«موديز» تبرز قوة النمو في مصر وارتفاع مستوى الاستدانة

ساهم تحسن النمو الاقتصادي في مصر في تدعيم موقفها الائتماني في تصنيف وكالة «موديز» للتصنيف الائتماني السنوي، الذي أصدرت تفاصيله أمس، لكن ضعف الوضع المالي للبلاد بسبب تفاقم الديون ألقى بظلال سلبية على التقييم.
وجاء تصنيف «موديز» لمصر في مجال «القوة الاقتصادية» عند مستوى «سالب مرتفع»، وهي أدنى درجة في التقييمات المرتفعة. ويعكس مفهوم القوة الاقتصادية لدى الوكالة رؤيتها للنمو الاقتصادي للبلاد ومدى صلابة الاقتصاد وقدرته على تحمل الصدمات على المدى الطويل.
وقالت الوكالة: إن أوضاع النمو في البلاد تحسنت بعد التحولات السياسية التي تلت 30 يونيو (حزيران) 2013، حيث ارتفعت متوسطات النمو السنوية خلال العامين الماليين 2015 و2016 إلى 4.3 في المائة، ومن المتوقع أن يصل النمو إلى 4.2 في المائة خلال 2017، على أن يصعد إلى 5 في المائة في 2019.
وكان اقتصاد مصر ينمو بمتوسط 6 في المائة في الفترة من 2005 - 2010 قبل أن يتأثر بالاضطرابات السياسية التي تلت ثورة 2011، بجانب الآثار الممتدة للأزمة المالية العالمية، ليتراجع متوسط النمو في الفترة من 2011 - 2014 إلى 2.5 في المائة، وفقًا للتقديرات التي عرضتها «موديز».
ويبرز تقرير «موديز» تحسن الاستثمارات الأجنبية المباشرة بصفته واحدا من أبرز العوامل الداعمة لاقتصاد البلاد خلال العامين الماليين 2015 و2016، كما يشير إلى نمو الصادرات بنحو 16 في المائة خلال العام المالي 2017 واتجاه قطاع السياحة للتعافي مع ارتفاع عائداته بنسبة 16 في المائة خلال العام نفسه.
وعوّل التقرير بشكل كبير على برنامج الإصلاح الحكومي المصري، المدعوم من صندوق النقد الدولي، في تعزيز ثقة المستثمرين تجاه البلاد، وكان متوسط نسبة صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشرة من الناتج المحلي الإجمالي انخفضت من 5.8 في المائة في الفترة من 2005 - 2010 إلى 1.6 في المائة منذ 2011، لكنه أخذ اتجاها صاعدا خلال عامي 2016 و2017.
كما يشير التقرير إلى أن تخفيض العملة بعد التعويم الأخير، الذي كان ضمن حزمة الإصلاحات، ساهم في تعزيز تنافسية الصادرات.
واتفقت مصر مع صندوق النقد في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي على قرض بقيمة 12 مليار دولار لدعم البلاد في تنفيذ برنامج إصلاحي يسيطر على العجز المالي المتفاقم ويساعد على زيادة الإيرادات العامة.
لكن الإصلاحات الاقتصادية ساهمت في ارتفاع مؤشر التضخم بشكل قوي منذ مطلع 2017. وتشير «موديز» إلى أن قفزة التضخم الأخيرة أثرت سلبا على الاستهلاك المحلي الخاص والذي يعد أحد أبرز العوامل القائدة للنمو، لكنه يشير إلى أن التراكم الرأسمالي تزايد في الفترة نفسها مدعوما بالاستثمارات العامة والخاصة.
لكن الرؤية الإيجابية للنمو تحد منها بعض المؤشرات ذات الطابع الاجتماعي، حيث يقول التقرير: إن انخفاض متوسط دخل الفرد وارتفاع البطالة يؤثران سلبا على تقييم القوة الاقتصادية للبلاد.
وبحسب التقرير، فإن متوسط نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في مصر يصل إلى 12.5 ألف دولار (بالقوة الشرائية للدولار) مقابل 50.7 ألف دولار في البحرين، و46.6 ألف دولار في عمان، و24.9 ألف دولار في تركيا.
وبلغت معدلات البطالة في مصر نحو 12 في المائة في يونيو 2017، وهو المستوى المرتفع عن فترة ما قبل 2011 وفقا لـ«موديز».
وفي مقابل التقييم المرتفع لمصر في مجال القوة الاقتصادية، وضع التقرير تقييما للبلاد عند مستوى «منخفض للغاية» في مجال القوة المالية، الذي يعكس أعباء الاستدانة في البلاد.
وتوسعت مصر في الاستدانة بقوة خلال 2016 لسد فجوة مالية متفاقمة، ليرتفع الدين الخارجي إلى 73.8 مليار دولار خلال الربع الثالث من العام المالي 2017، مقابل 46.1 مليار في بداية العام المالي 2016.
وقالت الوكالة: إن متوسط نسبة العجز المالي من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة من 2007 - 2016 بلغ 9.8 في المائة، مقابل النقطة الوسيطة للدول المصنفة عند الدرجة B (التي تصنف مصر عندها) بنسبة 3.4 في المائة خلال الفترة نفسها.
لكن الوكالة عوّلت على إصلاحات صندوق النقد بشكل كبير في تحسين الوضع المالي للبلاد مع تطبيق إجراءات لزيادة الإيرادات العامة وكبح النفقات.
وأعطت الوكالة لمصر تقييم «منخفض» في مجال القوة المؤسسية، بينما منحتها تقييم «سالب مرتفع» في مجال القابلية للمخاطر، ووضعت التصنيف السيادي للبلاد عند B3 مستقر.