أزمة «توسيع الاختصاصات» تعطل تعديل اتفاق الصخيرات الليبي

دبت خلافات بين أعضاء لجنة صياغة تعديل «اتفاق الصخيرات» المنبثقة عن مجلسي النواب والأعلى للدولة في ليبيا، ما أدى إلى تعطل أعمالها في تونس، وسط اتهامات متبادلة بينهما بـ«رفض التعاطي مع الاتفاق السياسي».
وأطلّت الخلافات بين الفرقاء الليبيين برأسها ثانية، مهددة بانهيار المفاوضات، عقب انسحاب الفريق الممثل للبرلمان من اجتماع لجنة صياغة تعديل الاتفاق، مساء أول من أمس، وأرجع عبد السلام نصية، رئيس لجنة الحوار الممثلة لمجلس النواب، سبب انسحابهم إلى «إصرار لجنة حوار المجلس الأعلى للدولة على عدم حسم القضايا الخلافية والرجوع إلى نقاط وتفهمات قد حُسمت من قبل».
وقال نصية في كلمة تلفزيونية إنه «قد تم تعليق الحوار للتشاور مع المجلس، ولحين الحصول على صيغ مكتوبة من لجنة مجلس الدولة تتعلق بالقضايا الخلافية». وفي موازاة ذلك، رد المجلس الأعلى للدولة بأنه «لم يطلب أي تعديلات أساساً، ومجلس النواب هو الجهة التي رفضت التعاطي مع الاتفاق السياسي وألح في طلب تعديله»، مشدداً على أنه «بات يتعين على مجلس النواب الآن تقديم صيغ مكتوبة للمواد المعترَض عليها».
وأبدى المجلس الأعلى في بيان، أصدره فجر أمس «استعداده للتعاطي مع الصيغ المكتوبة لمجلس النواب بإيجابية، وتحديد ما يمكن قبوله بشأنها»، مشدداً على «إصراره التام على مواصلة الجهود الحالية للتوصل إلى اتفاق مع مجلس النواب لرفع المعاناة اليومية عن المواطن الليبي، رافضاً استخدام أدوات التعطيل والتسويف والمقاطعة والتعليق، التي تشل عمل مؤسسات الدولة».
وفور رفع جلسة لجنة الصياغة في تونس، مساء أول من أمس، عزا المتحدث باسم البعثة الأممية ذلك إلى «إعطاء الفرصة لكلا الجانبين للتشاور مع لجان الحوار التابعة لمجلسي النواب والأعلى للدولة»، منوهاً بأن الاجتماعات والمشاورات الداخلية ستستمر غداً (اليوم)، وهو ما لم يحدث. وأرجع عضو في لجنة الحوار بمجلس النواب، سبب توقف لجنة الصياغة عن العمل إلى «مطالبة الممثلين للمجلس الأعلى للدولة بنسبة أكبر من الاختصاصات تتعلق بتزكية الشخصيات للمناصب، في مقابل تقليص صلاحيات مجلس النواب التشريعية مستقبلاً، وهو ما رفضناه». وأضاف العضو، الذي تحفظ على اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أن «فريق المجلس الأعلى طرح أفكاراً في الجلسة الماضية بشأن إسناد رئاسة المجلس الرئاسي كل 3 أشهر لأحد أعضائه الثلاثة، وهو ما أثار موجة من الرفض بين الحاضرين».
وخُصصت الجلسة (المعطلة) لمناقشة إيجاد آلية اختيار رئيس المجلس الرئاسي، والنائبين عن طريق القوائم والتزكية من خلال المجلسين، ومن ثم يتم التصويت.
وأبلغ عبد الله بليحق، الناطق الرسمي باسم مجلس النواب «الشرق الأوسط»، بأنه تم تعليق الجلسات لحين تقديم لجنة حوار مجلس الدولة مقترحاتها مكتوبة حول النقاط الخلافية، التي لم تُحسم بعد، لأن «هناك تغيراً فيما طُرح سلفاً... وقد عادوا للحديث مجدداً حول مسألة رئيس ونائبين، حيث طرحوا أن يكون منصب رئيس المجلس الرئاسي للحكومة المقترحة بالتناوب، وغيرها من الأطروحات فيما انتهى الاتفاق عليه سلفاً».وتابع بليحق: «يبدو أن جماعة الإخوان المسلمين كانت لها كلمة بعد عودة وفد مجلس الدولة إلى المفاوضات في تونس مجدداً»، لكنه رفض الكشف عن المزيد من التفاصيل.
من جهته، قال عبد النبي الصالحين، عضو لجنة الحوار ممثلاً عن البرلمان، إن سبب انسحاب الوفد البرلماني يعود إلى عدم وضوح مطالب مجلس الدولة بشأن الجيش الليبي وقيادته، في إشارة إلى صلاحيات خليفة حفتر القائد العام للقوات المسلحة الليبية، ووجود مقترح بجعل عمله تحت أنظار السلطة التنفيذية.
وبينما اتهم الصالحين مجلس الدولة بعدم نيته التوصل إلى حل يرضي جميع الأطراف، خصوصاً بالنسبة إلى قيادة الجيش، اعتبر مراقبون لسير جلسات الحوار أن انسحاب الوفد الليبي الممثل للبرلمان كان بغاية الضغط على الطرف المقابل (ممثلو المجلس الأعلى للدولة)، ومن ثم الحصول على فوائد سياسية خلال ما تبقى من جلسات الحوار.
وفي غضون ذلك، أطلق ناشطون في المجتمع المدني في ليبيا حملة شعبية تدعو إلى إبعاد متصدري المشهد السياسي الحالي (المجلس الرئاسي وحكومة الوفاق على وجه الخصوص)، وقالوا إن عنوان الحملة هو رفض أسلوب المماطلة واللامبالاة وتعطيل المسار السياسي الأممي. وفي هذا السياق، أكد أحمد الشركسي، أحد متزعمي هذه الحملة إن الحملة تطالب باتخاذ إجراءات وقرارات تضمن إنجاز مسار الخطة الأممية المتفق عليها في الفترة الزمنية المحددة.
ميدانياً، قُتل 6 أشخاص على الأقل خلال اشتباكات بين «قوة الردع الخاصة» في طرابلس، ومسلحين في منطقة الغرارات بسوق الجمعة (شرق) العاصمة، استُخدمت فيها الأسلحة المتوسطة، وقاذفات «آر بي جي»، وفقاً للمرصد الليبي.
وقالت قوة الردع أمس إنها سيطرت على من سمتهم «فلول المجرمين»، واعتقلت عدداً منهم في المنطقة بعد تمشيطها، مبرزة أنها فقدت آمر سرية (العمليات القتالية) بالكتيبة ملازم أول النميري محمد الجمل في المواجهات القريبة من مطار معيتيقة الدولي، بعد تعرض مدرعته لقاذف، كما أعلنت منطقة الغرارات «عسكرية»، وطالبت المواطنين «بتوخي الحذر وعدم التحرك في أماكن الاشتباك لسلامتهم». وتسببت الاشتباكات في توقف حركة الملاحة الجوية لبضع ساعات في مطار معيتيقة الدولي، لكن أُعيد فتح المطار ثانية، حسب إدارة المطار لـ«الشرق الأوسط».
إلى ذلك، تعهد السفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بيروني، الذي تفقد ميناء بنغازي البحري، أمس، برفقة عميد بلدية بنغازي عبد الرحمن العبار، بالعمل على جلب الشركات للاتفاق على تطوير الميناء وتحسينه بالشكل الذي يتناسب مع ميناء بحجم مدينة بنغازي.
وقال بيروني في تصريحات صحافية إنه سينقل الصورة لشركات النقل الإيطالية للبدء في التعامل مع الميناء مع ما شاهده من استقرار أمني وعمل مستمر في استقبال سفن شحن البضائع والوقود، لما له مردود اقتصادي للبلدين.