هل الجمهور هو اللاعب رقم 12 في صنع الانتصارات؟

عندما سألني الجمهور والصحافيون عن رأيي في مباراة برايتون أمام إيفرتون التي أقيمت يوم الأحد الماضي، وجدت نفسي أجيب بالطريقة المعتادة نفسها وأقول: «إنه فريق جيد ولديه كثير من اللاعبين الرائعين، لكن عندما نلعب على ملعبنا تكون لدينا فرصة كبيرة في تحقيق الفوز». وعندما فكرت في ذلك الرد اللطيف إلى حد ما، استوقفتني كلمتان مهمتان للغاية في هذه الجملة لم يكن من المنطقي أن يكون لهما هذا التأثير الكبير في عالم كرة القدم، وهما «في ملعبنا».
ومع ذلك، عندما فكرت ملياً في مسيرتي في عالم كرة القدم أدركت أهمية خوض المباريات على ملعبنا، وكيف كان يُستغل ذلك الأمر بقوة من جانب المديرين الفنيين الذين لعبت تحت قيادتهم ومن جانب زملائي في الفريق وجمهور النادي. فعلى سبيل المثال، عندما كنت ألعب ظهيراً في المباريات التي كنا نخوضها على ملعبنا، كنت دائماً أسمع من المدير الفني عبارات مثل «تقدم للأمام مع كل فرصة، فنحن بحاجة إلى اللعب بسرعة كبيرة اليوم»، أما عندما كنا نلعب خارج ملعبنا، فكنت أسمع المدير الفني يصرخ قائلاً: «هدئ وتيرة المباراة»، حتى إن كنا نلعب أمام فرق في مستوانا نفسه، وهو ما جعلني أدرك أن فرص الفوز على ملعبنا أكبر دائماً من فرص الفوز بالخارج، وهذا هو الواقع دائماً في كرة القدم.
ولو استبعدنا المشاعر والأحاسيس الإنسانية بعيداً عن كرة القدم، فمن المنطقي ألا يحدث هذا التأثير الكبير بسبب خوض المباريات داخل أو خارج ملعبك، وذلك لأننا نلعب على المساحة نفسها من الأرض ويلعب 11 لاعباً أمام 11 لاعباً، ويكون هناك حكم في كل المباريات ونلعب بالكرة نفسها ويكون الهدف هو وضع هذه الكرة في المرمى الذي لا تختلف أبعاده أيضاً من ملعب لآخر في جميع أنحاء العالم، ولذا كان من المنطقي أن تكون الفرص متساوية سواء كنت تلعب على ملعبك أو خارج ملعبك.
وبناء على ذلك، لو استبعدنا المشاعر والأحاسيس من كرة القدم فستختلف اللعبة تماماً، فلعبة كرة القدم يلعبها ويشاهدها أشخاص لديهم مشاعر. وعلى مر السنوات، كان هناك كثير من التحليلات التي تدرس ميزة اللعب على ملعبك، وكان هناك دليل قاطع على أن الفرق التي تلعب على ملعبها تكون فرصها أكبر بكثير في تحقيق الفوز. من المؤكد أن هذه الفجوة في النتائج بين الداخل والخارج قد تقلصت خلال السنوات الأخيرة، لكن لا تزال هناك فجوة على أي حال.
وبصفتي لاعباً محترفاً لديه كثير من الخبرات، أستطيع أن أقول بكل بصراحة إنني كنت أشعر بثقة وراحة أكبر عندما كنت ألعب على ملعب فريقي. وفي الواقع، لم أشعر بالراحة وأنا ألعب خارج ملعب فريقي إلا في الآونة الأخيرة، وذلك لأن الخبرات الكبيرة التي اكتسبتها قد ساعدتني في ألا أتأثر بالحشود الجماهيرية للفرق المنافسة.
وهناك كثير من التأثيرات الخارجية والنفسية التي تتغير وفقاً للعب على ملعبك أو بالخارج. على سبيل المثال، فإن النوم على سريري إلى جانب زوجتي وأطفالي يسمح لي بأن أكون أكثر راحة وتركيزاً عندما ألعب المباراة، على عكس النوم على سرير لا أعرفه في أحد الفنادق. وعلاوة على ذلك، يشعر اللاعب بالراحة أيضاً عندما يكون في غرفة خلع ملابس النادي الذي يلعب له، وإن كان بعض اللاعبين يتغلبون على هذا الأمر عن طريق تزيين غرف خلع الملابس في الملاعب الخارجية بألوانهم وصورهم الخاصة في محاولة للشعور بأنهم داخل ملعب فرقهم وليس بالخارج.
كما أن الرسائل التي أتلقاها قبل انطلاق المباراة من المديرين الفنيين ومن زملائي في الفريق، سواء كانت صحيحة أم خاطئة، تتغير بشكل سلبي عندما أكون بعيداً عن ملعب فريقي، حيث يطالبونني بأن أكون أكثر حذراً أو أن أعمل على احتواء الحماس الجماهيري للفريق المنافس أولاً ثم ألعب بحذر شديد. لقد حاولت دائماً أن أؤكد أهمية الدور الكبير الذي يقوم بهد الجمهور في المباراة، وفي الحقيقة تكون الأمور صعبة للغاية عندما يخوض اللاعب مواجهة خارج ملعبه أمام جمهور متحمس ويحدث صخباً كبيراً.
لقد شاهدت كثيراً من المباريات التي يكون فيها الفريق صاحب الملعب أقل في المستوى ولا يقدم الأداء الذي يضمن له الفوز، لكن المؤازرة الجماهيرية الكبيرة تساعد اللاعبين في استعادة ثقتهم في أنفسهم والشعور بالراحة، ومن ثم تحقيق الفوز على الفريق المنافس. صدقوني لو قلت لكم إن الجمهور الكبير يمكن أن يحدث الفارق بين النصر والهزيمة.
وعلاوة على ذلك، ليس اللاعبون وحدهم هم من يتأثرون بهذه الظروف. فمن الناحية المنطقية، يجب على الحكم أن يطبق قوانين اللعبة بالطريقة نفسها بغض النظر عن الملعب الذي يحتضن المباراة، لكن من واقع خبراتي أؤكد لكم أن احتساب ركلة جزاء أمام 40 ألف مشجع يكونون سعداء بها أسهل كثيراً من احتساب ركلة جزاء تتسبب في غضب هذا العدد الكبير من الجمهور. أنا لا ألقي باللوم على الحكام، ولكن هذه هي الطبيعة البشرية.
وعندما نتحدث عن ميزة اللعب على ملعبك ولماذا تصنع هذا الفارق الكبير، فيجب أن نشير إلى أن هذا يعد سبباً من الأسباب التي تجعلنا نعشق هذه الرياضة، إنها رياضة يلعبها أناس لديهم مشاعر وأحاسيس وليسوا في مأمن من أن يتأثروا بالعوامل الخارجية. وهذا هو السبب في أن الفريق الذي يلعب على ملعبه تكون فرصه أكبر في تحقيق الفوز، وكنت أتمنى أن نستفيد في نادي برايتون من هذه الميزة عندما يواجهنا إيفرتون بعد ظهر يوم الأحد الماضي.
جدير بالذكر أن فريق إيفرتون أفلت من هزيمة محققة على ملعب مضيفه برايتون وتعادل معه 1/ 1، في المرحلة الثامنة من الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم. وتقدم برايتون بهدف عن طريق لاعبه الفرنسي أنتوني كونكارت قبل 8 دقائق من النهاية. ولكن قبل دقيقة واحدة من نهاية المباراة، حصل إيفرتون على ضربة جزاء ترجمها واين روني إلى هدف التعادل للفريق الضيف. وحصد كل فريق نقطة واحدة ليرفع برايتون رصيده إلى 8 نقاط في المركز الرابع عشر، بفارق الأهداف أمام إيفرتون صاحب المركز السادس عشر.
وبعدما أنفق الفريق 140 مليون جنيه إسترليني (186 مليون دولار) على الانتقالات في الصيف الماضي لتزيد آمال الجماهير في المنافسة على مركز متقدم، لم يفز إيفرتون سوى مرتين في أول 8 مباريات ما يزيد الضغط على المدرب رونالد كومان.