نائب رئيس المخابرات الليبية المفرج عنه يتهم «مجرمين» من الزنتان بخطفه

نشر الجيش الليبي أمس للمرة الأولى قواته داخل العاصمة الليبية طرابلس بهدف تأمينها ومنع وقوع المزيد من الاشتباكات المسلحة فيها، بينما قال العقيد مصطفى نوح نائب رئيس جهاز المخابرات العامة الليبية إن عملية اختطافه التي جرت أول من أمس على يد من وصفهم بـ«مجموعة من المجرمين الذين لا يمثلون أهل الزنتان»، انتهت بإطلاق سراحه.
وقال نوح الذي جرى توقيفه أول من أمس فور عودته إلى مطار طرابلس قادما من تركيا، إن المختطفين قاموا بنقله مباشرة إلى مدينة الزنتان الجبلية بغرب ليبيا، مشيرا إلى أنه جرى الإفراج عنه بعد اتصالات مكثفة قام بها العديد من الخيرين من أهل الزنتان ومصراتة والثوار الحقيقيين من طرابلس.
وقال شهود عيان في العاصمة الليبية لـ«الشرق الأوسط» إنهم شاهدوا العشرات من العربات والآليات العسكرية التي تحمل جنودا بالزي الرسمي للجيش لدى انتشارهم المفاجئ غير المسبوق في مداخل وشوارع المدينة وسط ترحيب سكانها.
وقبل نشر هذه القوات، أبلغت وزارة الدفاع الليبية في بيان لها أمس كافة المواطنين - وخصوصا سكان مدينة طرابلس الكبرى - أن عددا من وحدات الجيش بصدد دخول مدينة طرابلس من عدة محاور، ودعتهم إلى التعاون معها وتقديم كافة التسهيلات لها.
كما أعلن العقيد محمد سويسي، مدير مديرية الأمن الوطني، أن الشرطة ستنتشر بكل قوتها في مختلف شوارع ومناطق العاصمة للمحافظة على أمن الوطن والمواطن، مشيرا في مؤتمر صحافي عقده أمس مع فرج الجابري رئيس شرطة المرور إلى أن رجال الأمن سيؤدون مهامهم بكل جدية ومسؤولية في توفير الأمن والأمان داخل العاصمة. وأضاف أنه سيكون هناك تعاون وثيق بين رجال الشرطة والجيش الوطني للحفاظ على استقرار وأمن طرابلس.
وجاءت هذه الخطوة في وقت انسحبت فيه الميليشيات التي كانت متمركزة في منطقة غرغور إلى خارجها، بعد الاشتباكات التي أسفرت عن مصرع 47 قتيلا و502 مصاب، من بينهم 20 في حالة حرجة، وفقا لما أكده هاشم بشر رئيس اللجنة الأمنية العليا للعاصمة طرابلس لـ«الشرق الأوسط».
كما بدأت العديد من التشكيلات المسلحة في الخروج من الأماكن والعقارات والمعسكرات والمقار التي كانت تتمركز فيها بمدينة طرابلس وضواحيها والانسحاب إلى خارجها.
وفي تعبير عن الارتباك والفوضى السياسية والإدارية، نفت الحكومة الانتقالية التي يترأسها علي زيدان موافقتها على هدم المنازل الموجودة في منطقة غرغور، وعدت الرسالة الصادرة عن خالد الشريف، وكيل وزارة الدفاع، وما فيها ملغاة.. وذلك لأنها صدرت من دون تعليمات من وزير الدفاع ومخالفة للوائح والقوانين.
وقالت الحكومة إن مقتضيات التحقيق وخضوع هذه المباني للحارس العام تقتضي ألا يجري التصرف فيها إلا بإذن رسمي منه. كما حذرت المواطنين من أنه يحظر حظرا تاما الاقتراب من هذه المباني إلا بإذن رسمي من الحارس العام أو الجيش.
من جهتها، قالت اللجنة الوزارية لتنفيذ قراري المؤتمر الوطني العام (البرلمان) بشأن إخلاء العاصمة من كافة الميليشيات المسلحة إنها انتهت من وضع ما وصفته بخطة كاملة لإنهاء المظاهر المسلحة.
وأعلنت في بيان لها أن كل كتيبة وتشكيل مسلح - عناصره ليسوا مجندين رسميا كنظاميين في الجيش الليبي أو هيئة الشرطة وبأرقام عسكرية رسمية - يعد معنيا بالإخلاء بموجب هذا القرار، وكذلك يشمل إخلاء المدن من الكتائب والسرايا والدروع واللجان والتشكيلات المسلحة تحت أي اسم، بما فيها تلك الموجودة ضمن القواعد الجوية والبحرية بالمدن.
ولفتت اللجنة إلى أن وضع خطة كاملة، تشمل أماكن بديلة للتشكيلات أو تخزين سلاحها الثقيل والمتوسط مؤقتا إلى حين تفكيكها أو إعادة تأهيل أفرادها، يتطلب وضع خطة وجدول زمني لحصر كافة الكتائب والسرايا المعنية والتأكد من وضع البدائل اللازمة لحفظ الأمن لملء أي فراغ قد يترتب على هذا الإخلاء. وذكرت أنها استأنفت عملها أمس باجتماع ضم معظم أعضاء اللجنة ورئيس الحكومة وقائد العمليات بالجيش الليبي، ووضعت خطة عمل للأيام القادمة وبدأت اعتبارا من أمس الاتصال بالتشكيلات المسلحة ووضع خطة زمنية وفق خارطة طريق محددة لإخلاء مدينة طرابلس وبنغازي من التشكيلات المسلحة.
وأضافت أنه «في نهاية هذه الخطة لن يكون في طرابلس أو بنغازي إلا قوات الشرطة الليبية والجيش النظامي التابع لرئاسة الأركان العامة بالقوات المسلحة، وجميع أعضاء اللجنة متحمسون لهذا العمل»، مشددة على أنه «آن الأوان لأن تبدأ الدولة الليبية في هذا الأمر ولن نحقق أهداف ثورة 17 فبراير (شباط) إلا بتحقيق الأمن في العاصمة وفي المدن الكبرى في الدولة الليبية».
من جهتها، وصفت وزارة الداخلية الأوضاع الأمنية بطرابلس بأنها تحت السيطرة، وأكدت أن الاجتماعات مع مجالس الحكماء والشورى متواصلة للحد من تداعيات الأحداث المؤسفة التي شهدتها طرابلس مساء الجمعة الماضي. وناشدت الوزارة في بيان لها المواطنين ضبط النفس وتغليب العقل وعدم الانجرار وراء الشائعات.
إلى ذلك، نفى المجلس المحلي لمدينة طرابلس الكبرى اغتيال رئيسه السادات البدري، مؤكدا أنه بصحة جيدة ويمارس مهامه بشكل عادي وطبيعي.
من جهة أخرى، وفي مؤشر جديد على تدهور العلاقات بين ثوار مدينة مصراتة والدولة الليبية، أعلن مجلس مصراتة المحلي تجميد عضوية ممثلي المدينة في المؤتمر الوطني وتجميد مشاركة أعضاء الحكومة المنتمين للمدينة وسحب كافة ثوار المدينة الموجودين في طرابلس بكافة تشكيلاتهم ومسمياتهم بما فيها الدروع خلال 72 ساعة.
وحمل المجلس في بيان بثته وكالة الأنباء المحلية المؤتمر الوطني والحكومة مسؤولية تأمين العاصمة وحماية أهلها والمسؤولية الكاملة لسلامة أبناء مصراتة الموجودين في طرابلس، والإفراج عن كافة المحتجزين والتعويض عن ممتلكاتهم التي نهبت أو أتلفت وإرجاع الموجود منها.
وقال المجلس إن ما دفعه لإصدار هذا البيان هو الحفاظ على مصلحة ليبيا العليا، حيث إن ثوار مصراتة في طرابلس وجدوا أنفسهم بين أمرين؛ إما الدخول في حمام دم يخطط له دعاة الفتنة وإما الانسحاب محافظة على أرواح الليبيين.
وأعرب المجلس عن اعتقاده الراسخ بأن الحراك الحاصل هو أمر مبيت ومخطط له سلفا من أجل تشويه هذه المدينة وإظهارها وكأنها هي العائق في سبيل قيام الدولة المنشودة.
ونفى عز الدين كليش رئيس المجلس المحلي بتاجوراء وقوع اشتباكات بين الجيش الليبي وشباب منطقة تاجوراء المنتشرين في عدة محاور بالمنطقة، مشيرا إلى أنه لم يكن لدى المجلس المحلي أو القيادات الأمنية والثوار علم مسبق بدخول القوات التابعة للجيش الليبي لتأمين طرابلس، وهو ما نتج عنه سوء فهم، وحدوث إطلاق نار تحذيري في الهواء ليس إلا، ولم تقع أي إصابات من الطرفين.
وأشار إلى أن هذا الإشكال حل في وقته بعد أن تبين أن هذه القوات تابعة للجيش الوطني.
إلى ذلك، نجا العقيد عبد الله السعيطي آمر الغرفة الأمنية المشتركة بمدينة بنغازي شرق البلاد، من محاولة اغتيال بواسطة سيارة مفخخة جرى تفجيرها عن بعد بجانب الطريق عند مرور السيارة التي يستقلها. وأكد بيان لرئاسة أركان الجيش الليبي أن الحادث أدى إلى مصرع أحد الحراس وإصابة أحد مرافقي السعيطي بإصابة بالغة ودخوله إلى العناية المركزة بالمستشفى.
ونقل المتحدث الرسمي باسم الغرفة العقيد عبد الله الزايدي عن خبراء المتفجرات قولهم إن «كمية المتفجرات التي جرى استخدامها تزن قرابة 45 كيلوغراما وقد جرى تفجير السيارة المفخخة عن بعد عقب مرور موكب رئيس الغرفة بجانبها مباشرة». والسعيطي عقيد في الجيش كان يعمل في ما يعرف بقوات المناوبة. وهو ثالث رئيس للغرفة بعد العميد محمد الشريف والعقيد يونس العبدلي، وجرى تكليفه مطلع الشهر الجاري، علما أنه أثار الجدل عقب ترؤسه لمحكمة تولت التحقيق في قضية اغتيال اللواء عبد الفتاح يونس العبيدي، رئيس أركان جيش الثوار الذي أسقط نظام العقيد الراحل معمر القذافي، واستقال بعد تلويحه بيده بعلامة النصر أو الاستشهاد عقب انتهاء التحقيق مع المستشار مصطفى عبد الجليل رئيس المجلس الوطني الانتقالي السابق.
وكانت الغرفة قد دعت في بيان إلى مساندة القوات التي ستخرج لتأمين المدينة والالتفاف حولها لكي يستتب الأمن في مدينة بنغازي، التي تشهد اضطرابات أمنية واسعة النطاق تمثلت في عمليات تفجيرات واغتيالات لرجال أمن وجيش ونشطاء سياسيين وإعلاميين بلغ عددهم قرابة 110 أشخاص.