقين هو أحمد س. من اينيبيتال، الذي فجر نفسه في عملية انتحارية ببغداد في يونيو (حزيران) 2014، وأسفرت عن مقتل أكثر من 50 شخصاً. وقال موتلو غونال محامي الدفاع عن «محمد ه»، إن أدلة النيابة العامة لا تصمد أمام التدقيق، وإنها مجرد تكهنات. وأشار إلى أن النيابة العامة تعتمد أقوال «براق ه» في القضية، وهو متهم في القضية يحاول من خلال التعاون مع الشرطة الحصول على حكم مخفف.
وعلى صعيد الحرب على الإرهاب، كشفت مجلة «دير شبيغل» عن قائمة من 19 مسجداً وجمعية إسلامية متشددة تنوي ولاية الراين الشمالي حظر عملها في المستقبل القريب. وأعدت القائمة دائرة حماية الدستور في الولاية بتكليف من حكومة الولاية، وتتضمن أسماء الجمعيات والمساجد التي تحض في خطبها ونشاطها على الكراهية والعنف.
وقال متحدث باسم وزارة الداخلية في ولاية الراين الشمالي فيستفاليا إن من الطبيعي أن تسعى الولاية إلى حظر الجمعيات المتشددة، لكنه رفض التعليق على الموضوع أو تأكيد العدد. وأضاف أن الوزارة تدقق في الشروط التي ينبغي توفرها، وتبرر حظر التنظيمات المتشددة. وكان هيربرت رويل، وزير الداخلية المحلي، أعلن أمام برلمان الولاية في دسلدورف في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، أن الولاية ستفرض رقابة مشددة على هذه الجمعيات، وعلى الناشطين المستعدين لممارسة العنف فيها. وأضاف أن الجمعيات المتشددة، والجمعيات البديلة التي يؤسسها المتطرفون بعد حظر جمعياتهم الأولى، سيجري حظرها بقوة القانون ودون تردد.
وتخضع دائرة حماية الدستور (مديرية الأمن العامة) في ولاية الراين الشمالي، التي يسكنها نحو 20 مليون إنسان، أكثر من 2900 متشدد إلى الرقابة. وتصنف السلطات 900 منهم كمتطرفين مستعدين لممارسة العنف. وتضاعفت أعداد المتشددين في الولاية ثلاث مرات خلال السنوات الخمس الماضية، ويشكل حملة الجنسية الألمانية 60 في المائة منهم. وقفز عدد المتشددين على مستوى ألمانيا من 3800 سنة 2011 إلى 10300 في العام الحالي.