بدء تجربة فضائية سعودية لزيادة الاستمطار الصناعي

بدأ رائد الفضاء السعودي علي القرني، الجمعة، تجربة الاستمطار الصناعي التي تهدف إلى رفع نسبته لأكثر من 50 في المائة، في حين نشرت زميلته ريانة برناوي فيديو للحرم المكي من المحطة الدولية، التي وصلا إليها قبل أيام، ضمن طاقم المهمة العلمية «AX-2».

وظهر القرني في فيديو نشره عبر حسابه على «تويتر»، حاملاً صندوقاً أخضر داخل وحدة كولومبوس، وقال إن هذا الصندوق عبارة عن تجربة الاستمطار الصناعي، وتم تجهيزه بأيدٍ سعودية، مضيفاً: «اليوم سأقوم بتركيبها في وحدة النانو، التي تهيئنا والعلماء في الأرض بالتحكم فيما يدور داخل الصندوق من تجربة». وأشار إلى أنه «في حال نجاحها ستعود علينا بالنفع بزيادة نسبة نجاح الاستمطار الصناعي لأكثر من 50 في المائة».

وتأتي تجربة القرني ضمن 14 تجربة بحثية علمية رائدة في الجاذبية الصغرى يجريها طاقم «AX - 2»، تُسهم في التوسع العلمي والأبحاث بجميع تخصصاتها، ويكون لها مردود في تطوير كثير من البرامج والأبحاث، فضلاً عن التواصل مع جمهور منتقى على الأرض للترويج لأبحاث الفضاء وعمل المحطة الدولية.

وتتولى جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، برئاسة الدكتور أشرف فرحات، وبالتعاون مع الهيئة السعودية للفضاء، الإشراف على هذه التجربة الهادفة إلى محاكاة عملية البذر السحابي التي تُستخدم في السعودية والكثير من الدول لزيادة معدلات هطول الأمطار؛ لمساعدة العلماء والباحثين على ابتكار طرق جديدة لتوفير الظروف الملائمة للبشر - ومنها عمل الأمطار الصناعية - للعيش في مستعمرات فضائية على سطح القمر والمريخ، كما ستسهم في تحسين فهم الباحثين لتقنية الاستمطار مما سيسهم في زيادة معدلات الأمطار.

وتسعى السعودية إلى تعزيز الموارد المائية، وتنمية الغطاء النباتي، والاستفادة من مصادر المياه المتجددة من خلال برنامج استمطار السحب الصناعي، الذي وافق عليه مجلس الوزراء خلال فبراير (شباط) 2020، وبدأت عملياته التشغيلية في أبريل (نيسان) 2022، بهدف «زيادة معدل الهطول المطري عن المعدل الحالي الذي لا يتجاوز 100 ملم سنوياً، لكون البلاد تعدّ من أكثر بلدان العالم جفافاً، ولا تحتوي على مسطحات مائية دائمة من أنهار وبحيرات»، وفق المهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة.

يسعى البرنامج لزيادة معدل الهاطل المطري السنوي بنسبة تصل إلى 20% (المركز السعودي للأرصاد)

وحققت الأعمال التشغيلية للبرنامج الذي أكمل 3 مراحل، نجاحاً بنسبة تجاوزت 97 في المائة، وتعطي الدراسات الأولية للهاطل المطري نتائج أولية تشير إلى كميات هطول بلغت (3.5) مليار متر مكعب من المياه على المناطق المستهدفة، حسبما كشف الدكتور أيمن غلام، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني للأرصاد المشرف على البرنامج، الذي أكد استعدادهم لإطلاق المرحلة الرابعة، بينما يعمل فريق من المختصين على توثيق البيانات المحصلة؛ ليتم تقييمها من خلال مراكز الأبحاث العالمية ونشرها لاحقاً.

ووقّع الفضلي في 11 مايو (أيار) الجاري، اتفاقية لشراء 5 طائرات حديثة لصالح البرنامج الإقليمي لاستمطار السحب؛ 4 منها لعمليات الاستمطار، وأخرى لأبحاث ودراسات الطقس والمناخ، مؤكداً أن هذه الخطوة تهدف لبناء القدرات الداخلية ونقل وتوطين المعرفة، إلى جانب استدامة الأعمال، ورفع مستوى تغطية وكفاءة تلك العمليات، إضافة إلى خفض التكاليف المصاحبة لتشغيل الطائرات؛ وذلك من خلال توفير طائرات خاصة ومجهزة بتقنيات الاستمطار كافة.

المهندس عبد الرحمن الفضلي وزير البيئة والمياه والزراعة السعودي يوقّع اتفاقية شراء الطائرات (واس)

من ناحيتها، نشرت ريانة مقطع فيديو على «تويتر» يُظهر الحرم المكي الشريف من محطة الفضاء الدولية، عقب مرورهم فوق مكة المكرمة، قائلة: «بعد ما خلّصت تجاربي لليوم صادف مرورنا فوق مكة المكرمة»، وعلّقت: «أحاول أصور لكم. مثل ما تشاهدون. هذه السعودية. وهذه مكة المكرمة منورة. وهذا الحرم المكي منوّر»، متابعةً: «مررنا من المدينة المنورة بشكل سريع».

وبدأت برناوي، الخميس، أولى تجاربها العلمية، بتجربة استجابة الخلايا المناعية للالتهابات باستخدام صندوق التجارب الحية، ويتعاون مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث وفريق العلماء التابع له، مع الهيئة على تجربة علوم الخلايا، وكيفية تغير الاستجابة الالتهابية في الفضاء، خصوصاً التغيرات الحاصلة على عمر الحمض النووي الريبونووي المرسال الذي يعد جزءاً أساسياً من إنتاج البروتينات المؤدية للالتهاب، كما سيتم استخدام نموذج خلايا مناعية لمحاكاة استجابة الالتهاب للعلاج الدوائي في بيئة الجاذبية الصغرى.

ريانة برناوي تبدأ أولى الخطوات في بدء التجارب العلمية من الفضاء

يشار إلى أن رحلة القرني وبرناوي تشكل منعطفاً تاريخياً في قطاع الفضاء السعودي، وتأتي تأكيداً لتوجهات السعودية الجادة نحو الاستفادة منه في كل مجالاته، باعتباره قطاعاً مستقبلياً عملاقاً تتقاطع فيه رؤى عالمية نحو الاستدامة والتكنولوجيا والأبحاث العلمية.