باريس وبرلين تفتحان الباب أمام شراكة مع «قوات الأسد» في قتال «داعش»

مصادر دبلوماسية لـ«الشرق الأوسط»: موقف فرنسي متدرج نحو «التعاون» مع قوات النظام

صورة تعود إلى 20 نوفمبر الجاري لحاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وهي تغادر ميناء طولون (إ.ب.أ)
صورة تعود إلى 20 نوفمبر الجاري لحاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وهي تغادر ميناء طولون (إ.ب.أ)
TT

باريس وبرلين تفتحان الباب أمام شراكة مع «قوات الأسد» في قتال «داعش»

صورة تعود إلى 20 نوفمبر الجاري لحاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وهي تغادر ميناء طولون (إ.ب.أ)
صورة تعود إلى 20 نوفمبر الجاري لحاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول وهي تغادر ميناء طولون (إ.ب.أ)

قدمت فرنسا أمس مؤشرات على «تحول تدريجي» باتجاه التعاون مع النظام السوري برئاسة بشار الأسد، عندما لمح وزير خارجيتها لوران فابيوس إلى إمكانية الاستعانة بالجيش الموالي للأسد في قتال تنظيم داعش، لتنضم بذلك إلى موقف ألماني مشابه. ورغم بعض «التراجع» في كلام لاحق لفابيوس قال فيه إن «التعاون مع القوات الحكومية السورية في قتال (داعش) يمكن أن يحدث فقط في إطار انتقال سياسي جاد في سوريا»، أكدت مصادر دبلوماسية فرنسية لـ«الشرق الأوسط» أن كلام الوزير الفرنسي يأتي في سياق «تدرج» فرنسي قد ينتهي بإعلان التعاون مع النظام السوري في عملية مكافحة التنظيم المتطرف.
وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية أمس، في برلين إنه «هناك توافق بين جميع الشركاء على ضرورة الحفاظ على هيكل الدولة السورية». وأضاف المتحدث الألماني قائلا إنه «إذا توافق النظام مع المعارضة بشأن مستقبل الدولة، فسيمكنهما العمل بصورة أقوى بكثير ضد ما يسمى تنظيم الدولة»، مشيرًا إلى أن هذا ليس له علاقة بمسألة مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد. وأكد المتحدث أنه (الأسد) «لن يكون جزءًا من حل دائم للمشكلة».
وستنضم ألمانيا للحملة العسكرية ضد تنظيم داعش في سوريا بنشر طائرات من نوع تورنادو لأغراض الاستطلاع وطائرات للتزود بالوقود وفرقاطة بعد طلب مباشر من حليفتها الوثيقة فرنسا لفعل المزيد، لكن ليس لدى ألمانيا أي خطط للانضمام لفرنسا والولايات المتحدة وروسيا في شن غارات جوية بسوريا. وقالت وزيرة الدفاع الألمانية أورسولا فون دير ليين للصحافيين بعد اجتماع مع نواب برلمانيين أمس: «اتخذت الحكومة قرارات صعبة لكنها مهمة ولازمة. يجب أن نقف مع فرنسا التي تعرضت لاعتداء بهذه الهجمات الوحشية من (داعش)».
ويتوقع أن ترسل برلين ما بين أربع وست طائرات تورنادو وتوفير دعم بالأقمار الصناعية وطائرات لإعادة التزود بالوقود في الجو وفرقاطة للمساعدة في حماية حاملة الطائرات الفرنسية شارل ديغول التي أرسلت إلى شرق البحر المتوسط لدعم الغارات الجوية في سوريا والعراق. وقال هيننغ أوته عضو البرلمان عن حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي الذي تنتمي إليه ميركل - وهو أيضا المتحدث باسم الحزب في شؤون الدفاع - لـ«رويترز» إن الحكومة تهدف لإعداد مسودة بالتفويض الجديد ليكون جاهزا بحلول يوم الثلاثاء المقبل وتسعى لإقراره في البرلمان الألماني بنهاية العام الحالي.
وقد أثار كلام فابيوس جدلا خاصة بعد ترحيب وزير الخارجية السوري وليد المعلم به، فسارعت وكالة الأنباء السورية الرسمية «سانا» للبناء على تصريحات وزير الخارجية الفرنسي، معتبرة أن «الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها العاصمة الفرنسية باريس دفعت فابيوس إلى الإقرار بأهمية مشاركة الجيش العربي السوري في مكافحة تنظيم داعش الإرهابي على الأرض»،
وأكّد نائب رئيس الائتلاف المعارض هشام مروة ثبات الموقف الفرنسي رغم كل الضغوطات التي تتعرض لها باريس وآخرها الاعتداءات الإرهابية التي أدّت لسقوط مئات القتلى والجرحى. وقال مروة لـ«الشرق الأوسط» إن فرنسا لا تزال تتمسك بوجوب رحيل الرئيس السوري بشار الأسد حتى قبل انطلاق المرحلة الانتقالية، لافتا إلى أن حديث فابيوس «تم تحويره باعتبار أنّه كان بمثابة نوع من المساءلة للروس عن جدوى اعتمادهم على القوات الموالية للأسد لمحاربة داعش».
وأشار مروة إلى أن الشريك الذي تطالب به الدول الكبرى لمحاربة الإرهاب على الأرض موجود لكنّه لن يتبلور إلا خلال المرحلة الانتقالية، حيث ستلتف جميع القوى حول الهيئة الانتقالية وستتفرغ لمحاربة «داعش» وأمثاله. وقال: «الجيش الحر والفصائل المعتدلة مشغولة حاليا ومنهمكة في حربين، حرب على النظام وأخرى على (داعش)، أمّا وبعد إسقاط الأسد فعندها ستتفرغ جميعها لقتال الإرهابيين». وأضاف مروة: «أن نطلب من هذه القوى أكثر من ذلك في المرحلة الراهنة غير منطقي على الإطلاق، خاصة أنّها تتعرض اليوم لحرب شرسة من قبل الروس وحزب الله وغيرهم ما يستدعي إعطاء الأولوية لهذه المعركة، علما بأن جبهات أخرى لا تزال مشتعلة مع داعش في الوقت عينه».
وأوضح مروة، أنه وبما يتعلق بدور الجيش السوري بعد إسقاط الأسد: «فلا شك ستكون الأولوية لإعادة هيكلة هذا الجيش الذي تم اختراقه وتقسيمه مع بروز ميليشيا قوات الدفاع الوطني وحزب الله السوري وغيرها من الميليشيات»، لافتا إلى أن «هناك من تلطخت يداه بالدماء وسيحاسب في هذا الجيش، بالمقابل هناك كفاءات عسكرية لا تزال مضطرة للاستمرار رغما عنها ولم تقتل الشعب السوري وبالتالي سنحفظ لها موقعها في المستقبل».
وفي وقت سابق بدا وكأن فابيوس يشير لإمكانية الاستعانة بالقوات الموالية للرئيس السوري بشار الأسد في قتال «داعش»، وهو إعلان سيشكل انحرافا عن الموقف الغربي بضرورة رحيل الأسد عن السلطة. وقال فابيوس متحدثا لإذاعة «آر تي إل» إنه من أجل مكافحة تنظيم داعش «هناك مجموعتان من الإجراءات: عمليات القصف.. والقوات البرية التي لا يمكن أن تكون قواتنا، بل ينبغي أن تكون قوات الجيش السوري الحر وقوات عربية سنية، ولم لا؟ قوات للنظام والأكراد كذلك بالطبع».
وفي تصريحات لوكالة الصحافة الفرنسية، قال فابيوس لاحقا إن إمكانية مشاركة قوات الرئيس بشار الأسد في مكافحة تنظيم داعش لا يمكن طرحها إلا «في إطار الانتقال السياسي»، مشيرا إلى أن هذه المشاركة ممكنة «في سياق الانتقال السياسي وفي سياقه حصرا». لكنه أكد مرة جديدة لإذاعة «آر تي إل» أن الأسد «لا يمكن أن يمثل مستقبل شعبه». وقال فابيوس إن الهدف العسكري «الأول» في مسألة محاربة تنظيم داعش يبقى الرقة، معقل المتشددين الواقع في شمال سوريا الذي يتعرض لحملة قصف جوي مركزة من الطائرات الحربية الروسية والفرنسية منذ أيام. وتابع فابيوس أن الرقة هي «بنظرنا أحد الأهداف العسكرية الأولى أن لم يكن الهدف الأول لأنه المركز الحيوي لداعش الذي انطلقت منه الاعتداءات ضد فرنسا».
وأوضح فابيوس أن «الرئيس بوتين طلب منا وضع خريطة للقوى غير الإرهابية التي تقاتل داعش»، و«تعهد ما إن نرفع إليه هذه الخريطة، وهو ما سنقوم به، بعدم قصفها، وهذا في غاية الأهمية». ولزم فابيوس الحذر في حديثه عن مسألة تهريب النفط من المناطق التي يسيطر عليها تنظيم داعش، غداة تجديد موسكو اتهام تركيا بعدم القيام بأي مساع لوقف حركة التهريب هذه عبر حدودها، ما يسمح للمتشددين بالحصول على تمويل. وقال الوزير الفرنسي «ثمة شاحنات تنطلق من مجموعة من المواقع التي يسيطر عليها (داعش) وتذهب بحسب ما لاحظنا في اتجاهات مختلفة»، ذاكرا منها تركيا. وأضاف أن «الحكومة التركية تقول لنا (لست على علم بذلك)». وتابع فابيوس «يقال أيضا إن قسما من هذا النفط يعاد بيعه إلى بشار الأسد»، مضيفا: «لدينا شكوك».
وفي بيان لاحق لتوضيح الموقف الفرنسي، أكّد فابيوس «تعاون جميع القوات السورية وبينها الجيش السوري ضد (داعش)، محل ترحيب بالتأكيد... لكني كررت على الدوام أنه سيكون ممكنا فقط في إطار انتقال سياسي».
ورحب المعلم بتصريحات نظيره الفرنسي، مؤكدا أن بلاده «مستعدة للتنسيق مع «أي قوات تتشاور معها لمكافحة الإرهاب». وقال المعلم خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الروسي سيرغي لافروف في موسكو «إن كان فابيوس جادا في التعامل مع الجيش السوري والتعاطي مع قوات على الأرض تحارب داعش فنحن نرحب بذلك»، مشيرا إلى أن ذلك «يتطلب تغييرا جذريا في التعاطي مع الأزمة السورية».



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.