تضارب تصريحات مسؤولين في الهيئة العليا للتفاوض حول المشاركة بالمفاوضات

مصادر: المفاوضات السورية في موعدها.. والأيام الأولى «للتسخين»

سوريون يتظاهرون في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة بمدينة حلب أمس مطالبين فيها الأسد بالرحيل (أ.ف.ب)
سوريون يتظاهرون في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة بمدينة حلب أمس مطالبين فيها الأسد بالرحيل (أ.ف.ب)
TT

تضارب تصريحات مسؤولين في الهيئة العليا للتفاوض حول المشاركة بالمفاوضات

سوريون يتظاهرون في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة بمدينة حلب أمس مطالبين فيها الأسد بالرحيل (أ.ف.ب)
سوريون يتظاهرون في القسم الذي تسيطر عليه المعارضة بمدينة حلب أمس مطالبين فيها الأسد بالرحيل (أ.ف.ب)

تتجه الهيئة العليا للمفاوضات للمشاركة في الجولة الثانية من محادثات السلام السورية المرتقبة هذا الأسبوع حتى ولو لم تتخذ حتى الساعة قرارا نهائيا في هذا الشأن، في وقت أكّدت مصادر معنية أن الموعد الذي حدده المبعوث الدولي الخاص ستيفان دي ميستورا لانطلاقها، ثابت في التاسع من الشهر الحالي، على أن تكون بداية المفاوضات غير المباشرة مع وفد النظام.
من جهته، أعلن الناطق الرسمي باسم الأمم المتحدة، فرحان الحق، أن المحادثات السورية ستبدأ في التاسع من الشهر الحالي في جنيف. وقال الحق خلال الإيجاز الصحافي اليومي إن بعض الوفود ستصل متأخرة، أي في 12 أو 13، إلا أن المباحثات المبدئية تبدأ في التاريخ المعين، مضيفا أن المبعوث الأممي الخاص لسوريا، ستيفان دي ميستورا، سيبدأ لقاء الأطراف بناء على ما جاء بالقرار الدولي رقم 2054. وأضاف أنه سيحضر المحادثات الوفود نفسها التي دعتها الأمم المتحدة إلى الاجتماع السابق.
وأكدت المصادر القريبة من الأمم المتحدة لـ«الشرق الأوسط»، أنّه وبعكس ما يتم التداول به، «فلن تكون هناك أي إضافات على الوفود التي حضرت الدورة الأولى نهاية شهر يناير (كانون الثاني) الماضي»، خاصة بعد توارد معلومات عن نية موسكو الضغط مجددا لضم شخصيات قريبة منها، على غرار هيثم مناع وصالح مسلم، وإعلان ممثل «مؤتمر القاهرة للحل السياسي» جهاد مقدسي أنه تلقى دعوة للمشاركة في جولة المحادثات الثانية في جنيف، موضحا أن هذه الدعوة حددت هدف مشاركته بـ«التشاور مع الأمم المتحدة، وبالتالي لست على طاولة الهيئة العليا للمفاوضات». ورجّحت المصادر أن تكون الأيام الأولى من المباحثات أي الفترة الواقعة ما بين التاسع والرابع عشر من الشهر الحالي بهدف «التسخين»، استعدادا لانطلاق المفاوضات بشكل جدي منتصف الشهر. وفيما أفيد بأن الخارجية السورية تلقت دعوة رسمية جديدة للمشاركة في محادثات جنيف المقبلة، وأن وفد النظام السوري سيشارك بالطاقم التفاوضي ذاته الذي سبق وشارك في المحادثات السابقة، برئاسة المندوب الدائم لسوريا في الأمم المتحدة بشار الجعفري، تضاربت تصريحات مسؤولين في الهيئة العليا للتفاوض يوم أمس بخصوص اتخاذ قرار نهائي بالمشاركة بمحادثات السلام، رغم تأكيد أكثر من مصدر معارض التوجه لحضور المباحثات، ففيما أعلن رياض نعسان آغا، أحد المتحدثين باسم الهيئة موافقتها بعد التشاور على الذهاب إلى جنيف، متوقعا أن يصل الوفد التفاوضي إلى سويسرا يوم الجمعة في الحادي عشر من الشهر، قال المنسق العام للهيئة رياض حجاب إن أحدث المعارك إلى جانب اعتقالات نفذتها القوات الحكومية، تدفع المعارضة لإعادة النظر فيما إذا كان ينبغي لها حضور جولة محادثات للسلام في جنيف، لافتا إلى أنها ستكون قبل نهاية الأسبوع الحالي وسيصدر قرار صريح بشأنها.
بدوره، أكد رئيس وفد المعارضة السورية إلى مفاوضات جنيف أسعد الزعبي تمسك المعارضة بمطالبها الإنسانية قبل الذهاب إلى جنيف، نافيا الموافقة على الذهاب إلى هناك. وقال الزعبي إن قرارا رسميا لم يتخذ بعد بشأن مسألة المشاركة، مؤكدا شرط الهيئة العليا للتفاوض أن تبدأ المفاوضات ببحث تشكيل هيئة حكم انتقالي كامل الصلاحيات مع التشديد على رحيل رئيس النظام السوري بشار الأسد من السلطة.
أما سالم المسلط، وهو أحد المتحدثين باسم الهيئة، فشدد أيضا على أن لا قرار نهائيًا بعد بالمشاركة في المفاوضات، متحدثا عن بعض الشروط الواجب توفرها قبل المشاركة، منها فك الحصار عن المدن وغيرها من المواضيع الإنسانية.
وربط نعسان آغا ما قال إنه قرار بالمشاركة بـ«الجهود الكبيرة في اتجاه تحقيق المطالب الإنسانية واحترام الهدنة». وأشار إلى «تراجع كبير في خروقات» الهدنة السارية منذ بدء تطبيق اتفاق أميركي روسي مدعوم من الأمم المتحدة لوقف الأعمال القتالية في سوريا. وقال آغا: «بدأنا نلاحظ أن حجم الخروقات بدأ ينخفض في اليومين الأخيرين ونرجو في الأيام القادمة حتى يوم الجمعة أن تصل الخروقات إلى صفر... إذا انتهت هذه الخروقات فهذا يجعل البيئة مواتية لبدء المفاوضات». وكانت الهيئة توجهت إلى جنيف في الجولة السابقة في نهاية يناير، إلا أن المفاوضات لم تنطلق عمليا حينها، إذ تمسكت المعارضة بتطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2254 الذي ينص على إيصال مساعدات إنسانية إلى المناطق المحاصرة وحماية المدنيين من القصف، قبل البدء بالتفاوض حول العملية السياسية. وتلت تلك الجولة حملة كثيفة من الاتصالات الدبلوماسية انتهت بالإعلان عن اتفاق روسي - أميركي على وقف الأعمال القتالية، وهو ما لقي في وقت لاحق الدعم الكامل من مجلس الأمن.
وأوضح دي ميستورا السبت أن الجولة الجديدة من المفاوضات المرتقبة ستكون عبارة عن «لقاءات غير مباشرة»، كما حصل في الجولة الأولى، لافتا إلى أن ممثلي المجتمع الدولي لن يشاركوا مباشرة «بل سيكونون في الممرات الخلفية لدعم السوريين». وأكد أن الأجندة واضحة، وهي «أولاً، مناقشات للوصول إلى هيئة حكم جديدة. ثانيًا، دستور جديد. ثالثًا، انتخابات برلمانية ورئاسية خلال 18 شهرًا».
ورجّح هشام جابر، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات، أن تكون الدورة المرتقبة من المفاوضات «مختلفة عن سابقاتها باعتبار أنّها تأتي هذه المرة بعد اتفاق أميركي - روسي على وقف إطلاق النار تحول لقرار أممي وافقت عليه كل دول العالم»، لافتا إلى أنّه من مصلحة فريقي الصراع، وخاصة المعارضة، الجلوس على الطاولة اليوم قبل الغد نظرا للمتغيرات المتسارعة». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «كما أن الجلوس على الطاولة لن يعني التوصل لحلول سريعة، فالوضع السوري متشابك وهناك نقاط خلافية أساسية لن يكون من السهل التوصل لعناصر اتفاق بشأنها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.