جمعة دماء واشتباكات في الأقصى

أفراد من الشرطة الإسرائيلية في القدس (إ.ب.أ)
أفراد من الشرطة الإسرائيلية في القدس (إ.ب.أ)
TT

جمعة دماء واشتباكات في الأقصى

أفراد من الشرطة الإسرائيلية في القدس (إ.ب.أ)
أفراد من الشرطة الإسرائيلية في القدس (إ.ب.أ)

قتل ثلاثة فلسطينيين فتحوا النار اليوم (الجمعة) على عدد من أفراد الشرطة الإسرائيلية في القدس القديمة، ما أدى إلى مقتل اثنين، ولاذوا بالفرار باتجاه باحة الأقصى قبل أن تلحق بهم قوات الأمن وتقتلهم بالرصاص.
ونقلت الشرطة الإسرائيلية هذه المعلومات صباحاً، مشيرة إلى إصابة ثلاثة من أفراد الشرطة، اثنان منهم بجروح خطيرة، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل، لكنها لاحقاً أكدت وفاتهما في المستشفى.
وقالت المتحدثة باسم الشرطة لوبا السمري، إن المسلحين وصلوا إلى الموقع وتوجهوا صوب إحدى بوابات المدينة القديمة القريبة. أضافت: «عندما شاهدوا رجال الشرطة أطلقوا النار باتجاههم ثم لاذوا بالفرار صوب أحد المساجد، ووقعت مطاردة وقتلت الشرطة ثلاثة إرهابيين». وذكرت أن الشرطة عثرت على ثلاثة أسلحة بحوزة المهاجمين.
وأظهرت لقطات من هواتف محمولة بثتها وسائل إعلام إسرائيلية عدة أفراد من الشرطة يطاردون رجلا ويردونه قتيلا في الموقع. وقالت الشرطة إن التحقق جار لمعرفة ما إن كان المسلحون الذين قتلتهم قوات الأمن فلسطينيين.
ولاحقاً، أفادت السمري بأن منفذي هجوم القدس هم من فلسطينيي الداخل (عرب 48) من مدينة أم الفحم العربية، ومن عائلة واحدة وليست لهم أي سوابق أمنية. وقالت إن منفذي الهجوم الذين فتحوا النار على الشرطة ولاذوا بالفرار إلى باحة الأقصى قبل أن تقتلهم الشرطة هناك، هم «محمد أحمد محمد جبارين (29 عاما) ومحمد حامد عبد اللطيف جبارين (19 عاما) ومحمد أحمد مفضل جبارين (19 عاما) وتبين أيضا بالفحص عدم وجود ماض أمني سابق لهم».
والهجوم هو الأول بالسلاح منذ سنوات داخل المدينة القديمة في القدس الشرقية المحتلة، على الرغم من أن الأراضي الفلسطينية وإسرائيل تشهد موجة عنف تسببت منذ أول أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2015 في مقتل 280 فلسطينيا و41 إسرائيليا وأميركيين اثنين وأردني وإريتري وسوداني. ومعظم الفلسطينيين الذين قتلوا نفذوا أو حاولوا تنفيذ هجمات على إسرائيليين بواسطة السلاح الأبيض.
* إغلاق الأقصى
إلى ذلك، أعلنت الشرطة الإسرائيلية عدم السماح بإقامة صلاة الجمعة في المسجد الأقصى بعد الهجوم، على الرغم من أنه يصلي بالمسجد آلاف المسلمين كل يوم جمعة، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1967.
وندد المتحدث باسم الحكومة الفلسطينية طارق رشماوي في تصريحات بالإجراءات التي فرضتها إسرائيل بعد الهجوم، مشيراً إلى أنها «ممارسات إرهابية تتعارض مع القيم والأعراف الإنسانية وتدمر المساعي الدولية والجهود الأميركية» لإحياء عملية السلام. كما اعتبرت حركة «فتح» في بيان تلاه الناطق باسمها أسامة القواسمي أن قرار إغلاق المسجد الأقصى ومنع إقامة صلاة الجمعة: «تصعيد خطير مرفوض ومدان».
* اتصال عباس - نتنياهو
وفي سياق متصل، أجرى الرئيس الفلسطيني محمود عباس اتصالاً هاتفياً برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تناول أحداث المسجد الأقصى، عبر خلاله عن «رفضه الشديد وإدانته» للحادث وعن «رفضه لأي أحداث عنف من أي جهة كانت، وخصوصاً في دور العبادة»، فيما طالب نتنياهو «بتهدئة الأمور من جميع الأطراف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».