عملية إرهابية تستهدف متحف اللوفر في قلب باريس

المهاجم مصري عمره 29 عامًا دخل الأراضي الفرنسية أواخر يناير

انتشار أمني في محيط «اللوفر» بعد الهجوم الإرهابي أمس (أ.ف.ب)
انتشار أمني في محيط «اللوفر» بعد الهجوم الإرهابي أمس (أ.ف.ب)
TT

عملية إرهابية تستهدف متحف اللوفر في قلب باريس

انتشار أمني في محيط «اللوفر» بعد الهجوم الإرهابي أمس (أ.ف.ب)
انتشار أمني في محيط «اللوفر» بعد الهجوم الإرهابي أمس (أ.ف.ب)

عادت أجواء الإرهاب تخيم على العاصمة الفرنسية بعد الاعتداء الذي استهدف صباح أمس دورية عسكرية مكلفة بحماية متحف اللوفر، أحد أشهر المتاحف في العالم. وحتى عصر أمس، لم تكشف هوية المشتبه به الذي لم يكن يحمل أوراقًا ثبوتية، وفق ما أفادت به مصادر أمنية في باريس، كما لم يتم التحقيق معه بسبب إصابته، بعد نقله إلى مستشفى جورج بومبيدو، في الدائرة الخامسة عشرة من باريس، وذلك بسبب إصابته برصاصات في البطن أطلقها أحد جنود الدورية الذي سعى الجاني لضربه بمدية كان يحملها. ولم تتبين أي جهة المسؤولية عن الاعتداء، كما لم يكشف عن وجود أشخاص آخرين ضالعين به أو كان لهم دور ما في التحضير له. لكن القوى الأمنية أوقفت بعد فترة قصيرة من الحادث شخصًا، بسبب ما وصفته بـ«تصرفه المريب» من غير أن يعرف لاحقًا ما إذا كان على علاقة بالحادثة أم لا.
وأفادت مصادر مقربة من جهات التحقيق بأن منفذ الهجوم على متحف اللوفر أمس مصري الجنسية. وذكرت المصادر أن المشتبه به (29 عاما) دخل الأراضي الفرنسية أواخر يناير (كانون الثاني) الماضي.
وأشار المصدر إلى أن الرجل «غير معروف لأجهزة الشرطة الفرنسية»، قائلاً إنه ولد في مصر وإن عمره 29 عامًا، وفق المعلومات التي تضمنها طلب التأشيرة. وأضاف أن العمل جار للتحقق من هويته.
وكشف متحدث باسم وزارة الداخلية الفرنسية أمس عن توقيف شخص ثانٍ للاشتباه في صلته بالهجوم على متحف اللوفر في العاصمة باريس، لكنه شدد على ضرورة التريث حتى تتأكد صلة المعتقل بمنفذ الهجوم. وأكد المتحدث أن السلطات الفرنسية لم تتعرف بعد على هوية منفذ الهجوم أو دوافعه أو حتى توجهاته.
وأردف قائلاً: «تمّ توقيف شخص ثانٍ، ولكن لنكن حذرين جدًا فيما يتعلق بالشبهة حوله، وعمّا إذا كانت لديه صلة بمنفذ الهجوم أم لا. كان موجودًا في مكان الحادث، إلا أن التحقيق القضائي الذي تتولاه النيابة العامة للدولة هو الذي سيحدّد ذلك».
في غضون ذلك، تواصل النيابة العامة تحقيقاتها لمعرفة دوافع منفذ الهجوم. وحتى قبيل بعد الظهر، التزم المسؤولون السياسيون والأمنيون الحذر في التعليق على الحادث وتحديدًا في وضعه في خانة العمل الإرهابي. وجاءت أول إشارة إلى ذلك من رئيس الحكومة برنار كازنوف الذي اعتبر أن الهجوم «جاء على ما يبدو في إطار محاولة اعتداء ذات طابع إرهابي». إلا أنه سارع إلى الدعوة إلى «الحذر»، مذكرًا في الوقت عينه بأن التهديد الإرهابي الذي يجثم على صدر فرنسا «ما زال مرتفعًا للغاية». من جانبه، اكتفى الرئيس هولاند الذي أشاد بشجاعة الجنود بوصف العملية بأنها «اعتداء وحشي» دون الإشارة إلى طابعه الإرهابي، الأمر الذي يدل بوضوح على رغبة السلطات لتلافي الاستعجال. بيد أن ما لم تقله السلطات الأمنية الفرنسية صراحة بانتظار أن تظهر أولى نتائج التحقيق الذي أمرت النيابة العامة المتخصصة بشؤون الإرهاب بفتحه، «تبرع» الرئيس الأميركي دونالد ترمب بقوله. وجاء في تغريدة رئاسية أن «(إرهابيًا إسلاميًا) إضافيًا هاجم للتو متحف اللوفر في باريس مما جعل السياح يُمنعون من الخروج». واعتبر ترمب أن فرنسا «مجددًا تعيش على أعصابها». ووقع الحادث صباح أمس فيما يسمى «كاروسيل دو لوفر»، وهي باحة داخلية تفضي إلى متحف اللوفر وتضم مطاعم ومقاهي ومحلات من كل الأنواع، وتضج عادة بمئات الزوار والسائحين. وبحسب المعلومات التي أفرجت عنها الشرطة وشهادات أشخاص كانوا موجودين في المكان، فإن الجاني، الذي لم تتوافر معلومات عن عمره التقريبي أو مظهره الخارجي، هاجم بساطور مجموعة من العسكريين كانت مهمتهم تأمين وحماية المكان ونجح في إصابة أحدهم إصابة غير خطرة. وبعد أن عجز هؤلاء عن السيطرة عليه، فتح الجندي المصاب النار عليه وأطلق 5 رصاصات أصابته في البطن. وبسبب الخوف من أن حقيبتي الظهر اللتين كان يحملهما الجاني مفخختان، فقد تم سريعًا عزل المكان ودفع الزوار إلى الداخل ومنع السير في محيط المتحف، وخصوصًا في شارع الريفولي الذي يحاذي «اللوفر»، كذلك تم منع توقف عربات المترو في المحطتين القريبتين من المكان وضُرب طوق أمني في الداخل والخارج. وسريعًا استقدمت القوى الأمنية الكلاب المدربة للكشف على الحقيبتين اللتين تبين أنهما لا تحتويان على متفجرات. وفيما تسلم رجال الإطفاء الجاني لتوفير المساعدات الأولية له قبل نقله إلى المستشفى في حالة خطرة، نقل الجندي الجريح إلى مستشفى كلامار العسكري الواقع جنوب غربي باريس، وتبين أن حالته لا تدعو إلى القلق.
وسادت حالة من الهرج والمرج في المنطقة التي أعادت إلى الأذهان العمليات الإرهابية التي عرفتها العاصمة الفرنسية عدة مرات منذ عملية «شارلي إيبدو» في شهر يناير (كانون الثاني) من عام 2015. وأوقعت هذه العمليات وآخرها الهجوم بشاحنة تبريد على محتفلين بالعيد الوطني في مدينة نيس الساحلية ليلة 14 يوليو (تموز) الماضي 238 قتيلاً ومئات الجرحى. وككل مرة، توافد الرسميون والأمنيون إلى المكان، وكان من أوائل الواصلين محافظ العاصمة والقائد العسكري لمنطقة باريس. وأعلن المحافظ ميشال كادو أن الجاني صاح قبل مهاجمته الجنود: «الله أكبر»، الأمر الذي يدل، بنظره، «على أنه متطرف».
وتأتي هذه العملية الجديدة في حال ثبت طابعها الإرهابي فيما فرنسا تعيش في ظل حالة الطوارئ منذ نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2015 التي تترجم بتدابير أمنية صارمة. وفي باريس وحدها، ثمة 3500 جندي «إضافة إلى رجال الشرطة والأمن» يسهرون على حفظ الأمن في العاصمة وضواحيها. ولفتت مصادر أمنية النظر إلى توقيت العملية من جهة وإلى اختيار المكان من جهة أخرى. فمن ناحية التوقيت، تعيش فرنسا على وقع الحملة الانتخابية الرئاسية مما يعني وجود حالة من التعبئة الشعبية السياسية. وكان لافتًا مسارعة المرشحين للرئاسة إلى الإدلاء بتعليقاتهم على الحادث مركزين جميعهم على «مهنية» الجنود وعلى شجاعتهم. أما من حيث اختيار المكان، فإن لمتحف اللوفر رمزية استثنائية. فهو من جهة أحد أهم متاحف العالم، كما أنه، من جهة ثانية، يجتذب يوميًا آلاف الزوار، غالبيتهم من الأجانب، وبالتالي فإن عملية إرهابية في متحف اللوفر لا بد أن يكون لها صدى إعلامي واسع، وهو ما ظهر بالأمس، رغم أن الاعتداء جاء «بدائيًا» بسكين ولم يوقع ضحايا سوى الجندي الذي أصيب بجروح في رأسه، كما أنه لم يكن يستهدف المدنيين، كما حصل مثلاً في ملهى «الباتاكلان» أو في مدينة نيس. ولذا، فإن أسئلة ما زالت تدور حول دوافع الجاني وحول حقيقة العمل الإرهابي الذي ارتكبه. وكلها أسئلة تصعب الإجابة عليها قبل التعرف على نتائج التحقيق القضائي الذي أمر به النائب العام المتخصص في شؤون الإرهاب.
بيد أن استهداف الجنود الفرنسيين ورجال الأمن ليس العملية الأولى من نوعها في فرنسا، إذ سبق ذلك 7 عمليات؛ أولها قام بها محمد مراح، في عام 2012، إذ قتل 3 جنود بينهم جنديان مسلمان من «الفرقة الأجنبية» في مدينة تولوز، قبل أن يهاجم مدرسة يهودية في المدينة نفسها.
في الأسابيع الماضية، دأب رئيس الوزراء برنار كازنوف الذي شغل طويلاً حقيبة وزارة الداخلية على التحذير من عودة المتطرفين الفرنسيين أو من المقيمين على الأراضي الفرنسية إلى بلادهم من «ميادين الجهاد» في سوريا والعراق. وقدر كازنوف عدد هؤلاء بـ700 شخص، فيما دأب الرئيس الفرنسي، عند تناوله المعارك الدائرة في العراق لتحرير الموصل على التأكيد على الحاجة لدحر «داعش» في مدينة الرقة السورية كذلك، باعتبار أن هذه المدينة هي المكان الذي يخطط فيه للعمليات الإرهابية في فرنسا وأوروبا على السواء. وتتخوف باريس من عودة هؤلاء ومن مراكمتهم للخبرات العسكرية والتفجيرية التي اكتسبوها في سوريا والعراق. ولذا، فإن هم أجهزة المخابرات هي «تصيدهم» عند وصولهم إلى المطارات الفرنسية. لكن المشكلة تكمن في أن «الجهاديين» يلجأون لطرق مبتدعة للتعمية على أوضاعهم وعلى عودتهم من سوريا أو العراق عبر سلوك طرق «جديدة»، كالمرور ببلدان أوروبا الشرقية وحتى روسيا ودول أخرى لإخفاء وجودهم السابق في سوريا أو العراق.
وتذكر السلطات الفرنسية أن باريس في مرمى «داعش» الذي دعا لمهاجمتها أكثر من مرة منذ عام 2014، وذلك بسبب الدور الذي تلعبه في محاربة الإرهاب. وبينت التحقيقات أن كثيرًا من العمليات الإرهابية التي ضربت فرنسا جاءت بطلب من داعشيين أو قام بها أفراد أعلنوا مبايعتهم لـ«داعش».



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.