استئناف اتفاق المدن الأربع ينتظر الإفراج عن معتقلين في سجون الأسد

قافلات من الفوعة وكفريا تنتظر إتمام الصفقة (إ.ب.أ)
قافلات من الفوعة وكفريا تنتظر إتمام الصفقة (إ.ب.أ)
TT

استئناف اتفاق المدن الأربع ينتظر الإفراج عن معتقلين في سجون الأسد

قافلات من الفوعة وكفريا تنتظر إتمام الصفقة (إ.ب.أ)
قافلات من الفوعة وكفريا تنتظر إتمام الصفقة (إ.ب.أ)

توقفت مجدداً اليوم (الخميس) عملية التبادل في إطار اتفاق المدن الأربع، على الرغم من وصول القوافل إلى حلب ودمشق، بانتظار عملية الإفراج عن معتقلين في سجون النظام السوري، الذي يقدر عددهم بـ750.
واستؤنف أمس (الأربعاء) تنفيذ المرحلة الأولى من عملية إجلاء آلاف الأشخاص من بلدات سورية محاصرة في إطار اتفاق بين النظام السوري والفصائل المعارضة برعاية إيران وقطر، بعد أن كانت توقفت إثر اعتداء استهدف القافلة الأولى التي خرجت من بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة إدلب، بعد وصولها إلى منطقة الراشدين، وتسبب بمقتل 126 شخصا.
وأجلي الأربعاء ثلاثة آلاف شخص، بينهم 700 مقاتل موالون للنظام السوري من الفوعة وكفريا، فيما خرج 300 شخص، غالبيتهم من مقاتلي الفصائل المعارضة من بلدات الزبداني وسرغايا والجبل الشرقي في ريف دمشق. وبعد نحو 24 ساعة على وصولها إلى منطقة الراشدين غرب حلب التي تسيطر عليها الفصائل المعارضة، لا تزال 45 حافلة تقل أهالي الفوعة وكفريا تنتظر لإكمال طريقها إلى مدينة حلب، في حين تنتظر 11 حافلة آتية من ريف دمشق منذ نحو 12 ساعة في منطقة الراموسة الواقعة غرب حلب أيضا، التي تسيطر عليها قوات النظام لتتوجه إلى محافظة إدلب، أبرز معاقل الفصائل المعارضة.
وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن «تحرك القافلتين مرهون بعملية الإفراج عن معتقلين في سجون قوات النظام»، مضيفا أن «القافلتين لن تتحركا إلا بعد الإفراج عن 750 معتقلاً ومعتقلة في سجون النظام، ووصولهم إلى مناطق سيطرة المعارضة».
ونص الاتفاق، الذي عرف بالمدن الأربع (كفريا والفوعة في إدلب ومضايا والزبداني في ريف دمشق) على أن يتم على مرحلتين إجلاء جميع سكان الفوعة وكفريا الذين يقدر عددهم بـ16 ألف شخص، مقابل خروج من يرغب من سكان مضايا والزبداني وبلدات أخرى في ريف دمشق، على أن تتم كل مراحل عملية الإجلاء بالتزامن. وبالتزامن أيضا، يفترض أن يتم الإفراج عن 1500 معتقل من سجون النظام، على أن تنفذ المرحلة الثانية في يونيو (حزيران) المقبل.
وضمت الدفعة الأولى نحو 5000 شخص، بينهم 1300 مقاتل موالون للنظام من الفوعة وكفريا، و2200 شخص، ضمنهم نحو 400 مقاتل معارضين من مضايا والزبداني. وبعد ساعات على بدء عملية الإجلاء الأسبوع الماضي، دخل الجيش السوري إلى بلدة مضايا التي تعرضت على مدى سنوات لحصار مشدد من قوات النظام، وعانى أهلها الجوع والبؤس. وباتت مدينة الزبداني بدورها «خالية تماما من السكان»، وتم إجلاء من تبقى من المقاتلين الذين كانوا فيها أمس.
وانتقدت الأمم المتحدة في وقت سابق هذه العمليات التي تعتبرها المعارضة السورية «تهجيراً قسرياً». وتتهم المعارضة النظام السوري بالسعي إلى إحداث «تغيير ديموغرافي» في البلاد. ويعيش، وفق الأمم المتحدة، 600 ألف شخص على الأقل في مناطق محاصرة بغالبيتها من قوات النظام وأربعة ملايين آخرين في مناطق يصعب الوصول إليها.
وفي لاهاي، قال رئيس منظمة حظر الأسلحة الكيميائية، أمس، إن نتائج فحص «مؤكدة» لعينات من موقع «الهجوم الكيميائي» الذي وقع في خان شيخون في محافظة إدلب في الرابع من أبريل (نيسان) الحالي، تظهر أنه تم استخدام غاز السارين أو مادة مشابهة له. أضاف أن هذه النتائج «مؤكدة» وتستند إلى عينات من عشر ضحايا تم تحليلها في أربعة مختبرات.
وقتل في الهجوم على خان شيخون التي يسيطر عليها مقاتلو المعارضة 87 شخصا على الأقل بينهم الكثير من الأطفال. وأثارت صور القتلى والمصابين غضبا دوليا، دفع وزير الخارجية الفرنسي جان مارك إيرولت إلى إعلان أن بلاده ستقدم «خلال بضعة أيام الدليل على أن النظام السوري شن فعلا الضربة الكيميائية» على مدينة خان شيخون.
وتصوت منظمة حظر الأسلحة الدولية اليوم على اقتراح روسي - إيراني لتشكيل فريق جديد للتحقيق في الهجوم «الكيميائي» في خان شيخون في سوريا، وفق مصادر مطلعة على المباحثات. ويدعو مشروع القرار إلى التحقيق «لمعرفة إذا كان السلاح الكيميائي استخدم في خان شيخون، وكيف وصل إلى الموقع الذي حدث فيه» رغم أن هناك تحقيقا جاريا في الأمر. كما يدعو المقترح، كذلك، المحققين إلى زيارة مطار الشعيرات الذي قصفته الولايات المتحدة «للتحقق من المزاعم المتعلقة بتخزين أسلحة كيميائية» فيه.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.