الصين تخطط لإطلاق تلسكوب فضائي كبير لاستكشاف الكواكب الخارجية

قال باحثون إن الصين تدرس تمويل دراسة جدوى تلسكوب فضائي كبير يبحث عن الكواكب الخارجية ويبدأ التشغيل فيه بحلول عام 2035. حيث سيطلق على التلسكوب «تينلين» (جار في السماء حسب اللغة الصينية)، وسيكون مخصصا بشكل أساسي للبحث عن الكواكب الشبيهة بالأرض، وخاصة التوائم الأرضية في المناطق الصالحة للسكن حول النجوم القريبة، وفقا لباحثين من المختبر الرئيسي لعلم الفلك البصري التابع للمراصد الفلكية الوطنية في بكين، وذلك حسب ما نشرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية.

والمناطق الصالحة للسكن هي غير الساخنة جدا وغير الباردة جدا حول النجم حيث يمكن أن توجد المياه السائلة على سطح الكوكب.

وسيتم إطلاق التلسكوب «تيانلين» الذي يبلغ حجم فتحته 6 أمتار، إلى مدار هالة نقطة الشمس والأرض L2 (تعتبر النقطة L2 لنظام الأرض الشمس مثالية لعلم الفلك لأن المركبة الفضائية ستكون قريبة بما يكفي للتواصل مع الأرض، ويمكنها إبقاء الشمس والأرض والقمر خلف المركبة الفضائية للحصول على الطاقة الشمسية، فضلا عن ان تلك النقطة ستوفر للتسلكوب رؤية واضحة للفضاء السحيق).

وأوضح الباحثون أن الهدف الأساسي للبعثة هو البحث عن الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية القريبة وتوصيفها، وخاصة الكواكب الشبيهة بالأرض والكواكب الصخرية القريبة حول نجوم G و K، لاستكشاف صلاحيتها للسكن، والبحث عن البصمات الحيوية المحتملة في غلافها الجوي أو على أسطحها.

أما الهدف العلمي الثانوي للبعثة فهو الحصول على فهم شامل لمختلف أنواع الكواكب وأنظمة الكواكب من حيث مكوناتها، وكيف تتشكل وتتطور، وما الذي يشكل غلافها الجوي من خلال إجراء مسح طيفي متعمق لعينة (أكثر من 100) من الكواكب الصخرية والغازية القريبة على نحو دقيق وسليم.

وفي هذا الاطار، سيزن المرصد بأكمله بما في ذلك التلسكوب والأدوات حوالى 15.6 طن. وسيتمركز على منصة مركبة فضائية سيتم تطويرها بالتزامن مع التلسكوب لتحقيق استقرار دينامي وحراري عال تتطلبه أهداف البعثة.

ويقدر الباحثون وزن الحمولة الإجمالية للتلسكوب بـ 40 طنا. فيما سيتم إطلاقه حوالى عام 2035 بواسطة الجيل التالي من صاروخ الحمولات الثقيلة الصيني «لونغ مارش-9».

التلسكوب «جيمس ويب» يرصد أبعد مجرة في الكون

رصد تلسكوب «جيمس ويب» الفضائي أبعد مجرة مكتشفة على الإطلاق، تشكلت في العصور الأولى للكون بعد 320 مليون سنة فقط من الانفجار العظيم، حسب دراستين نُشرت نتائجهما أمس (الثلاثاء).
ومن المعلوم أنه كلما كانت المجرات بعيدة، أي حديثة العهد تالياً، زادت صعوبة اكتشافها نظراً لضعف الإشارة الضوئية المتأتية منها.
وقد حدد أول البيانات المسجلة عبر تلسكوب «جيمس ويب»، الموضوع في الخدمة منذ يوليو (تموز) 2022، مجرات كثيرة قد تكون إشاراتها الضوئية ضمن نطاق الأشعة دون الحمراء، وهي موجات طول غير مرئية بالعين البشرية وتتيح مراقبتها الغوص في أعماق الماضي السحيق.
وأكدت الكاميرا «نيركام NIRCam» المدمجة بالتلسكوب، بفضل قدرتها القوية على سبر الأشعة دون الحمراء، إلى جانب التحليل الطيفي الذي يحلل الضوء المتأتي من جسم ما لتحديد عناصره الكيميائية، «بشكل لا لبس فيه» وجود أربع مجرات تقع كلها على الجانب الأحمر في أقاصي الطيف، أي إنها بعيدة جداً.
ويعود تاريخ تكوُّن هذه المجرات إلى فترة تتراوح بين 300 مليون سنة و500 مليون سنة بعد الانفجار العظيم (الذي حدث قبل 13.8 مليار سنة)، على ما ورد في دراستين نُشرتا في مجلة «نيتشر أسترونومي». وكان عمر الكون آنذاك يوازي 2 في المائة فقط من عمره الحالي، فيما تسمى فترة «عودة التأيّن»، أي حين عاد الكون ليتّقد نوعاً ما وبدأ في إنتاج عدد هائل من النجوم، بعد فترة سُمّيت «العصور المظلمة».
وأوضح ستيفان شارلو، من معهد الفيزياء الفلكية في باريس، وهو أحد معدّي الدراسة، لوكالة الصحافة الفرنسية، أن أبعد المجرات التي رصدها تلسكوب «جيمس ويب»، والتي يُطلق عليها اسم JADES - GS - z13 - 0. تكونت «بعد 320 مليون سنة من الانفجار العظيم»، وضوؤها هو الأبعد الذي رصده علماء الفلك على الإطلاق.
كذلك، أكد التلسكوب الفضائي وجود المجرة GM - z11. التي يرجع تاريخها إلى 450 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، والتي اكتُشفت أولاً عبر تلسكوب «هابل».
وتتمتع المجرات الأربع التي رصدها التلسكوب «جيمس ويب» بكتلة منخفضة جداً، تقرب من مائة مليون كتلة شمسية، فيما تضم مجرة «درب التبانة» على سبيل المثال 1500 مليار كتلة شمسية. لكنّ هذه المجرات «نشطة للغاية في تكوين النجوم، نسبةً إلى كتلتها»، حسب العالم الفيزيائي.
وتتشكل النجوم هناك «بالوتيرة عينها تقريباً كما في درب التبانة»، وهي سرعة «مفاجئة جداً قياساً إلى هذه المرحلة المبكرة جداً من تشكّل الكون»، وفق ما يعلق هذا الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي.
وتبيّن أيضاً، وفق الباحثين، أن هذه المجرات «فقيرة جداً في المعادن»، وهو اكتشاف يتوافق مع النموذج القياسي لعلم الكونيات: كلما اقتربنا من أصول الكون، قلّ الوقت المتاح للنجوم لتشكيل هذه الجزيئات المعقدة.
ورأى عالم الفلك في جامعة «يال» الأميركية بييتر فان دوكوم، في تعليق مرفق بالدراسة أن هذه الملاحظات التي رصدها التلسكوب «جيمس ويب» تشكل «إنجازاً تقنياً». وأكد أن التلسكوب يوسع «كل شهر تقريباً حدود الاستكشاف»، ويسبر أغوار الكون أكثر فأكثر مع مرور الوقت.
في فبراير (شباط) الماضي، رصدت الأداة التي طوّرتها وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) ست مجرات تشكلت في فترة تتراوح بين 500 و700 مليون سنة بعد الانفجار العظيم، وتبيّن أنها أكبر بكثير مما كان متوقعاً. وإذا جرى تأكيد وجود هذه المجرات عن طريق التحليل الطيفي، فقد يدفع ذلك إلى إعادة النظر في جزء من نظرية تشكل الكون.

بكين تدرس إنشاء تلسكوب عملاق تحت الماء لرصد الأشعة الكونية

يعمل علماء صينيون على مخطط لتلسكوب عملاق لرصد النيوترينوات، أحد أكثر الجسيمات وفرة في الكون، من أعماق البحار أو البحيرات.
وقال تشن مينغ جيون كبير باحثي المشروع في معهد فيزياء الطاقة العالية التابع للأكاديمية الصينية للعلوم، إن المنشأة مصممة ليكون حجمها حوالى 30 كيلومترا مكعبا، وستغمر على عمق يزيد على كيلومتر واحد. مضيفا «أن الهدف من بناء مثل هذا التلسكوب تحت الماء هو رصد النيوترينوات العالية الطاقة، حيث يعتقد أن هذه الجسيمات تنتج خارج النظام الشمسي. لذا فإن رصد النيوترينوات التي تمر عبر التلسكوب سيساهم في حل لغز علمي عمره قرن من الزمان لأصل الأشعة الكونية»، وذلك وفق ما نشرت وكالة أنباء «شينخوا» الصينية، اليوم (الأربعاء).
وفي أوائل القرن العشرين، اكتشف العلماء أن الأرض تتعرض لقصف مستمر من جسيمات نشطة من الفضاء الخارجي، والتي تسمى الأشعة الكونية. ورصد مرصد التيار الهوائي المرتفع الكبير في جبال هضبة تشينغهاي-التبت بالصين 12 مصدرا لأشعة غاما عام 2021، ويعتقد أنها تأتي من نفس مصادر الأشعة الكونية.
في هذا السياق؛ قال تشن إن إحدى الفرضيات الشائعة هي أنه من المحتمل أن تكون النيوترينوات العالية الطاقة وأشعة غاما تنتج في وقت واحد عندما تنشأ الأشعة الكونية العالية الطاقة. وتابع «إذا تمكنا من رصد الجسيمين معا، فسنتمكن من تحديد أصل الأشعة الكونية».
فعند المرور عبر الماء، تصطدم النيوترينوات بالنواة الذرية وتنتج جسيمات ثانوية، تنبعث منها إشارات ضوئية يمكن التقاطها بواسطة أجهزة الرصد تحت الماء. وقد لمحت بعض الدراسات إلى هذا الاحتمال بالفعل، ويعتقد تشن أن رصد النيوترينو يمكن أن يتتبع أصل هذا الإشعاع الفضائي الغامض.
وعن سبب بناء العلماء للتلسكوب في أعماق المياه، قال تشن «إنه من بعد كيلومتر واحد تحت الماء، لا يخترق ضوء الشمس الظلام، ولا يمكن أن تحدث عملية التمثيل الضوئي، ولا توجد أسماك أو كائنات دقيقة أيضا». موضحا «أن المياه النظيفة ستساعد في زيادة فرص رصد إشارات النيوترينو».
وفي هذا الاطار، تشمل أجهزة رصد النيوترينو الأجنبية المماثلة تحت الماء مرصد «آيس كيوب» على نطاق كيلومتر مكعب، الواقع بالقرب من القطب الجنوبي، وتلسكوب «بايكال - جي في دي»؛ الذي يغطي حاليا 0.5 كيلومتر مكعب في بحيرة بايكال.
وذكر تشن أن المرصد الصيني المخطط له سيكون أكبر بكثير، قائلا «سيكون مرصدا بحجم 30 كيلومترا مكعبا ويضم أكثر من 55000 وحدة بصرية معلقة على طول 2300 سلسلة».
جدير بالذكر، في فبراير (شباط) الماضي، أكمل فريق تشن أول تجربة بحرية لاختبار نظام الرصد على عمق 1800 متر تحت الماء. وقد قضى معظم أعضاء فريق تشن سنوات عديدة بدراسة الأشعة الكونية. لقد شاركوا في مشروع مرصد التيار الهوائي المرتفع الكبير في جبال هضبة تشينغهاي-التبت في الصين؛ وهو مرصد عملاق للأشعة الكونية يقع على ارتفاع 4.41 كيلومتر فوق مستوى سطح البحر بمقاطعة سيتشوان جنوب غربي الصين.
ومع ذلك، افاد تشن بأن العثور على النيوترينوات من خارج كوكب الأرض في المياه العميقة أكثر صعوبة من الجبال، مضيفا أن التحديات الحالية التي يواجهها فريقه تشمل تطوير أجهزة الرصد لتلبية متطلبات أعلى بشأن العزل المائي، فضلا عن ارتفاع تكاليف المعدات والعمليات تحت الماء.

لماذا اختارت مصر «جبل الرجوم» لبناء «أكبر» تلسكوب بالشرق الأوسط؟

استقر «المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية» بمصر، على اختيار منطقة «جبل الرجوم» بجنوب سيناء، ليكون موقعاً لـ«أكبر مرصد فلكي في الشرق الأوسط»، يتم إنشاؤه ليكون بديلاً لمرصد القطامية الفلكي، الذي يوجد على بعد 80 كيلومتراً من وسط العاصمة القاهرة.
وأنشئ مرصد القطامية عام 1964، ليكون امتداداً لمرصد حلوان الذي تم تدشينه عام 1903، والذي يعتبر من أقدم المعاهد البحثية في مصر والشرق الأوسط.
وكما أن مرصد القطامية الفلكي، الذي احتفل في سبتمبر (أيلول) الماضي بعامه الثامن والخمسين، لم ينهِ مرصد حلوان، وصار لكل منهما استخداماته، يقول جاد القاضي، رئيس «المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية»، لـ«الشرق الأوسط»، إن مشروع مرصد «جبل الرجوم»، لن ينهي عمل مرصد القطامية؛ إذ سيتحول الأخير إلى مركز تدريب عالمي على علوم الفلك والفضاء.
وأوضح القاضي أن «التكلفة التقديرية للمشروع تبلغ 100 مليون دولار؛ إذ يسعى المعهد الذي دُشن في بدايات القرن الماضي (عام 1903)، إلى أن يكون التلسكوب الجديد بمواصفات تفوق تلسكوب القطامية».
ويبلغ قُطر مرآة تلسكوب القطامية، مترين فقط، وهو الأكبر حتى الآن في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، في حين يسعى معهد الفلك إلى أن يكون قُطر مرآة التلسكوب الجديد 6.5 متر، ليكون «الأكبر بين دول حوض البحر الأبيض المتوسط»، كما يوضح القاضي.
ويضيف: «تلسكوب بهذه المواصفات، سيساعدنا على الاستفادة من عدد الليالي الصافية في مصر، الذي يفوق دول حوض البحر الأبيض المتوسط، لتحقيق إنجازات أكبر في مجال الرصد الفلكي، تفوق ما حققه مرصد القطامية».
ونجح مرصد القطامية الفلكي خلال الشهور الأخيرة في تحقيق إنجازات علمية عالمية، منها رصد أقوى الانفجارات النجمية وأشدها سطوعاً على الإطلاق، وهو انفجار لنجم حدث على بعد 2.4 مليار سنة ضوئية من الأرض، وكان ذلك في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، كما اكتشف المرصد أحد النجوم المتغيرة في أغسطس (آب) الماضي، وتم تسجيل الاكتشاف بالموقع الدولي للرابطة الأميركية لراصدي النجوم المُتغيرة (AAVSO)، وهي الجهة الدولية المنوط بها تسجيل واعتماد الاكتشافات العلمية للنجوم المُتغيرة، ورفع هذا الاكتشاف عدد النجوم المُكتشفة حديثاً والمُسجلة باسم مصر ومرصد القطامية الفلكي إلى 11 نجماً.
ورغم ما تحقق من إنجازات، فإن «المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية»، يسعى لتحقيق المزيد من الإنجازات في رصد أعماق الكون، وهو النشاط الذي بدأ يتأثر بالتلوث الضوئي الناتج عن الزحف العمراني، والذي يؤثر على الأرصاد التي تتم من خلال المرصد.
ويقول أشرف شاكر، رئيس قسم الفلك بالمعهد: «من المتوقع أن تزداد صعوبة الرصد من مرصد القطامية مع بدء تسكين المشروعات السكنية في العاصمة الإدارية الجديدة القريبة جداً من مرصد القطامية، وهو ما عجّل بضرورة العمل على إنشاء مرصد جديد».
ويضيف: «لجان من المعهد جابت أنحاء مصر بحثاً عن مكان، وتم اختيار المكان الجديد في جنوب سيناء بعد أن وجدنا أنه ينطبق عليه كل الشروط، من حيث إنه مكان مرتفع، وبعيد عن الكتلة السكنية والتلوث الضوئي ليلاً، كما أن دراسات الأرصاد الجوية أثبتت ملاءمته أيضاً».
واستمرت دراسات الأرصاد الجوية على الموقع لمدة عام، لكي تشمل فصول السنة الأربعة، لاختبار عدة عناصر تؤثر على الرصد، من بينها الرطوبة ودوامات الهواء.