توغلت قوات النظام السوري مدعومة بحلفائها الروس والميليشيات الإيرانية، اليوم (الاثنين)، في جزء آخر تسيطر عليه المعارضة من مدينة حلب، فيما تقترب قوات الأسد أكثر من المناطق الخاضعة لهيمنة المعارضة، مما أدى إلى خسارتها شرق المدينة التي اندلعت منها المظاهرات السلمية في مارس (آذار) 2011.
وواصلت قوات النظام السوري تقدمها داخل شرق حلب، وسيطرت على حي قاضي عسكر، تزامنًا مع إعلان روسيا، أبرز حلفاء الأسد، عن محادثات ستجريها مع الولايات المتحدة لإخراج مقاتلي المعارضة من المدينة.
وفيما يستعد مجلس الأمن الدولي لعقد اجتماع بعد ساعات يصوت فيه على مشروع قرار لوقف إطلاق النار في المدينة المدمرة شمال سوريا، وصفت موسكو مشروع الهدنة بأنه «استفزازي».
ميدانيًا، أورد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قوات النظام وحلفاءها تمكنت من استعادة السيطرة على حي قاضي عسكر في شرق حلب بعد ساعات من سيطرتها بالكامل على أحياء كرم الميسر وكرم القاطرجي وكرم الطحان المجاورين له.
وبحسب المرصد، باتت قرابة ثلثي أحياء حلب الشرقية تحت سيطرة قوات النظام، بعدما كانت الفصائل المعارضة تسيطر منذ عام 2012 على الأحياء الشرقية، فيما تسيطر قوات النظام على الأحياء الغربية من المدينة.
وعاش سكان حلب ليلة مرعبة تخللها قصف جوي ومدفعي عنيف، وانتشرت رائحة البارود في الأجواء، فيما أقدموا على إطفاء الأنوار داخل منازلهم ليلاً وامتنعوا عن تشغيل المولدات الكهربائية خشية من استهدافهم بالقصف، وأمضى كثيرون ليلتهم مختبئين في الطوابق الأرضية ومداخل الأبنية مع ارتفاع حدة القصف.
وبدأت قوات النظام هجومًا في 15 نوفمبر (تشرين الثاني)، لاستعادة السيطرة على كامل مدينة حلب، وأحرزت تقدمًا ثابتًا خلال الأيام العشرة الأخيرة.
وقال مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، إن «قوات النظام تخوض الاثنين معارك في حي الشعار تمهيدًا للسيطرة عليه»، موضحًا أنها «باتت تحاصره من 3 جهات، بعدما تركت ممرًا لمقاتلي الفصائل للانسحاب منه نحو الأحياء الجنوبية».
دوي القصف والغارات كان يسمع بوضوح من مكان وجودها شرق مدينة حلب، تزامنًا مع تصاعد أعمدة الدخان من الأحياء الشرقية.
وبحسب عبد الرحمن، فإن استكمال السيطرة على حي الشعار «يجعل مقاتلي المعارضة محاصرين في جبهة صغيرة تشكل ثلث الأحياء الشرقية»، متوقعًا أن «تبدأ بعدها قوات النظام عملية قضم تدريجي للأحياء التي لا تزال تحت سيطرة الفصائل».
وبحسب عبد الرحمن، تخوض قوات النظام «عملية استنزاف للمقاتلين من الذخيرة عبر فتح أكثر من جبهة في الوقت ذاته، في حي الشعار حاليًا مثلاً، في وقت تستمر فيه المعارك في حيي الشيخ سعيد والشيخ لطفي في جنوب الأحياء الشرقية، تزامنًا مع هجمات من داخل الأحياء الغربية على حيي بستان القصر وصلاح الدين».
ودفعت المعارك أكثر من 50 ألف مدني - وفق المرصد السوري - إلى الفرار إلى أحياء أخرى في المدينة، بعضها تحت سيطرة النظام، فيما فرت مئات العائلات أمس.
وأحصى المرصد منذ بدء الهجوم مقتل 324 مدنيًا بينهم 44 طفلاً جراء قصف قوات النظام على شرق حلب، في حين قتل 73 مواطنًا بينهم 29 طفلاً جراء قذائف أطلقتها الفصائل على غرب حلب.
في نيويورك، من المقرر أن يصوت مجلس الأمن الدولي، بعد ظهر الاثنين، على مشروع قرار يدعو إلى هدنة لا تقل عن 7 أيام في حلب وإلى وصول المساعدات الإنسانية للسكان المحاصرين من قوات النظام في أحيائها الشرقية، حسبما أفاد دبلوماسيون.
وعملت على نص المشروع كل من مصر ونيوزيلندا وإسبانيا بعد مفاوضات طويلة مع روسيا التي أبدت ترددًا كبيرًا.
وعلى الرغم من التنازلات التي قدمتها الدول المدافعة عن مشروع القرار، لكن وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، سارع اليوم في مؤتمر صحافي عقده في موسكو إلى اعتبار أن «مشروع القرار هو في جزء كبير منه عبارة عن استفزاز ينسف الجهود الروسية - الأميركية».
وكشف عن محادثات قريبة بين الروس والأميركيين حول خروج «كل مقاتلي» المعارضة من حلب.
وقال: «كنا على استعداد للاجتماع في جنيف اعتبارًا من اليوم، لكن الأميركيين طلبوا إرجاء المشاورات»، مضيفًا: «من المرجح جدًا أن تبدأ غدًا مساء أو صباح الأربعاء، بهدف وضع آليات خروج كل مقاتلي المعارضة من شرق حلب».
وعلى الرغم من عدم مشاركة روسيا في القصف على حلب منذ بدء الهجوم الأخير في منتصف نوفمبر، فإنها شاركت خلال الأشهر الماضية في حملة قصف جوي مكثف إلى جانب طيران النظام على الأحياء الشرقية في حلب تسببت بدمار هائل وبسقوط مئات القتلى وبتدمير عدد من المستشفيات، مما أثار تنديدًا دوليًا.
وقتل 72 شخصًا على الأقل غالبيتهم من المدنيين، الأحد، جراء غارات روسية «على الأرجح»، بحسب المرصد السوري، استهدفت مناطق في محافظة إدلب في شمال غربي البلاد.
واستخدمت موسكو حق النقض (فيتو) مرات عديدة خلال تصويت مجلس الأمن على نصوص لوقف القتال في سوريا.
وينص مشروع القرار الحالي على أن «يضع جميع أطراف النزاع السوري حدًا لهجماتهم في مدينة حلب» خلال فترة أولى مدتها 7 أيام قابلة للتجديد، وعلى «تلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة» للسكان المحاصرين.
ويشير مشروع القرار إلى أن هذه الهدنة المؤقتة ستشكل مقدمة لوقف الأعمال القتالية في كل أنحاء سوريا.
من جهتها، قصفت المعارضة أحياء تسيطر عليها قوات النظام، لا سيما قرب جبهات القتال، وشوهدت ألسنة اللهب، وهي تتصاعد من منطقة في البلدة القديمة.
وتقول مصادر من المعارضة إن المقاتلين الذين يدافعون عن حي الشعار قد يضطرون إلى الانسحاب أو سيخاطرون بقطع الطريق عليهم من مناطق أخرى.
وقال زكريا ملاحفجي، وهو قيادي في جماعة «فاستقم» المعارضة - التي تنشط في حلب ومقرها تركيا - إن قوات النظام توغلت في حي الشعار، وإنه وقعت اشتباكات خلال الليل، ولا تزال مستمرة.
وذكر مقاتل من جماعة نور الدين زنكي في حلب أن قوات النظام حققت تقدمًا على عدة جبهات، مما وضع ضغوطًا على حي الشعار، لكن الحي لم يُفرض عليه حصار كامل بعد.
في الجبهة الشامية، قال قيادي إن الشعار سقط بالفعل، لأن القوات الحكومية سيطرت على مناطق قريبة تتحكم في مداخله.
وأضاف القيادي متحدثًا من تركيا أنه يمكن اعتبار أن كرم الجبل والشعار سقطا، وذلك في رسالة صوتية لوكالة «رويترز» للأنباء.
وأفاد المرصد السوري بوقوع اشتباكات عنيفة اليوم في الشعار، وأن قوات النظام السوري وحلفاءه سيطروا على أجزاء من الحي.
قوات النظام السوري، بدورها أعلنت سيطرتها على المدخل الرئيسي لمطار حلب، في حين يستمر تقدم النظام والميليشيات المساندة له في الأحياء الشرقية للمدينة.
وأفاد الدفاع المدني بمقتل 24 شخصًا وسقوط أكثر من 85 جريحًا، مشيرًا إلى أن هناك آخرين لم يتمكنوا من الوصول إليهم.
وكان متحدث باسم قوات النظام قد أكد، في حديث لوكالة «أسوشييتد برس»، استمرار الحملات العسكرية التي تشنها قواته المدعومة بالقوات الروسية والميليشيات في مدينة حلب، متوعدًا مقاتلي المعارضة بموت حتمي فيها، على حد قوله.
كما أشار إلى أن قوات الأسد ستتوجه للاعتماد على قوات المشاة والقوات الخاصة لدخول الأحياء المتبقية من حلب الشرقية، خصوصًا الأحياء القديمة فيها.
ورفضت فصائل المعارضة تهديدات النظام والعرض الروسي بالانسحاب، رغم الضغوط الشديدة والخسائر التي تعرضت لها في شرق حلب.
8:2 دقيقة
المعارضة تخسر نصف شرق حلب
https://aawsat.com/home/article/800066/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D8%B1%D8%B6%D8%A9-%D8%AA%D8%AE%D8%B3%D8%B1-%D9%86%D8%B5%D9%81-%D8%B4%D8%B1%D9%82-%D8%AD%D9%84%D8%A8
المعارضة تخسر نصف شرق حلب
لافروف: المعارضون الذين يرفضون مغادرة شرق حلب سيعاملون كإرهابيين
المعارضة تخسر نصف شرق حلب
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة