برلمان الجزائر يؤيد «مخطط الحكومة» بالأغلبية

أيد البرلمان الجزائري، أمس، بأغلبية كبيرة «مخطط عمل» الحكومة، الذي عرضه رئيس الوزراء أحمد أويحي على النواب بتكليف من الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في 15 من الشهر الحالي، وبقيادة طاقم وزاري تتمثل مهمته الأساسية في تفادي انفجار اجتماعي، يقول خبراء إنه أضحى وشيكا بسبب سياسة «شد الحزام»، التي فرضت على الجزائريين جراء شح حاد في الموارد المالية.
وحصل أويحي على ضوء أخضر لتنفيذ برنامجه بفضل الأغلبية الموالية للرئيس، والمشكلة من أربعة أحزاب أساسية هي «جبهة التحرير الوطني» التي يرأسها بوتفليقة، و«التجمع الوطني الديمقراطي» الذي يقوده أويحي نفسه، و«تجمع أمل الجزائر» برئاسة وزير الأشغال العمومية سابقا عمر غول، بالإضافة إلى «الحركة الشعبية الجزائرية» التي يتزعمها وزير التجارة سابقا عمارة بن يونس.
وصوت ضد «المخطط» نواب كتلة الإسلاميين في البرلمان، وأهمها أحزاب «حركة مجتمع السلم»، و«جبهة العدالة والتنمية»، و«حركة النهضة»، زيادة على نواب الحزبين البربريين الكبيرين «جبهة القوى الاشتراكية» (أقدم حزب معارض)، و«التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، الذي نعته أويحي بـ«التطرف» بسبب مواقفه المتشددة من الحكومة، فيما امتنع نواب «حزب العمال» اليساري عن التصويت. ويتناول «مخطط عمل الحكومة»، الذي يعتبر نسخة مصغرة من برنامج الولاية الرابعة للرئيس بوتفليقة (2014 - 2019)، تدابير عاجلة لسد عجز الموازنة الحكومية، المتأثرة من تراجع إيرادات النفط والغاز، وتتمثل خصوصا في تمويل الخزينة العمومية عن طريق الاقتراض من البنك المركزي، المطلوب منه أيضا ضخ مزيد من الأوراق النقدية في السوق. ولذلك حذر نواب المعارضة من «النتائج الكارثية» للإجراءات الاقتصادية المرتقبة، بحجة أن التضخم سيبلغ أرقاما قياسيا، فضلا عن ارتفاع منتظر لأسعار المنتجات ذات الاستهلاك الواسع.
ورد أويحي أمس، قبل التصويت على برنامج عمله بتهكم على هذه المخاوف، وقال إن «محترفي الاقتصاد الجدد يخوضون فيما لا يفقهون. وأنا أطمئن الجزائريين بأن الاقتصاد لن يشهد تضخما، والعملة الوطنية لن تفقد قيمتها»، علما بأن قيمة الدينار الجزائري منخفضة جدا أمام الدولار الأميركي في المصارف الرسمية (دولار مقابل 113 دينارا)، وفي السوق الموازية أيضا (دولار مقابل 160 دينارا).
ووصف أويحي المعارضة بـ«الذئب الذي يقف تحت الشجرة ليترقب سقوط حبة التين»، في إشارة إلى انتقادات لاذعة ضد خيارات السلطة الخروج من الأزمة المالية، وكان أويحي يقصد أن الشغل الشاغل للمعارضة هو الصعوبات التي يتخبط فيها النظام. وأعاب رئيس الوزراء على أحزاب المعارضة «التشفي في النظام لأنه يواجه أزمة خانقة»، واتهم «مجتمع السلم» الإسلامي بـ«التنكر لزعيمه الشيخ الراحل المتشبع بقيم الوطنية محفوظ نحناح»، في إشارة إلى رفض القيادة الحالية للحزب العودة إلى الحكومة التي غادرها عام 2012، بينما يعتبر نحناج مؤسس خط المشاركة في الحكم.
وكتب الوزير السابق عبد السلام علي راشدي، المعروف بحدة لهجته ضد الحكومة في تغريدة قائلا: «إنكم تبيعون الوهم، فقد أنفقتم 850 مليار دولار ما بين 2000 و2016، والآن وصلتم إلى الإفلاس وترفضون الاعتراف بذلك. يا جزائر يا مسكينة»! وأضاف أويحي وهو يواجه نواب المعارضة: «أقولها لكم بصراحة، في شهر أغسطس (آب) الماضي كان في خزينة الدولة 50 مليار دينار، وهو مبلغ لن يمكننا من تسديد أجور شهر نوفمبر (تشرين الثاني)، إذ يلزمنا 200 مليار دينار شهريا». وكان رئيس الوزراء يقصد أن الاقتراض من البنك المركزي سيمكن من تجاوز هذا العائق.
يشار إلى أن قطاعا واسعا من الجزائريين يبدي مخاوف كبيرة من إفرازات الأزمة المالية على معيشته اليومية، وسبق للجزائر أن عاشت وضعا مشابها بعد انهيار أسعار النفط عام 1986، فاضطرت إلى الاستدانة من الهيئات المالية الأجنبية، وكان لذلك تكلفة باهظة على الصعيد الاجتماعي. وقد تعهد أويحي بعدم اللجوء إلى الدين الخارجي من جديد، وأعلن بالمناسبة عن فرض ضريبة على المسافرين إلى الخارج، لكن من دون تحديد قيمتها.
وهاجم أويحي بشدة وزير التجارة سابقا نور الدين بوكروح، إثر دعوته إلى «ثورة سلمية للإطاحة بالنظام»، وقال عنه دون ذكره بالاسم: «هناك شخص يتصرف ككسوف الشمس الذي يعود من حين لآخر، إلى هذا الشخص أقول: أنت تبحث عن شهرة لنفسك، والنظام الذي تنتقده لا يبالي بتصريحاتك، والشعب لا يكترث لكلامك».