أعلن رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأميركي، أمس، أن اللجنة ستسعى إلى معرفة ما إذا كانت إدارة باراك أوباما طلبت التنصت على الرئيس دونالد ترمب أم لا، وذلك في إطار تحقيقها حول تدخل روسيا في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية.
وقال ديفين نيونز، النائب الجمهوري عن ولاية كاليفورنيا، في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، إن «أحد العناصر التي يتركز عليها تحقيق (اللجنة)، هو رد فعل الحكومة الأميركية على ما قامت به عناصر في أجهزة الاستخبارات الروسية خلال الحملة الأميركية». وأضاف: «بناء عليه، ستسعى اللجنة إلى معرفة ما إذا كانت الحكومة قامت بأنشطة مراقبة طاولت مسؤولين أو ممثلين لفريق حملة أي من الأحزاب السياسية، وسنواصل التحقيق في هذا الملف إذا طلبت العناصر ذلك».
وجاء ذلك عقب مواصلة الرئيس الأميركي دونالد ترمب توجيه اتهاماته النارية إلى سلفه باراك أوباما، إذ طلب أمس من الكونغرس التحقيق في عمليات تنصّت عليه، حيث زعم أن الرئيس السابق أمر بها قبل انتخابات الثامن من نوفمبر (تشرين الثاني).
وجاء طلب ترمب غداة إطلاقه اتهامات على «تويتر» بأن باراك أوباما تنصت على مكالماته الهاتفية، وهو ما نفاه متحدث باسم الرئيس الديمقراطي السابق، واصفاً الاتهامات بأنها «خاطئة».
ورغم عدم وجود أدلة، فإن تلك الاتهامات أثارت شكوكاً كبيرة وسط الطبقة السياسية الأميركية. وأشار المتحدث باسم البيت الأبيض، شون سبايسر، في بيان إلى تقارير غير محددة عن «تحريات قد تكون مسيسة قبل انتخابات 2016 مباشرة»، ووصفها بأنها «مقلقة للغاية». وأضاف أن «الرئيس دونالد ترمب يطلب من لجنة الاستخبارات في الكونغرس، وفي إطار التحقيقات في النشاطات الروسية، أن تمارس سلطاتها لتحديد ما إذا استخدمت السلطة التنفيذية صلاحياتها للتحري في 2016».
ولفت سبايسر إلى أن أي تصريحات إضافية لن تصدر من ترمب أو البيت الأبيض حول هذه المسألة، حتى تبدأ تلك الإجراءات.
وبدت تصريحات سبايسر التي بدت في بيانه وعلى حسابه بـ«تويتر» موزونة، والصياغة حذرة جداً، على عكس التغريدات النارية التي نشرها ترمب. وفجّر ترمب السبت قنبلة سياسية بعدما كتب في سلسلة تغريدات صباحية: «أمر فظيع! علمت للتو بأن الرئيس أوباما تنصّت على خطوطي الهاتفية في برج ترمب قبل فوزي».
وشبّه الأمر بفضيحة التجسس السياسي «ووترغيت» التي دفعت بالرئيس آنذاك ريتشارد نيكسون إلى الاستقالة في 1974، متهماً أوباما بأنه «شخص سيئ (أو مريض)».
لكن المتحدث باسم أوباما، كيفين لويس، أكد في بيان السبت: «لم يأمر الرئيس أوباما أو البيت الأبيض بالتنصت على أي مواطن أميركي». وأوضح لويس أن «إدارة أوباما اعتمدت قاعدة أساسية، وهي ألا يتدخل أي مسؤول في البيت الأبيض في أي تحقيق مستقل لوزارة العدل في الولايات المتحدة. وكجزء من هذه الممارسة، فإن الرئيس أوباما، أو أي مسؤول في البيت الأبيض، لم يأمر بمراقبة أي مواطن أميركي»، مؤكداً أن «أي تلويح إلى غير ذلك هو كاذب بكل بساطة».
من جهته، أكد رئيس أجهزة الاستخبارات الأميركية في عهد أوباما جيمس كلابر لقناة «إن بي سي» أنه «لم يتم تنفيذ أي عملية تنصت» من قبل الوكالات التي كانت تحت إمرته ضد ترمب، سواء قبل الانتخابات أو بعدها. كما شدّد كلابر على أنه عندما كان في منصبه «لم يكن لدينا أي دليل على تورط» بين المقربين من ترمب وروسيا.
وبطلبه من الكونغرس توسيع تحقيقاته، فإن ترمب يقوم بنفسه بعملية الربط مع الأنشطة الروسية التي تظلل ولايته منذ تسلمه السلطة، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
وتحقق 3 لجان على الأقل من مجلس الشيوخ والبرلمان حول تدخل روسيا خلال حملة الانتخابات الرئاسية، بهدف ترجيح كفة ترمب في مواجهة منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون.
وكانت إدارة أوباما اتهمت روسيا بالوقوف وراء عمليات قرصنة رسائل البريد الإلكتروني لمقربين من كلينتون، وفرضت عقوبات على موسكو في أواخر ديسمبر (كانون الأول).
وإضافة إلى ذلك، فإن الاتصالات المتعددة بين مقربين من ترمب ومسؤولين روس، خلال الحملة الانتخابية وفي الأسابيع التي تلت فوز الملياردير، غذت الشبهات في إمكان التورط.
وأجبر مايكل فلين الذي اختاره ترمب لمنصب مستشار الأمن القومي على الاستقالة في 13 فبراير (شباط) على خلفية اتهامه بإجراء اتصالات مع السفير الروسي في واشنطن سيرغي كيسلياك.
والأسبوع الماضي، اضطر وزير العدل جيف سيشنز لتوضيح إجرائه اتصالات بالسفير نفسه، والنأي بنفسه عن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالية حول «الصلات الروسية». بالنسبة إلى المعارضة الديمقراطية، فإن اتهامات ترمب لأوباما ليس لها إلا هدف واحد، هو صرف الأنظار عن الملفات الروسية التي تثير جدلاً سياسياً كبيراً منذ تنصيب الرئيس الجمهوري في 20 يناير (كانون الثاني).
وقال سيناتور مينيسوتا الديمقراطي، آل فرانكن، لقناة «إي بي سي» أمس: «أعتقد أن الأمر ليس إلا تحويراً. صرف الأنظار عن التدخلات الخطيرة جداً لقوة أجنبية في ديمقراطيتنا».
أما زعيمة الديمقراطيين في مجلس النواب نانسي بيلوسي، فاعتبرت على قناة «سي إن إن» أن الروابط «السياسية والمالية أو الشخصية لدونالد ترمب مع روسيا، هي الحقيقة التي نريد معرفتها».
وحتى تاريخ الانتخابات في نوفمبر، ساد توتر شديد العلاقات بين أوباما وترمب. وطوال أعوام، واظب الرئيس الحالي على التأكيد أن أوباما ولد في كينيا، بلاد والده، وليس هاواي، ما لا يخوله ترؤس الولايات المتحدة. لكنه عاد عن إصراره في سبتمبر (أيلول) 2016، معلناً من دون لبس أن «الرئيس باراك أوباما ولد في الولايات المتحدة. نقطة على السطر».
من جهته، شن أوباما هجمات عنيفة جداً على المرشح الجمهوري خلال الحملة الانتخابية. ثم التقى الرجلان في البيت الأبيض بعد يومين من فوز ترمب، في مسعى إلى التهدئة. وقال ترمب آنذاك، بنبرة بالغة التهذيب: «سيدي الرئيس، شرف كبير لي أن أكون معكم». وقبل أيام، قال الرئيس الحالي في مقابلة مع قناة «فوكس نيوز» إن أوباما «يستلطفه»، وإنه غير متأكد ما إذا كان هذا الأخير سيعترف بذلك أم لا.
ويأتي الجدل الجديد بعدما حظي ترمب بقبول واسع بين الطبقة السياسية والصحافة إثر خطابه «الرئاسي جداً» الثلاثاء الماضي أمام الكونغرس. ويتوقع أن يكون هذا الأسبوع حافلاً كذلك بالجدل، مع توقع توقيع ترمب اليوم أمراً تنفيذياً جديداً بشأن الهجرة يمنع بموجبه مجدداً مواطني دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة.
ترمب يطالب الكونغرس بالتحقيق في «تنصت» أوباما عليه
جيمس كلابر: لم نجد دليلاً على تورط مقربين من الرئيس مع موسكو
ترمب يطالب الكونغرس بالتحقيق في «تنصت» أوباما عليه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة