لأول مرة منذ 10 سنوات... «معبر رفح» يعمل تحت إدارة السلطة الفلسطينية

فتحت السلطات المصرية معبر رفح البري أمام حركة المسافرين الفلسطينيين في كلا الاتجاهين، بعد إغلاق دام عدة أشهر جراء الأحداث الأمنية في شمال شبه جزيرة سيناء، وذلك لأول مرة تحت إمرة السلطة الفلسطينية منذ أكثر من عشرة أعوام.
وأشرفت حكومة التوافق الفلسطيني على عملية فتح المعبر وإدارة العمل فيه، وشوهد ضباط أمن يتبعون لجهاز الأمن الوطني الفلسطيني، التابع للسلطة الفلسطينية، داخل المعبر لأول مرة منذ يونيو (حزيران) 2007، بعد سيطرة حركة حماس على القطاع عسكريا آنذاك. فيما وجدت عناصر أمنية من حكومة «حماس» سابقا خارج المعبر لتأمين وتسهيل حركة مرور المسافرين المتوجهين إلى المعبر.
وكان من المفترض أن يفتح المعبر في الخامس عشر من الشهر الحالي، وفق تفاهمات القاهرة الأخيرة، لكن ذلك لم يحدث، وهو ما أثار جدلا واسعا في الشارع الفلسطيني وحالة من خيبة الأمل، خاصة لدى سكان القطاع الذين كانوا ينتظرون فتحه، قبل أن يفتح بالأمس.
وأشرف موظفون تابعون لهيئة المعابر الرسمية على عملية تنقل المسافرين، من وإلى مصر، ضمن منظومة العمل المتبعة في معبر الكرامة بين الضفة الغربية والأردن.
وتوجه المسافرون الذين وردت أسماؤهم في الكشوفات، التي نشرت أمس من قبل هيئة المعابر ووزارة الداخلية في حكومة التوافق إلى صالة أبو يوسف النجار في مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة، حيث تم إعدادهم وتجهيزهم من قبل موظفي حكومة «حماس» السابقين، وبعدها تم نقلهم بالحافلات إلى معبر رفح مباشرة، وهي الآلية التي سيتم اعتمادها مؤقتاً خلال الأيام الثلاثة من فتح المعبر، والذي سيتواصل فتحه حتى مساء يوم الاثنين، حسبما أعلنت السفارة الفلسطينية في القاهرة.
وفتح معبر رفح 14 يوما فقط منذ بداية العام الحالي، وسافر عبره 2624 مواطنا فلسطينيا، فيما عاد إلى القطاع 3106 أشخاص، كانوا جميعهم عالقين في الأراضي الفلسطينية من المرضى والطلاب وأصحاب الحالات الإنسانية.
وجاء إعلان فتح معبر رفح بعد ترتيبات بين موظفي حكومة التوافق وحكومة حماس السابقين، ضمن اتفاق جرى التوصل إليه بين رئيس جهاز المخابرات الفلسطينية ماجد فرج، ويحيى السنوار قائد حركة حماس في القطاع.
ولم يدلِ أي من مسؤولي السلطة أو «حماس» بتصريحات حول ما تم التوافق بشأنه. إلا أن مصادر مطلعة قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه تم الاتفاق على أن توفر «حماس» كل ما تحتاجه الحكومة من دعم لبسط سيطرتها الكاملة.
وقال مفيد الحساينة، وزير الأشغال والإسكان في حكومة التوافق، إن تسلم حكومته للعمل على معبر رفح يعد باكورة عمل حكومة الوفاق، بإشراف الأجهزة الأمنية الفلسطينية الرسمية، معرباً عن شكره للأجهزة الأمنية التابعة لحركة حماس، والذين نسقوا الأمن خارج المعبر.
واعتبر الحساينة خلال مؤتمر صحافي داخل معبر رفح، بعد وصوله إلى المعبر مع عدد من وزراء حكومة التوافق، المشهد على المعبر بأنه سيؤدي إلى وحدة حقيقية فلسطينية، موضحاً أنه كانت لديهم توجيهات للاطلاع على عملية سير المعبر، وقدم خلال الزيارة شكر الرئاسة والحكومة الفلسطينية للقيادة المصرية على فتح المعبر.
كما دعا الحساينة الفصائل التي ستتحاور في القاهرة خلال أيام إلى العمل على إنهاء كل الملفات العالقة، مشيراً إلى أن حكومة التوافق جاهزة لتحمل مسؤوليتها تجاه معاناة سكان القطاع، خاصة وأن هناك عشرات الآلاف من الحالات الإنسانية بحاجة للسفر، وتم حرمانهم منه خلال سنوات الانقسام، لكن أصبح الوقت الآن مهما لإنهاء هذه المعاناة.
من جهته قال إياد البزم، الناطق باسم وزارة الداخلية في قطاع غزة خلال عهد حكومة حماس، إنه «تم فتح معبر رفح اليوم لأول مرة بعد عملية نقل المسؤوليات للإدارة العامة للمعابر والحدود في السلطة الفلسطينية، ضمن اتفاق المصالحة، وتوحيد المؤسسات الرسمية الفلسطينية بين الضفة وغزة».
وأضاف البزم موضحاً أنه «منذ مساء أمس بذلت الأجهزة الأمنية وطواقم وزارة الداخلية والأمن الوطني في غزة جهودا كبيرة من أجل أن يعمل المعبر بأفضل صورة، ويجري ذلك بالتنسيق مع إدارة المعابر والحدود، وما نتطلع له أن يكون اليوم هو بداية مرحلة جديدة من عمل معبر رفح على أساس الفتح الدائم، وإنهاء معاناة شعبنا في قطاع غزة، ونقدم في سبيل ذلك كل ما نستطيعه».
وعلى الرغم من تولي السلطة الفلسطينية مسؤولية المعبر، فإن معاناة المسافرين لم تتوقف، لكنها خفت. ولوحظ أن عدد الحافلات التي دخلت في ساعات قليلة محدود، لكنه يزيد عن عدد الحافلات التي كان يتم إدخالها طوال يوم كامل، ومع ذلك اشتكى المسافرون من بطء الإجراءات.
وقالت المواطنة إلهام أبو شعبان لـ«الشرق الأوسط»، إنها تأمل في أن تتحسن عملية تنقل المسافرين، موضحة أنها ظلت تنتظر منذ نحو عام أن يفتح المعبر لكي تتمكن من السفر دون أي معيقات بهدف استكمال علاجها في أحد المستشفيات المصرية.
بدوره، قال الطالب محمد جودة إنه يأمل في أن يتمكن من السفر خلال الأيام الثلاثة التي سيفتح فيها المعبر، مشيرا إلى أن أعداد المسافرين كبير جدا، وقد تتطلب فرصته في تحقيق حلم السفر أكثر من هذه الأيام، مما قد يعيق إمكانية سفره للدراسة في إحدى الجامعات المصرية.
وفي سياق متصل، اشتكى الصحافيون من منعهم للدخول إلى المعبر لتغطية فتح المعبر، واقتصار ذلك على تلفزيون فلسطين الرسمي ووكالة «وفا» الرسمية، معتبرين أن ذلك عمل يسيء لحكومة التوافق في أول مرة تتحمل فيه المسؤولية عن معبر رفح. وبهذا الخصوص قال تحسين الأسطل، نائب نقيب الصحافيين الفلسطينيين، إنه بعد اتصالات متعددة أجرتها النقابة تمكنت من إدخال كل الصحافيين ووسائل الإعلام إلى المعبر وترتيب عملية التغطية الإعلامية بعد الإشكال الذي حدث، مؤكداً في تصريح صحافي أن النقابة ستتابع باستمرار عمل الصحافيين، وضمان حركة العمل الصحافي بكل حرية، مما يعكس صورة إيجابية تجسدت بالمصالحة وعودة الحكومة الفلسطينية إلى قطاع غزة.