«عاصفة الحزم» أبقت اليمن ضمن المنظومة العربية

قوات التحالف حافظت على اليمن ضمن اطاره العربي (أرشيف)
قوات التحالف حافظت على اليمن ضمن اطاره العربي (أرشيف)
TT

«عاصفة الحزم» أبقت اليمن ضمن المنظومة العربية

قوات التحالف حافظت على اليمن ضمن اطاره العربي (أرشيف)
قوات التحالف حافظت على اليمن ضمن اطاره العربي (أرشيف)

بعد مرور عامين تقريباً على إطلاق عاصفة الحزم بمشاركة 10 دول ، من بينها دول الخليج، لإعادة الشرعية إلى اليمن، إستجابة لطلب من رئيس الجمهورية اليمنية عبد ربه منصور هادي بسبب احتلال الحوثيين العاصمة اليمنية والاتجاه الى عدن والحدود السعودية، استطاعت "عاصفة الحزم"، أبقاء اليمن ضمن منظومته العربية.
سيناريو مرعب كان سيحدث لليمن، والدول العربية المحيطة به، خاصة السعودية، بالإضافة إلى الملاحة الدولية في مضيق باب المندب الاستراتيجي، لو استمر انقلاب الحوثي والمخلوع صالح، ولم تبادر قوات التحالف العربي لدعم الشريعة في اليمن بقيادة المملكة، بالتدخل لإنهاء الانقلاب، وذلك وفق تحليلات خبراء استراتيجيين.
في هذا الجانب، رسم أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة صنعاء الدكتور نجيب غلاب، والأكاديمي والسياسي اليمني الدكتور حسين بن لقور، المشهد المتوقع للأحداث في اليمن فيما لو لم يتدخل التحالف لإنقاذ الشرعية في مارس (آذار) 2015 م .
استهل الدكتور نجيب غلاب حديثه بتذكر مشهد استيلاء الميليشيات الحوثية على العاصمة اليمنية صنعاء وفرض السيطرة على مربعات السلطة، قائلًا "حينها خرج مسؤولون إيرانيون بتصريح مفاده (أصبحنا نسيطر على العاصمة العربية الرابعة). وأضاف "بعدها قام الحوثيون بمناورات عسكرية بالقرب من الحدود السعودية، تحمل رسائل ومؤشرات واضحة للجوار، ورأينا وفودًا حوثية تزور طهران وتوقع على عدة اتفاقيات مختلفة، تزامن ذلك مع رحلات طيران إيرانية يومية للعاصمة صنعاء، كل ذلك يدل على أن ما حدث هو مخطط إيراني عبر وكيل محلي هو الحوثي".
ورأى غلاب الذي يرأس مركز الجزيرة للدراسات، أن المخطط الإيراني كان يرى اليمن المدخل الأهم لتصدير الثورة، وتكوين نظام متطابق مع النظرية الخمينية وجعل اليمن أهم المراكز الحيوية لصورتها بحكم موقعه الجغرافي ومركزيته في الهوية العربية.
وتابع أستاذ العلوم السياسية السابق في جامعة صنعاء "لطالما كانت السعودية ودول الخليج، تُشكل المنظومة العربية الأكثر قوة وحيوية وقدرة على مواجهة التدخلات الإيرانية في المنطقة، لذلك رأت إيران أن اليمن هو الخاصرة الرخوة لاختراق المجال العربي، والجغرافيا التي ستغير الصراع الجيو استراتيجي في المنطقة".
سيطرة إيران على اليمن – بحسب غلاب – يمنحها قوة تأثير على أمن الخليج وبحر العرب وأمن البحر الأحمر، وبالتالي محاصرة السعودية ودول الخليج، وإضعاف تأثيرها في مواجهة تصدير النفوذ الإيراني، وتحكمه في المنطقة من العراق مروراً بسوريا وصولًا لليمن.
من جانبه، قال الدكتور حسين بن لقور الأكاديمي والسياسي اليمني إنه "من الصعب جدًا تصور الوضع الإقليمي فيما لو نجح الحوثي في إحكام السيطرة على اليمن في ظل انهيارات متلاحقة تضرب الدول العربية لصالح عصابات وميليشيا طائفية دفعت بها إيران لإثارة الفوضى والسيطرة على بلدان عربية بأكملها سواء في العراق أو سوريا أو لبنان". واستطرد "كم كان سيكون الوضع كارثيًا، لو نجح انقلاب الحوثي، وقوات المخلوع صالح، وفرض سيطرتهم على عدن، لكن إدراك دول المنطقة وخصوصًا دول الخليج العربي بقيادة المملكة العربية السعودية استدركت الأمر، واتخذت قرارها التاريخي بدعم الشرعية في اليمن الذي سجل مرحلة جديدة في مواجهة هذا التغلغل الإيراني في صنعاء".
واتفق نجيب غلاب، بأن التدخل من قبل قوات التحالف كان إجباريًا في ظل تعقد الملف اليمني، وأبعاده الداخلية والإقليمية وانتهازية المنظومة الدولية، وقال "كان الأمر سيقود إلى فوضى طويلة أو تحكم نظام طغياني كهنوتي، تديره ولاية الفقيه الإيرانية عبر منظومة مليشاوية تعادي بالمطلق الخليج وبالذات المملكة، وتضعها على مستوى الأيديولوجيا والخطاب المعلن، وفي دوائرها المغلقة العدو الأول".
وأكد الدكتور نجيب أن "التدخل العربي عبر تحالف واسع، كان استجابة طبيعية وتلقائية واستباقية، فهي استجابة لتهديدات ومخاطر مباشرة تهدد بقاء الدول وليس مصالحها وأمنها فحسب".
وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن ميليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقبلابية حاولت تضليل دول الخليج، وبعض مكوناتهم قدمت تطمينات لذر الرماد في العيون - على حد قوله. ولفت إلى ان عاصفة الحزم والتدخل العربي بعثت، الوعي لدى الجميع حكومات وشعوب بالمخاطر، وكشفت الأوراق، وكل يوم يتضح أن قرار التدخل كان قرارًا صائبًا وتاريخيًا، وأن تأخره كان كفيل بتعاظم المخاطر وربما صعوبة مواجهتها".
التحالف بقيادة المملكة استطاع إعادة الشرعية التي تحكم بكامل قوامها من داخل الأراضي اليمنية – بحسب غلاب – إلى جانب محاصرة النفوذ الإيراني وإنهاء مخططاته وإفشالها، "بل فضح التحالف الميليشيا الحوثية كوكيل إيراني، ومنظومة معادية لليمن أولًا ثم الخليج، وأزاح الستار عن وجه هذه الميليشيات الإرهابية التدميري".
في هذه النقطة، يبين الدكتور حسين بن لقور أن تحالف دعم الشرعية في اليمن نجح في قطع يد إيران في جنوب شبه الجزيرة العربية، وجنب البوابة الجنوبية لليمن عدن مصير بغداد، حسب قوله. وأضاف "كانت عاصفة الحزم ومن ثم عملية إعادة الأمل الضربة المناسبة للتغلغل الإيراني في جزيرة العرب، التي لولا الله سبحانه ثم تلك العاصفتين لكانت السفن الإيرانية ترسو في ميناء عدن وتتحكم في مضيق باب المندب الاستراتيجي، وتهدد الملاحة الدولية، والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.