عباس: نقل السفارة غير مقبول قبل ترسيم الحدود

قال إن على الإدارة الأميركية القيام بدورها في تطبيق حل الدولتين بدلاً من عرقلته

صور التقطت من بيت جالا في الضفة الغربية تظهر طريقًا التفافيًا وجانبًا من جدار الفصل (أ.ف.ب) - الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
صور التقطت من بيت جالا في الضفة الغربية تظهر طريقًا التفافيًا وجانبًا من جدار الفصل (أ.ف.ب) - الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
TT

عباس: نقل السفارة غير مقبول قبل ترسيم الحدود

صور التقطت من بيت جالا في الضفة الغربية تظهر طريقًا التفافيًا وجانبًا من جدار الفصل (أ.ف.ب) - الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)
صور التقطت من بيت جالا في الضفة الغربية تظهر طريقًا التفافيًا وجانبًا من جدار الفصل (أ.ف.ب) - الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أ.ف.ب)

قال الرئيس الفلسطيني محمود عباس (أبو مازن)، إن نقل السفارة الأميركية إلى القدس خطوة أكثر من استفزازية في هذا الوقت، ملمحا إلى أن مثل هذه الخطوة قد تكون ممكنة بعد ترسيم الحدود مع إسرائيل، وإقامة الدولة الفلسطينية.
وأكد عباس أن مثل هذه الخطوة ستدمر العملية السلمية، وأن الفلسطينيين سيردون على ذلك، من دون أن يوضح ماهية هذا الرد.
واكتفى عباس بالقول: «إننا سنستخدم كل السبل السياسية والدبلوماسية، ودعوة كل الدول العربية والإسلامية والأسرة الدولية، للوقوف الحازم والجاد بوجه احتمال نقل السفارة الأميركية إلى مدينة القدس الشرقية المحتلة، عاصمة دولة فلسطين».
وكان عباس قد تحدث سابقا عن سحب الاعتراف بإسرائيل كرد على ذلك، وهي الخطوة التي قد تجر، لاحقا، إلى حل السلطة.
ووجه عباس خلال ترؤسه أمس، اجتماعا للحكومة الفلسطينية، رسالة إلى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، قال فيها: «نتمنى ألا يتم نقل السفارة من تل أبيب إلى القدس، لأن القدس ليس كما تقول إسرائيل مدينة موحدة. هذا غير صحيح وغير قانوني، وبالتالي نقل السفارة يعطل أي تقدم في المستقبل، وبالتالي يعطل عملية السلام».
وكان عباس أرسل لترامب رسالة مكتوبة قبل ذلك، شرح فيها وجهة نظره حول مسألة نقل السفارة بعد وعود انتخابية لترامب، وتأكيد مستشاريه بعد فوزه في السباق الرئاسي، أنه ماض في الأمر، لكن ترامب لم يرد على الرسالة.
وترامب ليس أول رئيس أميركي يعد بنقل السفارة إلى القدس، بل تكرر ذلك 20 مرة، على الأقل، في فترات رئاسية سابقة، من دون أن يقدم أحد على فعل ذلك. لكن الفلسطينيين يتخوفون هذه المرة، من خطوة عملية، بعدما نقل رجال أعمال كبار مقربون من ترامب إلى عباس أن ترامب جاد في الأمر.
ولجأ عباس إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من أجل ممارسة ضغوط مباشرة على ترامب، لوقف أي خطوة من هذا النوع، والمشاركة في رعاية مفاوضات بدلا من ذلك.
وقال عباس: «على الإدارة الأميركية الجديدة، أن تضطلع مع باقي دول العالم بدورها في تطبيق حل الدولتين بدلا من اللجوء إلى الخطوات التي من شأنها عرقلة هذا الحل وجعله مستحيلا. إن الإقدام على مثل هذه الخطوة الخطيرة من شأنه أن يترك آثارا مدمرة على أمن المنطقة واستقرارها، ومن شأنه القضاء على عملية السلام».
وأضاف: «نتمنى من ترامب أن يوقف نقل السفارة، وأن يبدأ المفاوضات على أساس القرارات الدولية وقرار مجلس الأمن (2334). وعلى أساس مخرجات مؤتمر باريس. وعندما ينتهي كل شيء، فإن كل طرف يعرف حدوده، نحن نعرف حدودنا على أساس 1967. بما فيها القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. عند ذلك يعرفون ما يريدون. وقبل ذلك يكون نقل السفارة ليس استفزازيا فقط، إنما أكثر من استفزازي وسيسيء لعملية السلام ككل».
وينتظر الفلسطينيون الآن، أن تضغط الدول التي وقعت على بيان باريس، على الولايات المتحدة وإسرائيل من أجل إطلاق مفاوضات تقوم على حل الدولتين.
وأكدت نحو 70 دولة يوم الأحد الماضي، أن حل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني غير ممكن إلا على أساس وجود دولتين. وحذرت من أنها لن تعترف بأي خطوات منفردة من أي الجانبين، يمكن أن تصدر حكما مسبقا على المفاوضات.
وشاركت دول من بينها أوروبية وعربية رئيسية إلى جانب الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، في اجتماع باريس الذي وصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بأنه «غير مجد».
وقال عباس، إن «مؤتمر باريس كان ناجحا للرئيس هولاند وللحكومة الفرنسية ولنا»، مضيفا: «قد لا نكون حققنا كل ما نريد، ولكن يكفي أنه جمع 70 دولة و5 منظمات دولية، ووضع النقاط على الحروف. ستحتاج هذه إلى متابعة، وسيجري متابعتها مع الرئيس هولاند حتى ننفذ ما تم الاتفاق عليه».
وعدّ عباس مجرد انعقاد المؤتمر، دليلا «على انحياز المجتمع الدولي للقانون الدولي والإنساني ولقرارات الشرعية الدولية»، مضيفا: «كما أن بيان المؤتمر الختامي الذي أكد حق الفلسطينيين بالدولة والسيادة وإنهاء الاحتلال الذي بدأ عام 1967 بشكل كامل، وعلى أهمية الالتزام بالقانون الدولي والإنساني وحقوق الإنسان، والامتناع عن أي خطوات أحادية الجانب؛ يشكل انتصارا جديدا لشعبنا، وتأييدا لحقوقه الوطنية المشروعة، وهو تعبير عن رفض المجتمع الدولي لجميع سياسات وإجراءات الاحتلال، وخطوة مهمة نحو تحمّل المجتمع الدولي مسؤولياته لإجبار إسرائيل على إنهاء احتلالها أرضنا، وإزالة مستوطناتها الاستعمارية عنها، وإلزامها بحق شعبنا في إقامة دولته الفلسطينية المستقلة كاملة السيادة، على حدود عام 1967، وعاصمتها الأبدية القدس الشرقية».
ودعا عباس المجتمع الدولي إلى وضع ما ورد في البيان الختامي، خصوصا الإنهاء التام للاحتلال الذي بدأ في عام 1967، موضع التنفيذ.



3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
TT

3 مقترحات يمنية أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني يلتقي في الرياض الأحد مسؤولين أميركيين (سبأ)

قدمت الحكومة اليمنية عبر سفارتها في واشنطن 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ الأميركي لإسناد الشرعية في مواجهة الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، في حين تحدثت الجماعة، الأحد، عن غارة ضربت موقعاً لها في جنوب محافظة الحديدة.

ووصف الإعلام الحوثي الغارة بـ«الأميركية - البريطانية»، وقال إنها استهدفت موقعاً في مديرية التحيتا الخاضعة للجماعة في جنوب محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، دون إيراد تفاصيل عن آثار الضربة.

مقاتلات أميركية من طراز «إف 35» شاركت في ضرب الحوثيين باليمن (أ.ب)

وفي حين لم يتبنَّ الجيش الأميركي على الفور هذه الغارة، تراجعت خلال الشهر الأخير الضربات على مواقع الحوثيين، إذ لم تسجل سوى 3 غارات منذ 12 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.

وكانت واشنطن أنشأت تحالفاً بقيادتها سمّته «حارس الازدهار» وبدأت - ومعها بريطانيا في عدد من المرات - في شن ضربات على مواقع الجماعة الحوثية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، في مسعى لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن.

وإذ بلغت الغارات أكثر من 800 غارة غربية استأثرت محافظة الحديدة الساحلية بأغلبها، كانت الجماعة تبنت مهاجمة نحو 215 سفينة منذ نوفمبر 2023، وأدت الهجمات إلى غرق سفينتين وإصابة أكثر من 35 سفينة ومقتل 3 بحارة.

وتزعم الجماعة الموالية لإيران أنها تشن هجماتها ضد السفن إلى جانب عشرات الهجمات باتجاه إسرائيل مساندة منها للفلسطينيين في غزة، في حين تقول الحكومة اليمنية إن الجماعة تنفذ أجندة طهران واستغلت الأحداث للهروب من استحقاقات السلام.

تصنيف ودعم وتفكيك

في وقت يعول فيه اليمنيون على تبدل السياسة الأميركية في عهد الرئيس المنتخب دونالد ترمب، لتصبح أكثر صرامة في مواجهة الحوثيين الذين باتوا الذراع الإيرانية الأقوى في المنطقة بعد انهيار «حزب الله» وسقوط نظام بشار الأسد، قدم السفير اليمني لدى واشنطن محمد الحضرمي 3 مقترحات أمام مجلس الشيوخ لدعم بلاده.

وتتضمن المقترحات الثلاثة إعادة تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية، ودعم الحكومة اليمنية لتحرير الحديدة وموانئها، واستهداف قيادات الجماعة لتفكيك هيكلهم القيادي.

محمد الحضرمي سفير اليمن لدى الولايات المتحدة ووزير الخارجية الأسبق (سبأ)

وقال السفير الحضرمي إن تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية أجنبية على غرار تصنيف «حزب الله» و«الحرس الثوري» الإيراني، من شأنه أن يبعث برسالة قوية مفادها أن أفعال الحوثيين (ترويع المدنيين، واستهداف الأمن البحري، وزعزعة استقرار المنطقة) غير مقبولة.

وبخصوص دعم الحكومة اليمنية لتحرير ميناء الحديدة، أوضح الحضرمي في مداخلته أمام مجلس الشيوخ الأميركي أن تأمين هذا الميناء الحيوي على البحر الأحمر، من شأنه أن يمكن الحكومة من حماية البحر الأحمر وإجبار الحوثيين على الانخراط في السلام، وكذلك منع وصول الدعم الإيراني إليهم.

وأكد الحضرمي أن تحرير الحديدة لن يكلف الحكومة اليمنية الكثير، وقال: «كنا على مسافة قليلة جداً من تحرير الحديدة في 2018، وتم إيقافنا من قبل المجتمع الدولي. وأعتقد أنه حان الأوان لتحرير هذا الميناء».

وفيما يتعلق باستهداف قيادات الحوثيين لتفكيك هيكلهم القيادي، شدد السفير اليمني في واشنطن على أهمية هذه الخطوة، وقال إن «محاسبة قادة الميليشيات الحوثية على جرائمهم ستؤدي إلى إضعاف عملياتهم وتعطيل قدرتهم على الإفلات من العقاب».

وأضاف: «ستعمل هذه التدابير على تعزيز أمن البحر الأحمر، وحفظ دافعي الضرائب وهذا البلد (الولايات المتحدة) للكثير من المال، ومحاسبة الحوثيين على أفعالهم، وتوفير الضغط اللازم لإجبار الجماعة على الانخراط في المفاوضات، مما يمهد الطريق لسلام دائم في اليمن».

ورأى السفير اليمني أن الدبلوماسية وحدها لا تجدي نفعاً مع النظام الإيراني ووكلائه، وقال: «حاولنا ذلك معهم لسنوات عديدة. (السلام من خلال القوة) هو المجدي! وأنا واثق بأن الشعب اليمني والإيراني سيتمكنون يوماً ما من تحرير أنفسهم من طغيان النظام الإيراني ووكلائه».

اتهام إيران

أشار السفير الحضرمي في مداخلته إلى أن معاناة بلاده كانت النتيجة المتعمدة لدعم إيران للفوضى وعدم الاستقرار في المنطق، وقال: «منذ أكثر من 10 سنوات، قامت إيران بتمويل وتسليح جماعة الحوثي الإرهابية، وتزويدها بالأسلحة الفتاكة لزعزعة استقرار اليمن وتهديد خطوط الملاحة الدولية في البحر الأحمر».

وأوضح أنه من المأساوي أن الدعم الإيراني مكّن الحوثيين من أن يصبحوا خطراً ليس فقط على اليمن، بل على المنطقة والعالم، إذ يعدّ البحر الأحمر ممراً مهماً للشحن التجاري، حيث يمر منه أكثر من 10 في المائة من التجارة العالمية و30 في المائة من شحن البضائع السنوي، لافتاً إلى أن الولايات المتحدة وحدها تنفق مليارات الدولارات للتصدي لهجمات لا تكلف إيران إلا القليل.

صاروخ وهمي من صنع الحوثيين خلال تجمع في صنعاء دعا له زعيم الجماعة (إ.ب.أ)

وخاطب الحضرمي أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي بالقول: «يجب إيقاف الحوثيين، ويمكن لليمنيين إيقافهم! فنحن نمتلك العزيمة والقوة البشرية لمواجهة الحوثيين والتهديد الإيراني في اليمن والبحر الأحمر. ولكننا لا نستطيع أن نفعل ذلك بمفردنا؛ نحن بحاجة لدعمكم».

وأشار السفير اليمني إلى أن الحوثيين يحصلون على النفط والغاز مجاناً من إيران، وباستخدام الأسلحة الإيرانية يمنعون اليمن من تصدير موارده الطبيعية، مما أعاق قدرة الحكومة على دفع الرواتب، أو تقديم الخدمات، أو شن هجوم مضاد فعال ضد الجماعة. وقال: «يمكن أن يتغير ذلك بدعم الولايات المتحدة».

وأكد الحضرمي أن اليمنيين لديهم العزيمة والقدرة على هزيمة الحوثيين واستعادة مؤسسات الدولة وإحلال السلام، واستدرك بالقول إن «وجود استراتيجية أميركية جديدة حول اليمن يعدّ أمراً بالغ الأهمية لمساعدتنا في تحقيق هذا الهدف».

ومع تشديد السفير اليمني على وجود «حاجة ماسة إلى نهج جديد لمعالجة التهديد الحوثي»، أكد أن الحوثيين «ليسوا أقوياء بطبيعتهم، وأن قوتهم تأتي فقط من إيران وحرسها الثوري، وأنه بوجود الاستراتيجية الصحيحة، يمكن تحييد هذا الدعم».