مقتل 15 شخصا بتفجير انتحاري استهدف مركزا لمكافحة شلل الأطفال في باكستان

مقتل 15 شخصا بتفجير انتحاري استهدف مركزا لمكافحة شلل الأطفال في باكستان
TT

مقتل 15 شخصا بتفجير انتحاري استهدف مركزا لمكافحة شلل الأطفال في باكستان

مقتل 15 شخصا بتفجير انتحاري استهدف مركزا لمكافحة شلل الأطفال في باكستان

قتل انتحاري 15 شخصا أمام مركز لمكافحة شلل الاطفال في جنوب غربي باكستان صباح اليوم (الاربعاء)، مستهدفا حملة تلقيح بدأت للتو في واحدة من آخر دول العالم التي ينتشر فيها المرض. ومعظم الضحايا من رجال الشرطة.
وقال صحافي من وكالة الصحافة الفرنسية في المكان، ان قطعا من البزات العسكرية وقبعات وأحذية تبعثرت في مكان الاعتداء في كويتا، المدينة الكبيرة الواقعة في جنوب غربي باكستان، بينما كان محققون يجمعون اشياء واشلاء بشرية في اكياس بلاستيكية.
وكان عناصر الشرطة يتجمعون أمام المركز لمرافقة العاملين في حملة تلقيح ضد شلل الاطفال في يومها الثالث في بلوشستان، الولاية التي تشهد اضطرابات وعاصمتها كويتا.
وقال ضابط في الشرطة المحلية للوكالة "قتل 15 قتيلا هم 12 شرطيا وأحد افراد القوات التابعة لوزارة الداخلية ومدنيان". واضاف ان عشرة اشخاص على الاقل جرحوا بينهم تسعة شرطيين ومدني.
واكد طبيب في مستشفى سانديمان في كويتا حصيلة الضحايا.
من جانبه، قال وزير الشؤون الداخلية في ولاية بلوشستان سرفراز بوغتي "يمكنني ان اؤكد انه هجوم انتحاري"، مشيرا الى سقوط سبعة جرحى بينهم سبعة في حالة الخطر.
واصيب في التفجير شابير احمد، الشرطي البالغ من العمر 32 عاما وارسل الى كويتا لضمان امن العاملين في حملة التلقيح، وكان ينتظر امام المركز انطلاق طواقم مكافحة شلل الاطفال التي كان يفترض ان تتوجه الى مناطق عدة عند الساعة العاشرة (5:00 ت غ).
وروى من على سريره في المستشفى "وقع انفجار هائل وسقطت ارضا (...) سمعت اشخاصا يصرخون وصفارات سيارات الاسعاف".
واضاف الشرطي الذي اصيب بشظايا قذائف في بطنه وساقيه "حاولت العثور على زملائي لكنهم كانوا موزعين في كل مكان بعضهم قتلوا وآخرون يستغيثون".
وباكستان وافغانستان هما آخر دولتين ينتشر فيهما مرض شلل الاطفال في العالم. وتستهدف حملات التلقيح باستمرار في البلدين من متطرفين يرفضون اللقاح او يستهدفون قوات الأمن التي تواكبها. ونادرا ما يتم تبني الهجمات.
وتنشط جماعات متطرفة ضد حملات التلقيح وتنشر شائعات تفيد بأن اللقاحات تحوي مواد أخذت من الخنزير وتؤدي الى العقم لدى المسلمين. كما تتهم فرق التلقيح باستمرار بانها تتجسس لحساب وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي ايه) خصوصا منذ ان نظمت هذه الوكالة الاميركية حملة كاذبة في محاولة للتأكد من وجود اسامة بن لادن في ابوت اباد، حيث رصدته وقتلته قوات خاصة اميركية في مايو (ايار) 2011.
وتعرضت طواقم العاملين في حملات التلقيح لهجمات تزايدت منذ 2012 وأسفرت عن سقوط حوالى مائة قتيل بمن فيهم ضحايا اليوم في كويتا، خصوصا في شمال شرقي البلاد وكراتشي، البؤرة الاخرى للمرض.
وادى آخر هذه الهجمات في نوفمبر (تشرين الثاني) الى مقتل احد مسؤولي برنامج التلقيح في ولاية خيبر بختونخوا (شمال غرب) الذي قتله مجهولان بالرصاص.
ويتسبب الفيروس الذي ينشط في شروط صحية سيئة، بتدمير الجهاز العصبي، ويؤدي الى الشلل او الموت احيانا.
ولم تسجل أي إصابة بشلل الأطفال في افريقيا منذ اغسطس (آب) 2014، بحسب منظمة الصحة العالمية.
وسمح التلقيح ضد شلل الأطفال بتخفيض "عدد الحالات بأكثر من 99 % خلال السنوات العشرين الأخيرة" في أنحاء العالم أجمع.
على صعيد آخر، وفي استهداف لمصالح باكستانية في افغانستان، قام انتحاري صباح اليوم بتفجير نفسه قرب القنصلية الباكستانية في مدينة جلال آباد في شرق البلاد. ثم تحصن شركاء له في نزل مجاور وتبادلوا النيران مع الشرطة والجيش على مدى اكثر من اربع ساعات. وتسببت العملية بمقتل سبعة عناصر من قوات الامن وثلاثة مهاجمين بينهم الانتحاري.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».