تيلرسون إلى ميانمار غداً للضغط على قادتها بشأن الروهينغا

تعزز الولايات المتحدة ضغوطها على الجيش البورمي، في ظل الحملة العنيفة والفظائع التي ارتكبها الجيش بحق أقلية الروهينغا المسلمة.
وفي وقت تكثّف الولايات المتحدة نشاطاتها في المنطقة التي زارتها وفود أميركية عدة خلال الأسابيع الأخيرة، يخطط وزير الخارجية ريكس تيلرسون للسفر إلى ميانمار غدا الأربعاء للقاء زعيمة البلاد أون سان سو تشي، وقائد الجيش الجنرال مين أونغ هلينغ.
ويتوقع أن يتبنى تيلرسون لهجة حازمة مع القادة العسكريين في ميانمار، الذين اعتبرهم «مسؤولين» عن الأزمة التي تواجه الروهينغا، الأقلية المسلمة التي تعاني من الاضطهاد، حيث أجبر أكثر من 600 ألف من أفرادها على الفرار إلى بنغلادش المجاورة خلال شهرين ونصف.
في غضون ذلك، استبدل جيش ميانمار الجنرال المسؤول عن ولاية راخين. ولم يعلن عن سبب لنقل الميجور جنرال ماونج ماونج سو من منصب قائد القيادة الغربية في راخين، وفق ما نقلت وكالة «رويترز». وقال الميجور جنرال إي لوين، نائب مدير الشؤون المعنوية والعلاقات العامة بوزارة الدفاع، لـ«رويترز»: «لا أعلم سبب نقله»، مضيفا أنه «لم ينقل إلى أي منصب في الوقت الحالي. أحيل إلى الاحتياط».
وشن الجيش منذ أواخر أغسطس (آب) حملة عسكرية عنيفة في ولاية راخين الغربية، حرق خلالها قرى بأكملها ومارس «الاغتصاب الممنهج» في حق النساء وفق الأمم المتحدة وقتل المئات، ما دفع بالآلاف إلى الهروب من ميانمار في أكبر موجة نزوح في تاريخ الأقلية المضطهدة.
ونددت الأمم المتحدة بالحملة العنيفة، بما في ذلك عمليات قتل واغتصاب جماعي تحدثت عنها تقارير واتهم الجيش بتنفيذها، معتبرة أنها ترقى جميعا إلى تطهير عرقي. وتحدث المسؤول في وزارة الخارجية الأميركية عن شؤون اللاجئين والهجرة، سايمن هنشاو، عن مشاهد «مؤلمة» في مخيمات اللاجئين المكتظة في بنغلادش عقب زيارة أجراها إلى هناك مؤخرا.
وقال إن «حجم أزمة اللاجئين هائل». وأضاف أن «الظروف صعبة والناس يعانون».
وقال هنشاو إن «الكثير من اللاجئين أخبرونا وهم يذرفون الدموع أنهم رأوا قراهم تُحرق وأقاربهم يقتلون أمامهم».
وأكد تيلرسون الشهر الماضي أنه «لا يمكن للعالم أن يقف متفرجا على الفظائع التي يتم التحدث عنها في تلك المنطقة». ولكن من غير الواضح ماهية الخطوات التي يمكن أن تتخذها الولايات المتحدة. وحتى الآن، كل ما قامت به وزارة الخارجية أنها شددت إجراءاتها العقابية بحق الجيش البورمي.
بدورها، قالت سارة مارغون من منظمة «هيومن رايتس ووتش» لوكالة الصحافة الفرنسية إن الإدانات الأولية كانت «ضرورية (...) ولكنها توقفت، ولم يكن هناك إلا تحرك ضئيل للغاية منذ ذلك الحين». ودعت إلى فرض عقوبات اقتصادية واضحة الأهداف لإنهاء «بعض أكثر فظائع قسوة وترويعا رأيناها منذ سنوات».
وفي ظل غياب تحرك أكثر حزما من قبل البيت الأبيض أو وزارة الخارجية، يدعو عدد من أعضاء الكونغرس إلى عقوبات تحد من التعاون العسكري مع ميانمار ومنع أفراد جيشها من دخول الأراضي الأميركية. ويهدف مشروع قانون كذلك إلى حظر استيراد الأحجار الكريمة من الدولة.
ورأى جوشوا كورلانتزك من مجلس العلاقات الدولية الذي يتخذ من نيويورك مقرا له أن «مشروع القانون يشكل خطوة أولى مهمة رغم تأخره لدفع الجيش البورمي لإنهاء العنف في ولاية راخين». وأضاف أنه ينبغي الآن على أذرع أخرى من الحكومة «التحرك كذلك»، وفق وكالة الصحافة الفرنسية.
ولم تستبعد وزارة الخارجية دعم المزيد من العقوبات، لكن واشنطن حرصت على عدم تحميل أونغ سان سو تشي المسؤولية، راسمة بذلك خطا فاصلا بين الجيش والحكومة المدنية التي تقودها الزعيمة الحاصلة على جائزة نوبل للسلام.
وفيما واجهت سو تشي انتقادات واسعة في الخارج لما نُظر إليه على أنه عدم تعاطف مع الروهينغا، أكدت واشنطن دعمها لها مرحبة بالتزامها السماح بعودة آمنة للاجئين، وفق الوكالة الفرنسية. لكن مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي سددت ضربة موجعة لسو تشي، وقالت إن الوضع في بلادها «يجب أن يجعل كبار القادة البورميين الذين ضحوا بالكثير من أجل ميانمار منفتحة وديمقراطية، يشعرون بالعار».
أما المؤرخ ثانت مينت - يو، فحذر من النتائج العكسية للعقوبات على ميانمار. وأوضح لوكالة الصحافة الفرنسية أن العقوبات «قللت من فرص نجاح أي تحول إلى الديمقراطية في الماضي ورسخت الانعزالية التي شكلت لب جميع مشاكل ميانمار».
وأقرت مارغون من «هيومن رايتس ووتش» بأن ميانمار «في وضع صعب وحساس للغاية»، مضيفة أن الحكومة المدنية كانت «مخيبة للآمال» في طريقة تعاطيها مع أزمة اللاجئين.
ومع ذلك، أكدت أنها «ليست الطرف الذي يرتكب الفظائع أو المسؤول عن التطهير العرقي». إلا أنها أشارت في رأي اتفق معه كورلانتزك، إلى أنه بإمكان الولايات المتحدة بشكل خاص إيصال رسالة حازمة لسو تشي بضرورة القيام بالمزيد.
وأكد كورلانتزك أنه على تيلرسون تهديد جنرالات الدولة الآسيوية بأنهم سيواجهون عقوبات أقسى في حال لم يتوقف العنف، في وقت سيتعين عليه كذلك تحذير القادة المدنيين من أنهم لن يكونوا «بالضرورة بمنأى» عن التعرض إلى عقوبات جديدة كذلك.