دي بروين يتألق وسط منافسة شرسة في مانشستر سيتي

كشف أداء لاعب خط الوسط البلجيكي الدولي كيفين دي بروين أمام ليفربول ما يتعين على أي لاعب إنجازه ليبقى متقدماً في ظل منافسة شرسة على نحو متزايد لضمان مكان في التشكيل الأساسي لمانشستر سيتي.
وقبيل مرور ساعة على انطلاق المباراة، وبينما كان غابرييل جيسوس في طريقه إلى خارج الملعب ليحل محله ليروي ساني في وسط تصفيق الجماهير صاحبة الأرض رغم الأداء المروع الذي أظهره أمام مرمى الخصم، وقف دي بروين يتحدث إلى ديفيد سيلفا وسيرغيو أغويرو. كان اللاعب البلجيكي قد توجه للحديث إلى كل منهما بمفرده ويبدو أنه كان يخبرهما ما يتعين عليهما فعله. بطبيعة الحال، كان من المستحيل معرفة ما يقوله لهما على وجه التحديد، لكن بالنظر إلى مجريات المباراة حتى تلك اللحظة، لن يكون من المثير للدهشة إذا نما إلى علمنا أن الرسالة كانت ببساطة: «استمروا في التقدم، واتركوا باقي المهمة لي».
وبالفعل، انتهت المباراة بأكبر فوز لمانشستر سيتي على أرضه أمام ليفربول منذ سبتمبر (أيلول) 1935 كثمرة مجهود جماعي، وساعد في هذا الفوز قرار الحكم بطرد ساديو ماني والذي رغم أنه بدا مثيراً للجدل بادئ الأمر، فإنه اتضح أنه كان مبرراً في النهاية. كما كشفت المباراة النقاب بوضوح عن مدى براعة كيفين دي بروين ومدى محورية الدور الذي بإمكانه الاضطلاع به في صفوف مانشستر سيتي في خضم مساعي النادي لاستعادة مكانته كبطل للدوري الإنجليزي الممتاز.
خلال المباراة، جاء أداء اللاعب البالغ 26 عاماً، متألقاً ذلك أنه عاون في أول هدفين لمانشستر سيتي، اللذين سجلهما أغويرو وجيسوس. كما قدم دي بروين بوجه عام أداءً قوياً وذكياً وممتازاً من الناحية الفنية وذلك من مركزه المتقدم في وسط الملعب. ورغم أن دي بروين لم يبتعد عن أقرانه داخل الملعب، فإن مستوى أدائه جاء بالفعل متميزاً وبدا وكأنه يشارك في مباراة مختلفة تماماً عن تلك التي يشارك بها باقي اللاعبين، الأمر الذي تجلى في الوقت والمساحة اللذين تمكن من إيجادهما داخل الملعب. ومن غير العجيب أن ينصت أغويرو وسيلفا باهتمام شديد لتوجيهاته ـ فهما يدركان جيداً أن دي بروين قادر تماماً على السيطرة على مجريات المباراة داخل الملعب.
من جانبه، علق بيب غوارديولا على أداء اللاعب صاحب القميص 17 بين لاعبيه، بقوله: «إنني سعيد للغاية بأدائه. إنه يملك قدرة جيدة على التعامل مع الكرة بقدمه. كما أنه يجري على نحو جيد، ويهاجم من داخل مساحات جيدة. إنه لاعب مكتمل المهارات، وأنا أعتبره أحد قادة الفريق». وبالنظر إلى الهدفين اللذين ساعد في تسجيلهما، يرتفع عدد الأهداف التي ساعد فيها دي بروين حتى هذه اللحظة إلى 39 في جميع المسابقات التي خاضها منذ انضمامه إلى مانشستر سيتي قادماً من فولفسبورغ مقابل 51 مليون جنيه إسترليني في أغسطس (آب) 2015.
كما سجل دي بروين بنفسه 23 هدفاً وحاز عدة مرات على لقب «أفضل لاعب بالمباراة». ومع هذا، ليس بإمكان دي بروين النظر إلى نفسه باعتباره عنصرا لا يمكن الاستغناء عنه بالفريق، خاصة مع استمرار اعتماد غوارديولا على أسلوب لعب يتضمن ثلاثة لاعبين في خط الوسط، حيث يوفر فيرناندينو الدعم الدفاعي لاثنين من صانعي الألعاب.
من جانبه، ينافس دي بروين لملء واحد من هذين المركزين، وذلك في مواجهة ليس ديفيد سيلفا فحسب، وإنما كذلك بيرناردو سيلفا الذي يزيد تدريجياً من سرعة أدائه بعد وصوله المتأخر من بطولة كأس القارات وانتقاله إلى مانشستر سيتي قادماً من موناكو في مايو (أيار) مقابل 43.6 مليون جنيه إسترليني. وهناك كذلك يايا توريه وإيلكاي غوندوغان، مع معاودة الأخير الانضمام إلى فريق مانشستر سيتي داخل الملعب أمام ليفربول، للمرة الأولى منذ تعرضه لتمزق في الأربطة المتصالبة للركبة في ديسمبر (كانون الأول). من الواضح أن المنافسة على المشاركة شرسة بين اللاعبين، ما يرفع سقف المعايير المطلوب توافرها فيمن يقع عليهم اختيار المدرب للمشاركة في التشكيل الأساسي.
وعلى ما يبدو، يعي دي بروين جيداً هذا الأمر إذا ما نظرنا إلى مستوى أدائه خلال المباراة كمؤشر. وقد شهدت المباراة أمام ليفربول، مشاركة اللاعب البلجيكي إلى جوار ديفيد سيلفا للمرة الرابعة على التوالي في بطولة الدوري الممتاز. وخلال المباراة، نجح في إنزال صنوف العذاب بلاعبي ليفربول منذ صافرة البداية حتى النهاية. ومع أنه شارك بداية المباراة في مركز على الجانب الأيمن، فإنه ظل يتحرك باستمرار عبر وعلى امتداد خطوط الفريق. في الدقيقة 20 من المباراة، ظهر على الجانب الأيسر وسبب قلقاً عارماً لدى الظهير الأيمن لليفربول، ترنت ألكسندر أرنولد، لدرجة أن الأخير، ورغم أدائه الواثق على امتداد الموسم حتى الآن، لم يجد أمامه خياراً سوى التداخل مع لاعب خط وسط مانشستر سيتي وإسقاطه أرضاً على أعتاب منطقة المرمى، لينال على ذلك بطاقة صفراء.
وبعد خمس دقائق، جاء الهدف الأول الذي ساعد دي بروين فيه ويعود جزء كبير من الفضل فيه إلى ثقة اللاعب البلجيكي ومهارته. بعد ذلك، جاء الهدف الثاني الذي عاون فيه كذلك في الوقت بدل الضائع من الشوط الأول. إلا أنه ينبغي التنويه هنا بأنه في أعقاب طرد ماني، تدنى أداء ليفربول على نحو ملحوظ أسفر نهاية الأمر عن أثقل هزيمة يمنى بها الفريق تحت قيادة المدرب يورغين كلوب، لكن هذا لا يعني بأي حال من الأحوال التقليل من روعة ومهارة أداء لاعبي مانشستر سيتي والذي أظهر أنه رغم كل العيوب الدفاعية التي يعانيها الفريق، والتي ظهرت من جديد أمام ليفربول، فإنه يتمتع بقوة هجومية ضارية تجعله جديراً بالفوز ببطولة الدوري الممتاز.