يدلي الكوريون الجنوبيون بأصواتهم اليوم (الثلاثاء) في انتخابات رئاسية تهدف إلى طي صفحة فضيحة الفساد المدوية، التي كلفت الرئيسة السابقة بارك غيون - هي منصبها، في أجواء من التوتر مع كوريا الشمالية.
ويتوقع أن تسجل نسبة مشاركة قياسية في الاقتراع؛ ذلك لأن عددا كبيرا من الناخبين يرغبون في انتهاز هذه الفرصة للتعبير عن غضبهم من الفساد، وكذلك من غلاء المعيشة وارتفاع معدل البطالة.
والمرشح الأوفر حظا للفوز في هذا الاقتراع المبكر بسبب إقالة بارك، هو المحامي السابق المتخصص في الدفاع عن حقوق الإنسان مون جاي - ان.
وأشار آخر استطلاع للرأي أجراه معهد «غالوب كوريا» إلى أن مرشح الحزب الديمقراطي اليساري هذا سيحصل على 38 في المائة من أصوات الناخبين، متقدما بفارق كبير على الوسطي آه شيول - سو، الذي تؤكد استطلاعات تعادله مع المحافظ هونغ جون - بيو المنتمي إلى حزب الرئيسة المقالة.
وقال مون (64 عاما) بعدما أدلى بصوته في أحد المراكز بغرب سيول: «ألمس طموح الشعب الكبير جدا في التغيير».
وبدأ التصويت عند الساعة السادسة (21.00 ت غ الاثنين) في أكثر من 139 ألف مركز للاقتراع. وسينتهي التصويت عند الساعة 20.00 (11.00 ت غ). ويبدأ إعلان نتائج الاستطلاعات عند خروج الناخبين من مراكز الاستطلاع.
* عهد جديد
سينهي فوز مون عشر سنوات من حكم المحافظين، وقد يؤدي إلى تغيير كبير في السياسة حيال بيونغ يانغ، وكذلك حيال الحليف والحامي الأميركي.
يدعو مون إلى الحوار مع كوريا الشمالية؛ بهدف نزع فتيل التوتر، ودفعها إلى العودة إلى طاولة المفاوضات. وهو يريد مسافة أكبر في العلاقات بين سيول وواشنطن.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة «واشنطن بوست» مؤخرا، قال مون إنه على سيول أن «تلعب دورا قياديا في القضايا المتعلقة بشبه الجزيرة الكورية».
وكان الشمال الذي يحلم بصنع صاروخ قادر على نقل السلاح النووي إلى القارة الأميركية، أجرى تجربتين نوويتين منذ بداية 2016، وعددا من تجارب إطلاق الصواريخ.
ولم تتوتر العلاقات إلى هذا الحد في شبه الجزيرة إلا في حالات نادرة؛ إذ يهدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب بتسوية هذه المسألة بالقوة العسكرية. وقد خفف لهجته مؤخرا، مؤكدا أن لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ - أون «سيشرفه».
من جهته، دعا هونغ جون – بيو، مرشح حزب الرئيسة المقالة، الناخبين إلى دعمه، ووصف خصمه مون بـ«اليساري الموالي لبيونغ يانغ».
وقال شونغ تاي – وان، الطبيب البالغ من العمر 72 عاما وصوّت في مركز في حي سيوشو الراقي في جنوب سيول: «أعطيت صوتي لهونغ لأن الأمن حيال كوريا الشمالية هو أهم شيء».
لكن قضية البرنامجين النووي والباليستي لكوريا الشمالية لا تشكل أمرا يحدد خيار الناخبين الكوريين الجنوبيين الذين ألفوا التهديدات الكورية الشمالية.
شغل الفساد وتباطؤ النمو والبطالة، وخصوصا بين الشباب، الحيز الأكبر من اهتمامات الناخبين.
ويفترض أن تسمح هذه الانتخابات للمجتمع الكوري الجنوبي بالانتقال إلى مرحلة جديدة بعد أشهر من الانشغال في الفضيحة، بينما تم توقيف الرئيسة السابقة بارك التي تحاكم بتهمتي الفساد واستغلال السلطة.
وساهمت هذه القضية في تعزيز الاستياء العام بعدما كشفت العلاقات المريبة بين الطبقة السياسية وأرباب العمل بعد الكشف عن تمكن صديقة الرئيسة تشوي سون - سيل من استغلال قربها من بارك لابتزاز ملايين الدولارات من كبرى الشركات.
وأجبرت الفضيحة التي تورط فيها وريث «سامسونغ» ورئيس «لوتي» خامس أكبر مجموعة كورية جنوبية، كل المرشحين إلى أن يعد بإصلاحات لمزيد من الشفافية.
لكن بسبب وزنها في الاقتصاد، لا يمكن المساس بهذه المجموعات الكبرى التي تسمى «شايبولز».
ودخلت الصين في قضايا الحملة أيضا، ذلك بإطار ملفات اقتصادية وعسكرية.
فقد آثار نشر درع أميركية مضادة للصواريخ في كوريا الجنوبية لمواجهة التهديدات القادمة من الشمال، غضب بكين التي اتخذت سلسلة إجراءات اعتبرتها سيول تدابير اقتصادية انتقامية.
وكتبت صحيفة «جون - آنغ» في افتتاحية عشية الاقتراع أن الرئيس المقبل للبلاد «سيكون عليه التصدي لتحديات متنوعة متوسط وبعيدة الأمد».
وقالت: «إذا اتخذنا القرار الخاطئ، فسيكون علينا دفع ثمنه من جديد، كما تعلمنا من خياراتنا السيئة السابقة».