التحالف الدولي ضد «داعش»: خطتنا ضد التنظيم ثلاثية الأبعاد

ستيف وارن المتحدّث الرسمي أكد لـ «الشرق الأوسط» أن الحملة العسكرية ضد التنظيم هي الأكثر دقة عبر التاريخ

المتحدث باسم التحالف الدولي ضد «داعش» الكولونيل ستيف وارن ({غيتي})
المتحدث باسم التحالف الدولي ضد «داعش» الكولونيل ستيف وارن ({غيتي})
TT

التحالف الدولي ضد «داعش»: خطتنا ضد التنظيم ثلاثية الأبعاد

المتحدث باسم التحالف الدولي ضد «داعش» الكولونيل ستيف وارن ({غيتي})
المتحدث باسم التحالف الدولي ضد «داعش» الكولونيل ستيف وارن ({غيتي})

قال الكولونيل ستيف وارن، المتحدّث الرسمي باسم التحالف الدولي ضد «داعش» في سوريا والعراق، إن غارات التحالف الجوية قتلت في المتوسّط قائدا بارزا في التنظيم الإرهابي كل يومين منذ شهر مايو (أيار) الماضي.
وحذّر وارن، مساء أول من أمس في جلسة صحافية مغلقة بلندن، من أن تتحوّل ليبيا إلى وجهة مقاتلي «داعش» الجدد، وقال إن أبرز سبب لذلك هو أن «العراق لم يعد آمنا للإرهابيين قطّ.. فإن كنت من المقاتلين المتطرفين والتحقت بالتنظيم في العراق، فتأكد أن أيامك معدودة». وأوضح المسؤول الأميركي لـ«الشرق الأوسط» أنه «فيما لم نشهد هجرة كبيرة لمقاتلي (داعش) إلى ليبيا من سوريا والعراق، إلا أننا نلاحظ حركة بهذا الاتجاه من طرف القيادات البارزة»، لافتا إلى أن هؤلاء يذهبون إلى ليبيا بغرض تجنيد مقاتلين جدد من الدول المحادّة.
وعما إذا كانت الولايات المتحدة تخطط لتنفيذ غارات جوية جديدة على ليبيا، قال وارن إنه «لا خطط بهذا الاتجاه في الوقت الحالي، لكن الاحتمال وارد»، داعيا السياسيين الليبيين إلى تنظيم صفوفهم بهدف مساعدة التحالف الدولي في القضاء على التنظيم الإرهابي.
في سياق متّصل، هاجم وارن التدخل الروسي في سوريا، وعدّه «عقبة» أمام عمليات التحالف الدولي. وقال إن جزءا «لا يكاد يذكر» من الغارات الجوية الروسية موّجهة ضد «داعش»، فيما تسخّر باقي الغارات لدعم نظام بشار الأسد، الذي تسبب مباشرة في مقتل نصف مليون مدني، وفقا لأحدث الدراسات. في المقابل، أكد وارن أن التقنيات العسكرية التي يعتمدها التحالف الدولي لمحاربة التنظيم الإرهابي «في غاية الدقّة»، بل إنها «أكثر الحملات العسكرية دقّة في تاريخ الحروب».
وعن التقدّم الذي حقّقه التحالف في العراق وسوريا، قال وارن: «إننا حافظنا على المناطق التي حررناها من (داعش)، والتي تصل إلى 40 في المائة من المناطق التي كان يسيطر عليها في العراق، و10 في المائة في سوريا.. كما نتحرّك في اتجاه تحرير الموصل، وهي معقل الإرهابيين في العراق». وشدد المسؤول بهذا الصدد على أن «التحالف لن يكتفي بالانتصار على (داعش) من خلال حملة عسكرية في سوريا والعراق.. وإنما النصر الحقيقي هو الذي ستحققه القوات المحلية على الأرض».
وكشف الكولونيل عن وجود نحو 3600 جندي أميركي و2700 من 18 دولة مختلفة في التحالف بالعراق، يهتمون بتدريب القوات العراقية المحلّية، وأشار إلى أنه تم تدريب 20 ألف جندي عراقي، وألفي شرطي، فضلا عن 5 آلاف مقاتل في صفوف القوات المحلّية السنيّة. ورغم اعتراف المسؤول بأن الحرب ضد «داعش» لا تزال في بدايتها وأن الانتصار على التنظيم الإرهابي سيأخذ وقتا طويلا، فإنه نبّه إلى «ضرورة تفادي إعادة تجربتنا السابقة في العراق، وتحضير القوات المحلية للحفاظ على الاستقرار خلال فترة (ما بعد داعش)».
وعن الاستراتيجية التي يتبعها التحالف الدولي لمحاربة «داعش» عسكريا، قال وارن إن الحل يكمن في تنفيذ عمليات ضد التنظيم في العراق وسوريا في الوقت ذاته بهدف إضعافه. وتتبع القيادات العسكرية استراتيجية ثلاثية؛ أولى مراحلها تتم عبر الغارات الجوية للتحالف والقتال على الأرض من طرف القوات المحلية، والثانية تكمن في استهداف مراكز النفط ومصادر التمويل، فيما تركّز المرحلة الثالثة على استهداف القيادات البارزة في التنظيم لزعزعة الاستقرار ضمن صفوفه. ولفت وارن إلى أن الحملة العسكرية التي استهدفت مصادر تمويل «داعش» أثّرت بشكل كبير على قدرته على تجنيد مقاتلين جدد، بل وتسببت في انشقاق كثير منهم بسبب تراجع «الرواتب» التي تدفع لهم. وانخفضت قدرة التنظيم على إنتاج النفط في الآونة الأخيرة من 45 ألف برميل في اليوم إلى 33 ألفا، وتباع هذه الكمية «محليا» في سوريا، وفقا للمسؤول الأميركي.
على صعيد متّصل، سمحت إيطاليا للجيش الأميركي أمس باستخدام طائرات من دون طيار لضرب تنظيم «داعش» في ليبيا انطلاقا من قاعدة «سيغونيلا» الجوية الأميركية في صقلية، بعد درس كل حالة على حدة، وفق ما أعلنت عنه وزيرة الدفاع الإيطالية روبرتا بينوتي.
وقالت الوزيرة في مقابلة مع صحيفة «إيل ميساجيرو» إنه «يفترض أن يطلب الأميركيون إذنا من حكومتنا في كل مرة يريدون فيها استخدام» طائرة انطلاقا من سيغونيلا. وأضافت أن هذه الضربات ستكون محصورة بالعمليات التي تعد «الوسيلة الأخيرة»، من أجل «حماية منشآت أو موظفين أميركيين أو من كل التحالف» في ليبيا وجميع أنحاء المنطقة. وتابعت: «هذا ليس قرارا مرتبطا بتسارع في الأمور يتعلق بليبيا»، حيث تدرس عدة دول غربية تدخلا مسلحا لوقف تقدم التنظيم الإرهابي. وأوضحت: «حتى الآن لم تستخدم الطائرات من دون طيار في عمليات مسلحة، ولم نتلق أي طلب بهذا المعنى».
إلى ذلك، أعربت روما عن استعدادها لقيادة تدخل عسكري في ليبيا، لكن فقط بتفويض من الأمم المتحدة وبطلب من حكومة وحدة وطنية يفترض أن البرلمان الليبي المعترف به من الأسرة الدولية، سيمنحها الثقة.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.