وثيقة مشايخ علويين تتبرأ من الأسد والمعارضة تربطها بروسيا

تشكيك في غياب مرجعية صريحة للموقعين وتوقيت نشر الوثيقة

وثيقة مشايخ علويين تتبرأ من الأسد والمعارضة تربطها بروسيا
TT

وثيقة مشايخ علويين تتبرأ من الأسد والمعارضة تربطها بروسيا

وثيقة مشايخ علويين تتبرأ من الأسد والمعارضة تربطها بروسيا

تداول بعض وسائل الإعلام الغربي، أمس، وثيقة مسربة من داخل سوريا تحمل اسم «إعلان وثيقة إصلاح هوياتي»، صادرة عن مشايخ وقادة دينيين علويين في سوريا، حاول فيها الموقعون أن يضعوا مسافة بينهم وبين نظام بشار الأسد الذي ينتمي للطائفة، كما نفوا فيها أنهم طائفة تتبع الشيعة. غير أن شخصيات معارضة شككت في توقيت الوثيقة الذي يواكب محاولات موسكو للعب دور سياسي في إعادة تشكيل سوريا المستقبلية.
ولا يعرف مدى الدعم الذي يحظى به الموقعون على البيان، غير أن متحدثا باسمهم قال لموقع «بي بي سي» إنهم يمثلون «25 في المائة من العلويين في داخل سوريا». وقال بعض الموقعين عليها إنهم أبلغوا حكومات أوروبية بفحواها.
ولم يعلن الموقعون عن أسمائهم خوفا على حياتهم.
وتأتي الوثيقة في ظل الخسائر التي منيت بها الطائفة على مستوى شبابها الذي يشكلون ركيزة المقاتلين في كل من جيش الأسد وميليشياته. كذلك في ظل المخاوف من تعرض أفراد الطائفة العلوية لمجازر انتقامية من قبل المتشددين الذي يقاتلون في سوريا وينظرون إليهم على أنهم مجموعة خارجة عن الإسلام. وقال متحدث من المشايخ لصحيفة «صنداي تلغراف» البريطانية، إن الطائفة ترغب في بدء علاقة جديدة مع الأغلبية السنية. ووصفت الوثيقة الثورة السورية بأنها «مبادرة غضب نبيل»، ومنحت النظام تسمية «الشمولي».
وحاول البيان تمييز نفسه عن دمج العلويين بالطائفة الشيعية، وقال البيان إن «جميع الفتاوى الخالصة إلى استتباع العلويين بالشيعة كفرع من فروعها هي لاغية بالنسبة لنا وواقعة موقع العدم منا».
وأوضح الزعماء العلويون في الوثيقة أنهم يؤمنون «بقيم المساواة والحرية والمواطنة»، ويدعون إلى نظام علماني في سوريا مستقبلا، يعيش فيه الإسلام والمسيحية وجميع الديانات سواسية.
وقال أحد الموقعين على الوثيقة في تصريح لـ«بي بي سي»، رافضا أن يذكر اسمه، إنهم أصدروها لتحديد هوية الطائفة، لأن كثيرا من العلويين يقتلون بسبب عقيدتهم.
وأضاف أن الوثيقة هدفها التأكيد على أن جميع طوائف الإسلام «إخوة»، وأنه لا ينبغي تحميل العلويين «الجرائم التي ارتكبها النظام»، وأن مستقبل سوريا اليوم بين أيدي المجتمع الدولي.
ويؤكد زعماء العلوية، التي تسيطر على الحكم والأجهزة الأمنية في سوريا منذ أربعين عاما، على أن شرعية النظام «لا تكتسب إلا بمعايير الديمقراطية وحقوق الإنسان».
الوثيقة أثارت ردود فعل بين السوريين المعارضين للنظام. واستطلعت «الشرق الأوسط» مواقف بعضهم، فقال الدكتور وائل العجي، عضو مجلس إدارة «سوريون مسيحيون ﻷجل السلام»: «بلا شك، فإن البيان يعد محاولة مهمة، إن جاءت متأخرة، لتوضيح موقف الطائفة العلوية من التطورات السياسية والميدانية التي حدثت مؤخرا والتي سيكون لها أثر كبير على مستقبل سوريا». ووصف البيان بأنه «محاولة خجولة لكسر العلاقة الاحتكارية التي نشأت عبر خمسة عقود بين الطائفة العلوية والأسرة الأسدية وحلفائها التي كان لها أثر تدميري على سوريا بأسرها». وعد أن هذا اﻷثر سيلقي بظلاله السلبية، ولمدة طويلة، بين الطائفة العلوية وبقية مكونات الشعب السوري، وذلك بسبب سياسة الاصطفاف الطائفي التي اتبعتها الأسرة اﻷسدية بتشجيع من نظام الملالي اﻹيراني وبدعم مباشر من ميليشيات طائفية عراقية ولبنانية.
وعد الدكتور العجي أن «إخفاء أسماء الموقعين يضفي ظلالا من الضبابية والشكوك حول مصداقية هذا البيان ودلالاته، رغم الاهتمام الذي حظي به من قبل وسائل إعلام عالمية ومراكز بحث أكاديمية مرموقة. فرغم أنه قد صدرت بيانات عدة في السابق وقعها عدد من الشخصيات العلوية بأسمائهم الصريحة، وهي شخصيات لا يرقى الشك إلى وطنيتها وإخلاصها، فإنها لم تحظ بالاهتمام ذاته». وتابع بقوله إن تزامن هذا البيان ولغته العمومية، مع الكلام المتزايد حول صياغة دستور جديد للبلاد برعاية روسية، يلقي مزيدا من الشكوك حول أهداف هذا البيان الحقيقية، خصوصا أن جهات روسية كثيرة أظهرت في السابق رغبتها بدستور يقوم على أسس المحاصصات الطائفية بما يعطي روسيا نفوذا كبيرا في مرحلة ما بعد اﻷسد باعتبارها الطرف الحامي للعلويين ودورهم السياسي.
من جهته، عد المعارض والسجين السياسي لعشر سنوات في سجون حافظ الأسد، بسام يوسف الذي يرأس تحرير جريدة «كلنا سوريون» أن «الوثيقة لا أهمية لها، لأنها بلا مرجعية واضحة، خصوصا أن الجميع يعرف عدم وجود أي مرجعية دينية أو سياسية للطائفة العلوية خارج مؤسسة النظام، وتحديدا الوجوه الأمنية والعسكرية».
وتابع بقوله أن «هناك محاولات - جرت سابقا وتجري الآن - تقوم بها مجموعات في محاولة منها لتمثيل العلويين، أي خلق تمثيل سياسي لهذه الطائفة لتوظيفه في الحلول السياسية التي تتم صياغتها في الكواليس».
ووصف تلك المحاولات بأنها «تتم بإيحاء من أطراف غير سورية، تحاول خلق مرتكزات داخل المجتمع السوري لصيغة الحل السياسي المقبل. ولعل الطرف الأكثر اشتغالا على هذا الموضوع في هذه المرحلة هي روسيا بهدف تقوية شروط نجاح الحل السياسي الذي تتبناه».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».