10 موانع تبعد أطفال الدول النامية عن مقاعد الدراسة

في حين تجتمع الآراء على ضرورة إصلاح التعليم في مراحله المختلفة بالدول النامية، فإن هذه الدعوات قد لا تأخذ في عين الاعتبار كثيرا من الصعوبات التي تمنع تلقي أطفال تلك الدول حصتهم في التعليم. وبعض هذه الموانع واضح للعيان، مثل عدم وجود مدارس لتلقي التعليم في مناطق كثيرة، بينما البعض الآخر منها لا يمكن رصده بسهولة، مثل عدم كفاءة المدرسين وعدم تمتعهم بالقدر الكافي من التدريب.
بدورها، تقوم منظمة «غلوبال بارتنرشيب» المعنية بتعزيز جهود التعليم حول العالم برصد دوري لأهم العقبات والموانع التي تحجب التعليم عن أطفال الدول النامية. ومنذ عام 2014 حددت أن أهمها 10 موانع تعمل المنظمة بالتعاون مع الحكومات المحلية على تقديم الحلول لها. وتركز المنظمة على الدول الفقيرة، وعلى وجه الخصوص القطاعات المهمشة في المجتمع، والتي قد تشمل الفتيات والأقليات والمعوقين.
ووفق آخر إحصائية أجرتها المنظمة (نهاية عام 2015)، فقد كشفت أن نحو 264 مليون طفلا حول العالم لا يزالون محرومين من مقاعد الدراسة. ولذلك، دعت إلى زيادة الضغوط على الحكومات المعنية من أجل زيادة الحصص المخصصة للتعليم من الميزانيات العامة، كما تقوم بجهود من أجل زيادة الدعم الخارجي من الدول الصناعية لدعم قطاعات التعليم في الدول الفقيرة.
وهذه أهم المعوقات التي تحول بين أطفال الدول النامية وفرص التعليم في كل مراحله وفق المنظمة:

1- عدم وجود التمويل الكافي للتعليم

يحاول كثير من الدول النامية تدبير التمويل اللازم للتعليم من ميزانيات محدودة الموارد، ولكن العامل الأكثر تأثيرا في ميزانياتها المخصصة للتعليم هو تناقص الدعم الخارجي بشكل ممنهج خلال السنوات الأخيرة. وتشير المنظمة إلى أن 2.7 في المائة فقط من مجمل التمويل الخارجي تم استثماره في قطاعات التعليم في عام 2016. ولا يزيد المعدل الحالي الموجه إلى التعليم الأساسي في الدول الفقيرة عما كان عليه في عام 2008. وينعكس هذا سلبا على قدرة الدول النامية على تدبير أماكن لأعداد متزايدة من التلاميذ. وتواجه الدول الفقيرة نقصا في ميزانيات التعليم خلال السنوات الأربع المقبلة يصل إلى 34 مليار دولار. وتحاول منظمة «غلوبال بارتنرشيب» توفير دعم حجمه 3.5 مليار دولار من الدول المانحة، كما تحث الدول النامية على زيادة حصة قطاع التعليم من الميزانيات العامة لكي تسد الفجوة التي يصل حجمها إلى 16 مليار دولار، لسد الحاجات الملحة في قطاع التعليم.

2- عدم وجود مدرسين

هناك نقص عام في عدد المدرسين اللازمين في المراحل الابتدائية في مدارس الدول النامية، كما أن كثيرا من المدرسين الحاليين غير مؤهلين، مما يؤدي إلى تخريج أطفال غير ملمين بأساسيات اللغات والحساب. وتنوه المنظمة بالحاجة الماسة لتمكين 69 مليون معلما في المرحلتين الابتدائية والإعدادية بحلول عام 2030. وفي الوقت نفسه هناك أكثر من ثلث المدرسين في دول العالم الثالث حاليا غير مؤهلين إلى المستوى المطلوب دوليا. وهناك حاجة لتأهيل المدرسين وتدريب مزيد منهم بوصف ذلك أولوية للدول النامية.
3- النقص في عدد الفصول الدراسية
حقيقة يعيشها ملايين التلاميذ في الدول النامية، وفي كثير من هذه الدول يتم حشر مزيد من التلاميذ في فصول ضيقة ذات جدران متهالكة، أو يجري تلقي الدروس في الخلاء. وفي دول مثل مالاوي يحتوي الفصل الدراسي الواحد على 130 تلميذا في السنة الدراسية الأولى. ولا تمتلك المدارس في الدول النامية كثيرا من الخدمات الأساسية مثل مياه الشرب أو دورات المياه. وفي تشاد مثلا لا تتوفر مياه الشرب إلا في مدرسة واحدة من كل 7 مدارس، ولا توجد دورات مياه إلا في واحدة من كل 4 مدارس. ولا يخصص للفتيات إلا ثلث دورات المياه المتاحة، مما يعد عائقا حقيقيا أمام إقبال الفتيات على الدراسة. ويحتاج قطاع التعليم مزيدا من الدعم من الدول المانحة من أجل بناء مزيد من المدارس وتحسين نوعية المدارس القائمة.
4- نقص الكتب والمواد التعليمية

النمط السائد في مدارس الدول النامية هو استخدام كتب دراسية قديمة يتشارك فيها عدد من التلاميذ يصل أحيانا إلى 6 تلاميذ أو أكثر. وفي بلد مثل تنزانيا لا يتمتع باستخدام كتاب خاص به إلا نسبة 3.5 في المائة من مجموع التلاميذ في الصف السادس الابتدائي. وفي الكاميرون هناك 11 تلميذا في المدارس الابتدائية لكل كتاب مدرسي، و13 تلميذا لكل كتاب حساب في الصف الثاني. ويشمل النقص جميع مواد التعليم؛ من نشرات وأدوات كتابية ومدرسية. ويحتاج المدرسون أيضا لكثير من مواد التدريس اللازمة للقيام بوظائفهم. ويمكن لدعم الدول المانحة أن يساهم في عمليات طباعة الكتب المدرسية وتوفير الأدوات الدراسية اللازمة.

5- استثناء ذوي الاحتياجات الخاصة

رغم أن التعليم حق عالمي لجميع الأطفال، فإن ذلك لا يشمل في أغلب الأحيان 93 مليون طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة في العالم. وفي بعض أفقر دول العالم توجد نسبة 90 في المائة من ذوي الاحتياجات الخاصة خارج المدارس. وتتعدد الأسباب؛ بين التفرقة الواضحة، وانعدام التدريب على وسائل التدريس الشامل بين المدرسين، وانعدام الخدمات المتاحة في المدارس للمعاقين. والنتيجة هي حرمان كثير من الأطفال من حقهم في التعليم؛ لا لشيء إلا لأنهم معاقون بدنيا. وتحتاج الدول النامية إلى حملات لزيادة الوعي وتوفير بعض التسهيلات للأطفال المعوقين من أجل التحاقهم بصفوف التعليم الابتدائي على الأقل.

6 - التفرقة ضد الفتيات

رغم التقدم النسبي في توفير التعليم للفتيات في الدول النامية، فإن هناك أجيالا منهن لا يحظين بالاهتمام الكافي. وتقدر أعداد النساء الأميات في الدول النامية بنحو مائة مليون امرأة. وتصل نسبة الحرمان من التعليم بين الفتيات حاليا إلى أكثر من 20 في المائة لأسباب متعددة؛ منها الفقر والتفرقة الجنسية والنزاعات الأهلية. ويجبر الفقر بعض العائلات على اختيار من يتلقى التعليم من أبنائها وبناتها. وتخسر الفتيات في معظم الأحيان للاعتقاد السائد بأن تعليم البنات أقل أهمية من تعليم الأولاد. وتتوجه البنات إلى العمل أو البقاء في المنزل والاهتمام بالأطفال من إخوتها الصغار. وتهدف المنظمات الدولية إلى زيادة نسبة تعليم البنات إلى 84 في المائة بحلول عام 2018.

7- النزاعات الإقليمية
نظم التعليم من أكبر ضحايا النزاعات الإقليمية، ويتضح ذلك من إحصاءات تؤكد أن نصف الأطفال الذين لا ينتمون إلى مدارس أو أي نوع من التعليم يعيشون في دول تعاني من نزاعات إقليمية أو حروب أهلية. والنزاعات تمنع الحكومات من القيام بوظائفها على وجه صحيح، وتتسبب في تهجير الآلاف من منازلهم وإغلاق المدارس والمؤسسات الأخرى. وحتى في حالات تلقي الغوث الدولي في الدول المنكوبة لا يعد التعليم من أولويات الدعم.

8 - بعد المسافات بين المنازل والمدارس

في كثير من دول العالم يمشي الأطفال لمدة 3 ساعات ذهابا إلى المدرسة ومثلها إيابا. ويعاني الأطفال كثيرا من المشاق في هذه الرحلة اليومية التي تعد شبه مستحيلة في حالات التلاميذ المعوقين أو الذين يعانون من سوء التغذية أو المرض. ويمكن تصور الاستيقاظ في الخامسة صباحا والذهاب إلى المدرسة بلا إفطار والعودة في السابعة مساء يوميا. وتتعرض الفتيات إلى أخطار مضاعفة في هذه الرحلة منها التحرش والعنف. وليس هناك حل لهذا الوضع سوى بناء مزيد من المدارس المحلية التي تستوعب الأطفال في القرى والمناطق النائية.

9- الجوع وسوء التغذية

يلعب الجوع دورا رئيسيا في إعاقة التعليم في مختلف مستوياته، خصوصا في المرحلة الابتدائية. ويتأثر 171 مليون طفل في العالم الثالث بالجوع وسوء التغذية وهم في سن الخامسة، ويؤثر ذلك على قدراتهم على الاستيعاب والتركيز. ويعاني من هؤلاء نسبة 20 في المائة تقريبا إلى درجة عدم القدرة على القراءة وهم في سن الثامنة. وتعمل بعض المنظمات الدولية على التعامل مع هذه الأزمة بتوزيع الأغذية على مدارس العالم الثالث مباشرة، الأمر الذي يؤدي في الغالب إلى زيادة إقبال التلاميذ على الدراسة من أجل الحصول على وجبة غذائية في منتصف اليوم.

10- التكاليف الدراسية

في حين يقر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان أن كل الأطفال لديهم الحق في التعليم الأساسي المجاني حتى لا يكون الفقر عقبة أمام تلقي التعليم، فإن كثيرا من العائلات الفقيرة ما زالت ترى أن الذهاب إلى المدرسة عملية مكلفة ماليا. وتكون النتيجة هي بقاء الأطفال في المنازل أو ذهابهم إلى العمل. ورغم مجانية التعليم في كثير من الدول النامية، فإن هناك مصروفات إضافية لا بد منها مثل شراء ملابس مناسبة للدراسة وأدوات مكتبية وكتب ورسوم الامتحانات والمساهمة في تبرعات صيانة المدارس. وفي بعض الحالات، لا توجد أماكن كافية لاستيعاب التلاميذ في المدارس الحكومية فتضطر الأسر إلى إرسال الأطفال إلى مدارس خاصة غير مجانية قد لا يستمر فيها التلاميذ طويلا لعدم قدرة الأهل على دفع المصروفات. وفي هذا السياق، تنوه المنظمة بأن التبرع بدولار وربع يوميا، يجعل بالمقدور إرسال طالب للمدرسة في إحدى الدول النامية.