برنامج استقصائي تركي يساعد في حل لغز مقتل رجل أعمال مصري

تستحوذ حادثة اختفاء رجل أعمال مصري، عثر على جثته لاحقاً في إسطنبول، على اهتمام واسع في تركيا، بعد أن أثيرت في برنامج «تاتلي سيرت» Tatli Sert (عطف وحزم) التي تقدمه الإعلامية البارزة موجه آنلي، ويأتي في مقدمة البرامج الأعلى مشاهدة في تركيا كأفضل برامج الجريمة التي تعتمد على أسلوب التحقيق الاستقصائي، والذي نجح في حل لغز العديد من القضايا، وقاد أجهزة الأمن التركية للتوصل إلى الفاعلين في كثير من الجرائم المعقدة.
بدأت ملامح الحادثة تتكشف بعد لجوء عائلة رجل الأعمال محمد عبد القوي إلى البرنامج الشهير بعد 22 يوماً من اختفائه، حيث اعتاد التردد على إسطنبول بين وقت وآخر للقيام بأعمال تجارية، وذلك بعد أن وصل إلى إسطنبول في الرابع من أكتوبر (تشرين الأول) الجاري، وكان مقرراً عودته إلى القاهرة في الثامن من الشهر ذاته.
وتوصل فريق البرنامج إلى أن عبد القوي ظهر في بهو فندق كان يقيم به في منطقة أكسراي بالشطر الأوروبي من مدينة إسطنبول، وهي منطقة تجارية كبيرة ومنطقة تجمع للعديد من الشركات ومكاتب الأعمال للأجانب في إسطنبول، بصحبة شخص أظهرت كاميرات المراقبة خروجهما معاً من الفندق بعد أن أجرى هذا الرجل، الذي قيل إنه سوري وصديق لرجل الأعمال المصري، محادثة هاتفية.
وبعد عرض البرنامج هذه اللقطات تلقى العديد من الاتصالات التي انقسم أصحابها حول هوية الرجل الذي يجيد العربية والتركية، وما إذا كان سوريا أم تركيا، وأكد البعض أنه تركي، واسمه «هاكان» وأنه من إحدى المحافظات القريبة من الحدود السورية التي يجيد عدد كبير من سكانها العربية إلى جانب التركية، وأنه يعرف باسم «فيرلماز» وأنه سبق تورطه في العديد من عمليات النصب على العرب والأتراك، وأنه يقيم في منطقة بالقرب من ميدان تقسيم في وسط إسطنبول.
ومن ضمن الروايات التي أدلى بها بعض من تعرفوا عليه أنه كان يقوم بعمليات نصب من خلال عروض الزواج من فتيات صغيرات السن على بعض الوافدين إلى إسطنبول، وأنه استأجر شقة من قبل على أنه سوري، وأبرز بطاقة إقامة في تركيا عند استئجاره لها وكانت تقيم فيها أيضا الفتيات.
وكشف شهود عيان في المناطق التي قام البرنامج من خلال مراسليه بإجراء مقابلات فيها عن العثور على جثة رجل الأعمال المصري في منطقة «حبيبلار» القريبة من حي غازي عثمان باشا وهي منطقة فقيرة ونائية في إسطنبول، وأن الجثة وجدت في عربة يدوية يستخدمها أحد السوريين في جمع الكرتون، وأنها تركت على طريق ترابي لأيام عدة حتى اكتشفها بعض المارة وأبلغوا عن وجود جثة بها تبين أنها تركت لخمسة أيام.
وبحسب ما قال المحامي المصري أحمد جاد «الشرق الأوسط» تم التأكد من الجثة بعد نقلها إلى المشرحة وإجراء تحليل للحامض النووي ومطابقته مع نجل رجل الأعمال القتيل.
وروى عمر عبد القوي نجل رجل الأعمال للبرنامج أن والده كان بحوزته مبلغ ألفي دولار، وأنه تم العثور على المبلغ في غرفته.
ومن بين الروايات التي أدلى بها البعض للبرنامج أن الرجل الذي كان يرافق رجل الأعمال عرض عليه تزويجه من امرأة سورية، ولا يزال البرنامج الذي يبث يوميا على الهواء مباشرة يحاول التوصل إلى هوية ذلك الرجل وعلاقته برجل الأعمال القتيل.
ويعد برنامج «عطف وحزم»، الذي يقدم على شاشة قناة «إيه تي في»، من أشهر البرامج في تركيا، وانتقلت شهرته إلى العالم العربي أيضا بعد أن قام بالتحقيق في عدد من القضايا التي تخص مواطنين من الدول العربية تعرضوا لحوادث في تركيا، أو العثور على بعض المفقودين.
واكتسبت مذيعة البرنامج الصحافية موجه آنلي، شهرة واسعة، وأصبحت وجهاً مألوفاً يعيش مع الأسرة 4 ساعات يومياً باستثناء عطلة نهاية الأسبوع (السبت والأحد) لمدة 4 ساعات كاملة في الصباح من العاشرة إلى الواحدة بتوقيت تركيا، ويقبل عليه الناس، ولا سيما ربات البيوت، والفئات غير المرتبطة بعمل مثل كبار السن، بلا كلل، كما يتابعه من لا يسمح لهم الوقت بالمتابعة في الصباح عبر الـ«يوتيوب» مسجلا.
بدأ البرنامج في عام 2010، وركز اهتمامه في البداية على حالات التفكك والضياع الأسري، ومحاولة لم شمل الأسر، ولا سيما من يفقدون الاتصال بأسرهم أو أبنائهم لأعوام طويلة لأسباب مختلفة، ويعمل على إعادتهم، حيث يتاح الاتصال بالبرنامج لمن يبحث عن عائلته، أو لمن يبحثون عمن فقدوا من أبناء، وكذلك المغتربين الذين فقدوا ذويهم بسبب الانفصال.
وتطور الأمر بالبرنامج إلى البحث عن حلول لبعض الجرائم الغامضة مثل القتل أو الاختفاء لدرجة أن مديرية الأمن العام بدأت تتعاون مع البرنامج للحصول على بعض المعلومات التي تساعد في كشف أبعاد الجرائم وغموضها، ونجح البرنامج في حل لغز عشرات جرائم القتل.
ويعتمد البرنامج على فريق من خبراء القانون وأساتذة علم النفس والاجتماع في مناقشة الحالات التي تعرض على البرنامج، والتي غالباً ما يحضر أطرافها وجهاً لوجه، فضلا عن تجميع الشهود والاتصال بهم ليصبح بمثابة تحقيق على الهواء، فضلا عن حضور بعض الجمهور في الاستديو.
ومع استمراره بدأ البرنامج يستقبل العديد من البلاغات عن جرائم لم تحل ألغازها، وفي العديد من الحالات كان مرتكبو الجرائم أنفسهم يحضرون إلى البرامج حتى يزيلوا الشبهات عن أنفسهم، وحدث أن حضرت الشرطة أكثر من مرة وقبضت على بعض الضيوف على الهواء، مما زاد من درجة إثارة وجذب الجمهور. وعلى مدى 6 سنوات أصبح البرنامج هو الأشهر والأكثر مشاهدة في فترة الصباح.
ووصل الأمر إلى حد أن مديرية الأمن العام في تركيا أصبحت تتعاون مع البرنامج لإنشاء قاعدة بيانات لمساعدة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتقديم الدعم لهم، وكذلك البلديات ووزارة الأسرة والضمان الاجتماعي والجهات المعنية بشؤونهم. ويشاهد هذا البرنامج حاليا ثلاثة من بين كل 100 تركي يوميا، وأصبحت مذيعته موجه آنلي من أشهر مقدمات برامج التوك شو في تركيا.
ويتيح البرنامج الإبلاغ عن حالات الاختفاء أو الجرائم عبر الهاتف أو الـ«واتساب» أو الحضور مباشرة إلى مقر القناة.