قوات حفتر تصعّد ضد حكومة السراج وتجدد رفض التعاون معها

صعّد الجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، أمس، من وتيرة خلافاته مع حكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، بعدما بدأت ملاحقة مسؤول أمني فيها، كان قد اتهم المشير خليفة حفتر قائد الجيش بمحاولة اغتياله، بينما كشفت «الوطنية لحقوق الإنسان» عن العثور على جثث 28 شخصا، بسبب نزاع مسلح بمنطقة وادي الهيرة بغرب ورشفانة.
وحل حفتر أمس ضيفا على الإمارات في زيارة مفاجئة، حيث شارك في حفل افتتاح معرض دبي للطيران 2017، بينما استبق غسان سلامة رئيس بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا تقديم إحاطته المرتقبة لمجلس الأمن الدولي حول ليبيا يوم الخميس المقبل، بلقاء عقده أمس مع السراج في العاصمة طرابلس، بحثا خلاله العملية السياسية والأوضاع الأمنية الحالية، وفقا لما أعلنه سلامة في بيان مقتضب.
وأمر حفتر بملاحقة فرج أقعيم، وكيل وزارة الداخلية بحكومة السراج، حيث أصدر أمرا للمدعي العسكري باعتقاله، كما عمم المدعي العسكري اسمه على كافة الحواجز الأمنية والعسكرية في المنطقة الشرقية، تمهيدا لجلبه فورا للمثول أمام الادعاء العسكري، بتهمة «التسبب في إثارة الفتن بين العسكريين، ونزاعات مسلحة في المدينة، وتقلد منصب غير شرعي في المناطق التي تخضع لسيطرة الجيش».
وسيطرت قوات الجيش الليبي على مقرات أقعيم بمنطقتي بودزيرة في مدينة بنغازي، وبرسس ببلدية توكرة، على بعد 60 كيلومتراً شرق المدينة. وقال مسؤول عسكري لـ«الشرق الأوسط»، إن أقعيم الذي اختفى تماماً عن الأنظار خشية اعتقاله، يحاول إقناع قادة عسكريين مقربين من حفتر بمنحه ممرا آمنا للخروج، بعدما اتجه إلى وجهة غير معلومة. وأعلنت القوات الخاصة (الصاعقة) التابعة للجيش، أنها سلمت أمس مقر جهاز قوة المهام الخاصة لمكافحة الإرهاب التابع لأقعيم، إلى العقيد يونس إسماعيل القهواجي، وكيل وزارة الداخلية في الحكومة المؤقتة التي يرأسها عبد الله الثني.
ونفى القهواجي وجود أي خسائر مادية أو بشرية، بما وصفه بنهاية الخطة الأولى المتمثلة في تطهير وتأمين المناطق التي كانت تتعاون مع حكومة السراج، كما دعا المتعاونين معها إلى سرعة تسليم أنفسهم والمثول أمام العدالة.
وكان أقعيم قد أمهل حفتر 48 ساعة لتسليم اللواء ونيس بوخمادة قائد القوات الخاصة قيادة الجيش، متهماً حفتر بالوقوف وراء الاغتيالات والتفجيرات في بنغازي، بالإضافة إلى تنفيذ محاولتين لاغتياله مؤخرا أسفرت عن قتلى وجرحى في صفوف قواته. وفرض الجيش الوطني سيطرته منذ أول من أمس على مقرات أقعيم واتهمه بأنه كان يحاول من خلالها زعزعة الاستقرار والأمن في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، فيما قال مسؤول عسكري إن قوات عسكرية وأمنية تتولى تأمين الطريق الساحلي من مدينة المرج إلى مدينة بنغازي.
من جانبه، طالب عقيلة صالح رئيس مجلس النواب، أعيان ومشايخ المنطقة الشرقية بالتدخل لحل الأحداث في منطقة برسس بالطرق السلمية، وبما يحافظ على نظام المؤسسة العسكرية. وأكد في بيان أنه لا وجود لأي تشكيلات مسلحة خارج سلطة الدولة الشرعية المتمثلة في القيادة العامة لقوات الجيش الوطني ووزارة الداخلية في حكومة الثني.
كما أكد الفريق عبد الرازق الناظوري رئيس الأركان العامة للجيش الوطني، أن قيادة الجيش حذرت أكثر من مرة من التعامل مع أي جسم تابع لحكومة السراج التي اتهمها بمحاولة زعزعة الاستقرار وشق الصف في ليبيا. وقال الناظوري إن قيادة الجيش ليست طرفاً في الصراع السياسي، متوعدا خلال مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، بأن قوات الجيش لن تتوانى عن الضرب بيد من حديد لكل من يحاول شق الصف في مدينة بنغازي.
كذلك، صعّد عبد الله الثني من حدة مواقفه تجاه حكومة السراج، وأمر بإيقاف كل عميد بلدية أو عضو مجلس بلدي عن العمل وإحالته للتحقيق، في حال ثبت تواصله معها، مرجعا ذلك إلى «قيام بعض عمداء البلديات وبشكل متكرر بالتواصل مع ما يسمى بحكومة الوفاق غير الدستورية»، على حد تعبيره في قرار أصدره أمس.
بدوره، اتهم العقيد عادل مرفوعة مدير إدارة مكافحة الإرهاب والظواهر الهدامة في بنغازي، جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإرهابية التابعة لها، بمحاولة تشويه قوات الجيش والأجهزة الأمنية التابعة له، عبر عمليات قبض يقوم بها ملثمون مجهولون. وبث مكتب مرفوعة لقطات فيديو لدوريات الأجهزة الأمنية في ساعات متأخرة من الليل وسط شوارع وأحياء مدينة بنغازي، تظهر عددا من سيارات الأمن وهي تتجول في شوارع المدينة.
من جهتها، قالت اللجنة الوطنية الليبية لحقوق الإنسان، في بيان لها، إنه عثر على 28 جثة في العراء منذ الأربعاء الماضي، مشيرة إلى أن المعلومات الأولية تفيد بتصفية عدد من العسكريين من ورشفانة، تم التنكيل بجثثهم ووجدوا ضمن القتلى بعد أسرهم على يد قوات الغرفة المشتركة، بقيادة المجلس العسكري لمدينة الزنتان والمنطقة العسكرية الغربية التابعة لحكومة السراج. ونقلت اللجنة عن مصادر مطلعة أن 14 جثة موجودة حاليا بمستشفى السبيعة، بينما تم نقل عدد آخر لمستشفى ترهونة؛ لكن تم منع أهالي الضحايا من تسلم جثامين ذويهم لأسباب غير معلنة حتى الآن. ودعت اللجنة إلى فتح تحقيق في ملابسات هذه الجريمة، ومدى انتهاك القانون الدولي الإنساني واتفاقية جنيف المعنية بأسرى الحرب، والبروتوكول الثاني المعني بالنزاعات الداخلية، وطالبت السلطات المعنية بضرورة العمل على تسليم الجثامين لذويهم؛ حتى يتسنى لهم دفنهم وإقامة التعازي. وأكدت أن إعدام أسرى الحروب والنزاعات المسلحة، والإعدام خارج نطاق سيادة القانون والعدالة يمثل جريمة حرب مكتملة الأركان، وانتهاكا للقانون الدولي الإنساني، واتفاقية جنيف المعنية بأسرى الحرب.