وفاة مؤسس «الجماعة الاسلامية» بمحبسه في أميركا

الشيخ الضرير وسنوات طويلة من الحبس الانفرادي

عمر عبد الرحمن - زنازين الحبس الانفرادي في سجن نورث كارولينا بالولايات  المتحدة (غيتي)
عمر عبد الرحمن - زنازين الحبس الانفرادي في سجن نورث كارولينا بالولايات المتحدة (غيتي)
TT

وفاة مؤسس «الجماعة الاسلامية» بمحبسه في أميركا

عمر عبد الرحمن - زنازين الحبس الانفرادي في سجن نورث كارولينا بالولايات  المتحدة (غيتي)
عمر عبد الرحمن - زنازين الحبس الانفرادي في سجن نورث كارولينا بالولايات المتحدة (غيتي)

كشفت مصادر متطابقة أن الدكتور عمر عبد الرحمن، الزعيم الروحي لـ«الجماعة الإسلامية» توفي أمس داخل محبسه بالولايات المتحدة، إثر تدهور حالته الصحية. وقالت مصادر مقربة من أسرة عبد الرحمن، إن أسرة الشيخ تلقت اتصالاً من الإدارة القانونية بالسجن أبلغتها خلاله بوفاته، وهو ما أكدته ابنته أسماء عبر صفحتها على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أمس في نبأ مقتضب: «الشيخ عمر عبد الرحمن توفاه الله». وفي وقت سابق أمس، قال خالد نجل الشيخ عمر عبد الرحمن إنهم تلقوا اتصالاً من المخابرات الأميركية اليوم يخبرهم بأن الشيخ مريض جدًا.
إلى ذلك قال خالد الشريف، المستشار الإعلامي لحزب «البناء والتنمية» في تصريح سابق، إن «جهودًا مكثفة تبذل منذ صباح أمس لنقل الشيخ عمر إلى دولة قطر، وذلك بعد إبلاغ الإدارة الأميركية لزوجة الشيخ عبد الرحمن استعدادها لترحيله إلى أي بلد عربي أو إسلامي ترغب في استقباله بعد تدهور صحته وفقدانه القدرة على النطق والحركة». عبد الرحمن، هو عالم أزهري مصري، وهو الزعيم الروحي لـ«الجماعة الإسلامية». له مجموعة من المؤلفات، حيث ولد عمر عبد الرحمن يوم 3 مايو (أيار) 1938. وعمر عبد الرحمن معارض سياسي لنظام الحكم في مصر، وقد اعتقل في الولايات المتحدة التي قضى فيها عقوبة السجن المؤبد بتهمة التآمر، في قضية تفجيرات نيويورك سنة 1993، وهي التهم التي نفاها.
وظهرت ابنة عمر عبد الرحمن في تقرير خاص لها على الحساب الشخصي بها، حيث أعلنت أسماء ابنة عمر عبد الرحمن، الأب الروحي لـ«الجماعة الإسلامية»، وفاة والدها داخل أحد السجون الأميركية. وقالت أسماء في بيان على صفحتها بـ«فيسبوك»: «الشيخ عمر عبد الرحمن توفاه الله».
ويعتبر الشيخ الضرير من أكبر السجناء «الجهاديين»، وهو زعيم الجماعة الإسلامية في مصر، وقد طالبت أسرته في أكثر من اعتصام لها خلال السنوات الـ6 الماضية بضرورة عودته إلى مصر.
والشيخ عمر عبد الرحمن يبلغ من العمر 79 عامًا، وولد في منطقة الجمالية بمحافظة الدقهلية المصرية، وكان ضريرًا في صغره وحصل على شهادة الثانوية الأزهرية، والتحق بكلية أصول الدين بالقاهرة وتخرج منها بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف، وله كثير من المؤلفات التي يعادي فيها الأنظمة الوضعية في مصر، وقد تم اعتقاله في أميركا بسبب تهمة الإرهاب والتآمر في تفجيرات نيويورك عام 1993.
وكانت المخابرات الأميركية تواصلت مع أسرة عمر عبد الرحمن، مؤسس «الجماعة الإسلامية» وزعيمها الروحي في مصر، من أجل تقديم طلب لسفارة واشنطن بالقاهرة، لإكمال عقوبة مؤسس «الجماعة الإسلامية» بمصر.
وقال خالد نجل عمر عبد الرحمن في تصريحات لوكالة «الأناضول»، إن المخابرات الأميركية تواصلت مع الأسرة أمس، بشأن إعادته للقاهرة نظرًا لحالته الصحية المتأخرة جدًا.
وأضاف أنه من المنتظر التواصل مع السفارة الأميركية بالقاهرة، فيما تتواصل الأسرة مع السلطات المصرية لمعرفة موقفها من إمكانية عودته إلى بلاده لقضاء عقوبته بمصر، وهي السجن مدى الحياة، مضيفًا أنه يتوقع ويأمل في موافقة السلطات المصرية على إعادة والده إلى مصر. يذكر أن خالد الشريف، المستشار الإعلامي لحزب «البناء والتنمية»، الذراع السياسية لـ«الجماعة الإسلامية»، طالب الرئيس الأميركي باراك أوباما، قبل مغادرته البيت الأبيض بالعفو الصحي عن عمر عبد الرحمن، مضيفًا في بيان صحفي: «عمر عبد الرحمن تدهورت حالته الصحية خلال الأيام الماضية بعد إصابته بنزلة معوية حادة، مما دفع أسرته وهيئة الدفاع عنه بالمطالبة بترحيله للمستشفى للعلاج، وإطلاق سراحه بموجب عفو صحي».
وشدد نجل «الشيخ الضرير» على أنه في مكالمته الوحيدة لهم منذ تولي ترمب الرئاسة قال إنهم «منعوا عنه الأدوية والراديو، وإن هذه قد تكون هي المكالمة الأخيرة، يا تلحقونى يا متلحقونيش».
وتابع عبر صفحته على مواقع التواصل الاجتماعي: «ألم يكفهم 24 عامًا من الحبس الانفرادي، لا يكلم أحدًا ولا يتكلم مع أحد وتسلط عليه الكاميرات خلال الـ24 ساعة حتى أثناء قضاء حاجته وأثناء الاغتسال ويجردونه من ملابسه كما ولدته أمه».
ومضى بالقول: «ألم يكفهم الرجل الكبير الطاعن في السن الذي بلغ من العمر أرذله، حيث يبلغ الوالد ما شاء الله من العمر 79 عامًا، فضلاً عن كونه كفيف البصر مقعدًا يجلس على كرسي متحرك مصابًا بالسكر والضغط وورم في البنكرياس، وإحدى قدميه متفحمة، كل هذا والشيخ بفضل الله صابر محتسب، إلا أننا فوجئنا أخيرًا بمنع الوسيلة الوحيدة التي من خلالها يستطيع الوالد معرفة ما يدور في العالم من أحداث وتؤنسه في وحدته (الراديو)».
واستطرد: «إضافة إلى المعاملة السيئة التي يعاملونه بها، وتدهور حالته الصحية تدهورًا خطيرًا يوشك أن يقضي على حياته، حيث إن الشيخ حينما يريد أن يقوم من على الكرسي المتحرك وينتقل إلى السرير لا تحمله قدمه فيقع على الأرض ويظل ملقى على الأرض بالـ3 ساعات، حيث البرد والصقيع والألم الشديد إلى أن يأتي أحد حراس السجن ويجلسه على السرير، يقول الشيخ: ويتكرر هذا معي كل يوم».
من جهته، نعى ياسر السري، مدير المرصد الإسلامي بلندن (وهو هيئة حقوقية تهتم بأخبار الأصوليين حول العالم)، في بيان تلقته «الشرق الأوسط»، زعيم «الجماعة الإسلامية»، بقوله: «بنفوس مفعمة بالرضا والإيمان، تنعي أسرة المرصد الإسلامي فقيد مصر والأمة الإسلامية عمر عبد الرحمن الذي وافته المنية في سجنه بأميركا، داعين الله أن يتقبله في الصالحين، فلله ما أعطى وله ما أخذ وكل شيء عنده بقدر... فلنصبر ولنحتسب. وفي خاتمة المطاف فإن عبد الرحمن رحمه الله قد نال ما تمنى وخرج من الدنيا ثابتًا شامخًا لم يغير ولم يبدل بفضل الله». ومن جهته، نعى منتصر الزيات محامي «الجماعة الإسلامية» وعائلة عمر عبد الرحمن، الشيخ الضرير على «فيسبوك» بقوله: «إنَّا لله وإنا إليه راجعون، الشيخ عمر عبد الرحمن في ذمة الله».
وكانت عائشة حسن محمد سعد، زوجة الشيخ عمر عبد الرحمن، الزعيم الروحي لـ«الجماعة الإسلامية» بمصر، والمسجون في أميركا منذ أكثر من 23 عامًا، أجرت حوارًا مع «الشرق الأوسط» قالت فيه إن «زوجها لديه أمل كبير في الخروج من محبسه، ويتابع مساعي أسرته لإخراجه من السجن، بما فيها وساطة (الداعية) الدكتور يوسف القرضاوي لدى أمير قطر للتكلم مع الإدارة الأميركية في نقله إلى قطر». وقالت إن «الشيخ يسأل عن ماذا فعل القرضاوي، وكذلك يسأل عن محاميه (الأميركي) رمزي كلارك»، مشيرة إلى «أمل الأسرة في إطلاق سراح الشيخ، أو نقله إلى مكان آخر خارج السجن، سواء في أميركا أو مصر، أو نقله لأي دولة ترضى باستقباله بأي شروط تريدها لا تكون فيها معصية الله». وأوضحت أن زوجها، الكفيف، توقف عن أكل اللحوم خوفًا من أن يوضع له لحم خنزير، وأنه يعد الشاي بنفسه باستخدام ماء السخان في السجن، قائلة إن آخر لقاء لها معه كان خلال زيارتها له منذ 11 عامًا، دون أن تتمكن من السلام عليه باليد، أو مده بأقلام وأوراق وعطور.
ومن جهتها، كشفت عائشة عن تفاصيل قصة زواجها من الشيخ الضرير، حين كانت تعمل معلمة للغة الإنجليزية في محافظة بني سويف (119 كلم جنوب القاهرة)، قائلة إن والدها لم يخبرها بأنه كفيف البصر إلا بعد أن عدد لها مزاياه كأستاذ في الجامعة وخطيب في مساجد الفيوم (103 كلم جنوب القاهرة)، وقالت إنها بعد أن فرحت بمزاياه، انزعجت من كونه كفيفًا، إلا أنها لامت نفسها على هذا الانزعاج، ووافقت، مشيرة إلى أن والدها استشار عددًا من قيادات «الإخوان المسلمين» في الأمر، فنصحوه بالتساهل مع الشيخ ليكون له موطن قدم في بني سويف.



الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
TT

الخارجية الفلسطينية ترحب بموافقة الأمم المتحدة على تمديد ولاية «الأونروا»

رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)
رجل يعلق علماً فلسطينياً على هوائي في مبنى شبه مدمّر كان يضم عيادة لـ«الأونروا» في مخيم جباليا بغزة (أ.ف.ب)

رحبت وزارة الخارجية الفلسطينية، الجمعة، بتبني الجمعية العامة بأغلبية ساحقة خمسة قرارات لصالح الشعب الفلسطيني، من بينها تجديد ولاية وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا».

وقالت الوزارة، في بيان، إن هذه القرارات «تعكس تضامناً واسعاً من جميع أنحاء العالم مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، وتمثل إقراراً بمسؤولية المجتمع الدولي في دعم الاحتياجات السياسية والإنسانية، بما فيها حق لاجئي فلسطين».

وأضافت أن هذا التضامن يؤكد دعم العالم لوكالة «الأونروا» سياسياً ومالياً، ولحماية حقوق اللاجئين وممتلكاتهم وإدانة الاستيطان الإسرائيلي.

وأشارت الخارجية الفلسطينية إلى أن هذا التصويت «تعبير إضافي عن رفض المجتمع الدولي للضم والاستيطان والتهجير القسري والعقاب الجماعي والتدمير الواسع للبنية التحتية في الأرض الفلسطينية المحتلة، والإبادة في قطاع غزة».


حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

حديث ترمب عن تعديل المرحلة الثانية... هل يُفعل «البند 17» بـ«اتفاق غزة»؟

يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
يملأ فلسطينيون حاوياتهم بالمياه في مخيم النصيرات للنازحين الفلسطينيين وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

حديث عابر للرئيس الأميركي دونالد ترمب عن «تعديل المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة» دون أن يوضح تفاصيل ذلك التعديل، أثار تساؤلات بشأن تنفيذ ذلك.

هذا الحديث الغامض من ترمب، يفسره خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيكون تغييراً في تنفيذ بنود الاتفاق، فبدلاً من الذهاب لانسحاب إسرائيلي من القطاع الذي يسيطر فيه على نسبة 55 في المائة، ونزع سلاح «حماس»، سيتم الذهاب إلى «البند 17» المعني بتطبيق منفرد لخطة السلام دون النظر لترتيباتها، وتوقعوا أن «المرحلة الثانية لن يتم الوصول إليها بسهولة في ظل عدم إنهاء ملفات عديدة أهمها تشكيل مجلس السلام ولجنة إدارة غزة ونشر قوات الاستقرار».

و«البند 17» في اتفاق وقف إطلاق النار بغزة الذي دخل حيز التنفيذ في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، ينص على أنه «في حال أخّرت (حماس) أو رفضت هذا المقترح، فإنّ العناصر المذكورة أعلاه، بما في ذلك عملية المساعدات الموسّعة، ستنفّذ في المناطق الخالية من الإرهاب التي يسلّمها الجيش الإسرائيلي إلى قوة الاستقرار الدولية».

و«وثيقة السلام» التي وُقعت في أكتوبر الماضي بين «حماس» وإسرائيل تناولت فقط النقاط المتعلقة بما يسمى «المرحلة الأولى»، وتشمل الهدنة الأولية وانسحاب قوات الجيش الإسرائيلي، وشروط تبادل الأسرى والمحتجزين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية، فيما لم يتم التوصل إلى اتفاق رسمي بشأن «المرحلة الثانية» المتعلقة بإدارة غزة بعد الحرب.

وأعلن ترمب في تصريحات نقلت، الخميس، أن المرحلة الثانية من خطته للسلام في غزة «ستخضع للتعديل قريباً جداً»، وسط تصاعد القلق من تعثرها وعدم إحرازها تقدماً ملموساً في التنفيذ، دون توضيح ماهية تلك التعديلات.

المحلل في الشأن الإسرائيلي بمركز «الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية»، الدكتور سعيد عكاشة، يرى أن التعديل الذي يمكن أن يرتكز عليه ترمب للحيلولة دون انهيار الاتفاق كما يعتقد هو اللجوء لـ«البند 17» الذي يرسخ لتقسيم غزة، لغزة قديمة وجديدة، وهذا ما كان يطرحه المبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف الشهر الماضي في عدد من لقاءاته.

وأشار إلى أن هذا التعديل هو المتاح خاصة أن الاتفاق أقر في مجلس الأمن الشهر الماضي، ويمكن أن يعاد تفعيل ذلك البند تحت ذرائع عدم استجابة «حماس» لنزع السلاح أو ما شابه، متوقعاً أن يقود هذا الوضع لحالة لا سلم ولا حرب حال تم ذلك التعديل.

رد فعل فلسطينية على مقتل أحد أقربائها في غارة إسرائيلية بخان يونس (أ.ف.ب)

ويرجح المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، أنه في ظل عدم توضيح ماهية تعديلات ترمب بشأن المرحلة الثانية، فإن «هناك مخاوف من ترسيخ تقسيم غزة يمكن أن نراها في التعديل مع رغبة إسرائيلية في استمرار بقائها في القطاع، تطبيقاً لما يتداول بأن هذا غزة جديدة وأخرى قديمة».

ووسط ذلك الغموض بشأن التعديل، أفاد موقع «أكسيوس» بأن ترمب يعتزم إعلان انتقال عملية السلام في غزة إلى مرحلتها الثانية، والكشف عن هيكل الحكم الجديد في القطاع قبل 25 ديسمبر (كانون الأول) الجاري. ونقل الموقع، الخميس، عن مسؤولَين أميركيين قولهما إن «تشكيل القوة الدولية وهيكل الحكم الجديد لغزة في مراحله الأخيرة»، متوقعين أن يعقد الرئيس الأميركي اجتماعاً مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو قبل نهاية ديسمبر الجاري لمناقشة هذه الخطوات.

غير أن الرقب يرى أن المرحلة الثانية أمامها عقبات تتمثل في «عدم تشكيل مجلس السلام وحكومة التكنوقراط، وعدم تشكيل الشرطة التي ستتولى مهامها وقوة الاستقرار، وأن أي تحركات لن ترى النور قبل يناير (كانون الثاني) المقبل».

ولا يرى عكاشة في المستقبل القريب سوى اتساع احتلال إسرائيل للمناطق التي تقع تحت سيطرتها في القطاع لتصل إلى 60 في المائة مع استمرار تعثر تنفيذ الاتفاق دون تصعيد كبير على نحو ما يحدث في جنوب لبنان من جانب إسرائيل.

فلسطينيون يسيرون أمام الخيام الممتدة على طول الشوارع وسط أنقاض المباني المدمرة في جباليا (أ.ف.ب)

وقبل أيام، تحدثت صحيفة «يديعوت أحرونوت» عن أن هناك خطة إسرائيلية لإعادة توطين نحو مليوني فلسطيني في مناطق جديدة خاضعة لإسرائيل شرق الخط الأصفر، وتفريغ المناطق الخاضعة لسيطرة «حماس» من المدنيين بالكامل، وملاحقة عناصر حركة «حماس» في هذه المناطق تدريجياً. كما نقلت صحيفة «تلغراف» البريطانية، عن دبلوماسيين غربيين أن الخطة الأميركية بشأن غزة تنطوي على خطر تقسيم القطاع إلى جزأين للأبد، ما يؤسّس لوجود قوات الاحتلال بشكل دائم في القطاع المنكوب.

وقبل نحو أسبوع، أكد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء ببرشلونة مع الممثلة العليا للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية للاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، على وحدة الأراضي الفلسطينية بين الضفة الغربية وقطاع غزة ورفض مصر أي إجراءات من شأنها تكريس الانفصال بين الضفة الغربية وغزة أو تقويض فرص حل الدولتين على الأرض.

وأعاد عبد العاطي، التأكيد على ذلك في تصريحات، الأربعاء، قائلاً إنه «لا مجال للحديث عن تقسيم غزة، فغزة هي وحدة إقليمية متكاملة، وجزء لا يتجزأ من الدولة الفلسطينية القادمة، جنباً إلى جنب مع الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية، وهذه هي قرارات الشرعية الدولية وبالتأكيد يتعين الالتزام بذلك»، مؤكداً أنه إلى الآن يجرى التشاور بشأن لجنة إدارة قطاع غزة مع الأطراف المعنية، حتى تتولى هذه اللجنة الإدارية من التكنوقراط مهام العمل على الأرض. وأشار عكاشة إلى أن الجهود المصرية ستتواصل لمنع حدوث تقسيم في قطاع غزة أو حدوث تعديل يؤثر على الاتفاق، لافتاً إلى أن السيناريوهات مفتوحة بشأن التطورات المرتبطة بخطة ترمب.


«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
TT

«المعاقون» في صنعاء... فئة منسيّة تحت مقصلة الحرمان

معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)
معاقون في صنعاء أخضعهم الحوثيون للمشاركة في فعالية طائفية (فيسبوك)

تتفاقم معاناة الآلاف من ذوي الإعاقة في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء، في ظل انهيار شبه كامل لمنظومة الرعاية الاجتماعية، واتهامات مباشرة للجماعة الحوثية بتحويل الموارد المخصصة لهذه الفئة إلى قنوات تخدم مشروعها العسكري والآيديولوجي.

ومع استمرار انقطاع البرامج الحكومية والدعم الدولي، يجد المعاقون أنفسهم أمام واقع قاسٍ تتضاعف فيه الاحتياجات وتتراجع فيه فرص العلاج والرعاية.

مصادر محلية أكدت لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية كثفت خلال الأسابيع الأخيرة من ممارساتها التي تستهدف ذوي الإعاقة في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها، سواء عبر استغلالهم في فعاليات ومناسبات سياسية، أو من خلال إجبار عشرات الأطفال على حضور دورات تعبئة فكرية تستند إلى خطاب طائفي، في مخالفة صريحة لأبسط قواعد الرعاية الإنسانية.

وتشير المصادر إلى أن ما تبقى من المراكز والمنشآت المتخصصة التي كانت تقدم خدمات طبية وتأهيلية للمعاقين، تحوّل إلى أماكن شبه مهجورة بعد إغلاقات تعسفية ووقف شبه تام للبرامج الفنية والدعم الخارجي، نتيجة استحواذ الجماعة على المخصصات والموارد المالية.

مبنى «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع للحوثيين في صنعاء (إكس)

وكشف سكان في صنعاء أن مئات المعاقين فقدوا مصادر دخلهم المحدودة. ومع غياب برامج الدعم، اضطرت كثير من الأسر إلى إرسال أبنائها من ذوي الإعاقة إلى شوارع المدينة، بحثاً عن أي مساعدة تساهم في تغطية احتياجاتهم الغذائية أو تكاليف العلاج باهظة الثمن.

وتؤكد أسرة تقيم في ضواحي صنعاء أن اثنين من أبنائها من ذوي الإعاقة لم يعودا قادرين على تلقي جلسات العلاج الطبيعي أو الحصول على أجهزة طبية مساعدة، مثل الأطراف الصناعية أو السماعات، بعد ارتفاع أسعارها وغياب الدعم المخصص لهم من «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» الخاضع لسيطرة الحوثيين.

وتضيف الأسرة أن الصندوق ـ الذي كان يعد المتنفس الوحيد لهذه الفئة ـ توقف عن تقديم معظم خدماته التعليمية والتأهيلية، مما أدى إلى حرمان مئات الأطفال من ذوي الإعاقة من حقهم في التعليم المتخصص.

ضحايا بلا رعاية

تقدّر مصادر يمنية حقوقية أن عدد ذوي الإعاقة في صنعاء وبقية مناطق سيطرة الحوثيين يتجاوز 4.5 مليون معاق، بينهم مصابون بإعاقات خلقية، وآخرون نتيجة الحرب التي أشعلتها الجماعة منذ انقلابها. وتؤكد التقديرات أن أكثر من 70 في المائة منهم محرومون من الحصول على أهم الاحتياجات الأساسية، وعلى رأسها الكراسي المتحركة، والأجهزة التعويضية، وجلسات العلاج الطبيعي، وبرامج التأهيل المهني.

جانب من زيارة قيادات حوثية لـ«صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» في صنعاء (إعلام حوثي)

وأكد عاملون في «صندوق رعاية وتأهيل المعاقين» بصنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً حاداً في الخدمات المقدمة، مشيرين إلى أن الصندوق يستقبل شهرياً نحو 800 حالة جديدة، معظمها تحتاج إلى رعاية طويلة المدى لا يستطيع الصندوق تلبيتها حالياً. وقالوا إن سيطرة الحوثيين على موارد الصندوق وقراراته أدت إلى إيقاف عشرات المراكز وتجميد برامج التأهيل، إضافة إلى تحويل جزء كبير من الدعم لصالح الجرحى والمقاتلين العائدين من الجبهات.

وأشار العاملون إلى أن المساعدات النقدية والأجهزة التعويضية تُمنح بشكل شبه حصري لعناصر الجماعة وجرحاها، في الوقت الذي يُترك فيه آلاف المعاقين المدنيين لمواجهة مصيرهم دون أي دعم.

تعبئة فكرية

وسط هذا الانهيار الإنساني، تواصل الجماعة الحوثية إخضاع عشرات الأطفال من ذوي الإعاقة في صنعاء لدورات فكرية وتعبوية تحت اسم «دورات توعوية»؛ إذ أفادت مصادر مطلعة بأن الجماعة جمعت خلال الأيام الماضية أطفالاً ومراهقين من تسعة مراكز وجمعيات متخصصة، تتراوح أعمارهم بين 10 و18 عاماً، وأخضعتهم لمحاضرات تهدف إلى غرس أفكارها العقائدية.

وتقول المصادر إن هذه هي المرة الثالثة منذ مطلع العام التي يتم فيها إخضاع قاصرين معاقين لمثل هذه الأنشطة، في خطوة أثارت سخطاً واسعاً بين أسر الضحايا، الذين اعتبروا ذلك استغلالاً فجاً لفئة يُفترض حمايتها وتمكينها بدلاً من تجييرها لصالح مشروع سياسي.

ويأتي ذلك بعد زيارة مفاجئة للقيادي الحوثي محمد مفتاح، القائم بأعمال رئيس حكومة الانقلاب، إلى مقر الصندوق، وهي زيارة رأى فيها مراقبون محاولة لشرعنة ممارسات الجماعة لا أكثر.

فتيات معاقات لدى مشاركتهن في برنامج تعبوي نظمه الحوثيون في صنعاء (فيسبوك)

ويحذر مختصون اجتماعيون في صنعاء من أن استمرار الإهمال وغياب برامج الدعم قد يدفعان بمزيد من ذوي الإعاقة إلى دوامة الفقر المدقع، ويعمق من معاناتهم الصحية والإنسانية. ويتهمون الجماعة الحوثية بأنها حولت هذه الفئة من مواطنين يحتاجون إلى رعاية إلى وسيلة للابتزاز السياسي والاستغلال الإعلامي.

ويطالب المختصون المؤسسات الدولية والمانحين بضرورة إعادة تفعيل برامج الدعم والتأهيل وضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها بعيداً عن تدخّلات الحوثيين، داعين إلى وضع آلية رقابة مستقلة على البرامج الموجهة لذوي الإعاقة.

ويؤكد المختصون أن إنقاذ هذه الفئة يتطلب جهوداً عاجلة، خصوصاً في ظل الانهيار المتواصل للخدمات الصحية وارتفاع تكاليف العلاج وتوقف التمويل المحلي والدولي عن معظم المراكز.