النظام يرعى انتقال مسلحي «داعش» من غرب سوريا إلى شرقها

أنجز النظام السوري و«حزب الله» اللبناني، وبسرعة قياسية، المرحلة الثالثة من صفقة وقف إطلاق النار عند الحدود اللبنانية السورية، التي أبرماها مع تنظيم داعش، وتمثلت بنقل مسلحي التنظيم وعائلاتهم إلى محافظة دير الزور في شرق سوريا، فيما لا يزال الضياع يتحكّم باللبنانيين، وخصوصاً أهالي العسكريين المختطفين لدى التنظيم المتطرف، الذين يخضعون لتحاليل فحص الحمض النووي التي تجريها المستشفى العسكري في بيروت، لتحديد هويات الرفات.
فقد انطلقت أمس الحافلات التي تقل عناصر «داعش» من جرود القلمون الغربي، واجتازت معبر الشيخ علي - الروميات، باتجاه مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي. وأفاد الإعلام الحربي التابع لـ«حزب الله»، أن عناصر التنظيم «قاموا بإحراق نقاطهم العسكرية وآلياتهم في جرود القلمون الغربي، قبل أن يستقلّوا الحافلات ويغادروا المكان، برفقة 11 سيارة إسعاف تابعة للهلال الأحمر السوري». وقال إعلام الحزب، إن «عناصر «داعش» توجهوا مع عائلاتهم إلى مدينة البوكمال بريف دير الزور الشرقي، بحسب ما تم الاتفاق عليه، بعد تسليمهم جثث جنود من الجيش اللبناني».
وكان التنظيم أبلغ «حزب الله» يوم الأحد، بالمكان الذي دفنت فيه جثث ثمانية جنود من الجيش اللبناني، بينما دلّ الحزب الجيش على هذه الرفات، في وقت تسود فيه حال من الغضب الشارع اللبناني، الذي لم يتقبّل الأسباب التي حملت الدولة اللبنانية على «القبول بترحيل هؤلاء الإرهابيين إلى الداخل السوري، وتحديداً منطقة دير الزور، قبل أن يتم التحقيق معهم ومعاقبتهم على جرائمهم».
وكان أهالي العسكريين المختطفين، حضروا أمس إلى المستشفى العسكري بناء لطلب من اللجنة الطبية، لإجراء الفحوص المخبرية ومطابقتها على الفحوص التي أجريت على الجثث المتحللة، وقال متحدث باسمهم: «لم نتأكد بعد أن الرفات عائدة للعسكريين، لقد طلبوا منا فحوصات DNA جديدة وصور أشعة للأسنان، من أجل كشف الحقيقة». وأعلن أن «المعلومات متضاربة حول الجثث الثماني الموجودة، والذي حيرنا وجود طفل بينها».
وأضاف الأهالي: «لا نزال نعتبر العسكريين مخطوفين، وننتظر انتهاء الفحوصات لتحديد هوية الجثث التي عثر عليها»، مؤكدين أن «هناك قطبة مخفية لم تطلعنا عليها السلطات المختصة، لا سيما أن معلوماتنا تفيد بأن العسكريين الثمانية لم يكونوا كلهم في مكان واحد».
لكنّ مصدراً مواكباً للعمل الطبي وإجراء التحاليل، أمل في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «لا يستغلّ البعض الحالة العاطفية والإنسانية للأهالي المفجوعين، من أجل التشكيك بهويات الجثث»، مؤكداً أن «المعطيات تفيد بأن الرفات عائدة للعسكريين، ونحن نعمل لنثبت ذلك علمياً»، لافتاً إلى أن «ما يحكى عن صورة طفل أو رفات طفل أمر غير دقيق، لأن الرفات التي نقلت إلى المستشفى العسكري هي عبارة عن عظام لثماني جثث، ونحن بصدد التأكد من هوياتها».
وفي موازاة العمل الطبي، نظّمت غرفة عمليات الجيش اللبناني في رأس بعلبك، جولة للإعلاميين على الجرود المحررة ومراكز الجيش، حيث شرح قائد الجبهة العميد فادي داود، مجريات العملية العسكرية التي أدت إلى تحرير الجرد والقضاء على تنظيم داعش، وأشار إلى أن «الخبرات القتالية التي يتمتع به جنود الجيش اللبناني، والمعنويات العالية والتفوق التسليحي، والقوة النارية وسلاح الجو، كلها عوامل أدت دورها في حسم المعركة لصالح الجيش».
في هذا الوقت، دعا مصدر عسكري لبناني، إلى «البناء على النتائج التي حققتها معركة الجرود». وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «معركة فجر الجرود، التي خاضها الجيش ضدّ تنظيم داعش حققت كامل أهدافها، بدءاً بكشف مصير العسكريين المخطوفين، ومن ثمّ طرد الإرهابيين من حدود لبنان الشرقية، وإبعاد خطر الإرهاب عن لبنان».
وشدد المصدر العسكري، على أن «تنظيم داعش اضطر إلى إلقاء السلاح، بعد الضربات القوية التي تلقاها من الجيش اللبناني، وتدمير أغلب تحصيناته العسكرية، وسلاح المضاد الذي كان يعتمد عليه في المواجهة». وأضاف المصدر: «صحيح أن أشياء تحققت على حساب أشياء أخرى، لكن العبرة بالنتائج، والنتائج قادت إلى كشف مصير العسكريين، وتحرير منطقة كانت تصنّع الإرهابيين وتصدره إلى الداخل اللبناني».
وكان تنظيم داعش أسر في الثاني من أغسطس (آب) 2014، 11 عسكرياً لبنانياً من داخل بلدة عرسال في البقاع، واقتادهم إلى الجرود الواقعة على الحدود السورية اللبنانية، وبعد أيام أعدم اثنين منهم هما علي السيد وعباس مدلج، فيما أفيد أن أحد العسكريين انشق عن الجيش، وانتقل للقتال إلى جانب التنظيم في مدينة الرقة السورية.
من جهته أعلن مدير العام الأمن اللبناني اللواء عباس إبراهيم، الذي كان وسيطاً لكشف مصير عناصر الجيش، أن «هذا الملف أقفل». وقال: «لكن علينا أن نقطع الشك باليقين، وهذا ما سنتأكد منه فور انتهاء فحوص D.N.A لتحديد الهوية الوراثية للعسكريين لمقارنتها بالفحوص العائدة لأهاليهم».