أزمات ترمب السياسية تلقي بظلالها على برنامجه الاقتصادي

تهدد الأزمات السياسية التي يواجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب قدرته على تنفيذ إصلاحات اقتصادية موعودة ومشاريع بنى تحتية على الرغم من الظروف الاقتصادية المؤاتية، بحسب دراسة نشرت أمس.
وتظهر نتائج الدراسة التباعد المتصاعد بين الرئيس الأميركي وقطاع الأعمال. فقد غادر مديرون تنفيذيون مجالسه الاستشارية الأسبوع الماضي، لينأوا بأنفسهم عن تعليقه على أحداث شارلوتسفيل وإعلانه أن المسؤولية تقع على الطرفين. وانتهت الأحداث بمقتل متظاهرة شابة دهسا بسيارة، يقودها رجل من دعاة تفوق البيض، كما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
ورغم أن الدراسة التي نشرتها «الجمعية الوطنية لاقتصاد الأعمال» أجريت قبل أكثر من أسبوع من تلك الأحداث، فإنها تعكس القلق المتزايد لدى الشركات التي تفاءلت منذ انتخاب ترمب، باحتمال تطبيق إصلاحات ضريبية وإنفاق على البنى التحتية في إجراءات من شأنها تعزيز الاقتصاد.
وقال المحلل لدى «الجمعية الوطنية لاقتصاد الأعمال» فرانك نوثافت: «أعتقد أن ذلك جزء من المخاوف، أن كل ما حصل مؤخرا، خصوصا في الأسبوع الماضي، قد يضعف قدرة الإدارة على تمرير أجندتها التشريعية».
وإذ أكّد أنه لا يتحدث بلسان أعضاء الجمعية في الدراسة نصف السنوية، قال نوثافت لوكالة الصحافة الفرنسية إن لدى الإدارة عددا من المقترحات التشريعية المهمة جدا التي من شأنها تحفيز النمو وتعزيز الإنفاق. إلا أنه أضاف أن «كل ما حدث يعرض الأجندة التشريعية للخطر. هل سيتم تمرير شيء؟».
وفي حين أظهرت الدراسة أن معظم خبراء الاقتصاد يعتقدون أن السياسة المالية الحالية «صحيحة نسبيا»، إلا أنهم «متشائمون بشأن احتمالات (تطبيق) إصلاحات ضريبية ذات معنى في فترة قريبة».
وأظهرت الدراسة التي أجريت من 18 يوليو (تموز) إلى 2 أغسطس (آب) لدى 184 من أعضاء الجمعية، احتمالا بنسبة 10 في المائة فقط لتمرير مثل هذا التشريع هذا العام، و15 في المائة لتمريره في 2018.
وقال أكثر من نصف المستطلعين إن من شأن فرض إصلاحات ضريبية أن يضيف أقل من نصف نقطة مئوية على نمو الناتج المحلي الإجمالي في السنوات العشر القادمة، فيما توقع ثلثهم أن يؤثر ذلك على النمو بما يتراوح بين نقطة ونقطتين مئويتين.
ويخشى خبراء اقتصاد الأعمال أيضا من «العواقب السلبية» لسياسات الإدارة الأميركية المتعلقة بالتجارة والهجرة. وفي تلك القطاعات، قال ريتشارد دي كيزر مدير الدراسة التي أعدتها الجمعية إن «المشاركين في الدراسة يمنحون الإدارة علامات سلبية». ودي كيزر هو أيضا نائب الرئيس التنفيذي وخبير اقتصادي لدى شركة «ويلز فارغو».
وشرح نوثافت، كبير خبراء الاقتصاد لدى شركة «كور - لوجيك»، أن كل ما يمنع الشركات من اتخاذ قرارات استثمارية، إن كان بالنسبة للصادرات أو الواردات، يمكن أن يتسبب في تأجيل النفقات والتأثير على الاقتصاد. وأضاف أنه عندما تكون السياسات «متعددة والبيئة قابلة للتغير بشكل كبير، فإن الشركات يمكن أن تتردد»، ملمحا إلى أن «الاستثمار جزء مهم من الناتج المحلي الإجمالي والنمو الاقتصادي».
من ناحية أخرى، فإن القيود على الهجرة تضر بالشركات التي تعاني مشكلة في إيجاد عمال، وخصوصا في قطاعي بناء المنازل والتكنولوجيا المتقدمة. وفيما يتعلق بالسياسة النقدية، قال نوثافت إن الدراسة تظهر أن لدى خبراء الاقتصاد الآن «اعتقادا أكبر» مقارنة مع الأشهر الستة الماضية، لجهة أن الاحتياطي الفيدرالي سيرفع سعر الفائدة مرة أخرى هذا العام.
وفيما قال 61 في المائة إن السياسة النقدية «صحيحة نسبيا»، توقع 53 في المائة زيادة ثالثة للفائدة هذا العام، بحسب الجمعية.
وبالمقارنة، تزداد شكوك خبراء اقتصاد السوق إزاء إمكان القيام بخطوة ثانية، يتوقع أن تكون في ديسمبر (كانون الأول)، عند الأخذ في الاعتبار نسبة التضخم المنخفضة رغم النسبة المنخفضة جدا للبطالة. وحتى مديرو البنوك المركزية منقسمون بشأن السرعة التي يتعين بها رفع الفائدة. غير أن 76 في المائة يتوقعون من ترمب عدم التجديد لرئيسة الاحتياطي الفيدرالي جانيت يلين عندما تنتهي ولايتها، التي استمرت 4 سنوات، في 3 فبراير (شباط) المقبل.
ونحو النصف يتوقعون تعيين المستشار الاقتصادي في البيت الأبيض غاري كوهين مكانها، رغم أن الدراسة أجريت قبل شائعات برزت هذا الأسبوع ونفاها البيت الأبيض، عن عزم كوهين على الاستقالة.
من ناحية أخرى، يرى معظم الخبراء فرصة بنسبة 10 في المائة في أن يفشل الكونغرس في زيادة أو تعليق سقف الاقتراض الحكومي، قبل أن تعجز الولايات المتحدة عن سداد الدين. ويتوقع أن تبلغ الحكومة سقف العجز عن السداد في منتصف أكتوبر (تشرين الأول).