تونس تحتفي بـ«رباعي» حوارها حائز جائزة نوبل للسلام 2015

السبسي: تكرس مبدأ الحلول التوافقية > الصيد: فخر لجميع التونسيين * الغنوشي: استحقاق وجدارة

صورة التقطت في 26 يناير2014 لأعضاء البرلمان التونسي وهم يحتفلون بعد اعتماد الدستور الجديد للبلاد (أ.ب)
صورة التقطت في 26 يناير2014 لأعضاء البرلمان التونسي وهم يحتفلون بعد اعتماد الدستور الجديد للبلاد (أ.ب)
TT

تونس تحتفي بـ«رباعي» حوارها حائز جائزة نوبل للسلام 2015

صورة التقطت في 26 يناير2014 لأعضاء البرلمان التونسي وهم يحتفلون بعد اعتماد الدستور الجديد للبلاد (أ.ب)
صورة التقطت في 26 يناير2014 لأعضاء البرلمان التونسي وهم يحتفلون بعد اعتماد الدستور الجديد للبلاد (أ.ب)

احتفت تونس بمنح جائزة نوبل للسلام لسنة 2015، أمس، للرباعي الراعي لحوارها المتكون من الاتحاد العام التونسي للشغل (نقابة العمال)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (نقابة رجال الأعمال)، والرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، وهيئة المحامين التونسيين (نقابة المحامين)، وذلك لنجاحه في تأمين مناخ اجتماعي وسياسي للحوار في تونس وإبعاد شبح التقاتل، على الرغم من اختلاف الرؤى والأفكار.
وأكد الباجي قائد السبسي، الرئيس التونسي الحالي، في تصريح إعلامي، أن «جائزة نوبل للسلام تكرس مبدأ الحلول التوافقية الذي انتهجته تونس عبر الحوار الوطني، بعيدًا عن منطق القوة». وأضاف أن «تونس لا تمتلك أي حل آخر سوى الحوار على الرغم من الاختلافات السياسية والفكرية العميقة بين مختلف الأطراف»، مشيرًا إلى أنه أكد هذا الأمر من جديد خلال لقائه أمس راشد الغنوشي، رئيس حركة النهضة، ومحسن مرزوق، الأمين العام لحركة نداء تونس.
بدوره، قال الغنوشي إن الرباعي نال الجائزة عن «استحقاق وجدارة»، وأعاد التأكيد على التزام حزبه بمبدأ الحوار والتوافق السياسي حول مختلف الملفات.
وكان السبسي مؤسس حركة نداء تونس، والغنوشي، قد التقيا في 15 أغسطس (آب) 2013 في العاصمة الفرنسية باريس، فيما بات يعرف في تونس بـ«لقاء الشيخين»، واتفقا على ضرورة اللجوء إلى الحوار لإنقاذ تونس من مأزق سياسي حقيقي. وأفرز ذاك اللقاء انطلاق الحوار السياسي في الخامس من أكتوبر (تشرين الأول) من السنة نفسها، بعد الاتفاق على تنفيذ مبادرة الرباعي الذي قاد الحوار الوطني.
إلى ذلك، اعتبر الحبيب الصيد، رئيس الحكومة التونسية، الفوز «فخرًا لجميع التونسيين الذين ضحوا بالكثير من أجل الحرية».
من جهته، قال حسين العباسي، رئيس نقابة العمال، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إن الرباعي الراعي للحوار «دفع بكل قوته نحو الحوار وأسكت صوت البندقية والمدفع لكي يجد الفرقاء السياسيون حلولاً عبر الحوار وهو ما جنب تونس الكثير من الكوارث والمطبات السياسية والاجتماعية». واعتبر أن هذه الجائزة جاءت في الوقت المناسب حتى يستعيد التونسيون تصميمهم في مقاومة الإرهاب وإرساء الأمن السياسي والاجتماعي وإنجاح عملية الانتقال الديمقراطي.
ونجح الرباعي الراعي للحوار في تجنب إحدى الأزمات السياسية الحادة التي عاشتها تونس خلال سنة 2013، فبعد اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد والنائب البرلماني عن التيار القومي محمد البراهمي، برز اختلاف عميق بين السلطة القائمة ممثلة في تحالف «الترويكا» بزعامة حركة النهضة وحليفيها حزب المؤتمر من أجل الجمهورية (حزب المنصف المرزوقي) وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي يقوده مصطفى بن جعفر، والمعارضة ممثلة في أحزاب يسارية وليبرالية من بينها تحالف الجبهة الشعبية بزعامة حمة الهمامي، وحركة نداء تونس التي أسسها الباجي قائد السبسي.
وإثر تعمق الأزمة بين الطرفين والتهديد باقتحام المجلس التأسيسي (البرلمان)، ونزول المعارضة إلى الشارع في اعتصام أمام مبنى البرلمان التونسي، تم الاتفاق على قبول مبادرة الرباعي الراعي للحوار الوطني بعد رفض عدة مبادرات تقدمت بها منظمات وشخصيات تونسية. واتفقت المعارضة وتحالف «الترويكا» على خريطة طريق واضحة الأهداف والمراحل من أهدافها الرئيسية التسريع بالتصديق على دستور تونسي جديد ثم استقالة حكومة علي العريض القيادي في حركة النهضة، وتعويضها بحكومة تكنوقراط وانتخاب أعضاء الهيئة العليا المستقلة للانتخابات والتصديق على القانون الانتخابي.
ووقف التونسيون وبقية البلدان المتابعة لعملية الانتقال الديمقراطي في تونس على نتائج الحوار الوطني الذي قاده الرباعي المذكور، بداية من شهر يناير (كانون الثاني) 2014 بعد المصادقة على دستور جديد بأغلبية كاسحة بلغت مائتي صوت من جملة 216 في المجلس الوطني التأسيسي (البرلمان)، وهو ما أدى لاحقًا إلى تشكيل حكومة تكنوقراط جديدة ترأسها مهدي جمعة، ومن أهم أدوارها تهيئة البلاد لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية نهاية سنة 2014 بهدف إنهاء الوضع السياسي المؤقت وإرساء دعائم وضع سياسي دائم.



الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.