«الأوقاف» المصرية تثير الجدل بقرار إعداد خُطب الجمعة لـ 5 سنوات

مصادر: الوزارة ترغب في تأبيد الخطاب الديني لا تجديده... وعلماء بالأزهر: «مُجحف ومرفوض»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح عدداً من المصريات القبطيات مهنئاً لهن بيوم الميلاد في كاتدرائية القديس مرقص بالقاهرة أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح عدداً من المصريات القبطيات مهنئاً لهن بيوم الميلاد في كاتدرائية القديس مرقص بالقاهرة أول من أمس (إ.ب.أ)
TT

«الأوقاف» المصرية تثير الجدل بقرار إعداد خُطب الجمعة لـ 5 سنوات

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح عدداً من المصريات القبطيات مهنئاً لهن بيوم الميلاد في كاتدرائية القديس مرقص بالقاهرة أول من أمس (إ.ب.أ)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يصافح عدداً من المصريات القبطيات مهنئاً لهن بيوم الميلاد في كاتدرائية القديس مرقص بالقاهرة أول من أمس (إ.ب.أ)

أثار قرار وزير الأوقاف المصري محمد مختار جمعة بإعداد خطب الجمعة في مصر مقدما لمدة 5 سنوات، وإعلانه عرضها على الرئيس عبد الفتاح السيسي لإبداء الرأي، جدلا بين علماء الأزهر وداخل أروقة المؤسسة الدينية الرسمية في البلاد.
وبينما قالت مصادر إن «الوزير يرغب في تأبيد الخطاب الديني لا تجديده، وهو أمر يتجاهل المرونة اللازمة للخطاب الديني من أجل مواجهة الأفكار التكفيرية وجماعات العنف التي ما زالت تعتلي منابر المساجد لنشر الأفكار المتشددة»، أكد علماء بالأزهر لـ«الشرق الأوسط» أن «قرار الأوقاف مُجحف ومرفوض... وخطة الوزير غير صالحة للتجديد».
وأحرج السيسي، وزير الأوقاف خلال كلمته باحتفالية المولد النبوي في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بقوله: «عندما تحدثت مع وزير الأوقاف عن تجديد الخطاب الديني تسرع وكان متحمسا وأصدر قرار الخطبة الموحدة... الموضوع أكبر من هذا وما قام به اختزال للموضوع».
وكان جمعة قد تراجع عن قرار توحيد الخطبة المكتوبة خلال صلاة الجمعة بالمساجد في أغسطس (آب) الماضي، بعد أن واجه اعتراضا شديدا من الأزهر.
ورفضت هيئة كبار العلماء بمصر برئاسة الدكتور أحمد الطيب قرار «الخطبة المكتوبة» الذي أصدرته الحكومة ممثلة في وزارة الأوقاف، وهي المسؤولة عن المساجد، وهو القرار الذي أثار غضب وحفيظة أئمة ودعاة رسميين هددوا بعدم صعود المنابر نهائيا وقتها؛ لكن جمعة تجاهل رفض «كبار العلماء» واعتبارها تسطيحا للفكر وتجميدا للخطاب الديني، ودعا أئمة الأوقاف لتنفيذ قراره بالالتزام بالخطبة المكتوبة بعيدا عن الأئمة التابعين للأزهر.
وأكد مراقبون أن «عدم الانسجام بين الأزهر والأوقاف ما زال مستمرا، خصوصا أن قرار مختار جمعة الأخير بعمل خطب لمدة 5 سنوات مقبلة لأول مرة في التاريخ، كان قرارا فرديا ولم يستشر فيه الأزهر».
وحاول المسؤولون في المؤسستين نفي وجود أي خلاف خلال الفترة الماضية؛ لكن قرار «الخطبة المكتوبة» السابق كشف الأزمة، ما دعا السيسي للتدخل والتأكيد على دور الأزهر والأوقاف في خدمة قضية «الخطاب الديني»، خصوصا بعدما قامت جماعة الإخوان الإرهابية بالترويج في خارج مصر أن الأزهر تمرد على الدولة المصرية برفضه «الخطبة المكتوبة».
وقالت مصادر في الأوقاف إن «الوزارة انتهت بالفعل من إعداد قوائم موضوعات خطب الجمعة للسنوات المقبلة، وتشمل 54 موضوعا للعام الأول، وتضم 270 موضوعا لمدة خمس سنوات». في حين وصفت مصادر بالأزهر لـ«الشرق الأوسط» قرار الوزير بـ«المُجحف»، وقائلة إن من شأنه قتل الإبداع وهو العامل الأساسي للتجديد لدى الأئمة والدعاة، مضيفة: أن «القرار من شأنه إضعاف قدرة الأئمة على مواجهة الأفكار المتطرفة، وأنه قرار غير مدروس بالمرة، ولم يحدث قبل ذلك في أي دولة إسلامية في العالم».
وأكدت وزارة الأوقاف في بيان لها أن «اللجان العلمية بدأت في كتابة موضوعات خطب الجمعة بمشاركة نخبة من خيرة الأساتذة من علماء الدين والنفس والاجتماع، وأنه قريبا سيتم طرح خطة الخطب على موقع الوزارة الرسمي على الإنترنت لتلقي أي ملاحظات أو مقترحات بشأنها». مضيفة: أنه «سيتم عقد اجتماع للجنة الرئيسية لمراجعة الخطة قبل رفعها متكاملة إلى الرئيس السيسي».
وأضافت الأوقاف في بيانها أن موضوعات الخطب شملت 13 محورا هي الأخلاق، والقيم الوطنية، وقضايا التطرف والإرهاب، والعمل والإنتاج، والمعاملات، وبناء الأسرة، والشباب، والمرأة، ودور ذوي الاحتياجات الخاصة في بناء المجتمع، والتعليم والتثقيف والتربية، والإيمانيات، والمناسبات الدينية، والقضايا العامة.
وقال علي محمد الأزهري عضو هيئة التدريس بجامعة الأزهر لـ«الشرق الأوسط» إن «التجديد في الخطاب الديني بمواكبة الأحداث الجارية، فقد كان الخطباء قديما يأخذون من الأحداث المحيطة بهم موضوعا للخطبة».
لكن الأوقاف دافعت عن تحديد موضوعات الخطبة لمدة 5 سنوات في بيانها، بأنه في حالة المستجدات والحوادث والظروف الطارئة، سيتم تخصيص الجزء الثاني من الخطبة لمعالجتها في حدود ما تقتضيه وتحتمه طبيعة كل ظرف على حدة، كما سيتم معالجة هذه المستجدات والقضايا الطارئة أيضا من خلال الندوات والدروس والقوافل المتنوعة.
في المقابل، قال الدكتور محمد الشحات الجندي عضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر، إن «ما أعلنت عنه وزارة الأوقاف بالانتهاء من إعداد خطبة الجمعة لمدة 5 أعوام قبل رفعها للرئيس، أمر يتعلق بالمؤسسة الدينية على رأسها الأزهر وهيئتيه (كبار العلماء) و(مجمع البحوث الإسلامية)، ويجب أن يعرض عليهم مثل هذه الخطة. مضيفا في تصريحات له أمس: أن تكليفات الرئيس كانت واضحة، وأنه لا بد أن تكون هناك خطة وفقا لملامح محددة لا يتم اختزالها في خُطب الجمعة فقط.
وسبق أن طالب الرئيس المصري المؤسسة الدينية أكثر من مرة بتحديد الخطاب الديني، للتصدي لفكر الجماعات المتشددة ومواجهة دعوات التكفير؛ لكن مراقبين يرون أن «الخطاب الديني لم يتم تجديده حتى الآن بشكل يرضي الرئيس، ويتهمون المؤسسة الدينية بعدم قدرتها على التجديد».
وأوضح الجندي أن تحديد خطب لخمس سنوات مقبلة ليست بالمسألة الهينة، معربا عن رفضه لهذا الطرح من الأوقاف، لأن هناك هموما مجتمعية ومتغيرات.
من جانبه، قال الأزهري إن مشكلة فهم البعض لمسألة تجديد الخطاب الديني قاصرة على زاوية معينة، وخصوصا أن التجديد ليس بتوحيد الخطبة وتعميمها على جميع مساجد مصر؛ لأن الخطاب في المدينة يختلف عن الخطاب في القرية، والخطاب في المناطق النائية يختلف عن الخطاب في المناطق الساحلية وفي الصعيد أيضا.
مضيفا: أن «اختزال وزير الأوقاف لتجديد الخطاب الديني في خطبة الجمعة فقط خطأ فادح»، موضحا أن مشكلة الآلية التي يتعمدها وزير الأوقاف غير صالحة للتجديد، والأولى به أن يوحد صف الدعوة من خلال مرجعيتنا الصحيحة، وتتمثل في الأزهر وفقا لنصوص القانون والدستور المصري، لافتا إلى أن الأزهر هو المنوط بأمر الدعوة، وهناك علماء أفاضل يتمثلون في هيئة كبار العلماء وأيضا الساعد الآخر مجمع البحوث الإسلامية؛ لكن الوزير حول وجهه شطر نفسه دون الرجوع للمنبع، مضيفا: لا أدري أهو يقصد التفرد برأيه وظهوره بالمجدد، أم ماذا؟ ليكشف القرار الأخير عن أن جميع محاولات وزير الأوقاف في أمر تجديد الخطاب الديني غير مرضية.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.