تركيا وروسيا تتفقان على وقف التصعيد.. ومساعٍ دولية للجم التدهور

موسكو تتهم أنقرة بـ«الاستفزاز المتعمد».. وبوتين: إردوغان يعمل على «أسلمة البلاد»

تركيا وروسيا تتفقان على وقف التصعيد.. ومساعٍ دولية للجم التدهور
TT

تركيا وروسيا تتفقان على وقف التصعيد.. ومساعٍ دولية للجم التدهور

تركيا وروسيا تتفقان على وقف التصعيد.. ومساعٍ دولية للجم التدهور

تواصلت المساعي الدولية الهادفة إلى لجم التدهور في العلاقات التركية - الروسية، بعد إقدام أنقرة أول من أمس على إسقاط طائرة روسية كانت تقصف معاقل المعارضة السورية قرب الحدود مع تركيا، معلنة أن الطائرة اخترقت مجالها الجوي لـ17 ثانية.
وبينما بدا أن الطرفين يميلان إلى التهدئة على الأرض، تواصلت التصريحات الروسية العنيفة التي وصلت إلى حد اتهام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نظيره التركي رجب طيب إردوغان، بـ«أسلمة المجتمع التركي». وفي المقابل، كانت أنقرة ترسل رسائل تهدئة، وتواصل تدعيم موقفها باتصالات تجريها مع حلفائها، حيث أفيد أمس بحدوث اتصال أجراه إردوغان مع نظيره الأميركي باراك أوباما بشأن حادث الطائرة الروسية. وجاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية التركية حول المكالمة الهاتفية أن الرئيس التركي تناول في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي حادثة إسقاط تركيا للطائرة الروسية بعد اختراقها للمجال الجوي التركي. وقال البيان التركي إن أوباما أعرب عن دعم أميركا وحلف الناتو لحق تركيا في الدفاع عن سيادتها. واتفق الرئيسان على أهمية اتخاذ تدابير من شأنها أن تمنع تكرار مثل هذه الحوادث مرة أخرى، وعلى أهمية خفض حدة التوترات الناجمة عن هذه الحادثة. كما أبدى الرئيسان عزمهما مواصلة العمليات المشتركة ضد «داعش» لضمان المرحلة السياسية الانتقالية في سوريا.
وجرى أمس أول اتصال مباشر بين البلدين، حيث أعلن الناطق بلسان الخارجية التركية طانجو بيليتش أن وزيري خارجية روسيا وتركيا وافقا في اتصال هاتفي (أمس) على عقد اجتماع بينهما في بلغراد الأسبوع المقبل. ومن المتوقع أن يعقد الاجتماع خلال المجلس الوزاري لدول منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والذي سيعقد في العاصمة الصربية بلغراد يومي الثالث والرابع من ديسمبر (كانون الأول) المقبل. وقال بيليتش: «اتفقا أثناء محادثاتهما على تبادل التفاصيل عبر قنوات دبلوماسية وعسكرية». لكن روسيا أعلنت أنها لا تخطط لعقد أي لقاءات في أنقرة. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، في مؤتمر صحافي، إن لافروف لم يقبل لقاء نظيره التركي، مشيرة إلى أن الحوار الذي دار بينه وبين نظيره التركي جاويش أوغلو رفض لافروف خلاله أي عروض للقاء.
وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف إن المسؤولين الروس بمن فيهم هو لا يخططون لزيارة أنقرة. واشترط لافروف للقاء المسؤولين الأتراك أن يأتوا إلى موسكو، حسب ما أوردته وكالة «إنترفاكس» الروسية الرسمية، مشددا على أنه لإعادة تطبيع العلاقات بين البلدين يجب أن تعترف أنقرة بأن إسقاط المقاتلة الروسية «سوخوي 24» غير مقبول على الإطلاق.
وقال لافروف إن روسيا تعتبر إسقاط الطائرة عملا مدبرا، وستعيد النظر بشكل جاد في علاقاتها مع أنقرة. وأكد أن روسيا لا تعتزم شن حرب على تركيا، قائلا: «موقفنا من الشعب التركي لم يتغير. لدينا تساؤلات بشأن تصرف القيادة الحالية في تركي». واتهم لافروف تركيا بممارسة «استفزاز متعمد». وقال: «لدينا شكوك جدية حول ما إذا كان هذا عملا عفويا. إنه اقرب ما يكون إلى استفزاز متعمد».
وفي أنقرة، سعى الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى تهدئة التوتر، مؤكدا أنه «ليس لدينا على الإطلاق أي نية في التسبب بتصعيد بعد هذه القضية». وقال إردوغان في كلمة أمام اجتماع للأعمال في إسطنبول إن تركيا «لا تريد أي تصعيد بعد أن أسقطت مقاتلة روسية»، مؤكدا أن بلاده «تصرفت دفاعا عن أمنها وعن حقوق أشقائنا في سوريا»، مؤكدا أنه تم إطلاق النار على الطائرة بينما كانت في المجال الجوي التركي، وأنها تحطمت داخل سوريا لكن بعض أجزائها سقطت في تركيا وأصابت تركيين اثنين.
كما أكد رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو أمام نواب حزبه، العدالة والتنمية، أن بلاده «صديقة وجارة» لروسيا، موضحا: «ليست لدينا أي نية لتهديد علاقاتنا مع الاتحاد الروسي»، مشددا على بقاء «قنوات الحوار» مع روسيا مفتوحة. وقال داود أوغلو: «أعطينا التعليمات اللازمة وقمنا بتحذيرهم ومطالبتهم بمغادرة الأجواء التركية، على الرغم من ذلك استمرت الطائرة بالخرق واستحلال أجوائنا، وقمنا أمس على خلفية ما جرى باستدعاء السفير، وأعطيناه التعليمات اللازمة». وأضاف: «خلال الاجتماعات التي أقوم بها مع القوّات المسلحة، أعطي التعليمات اللازمة بما يتوجب عليهم القيام به. موقفنا بهذا الخصوص واضح، قواتنا المسلحة لم تتمكن من تحديد هوية الطائرة، ولذلك من الطبيعي أن تدخل في عداد عنصر عدواني، وبالتالي يتم استهدافها فإسقاطها. قمنا بإعلام الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي بمجريات الحدث أمس من خلال وزارتنا الخارجية، كما قام السيد الرئيس إردوغان وأنا بالاتصال بكبار مسؤولي العالم ووضعهم بالصورة». وعن العلاقة التي تجمع بين البلدين قال داود أوغلو: «إن روسيا صديقة وجارة لنا، ولكن ليس على حساب انتهاكها لسيادتنا، نحن سنقوم بكل ما يتوجب علينا لحماية أمننا، وحماية أجوائنا حق طبيعي لنا، كما لا نسمح للطائرات الروسية التي تقوم بمهاجمة مواقع المعارضة المعتدلة، بحجة محاربة (داعش) بأن تلقي بالقذائف على إخواننا التركمان. لا وجود لـ(داعش) في تلك المنطقة، وهذا يدل على أن روسيا تستهدف المعارضة المعتدلة لا (داعش)».
وبعث مندوب تركيا الدائم لدى الأمم المتحدة خالد تشيفيك برسالة إلى الرئيس الحالي لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة ماثيو رايروفت، والسكرتير العام للأمم المتحدة بان كي مون، بشأن حادثة إسقاط الطائرة الروسية بالأمس. وذكر تشيفيك في الرسالة أن تركيا منذ عام 2012 أرسلت نحو ست رسائل إلى المجلس بشأن التجاوزات التي تهدد سيادة تركيا ووحدة أراضيها وأمنها. وورد في الخطاب أن طائرتين من طراز «سو 24» مجهولتي الهوية اقتربتا من المجال الجوي التركي فوق منطقة يايلاداغ التابعة لمدينة هطاي، وتم توجيه عشرة إنذارات إلى الطائرتين خلال خمس دقائق عبر القنوات اللاسلكية، وطلب منهما تغيير مسارهما على الفور باتجاه الجنوب. ولم تكترث الطائرتان بالتحذيرات واخترقتا المجال الجوي التركي لمدة 17 ثانية على ارتفاع 19 ألف قدم في نحو الساعة 9:24 صباحا وتوغلتا لعمق 2.1 ميل على امتداد 1.8 كيلومتر. وعقب هذا الاختراق غادرت إحدى الطائرتين المجال الجوي التركي. أما الطائرة الأخرى فقد سقطت على الجانب السوري من الحدود بعد أن أطلقت طائرات «إف 16» التركية المناوبة النار عليها.
وفي روسيا، عاد بوتين وأكد أن بلاده ستستخدم كل الوسائل المتاحة لضمان أمن الطلعات الجوية التي تنفذها الطائرات الروسية في الأجواء السورية، وبعد أن ذكر في حديث يوم أمس (الأربعاء) أمام الصحافيين الخطوات التي اتخذتها وزارة الدفاع الروسية في هذا المجال، عاد بوتين ووجه من جديد الاتهامات لتركيا لكن بأن «قيادتها تدعم عن عمد أسلمة البلاد» أي تركيا، معربا عن اعتقاده أن المواطنين الروس الموجودين حاليا في تركيا قد يكونون عرضة بدرجة كبير للخطر، و«بعد ما حدث يوم أول من أمس لا يمكننا استبعاد وقوع حوادث أخرى. وإن وقعت فسيكون علينا أن نرد بشكل أو بآخر»، حسب قول بوتين الذي أعلن عن دعمه لتوصية وزارة الخارجية الروسية للمواطنين الروس بعدم التوجه إلى تركيا للاستجمام، واصفا الخطوة بأنها «إجراء اضطراري»، وأن «الخارجية الروسية تتصرف بشكل صحيح حين تحذر المواطنين من الخطر».
أما رئيس الحكومة الروسية ديمتري ميدفيديف فقد أعرب عن قناعته بأن «العمل الإجرامي الذي قامت به السلطات التركية بإسقاطها طائرة (سو 24) تسبب في تدهور خطير في العلاقات بين روسيا والناتو، ومن حيث الجوهر أظهرت تركيا بعملها هذا دفاعها عن مقاتلي (داعش)، وثالثا وجهت ضربة قوضت علاقات الجوار الطيبة بين روسيا وتركيا، بما في ذلك في المجالين الاقتصادي والاجتماعي».



الادعاء في كوريا الجنوبية يستدعي يون للتحقيق لكنه لم يحضر

صورة نشرها المكتب الرئاسي تظهر الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول وهو يلقي خطاباً في مقر إقامته بعد موافقة الجمعية الوطنية على اقتراح عزله في سيول (إ.ب.أ)
صورة نشرها المكتب الرئاسي تظهر الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول وهو يلقي خطاباً في مقر إقامته بعد موافقة الجمعية الوطنية على اقتراح عزله في سيول (إ.ب.أ)
TT

الادعاء في كوريا الجنوبية يستدعي يون للتحقيق لكنه لم يحضر

صورة نشرها المكتب الرئاسي تظهر الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول وهو يلقي خطاباً في مقر إقامته بعد موافقة الجمعية الوطنية على اقتراح عزله في سيول (إ.ب.أ)
صورة نشرها المكتب الرئاسي تظهر الرئيس الكوري الجنوبي يون سوك يول وهو يلقي خطاباً في مقر إقامته بعد موافقة الجمعية الوطنية على اقتراح عزله في سيول (إ.ب.أ)

قال مسؤولون إن الادعاء العام في كوريا الجنوبية استدعى الرئيس يون سوك يول اليوم الأحد لكنه لم يحضر، وأضاف المسؤولون وفقاً لوكالة يونهاب للأنباء أنه سيتم استدعاؤه مرة أخرى.

ويواجه يون وعدد من كبار المسؤولين تحقيقات جنائية بتهم قد تشمل التمرد وإساءة استخدام السلطة.

وقالت «يونهاب» إن فريق الادعاء الخاص الذي يتولى التحقيق في محاولة فرض الأحكام العرفية أرسل إلى يون استدعاء يوم الأربعاء، وطلب منه الحضور للاستجواب في الساعة العاشرة صباحا (0100 بتوقيت غرينتش) اليوم الأحد، لكنه لم يحضر. وذكر التقرير أن الادعاء يخطط لإصدار استدعاء آخر غدا الاثنين.

ومن جانبه، دعا زعيم المعارضة في البلاد المحكمة الدستورية اليوم (الأحد) إلى البت بمصير الرئيس المعزول بسرعة حتى تتمكن البلاد من التعافي من «الاضطرابات الوطنية» و«الوضع العبثي» الناجم عن فرض الأحكام العرفية بشكل مفاجئ في الثالث من ديسمبر (كانون الأول). وأمام المحكمة الدستورية ستة أشهر للتصديق على عزل يون من عدمه، بعدما صوّت البرلمان على إقالته السبت. وفي حال موافقة المحكمة، ستجرى انتخابات رئاسية خلال شهرين.

وقال رئيس الحزب الديمقراطي (قوة المعارضة الرئيسية) لي جاي ميونغ الأحد: «يجب على المحكمة الدستورية النظر بسرعة في إجراءات عزل الرئيس». وأضاف: «هذه هي الطريقة الوحيدة للحد من الاضطرابات الوطنية وتخفيف معاناة الشعب». وتعهّد رئيس المحكمة الدستورية مون هيونغ باي مساء السبت، أن يكون «الإجراء سريعاً وعادلاً». كذلك، دعا بقية القضاة إلى أول اجتماع لمناقشة هذه القضية الاثنين.

هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (إ.ب.أ)

ويرى الكثير من الخبراء، أنّ النتيجة شبه مضمونة، نظراً للانتهاكات الصارخة للدستور والقانون التي يُتهم بها يون.

وضع عبثي

وقال هيونغ جونغ، وهو باحث في معهد القانون بجامعة كوريا، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، إنّ من الواضح أنّ يون «حاول شلّ وظائف الدولة»، مضيفاً أن «الأكاديميين الأكثر محافظة حتى، اعترفوا بأنّ هذا الأمر تسبّب في أزمة في النظام الدستوري». كذلك، طالب زعيم المعارضة بإجراء تحقيق معمّق بشأن الأحداث التي جرت ليل الثالث- الرابع من ديسمبر، عندما أعلن يون بشكل مفاجئ فرض الأحكام العرفية وأرسل الجيش إلى البرلمان لمحاولة منعه من الانعقاد، قبل أن يتراجع تحت ضغط النواب والمتظاهرين. وقال لي جاي ميونغ الذي خسر بفارق ضئيل أمام يون في الانتخابات الرئاسية في عام 2022، «من أجل محاسبة المسؤولين عن هذا الوضع العبثي ومنع حدوثه مجدداً، من الضروري الكشف عن الحقيقة والمطالبة بالمحاسبة».