السعودية تحقق خفضاً في الاستهلاك المحلي للنفط بـ 18 %

أظهرت بيانات رسمية أن السعودية خفضت استهلاكها من النفط الخام خلال فصل الصيف بنسبة 10 في المائة العام الحالي وتضافر ذلك مع مستوى إنتاج قياسي لترتفع الصادرات لأعلى مستوياتها في نحو ثمانية أعوام.
وبحسب خبير نفطي فإن هذا المستوى من الانخفاض في استهلاك الخام محليا يعني تحقيق السعودية لخفض استهلاكها في وقت الذروة من المكررات النفطية 18 في المائة.
يشار إلى أن السعودية ومنذ مطلع العام الحالي كانت تنتج عند مستوى 9.9 مليون برميل من النفط الخام يوميا، هذا المستوى من الإنتاج بالضرورة يزيد من كميات الغاز المصاحب الذي يستهلك محليا في إنتاج الكهرباء والماء وفي مصانع البتروكيماويات، وبالتالي فإن زيادة معدلات إنتاج الغاز المصاحب تقلل من استهلاك النفط الخام في إنتاج الكهرباء وتحلية المياه أكبر قطاعين لاستهلاك الخام محليا.
أمام ذلك اعتبر الدكتور راشد أبا نمي وهو خبير نفطي سعودي، أن هذا المستوى في خفض الاستهلاك يعادل في قيمته بـ18 في المائة، على اعتبار أن السعودية تمكنت من خفض استهلاكها من النفط الخام 10 في المائة، كما أنها حدت من نسبة النمو السنوية التي كانت تشكل ضغطا حقيقيا على قطاع الطاقة في السعودية والتي كانت تعادل ثمانية في المائة.
في ذات السياق قال حجاج أبو خضور وهو خبير نفطي كويتي، إن «السعودية توازن بين استهلاكها المحلي وبين تغطية أي نقص يحدث في أسواق النفط العالمية، وذلك من خلال زيادة إنتاجها من الخام نتيجة تراجع حصص بعض المنتجين في السوق النفطية من داخل منظمة أوبك مثل ليبيا والعراق التي لم تستطع الاستمرار على وتيرة إنتاجها وكذلك الحظر الاقتصادي على الخام الإيراني».
وتفيد بيانات رسمية نشرتها «رويترز» أمس نقلا عن المبادرة المشتركة للبيانات النفطية «جودي» أمس (الأحد) أن السعودية استهلكت 689.752 برميل يوميا خلال فترة ذروة الطلب من يونيو (حزيران) إلى سبتمبر (أيلول) انخفاضا من 763.250 برميل في صيف 2102.
وارتفع إنتاج السعودية أيضا إلى 9.997 مليون برميل يوميا في المتوسط وهو أعلى متوسط على مدار أربعة أشهر منذ بدء جودي في تسجيل البيانات في 2002 حسب تحليل «رويترز» للبيانات.
وبالعودة إلى الخبير النفطي السعودي الذي أكد أن السعودية بلغت مستويات عالية من استهلاك النفط الخام محليا، وأضاف أن «زيادة إنتاج النفط الخام يزيد من إنتاج الغاز المصاحب الذي توجهه الحكومة السعودية إلى القطاعات ذات الاستهلاك العالي للطاقة مثل شركة الكهرباء والمؤسسة العامة لتحلية المياه المالحة وهما أعلى قطاعين يستهلكان النفط الخام في السعودية».
هنا أكد حجاج أبو خضور أن السعودية منذ فترة بدأت في زيادة استخدام الغاز في محطات الطاقة والمياه أكثر من استخدام المكررات النفطية، مما رفع حصة التصدير من الخام، وأضاف «هناك جهود سعودية للاستفادة من وسائط النقل العام وترقيتها، إضافة إلى الخطط التنموية السعودية لرفع كفاءة استهلاك الطاقة والحد من هدرها عبر توظيفات استثمارية في تطوير المرافق التي تستهلك أكبر قدر من الطاقة وهي النقل حيث أطلقت مشاريع واضحة لترقية النقل العام، وتطوير محطات إنتاج الكهرباء والتحلية».
بدوره يؤكد أبا نمي أن الإنتاج القياسي من النفط الخام 9.997 صاحبه كميات كبيرة من الغاز الذي اتجه إلى إنتاج الكهرباء والمياه، مما حد من استهلاك النفط الخام محليا وخفض الكمية المستهلكة منه لهذين القطاعين بنسبة تصل إلى نحو أربعة في المائة بحسب الخبير السعودي.
وقال أبا نمي، إن «الخطوة الثانية التي حدت من استهلاك الزيت الخام محليا هي تقليص كميات الغاز التي كانت تذهب إلى مصانع الإسمنت»، وزاد أبا نمي «شاهدنا عددا من شركات الإسمنت تتذمر من عدم تلبية حصصها من الغاز»، وقال، إن «الكمية التي تم تقليصها من مصانع الإسمنت اتجهت إلى الكهرباء والتحلية».
واعتبر السبب الثالث في نجاح السعودية في خفض استهلاكها من النفط الخام محليا هي إطلاق السعودية لمبادرة ترشيد الطاقة وهي توجه حكومي جاد يركز على ترشيد الطاقة في المرافق العامة خصوصا المساجد والمدارس.
كما أشار أبا نمي إلى أن الحكومة السعودية تعمل بجدية لخفض استهلاك النفط الخام وحل هذه المعضلة التي باتت مؤرقة بإحلال قيادات مطلعة على إنتاج النفط والغاز في المؤسسات التي تستهلك أكبر كمياته محليا وهي شركة الكهرباء، وقال أبا نمي، إن «هذا التوجه سيؤتي ثماره مستقبلا لصالح كفاءة استهلاك الطاقة محليا».
ويمثل فصل الصيف الطويل نسبيا في السعودية فترة ضغط على قطاع الطاقة، حيث يزيد الاستهلاك محليا من النفط الخام على حساب حصة التصدير بسبب الاستهلاك العالي للكهرباء لتشغيل أجهزة التكييف في ظل درجات حرارة تفوق 47 درجة مئوية في أغلب المدن السعودية.
إلا أن ثبات إنتاج السعودية من النفط الخام على مدى 10 أشهر تقريبا عند مستوى 9.9 مليون برميل يوميا خلق فائضا من الغاز المصاحب الذي تزيد كمياته بزيادة إنتاج النفط وبالضرورة تقل كمياته كلما تراجعت عمليات الإنتاج قلل وبشكل واضح من استهلاك النفط الخام محليا.
وأشار التقرير إلى زيادة الإنتاج في أشهر الصيف العام الحالي بواقع 152 ألف برميل مقارنة بصيف 2012 ما يعني زيادة إنتاج الغاز المصاحب من حقول النفط السعودية واستخدامه في توليد الكهرباء ما يسهم في إتاحة ملايين البراميل من الخام الذي يصل سعر البرميل منه إلى 100 دولار للتصدير.
والسعودية أكبر مستهلك للنفط الخام في توليد الكهرباء إذ تخلت معظم الدول الأخرى عنه منذ فترة ولجأت للغاز والطاقة النووية ومصادر الطاقة المتجددة، وكانت السعودي قد رفعت إنتاجها بنحو مليوني برميل منذ صيف 2010 لتعويض تعطل إمدادات من ليبيا وإيران وسوريا واليمن.